in

القنبلة الديموغرافية اليابانية الموقوتة تؤدي إلى ظهور خدمة ”الجنازة من السيارة“

شخص يقدم عزاءه من السيارة

خلال السنوات العشرة الأخيرة، تحولت اليابان إلى ما يسميه الخبراء الاقتصاديون بـ«القنبلة الديمغرافية الموقوتة»، حيث دخل البلد في حلقة مفرغة من ضعف الإنفاق وانخفاض مستوى الإخصاب والتناسل مما أسفر عنه انخفاض في التعداد السكاني بمليون مواطن، وكذا تريليونات من الخسائر في الناتج الإجمالي المحلي.

إن علامات القنبلة الديمغرافية الموقوتة في اليابان في كل مكان، بما في ذلك السجون التي بدأت تتحول تدريحيا إلى دور للعجزة، وشيوع الزواج بين الأصدقاء الذي سببه اليأس، لأن الشباب اليابانيين لم يعودوا مهتمين بإقامة العلاقات العاطفية التي تعد حجر الأساس في بناء الأسر في المجتمعات الحديثة، ومنه لا يلبثون يجدون أنفسهم في مرحلة متقدمة من العمر وهم عزاب ولذلك يعمدون إلى الزواج من داخل دائرة الصداقات خاصتهم.

الآن دخلت المضمار علامة جديدة تحمل بين طياتها الكثير من المعاني الأخرى، وهي خدمة الجنائز وتقديم العزاء من على متن السيارة، التي افتتحتها العام الفارط إحدى دور الجنائز في البلد لفائدة الطبقة السكانية المسنّة الآخذة في الزيادة التي لم تعد قادرة على التحرك بنفسها والتنقل إلى المقابر لتقديم التعازي شخصيا هناك.

تم تنفيذ هذه الفكرة من طرف مجمع (كانكون سوزاي آيشي) لدى دار (آيشودن) للجنائز التي تقع في مدينة (أويدا)، وقال رئيس الشركة السيد (مازاو أوغيوارا) أن هذه الخطوة تهدف إلى إضافة نوع من المساعدة بشكل خاص على حياة المسنين اليومية.

شخص ياباني يقدم تعازيه ويودع رماد أحد معارفه من على متن سيارته في خدمة الجنازة من السيارة
شخص ياباني يقدم تعازيه ويودع رماد أحد معارفه من على متن سيارته في خدمة الجنازة من السيارة.

صرح (أوغيوارا) لصحيفة التايمز اليابانية: ”لقد كنت أمارس هذه المهنة لمدة طويلة الآن ولقد تمكنت من ملاحظة كم هو متعب أحيانا حضور الجنائز بالنسبة للأشخاص المسنين الذين يتنقلون على الكراسي المدولبة“، وأضاف: ”ستمكن هذه الخدمة الجديدة الأشخاص الذين لا يستطيعون مغادرة منازلهم من توديع أصدقائهم وأفراد عائلاتهم المتوفين بشكل لائق“.

تحاكي خدمة «الجنازة من السيارة» هذه خدمة تقديم الأطعمة السريعة لسائقي السيارات الرائجة بشكل أخص في الولايات المتحدة، حيث يركن الزبون سيارته أمام شباك المطعم ويفتح نافذة السيارة ويقدم طلبه ثم يأخذ طلبيته ويقود راحلا دون أن يضطر إلى مغادرة سيارته.

تماما مثل ذلك، يتوقف سائق السيارة عند نافذة الحجرة التي تقبع بها جثة الشخص المتوفي، ثم يقوم السائق أو الشخص الجالس في الخلف بإدخال اسمه في سجلّ دخول رقمي فتفتح النافذة ويتمكن من رؤية الشخص المتوفي وتقديم عزائه له وحتى التبرع بالمال أو تقديم العطور كهدية أخيرة للمتوفي، مثلما هو معمول به في الثقافة اليابانية.

لا تدوم هذه الزيارة أكثر من دقيقة أو اثنتين وفقا لجريدة التايمز اليابانية، كما يكون بإمكان الأشخاص الذين يجلسون مع فقيدهم داخل الحجرة التي توجد فيها الجثة مشاهدة المارة وهم يأتون بسياراتهم لتدقيم العزاء ويرحلون، وذلك من الداخل بواسطة شاشات عرض كبيرة.

على الرغم من أن الفكرة تبدو مبتدعة بشكل كبير غير أن اليابان ليست سباقة في هذا المجال، ففي سنة 2014 قامت إحدى دور الجنائز في ولاية (ميتشيغان) في الولايات المتحدة باختبار الفكرة التي كانت كذلك لفائدة الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعندما كان السائقون يتوقفون بمحاذاة النافذة؛ كانت مجسات موضوعة تحت موقع التوقف ترصد وزن السيارة ثم ينسدل ستار ينكشف من ورائه تابوت مفتوح، ويسمح للسائقين بالنظر إلى المتوفي لمدة ثلاثة دقائق بينما يستمعون للموسيقى.

سيارة مركونة بجانب نافذة بها تابوت في (ساجيناو) بولاية (ميتشيغان)، في خدمة الجنازة من السيارة.
سيارة مركونة بجانب نافذة بها تابوت في (ساجيناو) بولاية (ميتشيغان)، في خدمة الجنازة من السيارة – صورة: AP Photo/Mike Householder

وفي اليابان، يشير كل من تعداد السكان المسنين ومتوسط العمر المتوقع الآخذ في الارتفاع بأن الحاجة لخدمات الجنائز وتقديم التعازي مباشرة من السيارات؛ خدمة لن تزول في المستقبل القريب.

مقالات إعلانية