في يوم السبت الرابع من كل شهر يناير، يتم إشعال النار في العشب اليابس على جبل (واكاكوسا) كجزء من مهرجان فريد ومثير للإعجاب يدعى (واكاكوسا ياماياكي)، والذي معناه: ”جبل واكاكوسا المحترق“.
لا أحد يعرف بالضبط كيف بدأ تقليد حرق التل الذي يبلغ ارتفاعه 342 مترًا بالكامل في محافظة (نارا) اليابانية، غير أنه يوجد هناك شيء واحد مؤكد: ألا وهو أنه كان موجودًا منذ مئات السنين.
يقول البعض إن الأمر بدأ كنزاع حدودي بين أكبر معبدين في (نارا) وهما (توداي-جي) و(كوفوكو-جي)، في وقت ما خلال القرن الثامن عشر، عندما فشلت المفاوضات فيما بينهما تم حرق التل كاملاً عن بكرة أبيه، على الرغم من أن لا أحد يتذكر تمامًا إن أدى ذلك إلى حل النزاع.

في حين تدّعي نظرية أخرى أن الحريق السنوي نشأ كوسيلة للقضاء على الآفات وطرد الخنازير البرية من التل، لكنه تحول اليوم إلى مشهد مثير للإعجاب يجتذب الكثير من السياح من جميع أنحاء العالم.
يبدأ مهرجان (واكاكوسا ياماياكي) في وقت مبكر من اليوم بمسابقة رمي قطع الأرز العملاق، وفي الخامسة مساءً ينطلق موكب من منطقة (توبينو) في (كاسوجا تايشا) باتجاه جبل (واكاكوسا)، ليتوقف عند ضريح (ميزويا) على طول الطريق لإضاءة المشاعل.
في حوالي الخامسة والنصف، يصل الموكب إلى قاعدة التل ويتم إشعال نار كبيرة، وبعد 15 دقيقة من عرض الألعاب النارية، تضاء المشاعل من النار وتشعل النيران في العشب اليابس.

اعتمادًا على حالة العشب على جبل (واكاكوسا)، قد يستغرق الأمر ما بين 30 دقيقة إلى ساعة حتى تحترق المنطقة بأكملها. أما في الظروف التي يكون فيها الجبل مبللاً، يحترق العشب ببطء في مناطق معينة منه، بينما عندما يكون جافًا ينتشر الحريق على الجبل بأكمله بسرعة كبيرة.

لأن النار تحترق فوق هذه المساحة الكبيرة، يبدو وكأنها تضيء السماء ويمكن رؤيتها من مسافة أميال حولها! يتجمع المئات من المتفرجين عند قاعدة جبل (واكاكوسا)، والآلاف يشاهدون الحريق من داخل مدينة (نارا)، بالإضافة إلى مواقع أخرى في المنطقة.
هناك حاجز خاص يمنع الناس من الاقتراب من النار، ويتواجد المئات من رجال الإطفاء المتطوعين في حالة حدوث خطأ ما أثناء المهرجان.

من المؤكد أنه ليس أكثر المهرجانات الصديقة للبيئة في العالم، غير أن لـ(واكاكوسا ياماياكي) مكانة خاصة في قلوب الناس في نارا باليابان، لذلك ربما لن يتخلوا عن تقاليدهم التي تعود إلى قرون مضت في أي وقت قريب.