تعرف على ظاهرة التقاء مياه النهرين قبل امتزاجهما وسبب حدوثها

على بعد حوالي عشرة كيلومترات من مدينة (مانوس) الداخلية في شمالي البرازيل، وهي أكبر مدينة في منطقة (أمازونيا) في زاوية الشمال الغربي للبرازيل التي تشكلت بفعل حدود الدولة الشاسعة مع كل من كولومبيا وفينيزويلا، يوجد نهر (ريو نيغرو) الأسود، الذي تجري مياهه خلال المدينة، ويلتقي بأحد فروع نهر الأمازون الشهير بلونه الرملي.

إلا أن مياه هذين النهرين الرافدين لا تمتزج لدى هذا الالتقاء على الفور، بدل ذلك، يواصل النهران تدفقهما جنبا إلى جنب دون امتزاج على مسافة ستة كيلومترات كاملة، وهي ظاهرة تعرف باسم (التقاء المياه) The Meeting of the Waters أو باللغة البرتغالية Encontro das Águas.

تحدث هذه الظاهرة في أمكنة عديدة على امتداد نهر الأمازون، وفي أماكن أخرى كذلك في الكوكب، لكنها لا تحدث بنفس روعة وجمال ودرامية نهري (سوليموس) ونهر الـ(ريو نيغرو)، حيث يعتبر هذا الحدث واحدا من أكثر الأمور التي تجلب السواح إلى المنطقة.

يعتبر نهر (ريو نيغرو) أكبر روافد نهر الأمازون، وأكبر نهر مياه سوداء في العالم، حيث يشتق الاسم (ريو نيغرو) من العبارة البرتغالية Rio Negro والتي تعني حرفيا (النهر الأسود)، يكتسب هذا النهر لونه الأسود من وجود العديد من المواد العضوية المتحللة في مياهه، والتي تسقط فيها ويلتقطها تيار النهر من خلال مروره عبر الغابات المطيرة والمستنقعات.

تبلغ درجة حرارته 28 درجة مئوية، كما أن سرعته بطيئة نسبيا مقارنة بجاره نهر الـ(سوليموس)، حيث تبلغ سرعة الأول 2 كم/سا.

لدى أنهار المياه السوداء مستويات عالية من الحموضة، ومستويات أقل من الرواسب، أما مياه نهر الأمازون من جهة أخرى، فهي مياه كثيفة تحتوي على الرمال والوحل مما يكسبها لونا بنيا رمليا.

يطلق على النهر الثاني اسم نهر (سوليموس)، بلونه الذي يحاكي لون القهوة بالحليب بسبب القدر الكبير من الرواسب التي يلتقطها في مساره بينما تتدفق مياهه من أسفل جبال (الأنديز) الشهيرة، تصل درجة حرارة مياه نهر (سوليموس) إلى 22 درجة، لكنه أكثر سرعة من نهر (ريو نيغرو) ذلك أن سرعته تخوله من قطع مسافة ستة كيلومترات في الساعة.

يعتبر كذلك نهر (سوليموس) واحدا من الفروع العليا لنهر الأمازون الذي يمتد مورده إلى الجروف العليا لمرتفعات جبال (الأنديز).

وبسبب مكوناتهما المختلفة، لدى مياه كلا النهرين الآنف ذكرهما مستويات مختلفة من كثافة المياه، وسرعتها، ودرجة حرارتها كذلك، وهذا يفسر السبب الذي يدفعها إلى مقاومة الامتزاج ببعضها البعض.

تشكل مياه الأمازون الأكثر برودة والأكثر كثافة والأسرع ما يشبه حدودا مع نظيرتها الأكثر دفئا والأبطأ سرعة في نهر (ريو نيغرو)، التي يمكن ملاحظتها بسهولة.

على بعد ستة كيلومتبرات من منطقة التقائهما، تقوم التيارات الباردة المضطربة التي يسببها نهر الأمازون بمزج مياه النهرين في نهاية المطاف، فتزول تلك الحدود البارزة بينهما في النهاية ليشكلا ما يعرف بنهر الأمازون ”السفلي“ Lower Amazon River.

تعرض العديد من وكالات السياحة المحلية والعالمية رحلات سياحية على متن القوارب إلى مكان التقاء النهرين، ويكون أفضل توقيت لزيارتهما بين شهري يناير ويوليو عندما تكون نسبة المياه في النهرين في أعلى مستوياتها.

يتم عادة مزاوجة هذه الرحلات السياحية مع جولة في المتنزه البيئي Janauary Ecological Park، حيث يمكن للسواح ملاحظة وكما التقاط صور لنباتات (زنابق الماء) المائية الاستوائية Aquatic Water Lilies.

تعتبر كذلك كل من أسماك (البيرانا)، والـ(الكسلان)، وثعابين الأناكوندا والببغاوات الملونة بعضا من أشكال تنوع الحياة التي بإمكانك مشاهدتها لدى زيارتك للمنطقة.

واحدة من قبائل المنطقة وأكثرها شهرة هي قبيلة (أنديجينا وايميري أترواري) التي تعيش على نهر الأمازون وتعتبره موطنا لها، كما تعتبر غابة الأمازون المطيرة التي يتدفق النهران خلالها واحدة من أثمن الكنوز على الأرض، إذ تمنح الأرض قدرا كبيرا من الأمطار السنوية التي تسقط عليها، كما تقوم بتبريد المناخ، وتمثل كذلك موطنا وبيئة لواحدة من أكثر الحيوانات والنباتات تنوعا على الإطلاق.

يعتبر (التقاء النهرين) بداية ما يعرف بنهر (الأمازون)، الذي يعتبر ثاني أطول نهر في العالم بعد نهر النيل في مصر، ويمتد على طول حوالي 6400 كم في طريقه نحو المحيط الأطلسي.

بالإمكان الإبحار على مياهه بشكل عادي ابتداء من نقطة (التقاء النهرين)، وذلك على الرغم من أن السباحة في مياهه أمر لا ينصح به بتاتا.