in

6 من أغرب الحروب التي حصلت في التاريخ

أغرب الحروب التي حصلت في التاريخ

بغض النظر عن الفترة التاريخية التي تختارها؛ الأرجح أن هناك حرباً ما يتم قتالها على جبهة ما، والتي يدفع ثمنها الكثير من الأشخاص الذين لا يملكون خياراً.

للأسف؛ الحرب جزء من تاريخنا البشري، وطوال مسيرة البشرية المعروفة أدت الحروب –ولا تزال تؤدي– للكثير من المآسي والآلام للبشرية، لكن عند النظر إلى الحروب بشكل موضوعي وبعيد عن العاطفية؛ هناك عادة مجموعة من الأشياء المشتركة التي توحدها، والخروج عنها يعني أن حرباً ما تعد غريبة.

في هذا المقال سنستعرض بعضاً من أغرب هذه الحروب في التاريخ البشري، بعضها كان قصيراً للغاية، أو ربما طال كثيراً ولم يجمل أحداثاً حقيقية، أو أنه ببساطة مختلف عن الحروب الباقية.

أقصر حرب في التاريخ: 38 دقيقة فقط

الـ(غلاسكو)، وهو يخت خشبي لم يكن يرقى لمنافسة السفن الحربية الملكية البريطانية المتطورة جدا آنذاك.
الـ(غلاسكو)، وهو يخت خشبي تعود ملكيته لابن أخ السلطان المتوفي، لم يكن يرقى لمنافسة السفن الحربية الملكية البريطانية المتطورة جدا آنذاك.

عند الحديث عن الحروب، فما يخطر بالبال هو صراعات مسلحة طويلة ومدمرة، حيث عادة ما تمتد الحروب لسنوات عديدة وأحياناً لعقود حتى، وتترك خلفها أضراراً بشرية ومالية عملاقة وندوباً لا تمحى بسهولة من ذهن من يعاصرونها، لكن الحرب القصيرة للغاية بين إنجلترا وزنجبار كسرت القاعدة تماماً، فهي لم تنتهي خلال شهر أو حتى أيام، بل أنها انتهت بعد 38 دقيقة فقط من بدايتها، وكما هو متوقع فقد كانت نصراً ساحقاً للإنجليز.

كان سبب الحرب الأساسي هو وفاة سلطان زنجبار عام 1896 بشكل مفاجئ، ومع كون هذا السلطان كان أشبه بدمية إنجليزية في الواقع، فقد كان الأمر غير مقبول أبداً للإنجليز عندما استلم ابن أخيه السلطة، متجاوزاً شروطاً مفروضة من قبل كانت تستوجب موافقة الإنجليز على المرشح للسلطنة قبل أن يصل إلى الحكم. بالنتيجة هدد الإنجليز بالحرب بسرعة، وطلبوا من السلطان الجديد التنازل عن عرشه خلال ساعات وإلا سيقومون بإنزال سريع ويخرجونه قسراً.

لسوء حظ السلطان فقد ظن أن الإنجليز يخادعون فقط وأنهم لن يتهوروا بالقيام بإنزال في الواقع، لذا رفض التنازل ووجه رسالة للإنجليز يقول فيها أنه متأكد من كونهم يخادعون.

على أي حال؛ لم يكن الأمر مخادعة حقاً، وفي الصباح التالي لتولي السلطان الجديد لعرشه بدأت البحرية البريطانية بقصف القصر السلطاني، كما بدأ المشاة بالتقدم بسرعة محطمين أية دفاعات موجودة بسهولة. وخلال 38 دقيقة فقط كان السلطان الجديد قد فر من قصره المحترق، وترك العرش لسلطان جديد اختاره الإنجليز بعد أن نزعوا الكثير من الصلاحيات عن اللقب.

حرب الأذن المقطوعة

حرب الأذن المقطوعة

خلال القرنين السادس والسابع عشر؛ كانت الممالك الأوروبية قد عثرت على كنز كبير بالنسبة لها وهو القارتان الأمريكيتان وعالمهما الجديد. احتدم الصراع جداً مع محاولات كل من هذه الممالك بناء المستوطنات واستعمار كل ما يمكن السيطرة عليه من العالم الجديد، لذا فقد حمل القرنان العديد من الحروب بين الإمبراطوريات الأوروبية، بعضها كبير للغاية وبعضها الآخر غير مهم ويتم إغفاله عادة، وهذه الحرب واحدة من النوع الثاني.

قامت هذه الحرب بين الإنجليز والإسبان بين عامي 1739 و1743، ومع أنها اقتصرت على بعض المواجهات البحرية غير المثمرة لأي من الطرفين ولم تتضمن أية أحداث حقيقية، فالمثير للاهتمام هو السبب الذي استخدم كذريعة لبدئها أصلاً، حيث تم التحجج بكون الإسبان قد قطعوا أذن مهرب إنجليزي شهير، وإن كان هذا السبب يبدو غريباً لحرب، فهو يصبح أغرب عندما تعرف أن قطع أذن المهرب كان قبل أكثر من 8 سنوات من بداية الحرب.

تأتي القصة من اتفاقية بين الإنجليز والإسبان حينها، حيث كانت تسمح للسفن الإنجليزية بالإتجار ببضائع حتى 500 طناً كل عام ضمن جزر الكاريبي الواقعة تحت الحكم الإسباني، كما تعطي الإنجليز الحق ببيع العبيد بشكل غير محدود هناك، وبالمقابل، يحق للإسبان تفتيش السفن الإنجليزية القادمة للتأكد من عدم حصول حالات تهريب، لذا وعندما كان الإسبان يلقون القبض على المهربين كانوا يعذبونهم ويقتلونهم. لم تكن هذه الأفعال مهمة حقاً، كونها كانت متوقعة جدا.

لكن لسبب ما فقضية المهرب الإنجليزي (روبرت جينكينز) كانت مختلفة، حيث تم إلقاء القبض عليه وهو يهرب عام 1731، وبالنتيجة تعرض لضربة سيف أودت بأذنه. خمد الأمر تماماً عند حدوثه ولم يهتم له أحد إلا بعد ثماني سنوات لاحقة، حين تم استغلال قصة (جينكينز) وأذنه المقطوعة لحصد دعم شعبي لحرب على إسبانيا، وبشكل ما فقد نجحت أذن (جينكينز) في تحقيق ما هو مطلوب. [مصدر]

حرب الدلو (السطل)

حرب الدلو
صورة: Alien life form/Wikimedia

عند الحديث عن الحروب عادة، دائماً ما يكون هناك أسباب غير مباشرة مثل التوترات المستمرة والتنافس مثلاً أو حتى اختلال الأيديولوجيات، وبالطبع أسباب مباشرة تشكل الفتيل الذي يشعل شرارة الحرب ويقنع الشعب بالاستمرار بدعم الحكومة أثناء حربها ضد طرف آخر، ومع أن الأسباب المباشرة عادة ما تكون أشياء مهمة ولو بشكل ظاهري وذلك لتقنع الناس بالالتحاق بمعارك لن تجلب لهم سوى الأسى، ففي بعض الأحان تكون هذه الأسباب تافهة للغاية وحالة قصتنا التالية منها دون شك.

خلال عدة قرون من العصور الوسطى، كانت إيطاليا وبالأخص الجزء الشمالي منها مسرحاً للعديد من الصراعات والحروب بين المدن المستقلة، حيث كانت بعض هذه المدن تحت النفوذ البابوي من الفاتيكان، بينما كانت البقية تحت نفوذ من القطب الآخر القوي في أوروبا حينها: الإمبراطورية الرومانية المقدسة. لكن، ومع أن جو الحروب والصراعات بين المدن كان سائداً حينها، فقد كانت الحروب تحتاج لمبررات بطبيعة الحال، ومبرر هذه الحرب هو ”دلو“.

القصة باختصار هي كون جنود من مدينة (مودينا) قاموا بالتسلل إلى مدينة (بولونيا) وسرقوا دلو الماء من البئر المركزي للمدينة، وأخذوه معهم إلى مدينتهم وسط احتفالات استقبلتهم. بالطبع فقد اعتبرت (بولونيا) الأمر إهانة كبرى، لذا أعلنت الحرب على (مودينا) وحشدت جيشاً كبيراً يقدر بحوالي 32 ألف جندي لملاقاة جيس مودينا المكون من 7000 جندي فقط.

وعلى عكس التفوق العددي انتصر جيش (مودينا) في المعركة الوحيدة في الحرب، وبالتالي تمكنوا من الاحتفاظ بالدلو الذي سرقوه حيث لا يزال موجوداً إلى اليوم.

حرب الإيمو العظيمة

حرب الإيمو العظيمة

على عكس جميع الحروب في هذه القائمة، والغالبية العظمى من الحروب عموماً، فالطرفان المتحاربان هنا لم يكونوا بلدين عدوين أو جماعتين قوميتين أو عرقيتين يتحاربان. في الواقع فأحد الطرفين هنا كان مجرد قطعان من طيور كبيرة لا تعرف الطيران تحمل اسم الإيمو (Emu) تعيش في سهول أسترالي القاحلة عموماً. بالمقابل فالطرف الثاني هو الجيش الملكي الأسترالي الذي حاول التخلص من هذه الطيور بقتلها، لكنه فشل بشكل أشبه بكوميدي في الواقع.

للتوضيح، فسبب هذه ”الحرب“ هو وجود قطعان كبيرة من طيور الإيمو في العديد من المناطق الأسترالية. حيث أن هذه الطيور التي تشبه النعامة ولو بشكل طفيف تتنقل في جماعات كبيرة الاعداد عادة، وتخرب كل ما يقع في طريقها وبالأخص أراضي المزارعين الأستراليين الذين كانوا يعانون أصلاً بسبب التربة غير الخصبة والكساد العظيم وبالطبع الوعود الحكومية بمساعدة لا تصل. لذا كمحاولة لترضية المزارعين أرسل الجيش الأسترالي بعض الضباط ورشاشين آليين وحوالي 10 آلاف رصاصة للتخلص من طيور الإيمو.

المهمة التي كان من المفترض أنها سهلة للغاية أثبتت أنها أكثر صعوبة بكثير مما هو متوقع. حيث أن هذه الطيور قوية البنية وتستطيع الاستمرار بالركض حتى عند إصابتها بعدة رصاصات، كما أنها سريعة للغاية وتستخدم تكتيكات مميزة عند التعرض لهجوم وذلك بالتفرق في الأنحاء على شكل مجموعات صغيرة تجعل مهمة قتلها شديدة الصعوبة. وبعد محاولتين وصرف قرابة 10 آلاف رصاصة، لم يكن لدى الجيش الأسترالي خيار سوى التخلي عن هدفه بعدما قتل أقل من ألف طائر فقط.

بطبيعة الحال فتسمية ”العظيمة“ هنا ساخرة بالطبع، حيث أن هذه ”الحرب تحولت“ إلى نكتة مع الوقت، سواء بسبب بدايتها وسببها الغريب للغاية، أو كونها شاهداً على فشل جيش مسلح بالقضاء على طيور لا تمتلك أي دفاع في الواقع.

حرب كرة القدم

حرب كرة القدم
القوات الهندوراسية تتقدم إلى جبهة القتال بتاريخ 15 يوليو 1969 – صورة: AP

كما معظم الأمثلة في هذه القائمة، تمتلك هذه الحرب الكثير من التعقيدات والأشياء التي يصعب شرحها في الأسباب الأساسية لها، حيث كان التوتر السياسي من جهة، والعلاقات الاقتصادية وحتى العنصرية الوطنية من الجهة الأخرى تلعب دوراً فيها، لكن جميع هذه العوامل معاً لم تنفجر من تلقاء نفسها، بل تم تركيزها لتظهر أخيراً بعد مباراة كرة قدم بين البلدين الجارين في أمريكا الوسطى: الهندوراس والسلفادور، ومع كون المباراة كانت ضمن تصفيات كأس العالم فالتوتر كان لكون موجوداً حتى دون كل الشحنات الأخرى.

خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم لعام 1970، التقى البلدان الجاران في مباراتين متتاليتين على أرض كل منهما، وفي الحالتين فازت البلد المضيفة وسط أعمال شغب كبرى واشتباكات بين المشجعين، ونتيجة أعمال الشغب التي حدثت؛ قام العديد من سكان الهندوراس بهجمات ضد الفلاحين من أصل سلفادوري الذين كانوا موجودين بكثرة في الهندوراس، حيث أرغم مئات الآلاف من الفلاحين على الفرار بتهديد السلاح أو أنهم هربوا خوفاً على حياتهم، بالنتيجة قامت السلفادور بحل علاقاتها الدبلوماسية مع الهندوراس وسرعان ما بدأت هجوما جوياً وأرضياً على البلد الجار.

خلال أربعة أيام من الهجوم وصل الجيش السلفادوري إلى مشارف عاصمة الهندوراس بعدما سيطر على العديد من المدن في طريقه، لكن تدخلاً دولياً منع الحرب من الاستمرار وأجبر السلفادور على الانسحاب.

لكن ما كان قد تدمر لم يتم إصلاحه، حيث تم تهجير معظم السلفادوريين في الهندوراس، كما أن البلدين قطعا علاقاتهما التجارية وأغلقا حدودهما لعشرة سنوات تالية، مما ترك أثراً مدمراً على اقتصاديهما، وحتى اليوم لا تزال آثار هذه الحرب القصيرة موجودة في البلدين الممزقين من الحروب الأهلية والعصابات.

حرب الـ335 عاماً

حرب الـ335 عاماً
صورة: متحف (ريكز) في مدينة أمستردام في هولندا

عادة ما يتضمن الحديث عن الحروب العديد من الضحايا والقصص المحزنة والمؤلمة عن المعاناة البشرية، لكن في بعض الحالات تشذ الحروب عن هذه القاعدة، وربما حرب الـ335 عاماً هي مثال جيد لهذه الحروب الغريبة، فهذه الحرب مميزة بكونها واحدة من الأطول في التاريخ بامتدادها لما يزيد عن 3 قرون متتالية، لكن هذه القرون الثلاثة لم تتضمن أية معارك أو مواجهات عسكرية من أي نوع، كما أنها لم تترك أي ضحايا من مصابين أو قتلى.

قامت هذه الحرب أصلاً بين المملكة الهولندية ومجموعة جزر سيلي قرب السواحل الإنجليزية، حيث كانت الحرب الأهلية الإنجليزية مشتعلة حينها بين أعوام 1642 و1651، وكان البرلمانيون هم الطرف المرجح للانتصار مقابل الملكيين الذين كانوا يتعرضون للهزائم بشكل متتالٍ، مما دفعهم لسحب قواهم البحرية إلى مجموعة جزر سيلي قرب السواحل الجنوبية لإنجلترا.

ومع كون هولندا كانت قد أعلنت تحالفها مع البرلمانيين، فقد حاولت الحصول على تعويضات من البحرية الملكية عام 1651 مع نهاية الحرب، لكن طلبها قوبل بالرفض وبالنتيجة أعلنت الحرب على جزر سيلي وحدها وليس على إنجلترا كاملة.

بعد إعلان هولندا الحرب استسلمت البحرية الملكية للبرلمانيين وعادت الجزر إلى وضعها بكونها مسكن بضعة مئات من الأشخاص فقط، لكن الحرب غابت في النسيان ومع الوقت أصبحت أشبه بأسطورة ومعلومة يتم تناقلها دون تأكيد، بشكل يجعلها أقرب لاعتقاد خاطئ، لكن بعد قرابة ثلاثة قرون من إعلان الحرب؛ أراد عمدة الجزر وضع حد للإشاعات بكون الجزر في حرب مع الهولنديين، وأرسل طلباً للسفارة الهولندية في لندن لتأكيد الأمر.

لكن على عكس ظنون العمدة ومعظم المؤرخين، كشفت السجلات الهولندية أن الحرب كانت قائمة حقاً، ومع كونها مضت دون معاهدة سلام أو نصر لأي من الطرفين، فقد كانت لا تزال مستمرة حتى عام 1985 –وقت استفسار عمدة الجزر–. لذا، وبشكل يبدو أشبه بفكاهي، ذهب السفير الهولندي إلى الجزر عام 1986، وبعد 335 عاماً من حرب لم يتذكرها أحد ولم تتسبب بأي ضحايا تم توقيع اتفاقية السلام التي أنهت الحرب بشكل نهائي. [مصدر]

مقالات إعلانية