in

مقارنة بين القوة العسكرية لإيران والولايات المتحدة في حال نشوب حرب بين البلدين

إيران ضد أمريكا

مع الأحداث الأخيرة وتصاعد وتيرة التهديدات والعمليات العسكرية والحشد لكلا الطرفين، يبدو أن المنطقة والعالم يقفان على منعطف خطير زاد من حدته الصراع الإيراني الأمريكي غير المباشر عامةً والمباشر مؤخرًا، بذلك يتوقع الكثيرون في بداية العام 2020 وقوع حرب مباشرة بين البلدين، لكن في حال وقعت بالفعل لمن ستكون الغلبة؟ ما هي قدرات كل من إيران وأمريكا العسكرية؟ بالطبع لا يمكن نقاش الموضع بتوسع شاف لأنه متشعب وواسع جدًا ولا يقوم على تعداد العدة والعتاد فقط، لكن سنقدم لكم طرحًا مختصرًا لقدرات كلا البلدين بالخطوط العريضة وأهم ما يملكانه في ترسانتهما العسكرية ويجعل أحدهما يخشى الآخر.

إذا كنت مُتابعًا للمقارنات العسكرية بين دول العالم، فمن المحتمل أن تكون على علم بسبب اعتبار ترسانة الجيش الأمريكي هي الأولى بين الجميع، إذ ستعلم أن الولايات المتحدة تنفق على جيشها أكثر مما تنفقه أي دولة أخرى بكثير. تختلف المصادر، ومن الصعب تحديد مبالغ الإنفاق بدقة متناهية، لكن في عام 2018 أفادت التقارير أن ميزانية الدفاع الأمريكية تراوحت بين 587 مليار و597 مليار دولار، لكن بحسب موقع وزارة الدفاع الأمريكية، فإن الرئيس (ترمب) خطط لضخ 160 مليار دولار إضافية للوزارة، وبحسب موقع وزارة الدفاع أيضًا سيكون الإنفاق الدفاعي قد بلغ 686 مليار دولار بحلول نهاية عام 2019.

القوة العسكرية الأمريكية

أين يذهب كل هذا المال؟ إلى أقسام عدة هي الجيش والبحرية والقوات الجوية وقوات مشاة البحرية وخفر السواحل وهيئة الأركان المشتركة. إذا كنت تتساءل ما هيئة الأركان المشتركة، فهم من يديرون كل شيء، يقول جزء من بيان مهمتهم: ”بيئة العمل المستقبلية ستفرض متطلبات جديدة على القادة من جميع المستويات، لذا يجب أن يتمتع قادتنا بالتدريب والتعليم والخبرة اللازمة لتلبية هذه المطالب.“

لا يتعلق الأمر بإنفاق الأموال على الأسلحة و الآلات القاتلة وحدها بالطبع، كونه هنالك الكثير من النفقات والرواتب في نهاية الأمر. يملك الجيش الأمريكي 2.083.100 فرد، ويعمل منهم 1.281.900 ككوادر عسكرية نشطة بينما 801.200 هم جنود احتياط.

علاوة على ذلك، هنالك كافة أنواع الوحدات والقوات الخاصة التي تُكلف الكثير، وبالطبع ليس بالمجان، على سبيل المثال، يكلف شراء تقنية الذكاء الاصطناعي لمسح الوجوه، أو تطوير الطائرات بدون طيار الكثير من المال.

أما تقسيم الميزانية فهو على هذا النحو: يذهب ما يزيد قليلاً عن 205 مليارات دولار إلى القوات البحرية، وتحصل القوات الجوية على نفس الرقم عند 204.8 مليار دولار، ويتم تخصيص 191.4 مليار دولار للجيش و116.6 مليار دولار ستذهب إلى مشاريع وزارة الدفاع، كما يخصص 104.3 مليار دولار للبحث والتطوير والاختبار والتقييم، و143.1 مليار دولار لبناء معدات جديدة، مثل الطائرات والسفن باهظة الثمن، وتكون قيمة 155.8 مليار دولار رواتبًا لرجال ونساء الجيش العاملين.

القوة العسكرية الأمريكية

سيتم كذلك تخصيص 22.5 مليار دولار لبناء منازل للأفراد ومشاريع البناء العسكرية الأخرى، ومبلغ 292.7 مليار دولار، وهو الجزء الأكبر من الميزانية، مخصص للإنفاق على الجيش، لكن إذا جمعت كل هذه المبالغ، فستجد أنها أكبر من الميزانية الفعلية، ذلك لأن بعض النفقات تتداخل، مثل البحث أو المشتريات أو الأجور التي يمكن حسابها كجزء من ميزانيات أخرى.

إذا نظرت إلى ما كان الجيش الأمريكي يركز على تطويره في سنوات الأخيرة فسترى أن طائرة F-35 Joint Strike Fighter قد استهلكت المليارات. هذه الطائرات تباع أيضًا بالطبع، لكن مؤخرًا لم تعد اليابان وفقًا لبعض التقارير تريد شراء المزيد منها لأنها صنعت طائراتها الخاصة التي تعتقد أنها أفضل منها.

ومع ذلك، إذا كنت تتبع الأخبار العسكرية، فستعرف أن لهذه الطائرات سوقاً واسعاً وهي تعوّض جزء كبيرًا من الاستثمار فيها، ولدى الولايات المتحدة حاليًا أكثر من 200 طائرة منها وتخطط لصنع أكثر من 1763 طائرة جديدة. ولا شك أن لدى الولايات المتحدة أقوى سلاح جوي في العالم، ولا يمكننا سرد كل ما في ترسانتها من أسلحة الجو، لكن بعض الوحوش القوية تضم أساطيل F-22 Raptors وF-15E Strike Eagles وF-16 Fighting Falcons، وبعض الطائرات الأحدث هي 15 طائرة من طراز KC-46 Tanker للنقل العسكري الاستراتيجي التي دخلت الخدمة عام 2015، وأيضًا طائرات قاذفة القنابل من طراز B-21 التي يُتوقع أن تدخل الخدمة قريبًا بتكلفة 564 مليون دولار للطائرة الواحدة.

إذن، هل تستطيع إيران أن تنفق مليارات ومليارات الدولارات على طائرة واحدة فقط؟ الجواب هو لا، وفي الواقع فإن التقارير الإخبارية الأخيرة تخبرنا أن البلاد خفضت الإنفاق الدفاعي إلى ما يعادل 43 مليار دولار. قارن هذا بالتقارير التي تفيد بأنه في عام واحد دفعت البحرية الأمريكية لشركة بناء السفن في (فرجينيا هنتنغتون إينغلس) 15 مليار دولار للبدء في إنشاء ناقلات طائرات جديدة من طراز (فورد)، وضع في اعتبارك أيضًا المليارات التي تم إنفاقها على الطائرات الجديدة أو سفن التزويد بالوقود بقيمة 1.1 مليار دولار.

هذا وتكلف المركبات التكتيكية الخفيفة المشتركة البالغ تعدادها 5.113 مبلغ 2 مليار دولار، وتكلف التعديلات على دبابة أبرامز M-1 وحدها 2.7 مليار دولار، وتكلف غواصة واحدة من طراز كولومبيا النووية 3.7 مليار دولار، وتستمر القائمة وتطول، ولا يمكن أن نعلم بكل شيء في قائمة الإنفاق بالطبع، لكن إجمالا، لديك أكثر من مليوني جندي، أكثر من 13400 طائرة عسكرية، بما في ذلك حوالي 5700 طائرة هليكوبتر، وأضف إلى ذلك 6.287 دبابة للعمليات البرية.

القوة العسكرية الأمريكية

في البحر لديك ما مجموعه 20 حاملة طائرات أشبه بجيش متنقل، وهي التي ستكون عنصرًا مهمًا جدًا في حال نشوب صراع مع بلد يقع على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، في حين لا تملك إيران ولا حاملة طائرات واحدة، كما تملك الولايات المتحدة الأمريكية 68 مدمرة و68 غواصة، والمزيد قيد الإعداد. لا أحد يشك في أنه من حيث المعدات تمتلك الولايات المتحدة إلى حد بعيد أكبر الجيوش وأكثرها تطوراً في العالم، ويمكن القول إن بعض البلدان مثل الصين واليابان والمملكة المتحدة والهند وفرنسا وروسيا، لديها أيضًا ترسانات عسكرية فعالة جدًا. رغم ذلك، لن تجد إيران ضمن قوائم العشر الأوائل عندما يتعلق الأمر بالقوة العسكرية، وقد وصف بعض الكتاب معدات إيران بأنها آلات من حقبة الحرب الباردة.

لدى إيران في المجموع 523.000 عسكري في الخدمة، وحوالي 350.000 جندي في الاحتياط. لديها 509 طائرة عسكرية، وهو رقم كبير إلى حد ما، ولكن تختلف أنواع هذه الطائرات، منها 54 طائرة أمريكية الصنع من نوع (ماكدونيل دوغلاس) إف-4 فانتوم 2، بعضها قديم، ولكن قيل أن الكثير منها قد تم تطويره. كما توجد بعض الطائرات الأخرى ذات المهام المتعددة مثل 23 طائرة من طراز Dassault Mirage F1 الفرنسية الصنع.

القوة العسكرية الإيرانية

أما بالنسبة للهجوم على الأرض من السماء، فلدى إيران حوالي 50 طائرة روسية الصنع من مجموعة سوخوي SU، Su-22، 24 و25، كما يقال أنها بصدد صناعة الجيل الخامس من طائرات الشبح المقالة التي تسمى IAIO Qaher-313، على الرغم من تشكيك بعض الخبراء في مدى قدرة هذه الطائرة على القتال الفعلي.

هذه ليست قوة جوية ضعيفة بأي حال من الأحوال، ولكن معظمها هو مجموع شراء معدات عسكرية أمريكية أو روسية، ومع ذلك، فإن الكثير من هذا الأسطول أصبح قديمًا ويحتاج إلى تطوير، في حين أن الجيش الأمريكي لم يتوقف مطلقًا عن ترقية معداته، سواء كانت في حاجة إلى ذلك أم لا.

بالنسبة للدبابات، تمتلك إيران 1.634 دبابة لكننا قد نتساءل عن مدى تطور هذه الدبابات، مرة أخرى، تمتلك البلاد عددًا كبيرًا من الطرازات القديمة التي تم شراؤها من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، ولديها أيضًا بعض الدبابات محلية الصنع، لكن في عام 2018، أعلن نائب وزير الدفاع الإيراني أن البلاد بصدد إنتاج 700 إلى 800 دبابة جديدة، ولديها أيضًا 2.345 مركبة قتالية مدرعة، لكن قارن ذلك بمركبات الولايات المتحدة الأمريكية القتالية المدرعة البالغ عددها 39.223 والتي تعتبر في معظمها أكثر حداثة.

القوة العسكرية الإيرانية

لا تملك إيران المدمرات، لكن لديها أسطول من الغواصات يتكون من 34 غواصة إضافة لستة فرقاطات. في حين أن إيران أضعف بالمقارنة من الجيش الأمريكي، لكن هذا لا يعني أنها لا تملك قوة عسكرية أو جيشًا قويًا، فتصنيف الجيوش أمر صعب ولا ينبغي اعتباره علمًا دقيقًا. توجب على إيران أن يكون لها وجود عسكري قوي وجيش كبير مدرب جيدًا بسبب وقوعها في منطقة جغرافية حساسة ومضطربة.

تذكر التقارير أن لإيران قوة برية تضم أكثر من 1600 دبابة، و725 مركبة استطلاعية وحاملة مشاة مقاتلة، و640 ناقلة أفراد مدرعة، و2.322 مدفع هاوتزر، و1.476 قاذفة صواريخ متنوعة. نعم، يمكن أن تتغير الأرقام، فلا يوجد لدى الصحافة عداد منتظم للآليات يتابع جميع أنحاء العالم، لكن تعتبر هذه الأرقام قريبة جدًا من الواقع.

غير أن الكثير من هذه الأرقام هي لمعدات عفا عليها الزمن إلى حد ما ومن المحتمل أن تحتاج إلى تحديث أو استبدال كامل، كما يعلم الجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها بعض من وحدات القوات الخاصة الأكثر تطوراً في العالم، كما أنها ليست سيئة في جمع المعلومات الاستخبارية من خلال وكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي، وكلاهما على مستوى عالي جدًا من التطور التقني القادر على قلب الموازين.

لكن للقوات الإيرانية أيضًا فرع خاص يقال إنه مدرب تدريبًا عاليًا وهو كيان يُخشى من قدرته على الضرب في أي مكان وفي أي وقت. إذ يبلغ عدد أفراد فيلق القدس، وهي وحدة عمليات خاصة داخل الحرس الثوري الإيراني تعمل حول العالم، حوالي خمسة عشر إلى ثلاثين ألف جندي ماهر ومتمرس فيما قد نسميه حربًا غير تقليدية.

تتمتع إيران أيضًا بميزة جغرافية في حال الغزو كونها بلد يصعب مهاجمته عن طريق البر، فهي بلد كبير تقع معظم مدنه الرئيسية في مناطق يصعب على القوات البرية الوصول إليها بسرعة، لكن ماذا عن هذه المخاوف الجديدة من صراع نووي؟

كتبت صحيفة نيويورك تايمز عام 2019: ”لا تزال إيران بعيدة أكثر من عام على صنع سلاح نووي وربما فترة أطول من ذلك“، لكن خبراء هذا المقال قالوا أيضًا إن إنتاج قنبلة نووية بعيدة المدى سيستغرق وقتًا أطول من ذلك، غير أنه لا يمكن إهمال هذه النقطة في حال أصبحت حقيقة.

الخوف الأكبر لأمريكا واسرائيل الآن هو قدرة إيران الصاروخية، ففي حين أنها لم تختبر أو تنشر بعد صاروخًا قادرًا على ضرب الولايات المتحدة، إلا أنها تستمر في شحذ تقنيات الصواريخ البعيدة المدى برعاية برنامجها الفضائي. بالإضافة إلى زيادة كمية ترسانتها الصاروخية، كما أنها تستثمر في تحسين دقة الصواريخ وفعاليتها، فهي تمتلك ترسانة الصواريخ الأكبر والأكثر تنوعًا في الشرق الأوسط، بوجود الآلاف من الصواريخ الباليستية وقصيرة ومتوسطة المدى القادرة على ضرب إسرائيل وجنوب شرق أوروبا.

أصبحت الصواريخ أداة أساسية في القوة الإيرانية وقدرتها الدفاعية أو الهجومية في المنطقة أو في وقوفها في وجه القوة البحرية والجوية للولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي.

القوة العسكرية الإيرانية

لكن لأمريكا العديد من الأسلحة السرية والجديدة، فبينما لا تزال في المراحل الأولى من تطورها، أصبحت أنظمة الليزر العسكرية حقيقة واقعة، ووفقًا لتقارير إخبارية مختلفة، فإن الاختبارات الأخيرة لنظام أسلحة الليزر التابعة للبحرية: ”تجاوزت توقعاتهم في مدى سرعة وفعالية تعقب وتدمير الأهداف الأكثر صعوبة“.

هذه أخبار سيئة لإيران واستراتيجيتها الدفاعية البحرية، فواحدة من أهم قدرات طهران هي استخدام أساطيل ضخمة من الزوارق السريعة المدججة بالسلاح لمهاجمة السفن البحرية الأمريكية العاملة في الخليج الفارسي. بالإضافة إلى ذلك، استثمرت إيران بكثافة في المركبات الجوية غير المأهولة (الطائرات بدون طيار UAV). على الرغم من أنه سيتم استخدام هذه الطائرات لأغراض متعددة، إلا أن هناك سببًا وجيهًا للاعتقاد بأن إيران قد تستخدم بعضها للهجوم على القواعد الأمريكية.

من غير المرجح أن تفكر إيران في مهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد ألقت العديد من الدول الأوروبية باللوم على الولايات المتحدة لوضع إيران في موقف صعب نتيجة العقوبات القاسية. لن ندخل في السياسة، لكن يكفي القول إن مواجهة القوى العسكرية بالأسلحة النووية ليست شيئًا يريده أي شخص، فعلى الرغم من أن الجيش الأمريكي متفوق إلى حد كبير في كل شيء، فإن الغزو سيكون مسألة طويلة الأمد ومكلفة إلى حد بعيد.

دعونا نأمل في بعض الدبلوماسية من كلا البلدين لتهدئة الصراع وتجنب ما قد تؤول إليه الأمور، وربما قد تحدث متغيرات كثيرة بعد صدور هذا المقال، لكن فيما يتعلق بكيفية الغزو ومن سيفوز في حال اندلاع حرب فما هو رأيك، وهل تعتقد أنه سيتحول إلى حرب عالمية؟

مقالات إعلانية