in

605 صفحات، 336 ألف كلمة، 27 لتراً من الدم.. تعرف على مصحف صدام حسين وقصته

مصحف الدم لصدام حسين

إنّه بلا شك النّذر الأغرب على الإطلاق، الرجل الذي ندم على رحيله الكثير من العرب، كلّفه نذره 27 ليتراً من دمائه.. مُهمة لم تكن سهلة على الإطلاق بالنسبة للخطاط، هو أمام أمرين كليهما مرّ، فإما التعامل مع دم صدام حسين، وإما سيتعامل مع دمه في السجن، تعرّف معنا على تفاصيل مصحف صدام حسين الذي خطّه بدمه.

كيف بدأ الأمر:

في 12 يناير عام 1996، وبينما كان عدي صدام حسين يتجول بسيارته الفاخرة في أحد الأحياء العراقية الراقية، انهمر عليه وابل من الرصاص من قبل عدد من الشبان المعارضين لنظام الحكم آنذاك، أُصيب الإبن الأكبر لصدام حسين بإصابات بليغة نُقل على إثرها إلى مشفى ابن سينا، كانت عملية شفائه تتطلب معجزة طبية لايملكها صدام حسين، فماذا يفعل؟ قرر حينها الرئيس العراقي أن ينذر عل نفسه بكتابة القرآن الكريم بدمه إن عاد ابنه إلى الحياة مجدداً.

الخطاط سيئ الحظ الذي وقع الاختيار عليه:

 الخطاط والفنان العراقي عباس شاكر جودي
الخطاط والفنان العراقي عباس شاكر جودي

سنتان من العمل المجهد والدؤوب؛ أصيب الخطاط بضعف نظر نتيجة العمل ليلاً ونهاراً، 605 صفحة متوسطة الحجم، و336 ألف كلمة كتبها، وتعامل مع 27 ليتراً من دماء صدام حسين.

يروي الخطاط والفنان العراقي عباس شاكر جودي المقيم حالياً في الأردن لموقع (أطلس أبسكورا) الأمريكي بعض التفاصيل التي رافقت عملية كتابة المصحف قائلاً: ”لم يكن الأمر سهلاً، إن الدم كان كثيفاً جداً ولم أتمكن من العمل به، لقد نصحني صديق يعمل في مختبر بخلطه بقطرات من مركب زودني به ويشبه الغلوكوز.. وقد نجح ذلك“، وتابع: ”في كل مرة كان ينتهي مخزوني من دم صدام حسين كنت أطلب المزيد، وكان الحراس يقومون آنذاك بجلب قمع عليه ملصق مستشفى ابن سينا، […] كنت في بعض الأحيان أنتظر عدة أيام أو حتى أسابيع لأن صدام حسين كان مشغولا“.

وذكر جودي: ”لقد فقدتُ نظري تقريباً في هذا العمل، وكانوا على عجلة، ولقد عملت ليل نهار لإكماله […] لم يكن لدي حتى جواز سفر، حيث مُنعت من اقتنائه لأن السلطات كانت تريد التأكد من بقائي في العراق“.

بدورها، قالت نجاح زوجة الشاعر عباس جودي، أنها كانت تصاب بقشعريرة في كل مرة تفتح فيها الثلاجة بالمطبخ، موضحةً: ”كنت أرى قارورة دم صدام وارتعب“، وتابعت: ”قلت لعباس إن ألم عينيه قد يكون إشارة من الله بأنه غاضب“.

ما الحكم الشرعي الإسلامي في مصحف الدم:

صدام حسين يتفقد المصحف سنة 2000.
صدام حسين يتفقد المصحف سنة 2000.

أثارت نسخة القرآن تلك الكثير من الجدل في البلاد العربية حينها، فمنهم من اعتبرها شجاعة القائد ومنهم من حرّم الأمر قطعياً، فدمُ الإنسان في الدين الاسلامي ليس طاهراً، كما وردت المئات من الطلبات والرسائل إلى الأزهر للاستفسار حول مافعله صدام حسين، وأكد الأزهر بدوره على أن الأمر حرام.

أين يتواجد ”مصحف الدم“ الآن، وكيف تم الحفاظ عليه خلال الغزو الأمريكي، وكم يبلغ ثمنه:

مسجد «أم القرى»
مسجد «أم القرى». صورة: SPC Jeffrey Allan Backowski II/Wikimedia Commons

في أعقاب عمليات السلب والنهب والفوضى التي اجتاحت العراق خلال الغزو الأمريكي؛ باتت رموز نظام الحكم البعثي السابق مستهدفة بشكل مباشر من قبل المعارضة والحكومة معاً، وأثارت جدلاً واسعاً في الوسط العراقي بين مؤيد لتدمير كل مايتعلق بحكم صدام حسين الوحشي، وبين معارض يتمنى الحفاظ على أثر الرئيس السابق باعتباره زعيماً عربياً ووطنياً وقومياً ”نادراً“ في عصرنا هذا.

بالرغم من اعتبار المصحف الدموي فعلاً محرماً، فإن هذا الأمر لم يمنع الشيخ أحمد السامرائي من الاحتفاظ به في قبو الأرشيف الملحق بمسجد «أم القرى». أما اليوم، فهو موجود بمكان أكثر أماناً، فقد نُقل إلى قبو مقفل بثلاثة أبواب تحت مبنى ملحق بمسجد «أم القرى»، وتم توزيع مفاتيح تلك الأبواب بين الشيخ، ومفوض شرطة المدينة، وطرف ثالث سري، وكانت صحيفة بريطانية قد قدّرت ثمن المصحف بملايين الدولارات، فهو الأثر الوحيد لصدام حسين الذي يحتوي على شيء من جسمه.

مقالات إعلانية