in

تعرف على أكبر غائط بشري يُعثر عليه في التاريخ، مصدره رجل من الفايكينغ

فضلات بشرية حفرية

يبلغ عمر هذا الغائط المحفوظ بشكل جيد عدة قرون من الزمن، لكنه مختلف تماما عن أي غائط بشري آخر. يشتهر هذا الروث البشري الأحفوري باسم «فضلات بنك لويد الحفرية»، وقد خاض رحلة مثيرة للاهتمام عبر التاريخ جعلته مميزاً.

ببساطة، يتلخص جوهر هذا الغرض في كونه فضلات بشرية حفرية محفوظة بشكل جيد، كما أنه الأكبر من نوعه، ويعود تاريخه لحوالي القرن التاسع ميلادي، ويعتقد أن مصدره أمعاء رجل فايكينغ مريض. يتواجد هذا الغائط ”القيّم“ حالياً في «مركز يورفيك للفايكينغ» في مدينة (يورك) بإنجلترا.

(يورفيك) هو اسم أطلقه الفايكينغ على مدينة (يورك) الإنجليزية، ويعتبر مركز هذه المدينة جزءاً من حقبة زمنية أنتجت العديد من الكنوز، غير أن واقع وصف هذا الغائط على أنه من بين هذه ”الكنوز“ يبقى محل جدل حتى الساعة.

أعمال تنقيب على مستوى «مركز يورفيك للفايكينغ».
أعمال تنقيب على مستوى «مركز يورفيك للفايكينغ».

يعود السبب لتسمية هذا الغرض تيمنا ببنك اللويد الشهير لكونه قد عثر عليه تحت موقع أحد فروع هذا البنك في سنة 1972، وقد كان يبلغ من الطول عشرين سنتمترا وعرضه خمسة سنتمترات.

وفقاً للأكاديمية الأسترالية للعلوم، فإن العثور على هذا الغائط يعتبر إنجازاً عظيما في مجال علم الآثار، حيث ورد في تقرير لها: ”إن الفضلات الحفرية البشرية أمر نادر جدا، ولا يمكن العثور عليها إلا إذا حفظت في بيئات سواء جافة للغاية أو متجمدة، لكننا نملك عينات تم العثور عليها ويعود تاريخها لأواخر العصر الحجري، أي 22 ألف سنة في الماضي“.

تبين بعد تحليل هذه الفضلات البشرية الحفرية أنها تحتوي على كميات كبيرة من اللحم، والحبوب، ونخالة الحبوب، والكثير من بيوض ديدان السوط الطفيلية، وهي معروضة الآن في «مركز يورفيك» في مدينة (يورك) في إنجلترا.

إنه لمن الملهم أن تدوم عينة فضلات حفرية بشرية كل هذه المدة وأن تبقى محفوظة بهذا الشكل الممتاز، لكن كيف علم الباحثون والعلماء أنها تعود لأحد الفايكينغ الذين استقروا في المنطقة منذ قرون؟ يبدو أن المكونات التي عثر عليها في هذه العينة بعد تحليلها هي ما قادهم لهذا الاستنتاج.

ورد في صحيفة (ذا غارديان) سنة 2003 حول هذه العينة المثيرة للاهتمام: ”لم يكن [صاحب هذه الفضلات] من محبي أكل الخضروات“، واستطرد المقال: ”بدل ذلك كان يعيش على تناول كميات كببيرة من اللحوم والحبوب على شاكلة النخالة، وذلك على الرغم من العثور على حصوات الفواكه، وبعض الفضلات الأخرى التي تضمنت على مواد مصدرها خضروات على شاكلة الكرّاث في نفس الموقع“.

فضلات حفرية من موقع يعود لأواخر العصور الحجرية في Çatalhöyük في تركيا.
فضلات حفرية من موقع يعود لأواخر العصور الحجرية في Çatalhöyük في تركيا.

كما اكتُشف من خلال تحليل هذه العينة أن أمعاء مصدرها الفايكينغ (سواء كان رجلا أم امرأة) كانت ممتلئة ببعض الديدان المضرة.

في سنة 2016، أشار موقع Spangenhelm إلى ”وجود عدة مئات من بيوض الديدان الطفيلية“ مما يقترح ”أن صاحبها كان يعاني من الديدان الطفيلية المعوية، في الغالب ديدان السوط“.

بإمكان هذه الكائنات الطفيلية المضرة أن تمثل خطرا كبيرا على الصحة، وصفت قناة الـ(بي بي سي) بعض الأعراض على غرار ”آلام المعدة، والإسهال، والتهاب الأمعاء“ على أنها بسبب هذه الطفيليات، وكلما كان تواجدها في الأمعاء كبيرا كان الأثر وخيماً، حيث قد تتطور لتصبح ”قرحات معدية أو معوية“.

كما تشتهر هذه الديدان الطفيلية بعدم استقرارها في مكان واحد من الجسم، حيث أنها ”قد تهاجر من الأمعاء وتخترق أعضاء أخرى حيث بإمكانها أن تتسبب في أضرار خطيرة، وقد تصل لأماكن على شاكلة الأذنين والأنف“.

حددت قيمة هذه العينة ”النتنة“ في حدود 39 ألف دولار! ومن بين الصحف والمجلات العالمية التي كتبت حول موضوعها كانت (وول ستريت جورنال) سنة 1991 التي قالت بأن هذه الفضلات البشرية القديمة ”تضاهي قيمة مجوهرات تاج الملكة البريطانية“.

غاصت القناة الرابعة للتلفزيون البريطاني أعمق في موضوع هذه الفضلات الحفرية في سنة 2003 عندما منحت المشاهدين لمحات عما قد نتعلمه عن الماضي من خلال دراستها. وفقاً لها: ”إذا ما نجحنا يوماً في استخراج الحمض النووي من هذه الفضلات الحفرية، قد يصبح بإمكاننا تحديد نوع الكائنات التي كانت تعيش في بطن هذا الفايكينغ“، مما يملي بأن كل من يعتقد أن استخراج الحمض النووي والمعلومات من هذه الفضلات الحفرية بعد تحليلها ودراستها أمر ممل هو على خطأ.

واجهت ”فضلات بنك لويد الحفرية“ كارثة في سنة 2003، وذلك عندما سقطت في أحد الأيام على الأرض، ورد في تقرير لصحيفة (ذا غارديان) حول الموضوع: ”كان كل شيء يسير على ما يرام حتى انهارت الدعائم التي وضعت عليها من أجل العرض في المتحف بسبب أحد الأساتذة، فسقطت العيّنة وتحطمت إلى ثلاثة أجزاء“.

قد تتساءل ما كانت الإجراءات في وضع مثل هذا؟ والإجابة هي أنه قد تم إعادة لصق أجزائها المنكسرة ببعضها البعض بحذر جديد، وبذلك أعيد ترميم هذا ”الغائط“ كما لو كان مزهرية من العصر الروماني أو قطعة أواني من حضارة الأزتيك!

مع الصيانة اللازمة، يأمل الباحثون أن تستمر هذه العينة من الفضلات البشرية الحفرية في التواجد لعدة سنوات في المستقبل.

بالنسبة للشخص الذي أنتجتها أمعاءه في يوم ربما كان فيه يعاني من آلام في بطنه، كان ذلك نتاج وظيفة من وظائف جسمه العادية، وبالنسبة للباحثين الذين يدرسونها الآن فهي تعتبر تحفة يحتفي العلماء باكتشافها! لذا لا تقلل يوما من قيمتك أو قيمة غائطك حتى عزيزي القارئ!

مقالات إعلانية