in

دخلك بتعرف أفضل أنواع البيرة العربية.. يجب أن تتذوقها حتما

هل بإمكان البيرة المحلية التفوق على المنتج الأجنبي؟

تُعد البيرة من أوائل المشروبات المسكرة التي استهلكها البشر، فبعد أنّ قام البشر بتوفير الأمور الأساسية من سكن وغذاء وقوانين تنظيم المجتمع، بدأوا بتصنيع المشروبات المسكرة، وقد اكتشف علماء الآثار أدلة على أنّ السومريين قاموا بصناعة البيرة منذ حوالي عام 3500 قبل الميلاد، وقد أثبتت الحفريات التي وجدت في موقع تنقيب Godin Tepe -الواقع في إيران في يومنا هذا- ذلك.

كما تم ذكر صناعة البيرة في أقدم الكتابات السومرية التي تعود إلى عام 6000 قبل الميلاد، وذلك في صلاة الشكر إلى الآلهة السومرية (نينكاسي) التي تُعد آلهة البيرة، كما ذُكرت كل من البيرة والنبيذ في ملحمة (جلجامش) عندما تناول (جلجامش) ورفيق دربه (أنكيدو) الخبز وشربوا معه الخمر، كما ذكر (حمورابي) البيرة في شريعته الشهيرة التي تُعد من أقدم القوانين في تاريخ البشرية، عندما وضع عدة قوانين تخصها.

أضف إلى ذلك نصوص (إبلا) التي تم اكتشافها في مدية (إبلا) الأثرية في سوريا عام 1974، التي كشفت أنّ البيرة كانت تُصنع في المدينة منذ عام 2500 قبل الميلاد.

عرف المصريون القدامى كذلك البيرة، حيث يُعتقد أنّ العمال الذين قاموا ببناء الأهرامات في الجيزة كانوا يحصلون على 4 أو 5 لترات من البيرة يومياً أثناء عملهم كشرابٍ منعش ومغذٍ. يقول المؤرخ الفرنسي (جان بوتيرو): ”في بلاد ما بين النهرين القديمة التي تُعد من أقدم الحضارات البشرية، كانت المشروبات الكحولية جزءاً أساسياً من طقوس الاحتفال كلما بُسطت مأدبةٌ للطعام بأي عيد، على الرغم من كون البيرة التي يتم تخميرها بشكلٍ رئيسي من الشعير بقيت المشروب الأكثر شعبية، إلا أنّ النبيذ كان شائعاً أيضاً“.

بالطبع تاريخ البيرة أطول من ذلك بكثير ولا يمكن تلخيصه ببضع أسطرٍ فقط، لكن ما أردت قوله من هذه المقدمة هو أنّ الكحول بشكلٍ عام والبيرة بشكلٍ خاص ليست غريبة عن هذه الأرض التي تُدعى في يومنا هذا بالعالم العربي، وعلى الرغم من أنّ مُعظم سكان هذه الأرض يعتنقون اليوم الدين الإسلامي الذي يُحرم المشروبات الكحولية بشكلٍ تام، إلا أنّ استهلاك الكحول مازال شائعاً في العالم العربي، ومازالت صناعة المشروبات الكحولية مستمرةً حتى يومنا هذا، وهي من أقدم الصناعات التي عرفتها هذه المنطقة.

بالطبع إنّ أشهر المشروبات الكحولية التي يتم تصنيعها محلياً هي العرق والنبيذ والبيرة، وبعد أن قمنا مؤخراً بكتابة مقال عن 11 نوعاً مميزاً من البيرة من جميع أنحاء العالم، أردنا اليوم أن نتكلم عن أفضل أنواع البيرة في العالم العربي.

1. بيرة (ألمازا) اللبنانية

بيرة (ألمازا) اللبنانية

بدأ تصنيع بيرة (ألمازا) في لبنان في عام 1933 حين أنشأ الشركة رجال أعمال لبنانيون معظمهم من أسرة الجابري، وكانت تُسمى الشركة في البداية (براسيري فرانكو ليبانو سيريين)، ثم تغير اسمها في عام 1966 إلى (براسييري إيت مالتير ألمازا)، ثم أصبح اسمها في عام 1990 (براسييري ألمازا)، وتُعد من أعرق أنواع البيرة التي يتم تصنيعها في العالم العربي ومن أكثرها رواجاً ونجاحاً، ويتم تصديرها إلى عدة بلدان كالولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وأستراليا، ومنذ عام 2002 أصبحت ألمازا إحدى علامات شركة (هاينيكن) العالمية.

حتى فترةٍ طويلة من الزمن؛ كانت البيرة التقليدية من (ألمازا) التي تحتوي على نسبة 4٪ من الكحول تكفي السوق اللبنانية، لكن بعد ظهور عدة أصناف منافسة بدأت شركة ألمازا بإنتاج العديد من الأنواع، مثل البيرة الخفيفة ذات السعرات الحرارية المنخفضة التي تهم من يحاول إنقاص وزنه أو عدم كسب وزنٍ زائد، ونوعٍ آخر يحتوي على نسبة 6٪ من الكحول.

2. بيرة (كولونيل) اللبنانية

بيرة (كولونيل)

كما ذكرنا، فقد احتكرت (ألمازا) سوق البيرة في لبنان لمدة 7 عقود حتى ظهر من ينافسها، وأبرز أنواع البيرة التي تنافسها اليوم هي بيرة بيروت وبيرة 961، التي أخذت اسمها من رمز الاتصال الدولي الخاص بلبنان، وقد نجحتا في ذلك إلى حدٍ كبير على الرغم من بقاء (ألمازا) هي البيرة اللبنانية الأكثر شعبية داخل لبنان وخارجه، لكننا أردنا أن نتحدث عن نوعٍ من البيرة أقل شهرةً بكثير وأكثر تميزاً، وهي بيرة (كولونيل).

يتم تصنيع بيرة (كولونيل) في معملٍ صغير للبيرة أو ما يسمى Craft Brewery، وهو ما يعني معمل صغير محلي ينتج كميات صغيرة من البيرة المميزة التي لا يتم توزيعها على نطاقٍ واسع، وقد بدأ هذا النوع من المعامل ينتشر في جميع أنحاء العالم منذ عام 1970 بعد أن بدأ في المملكة المتحدة.

يقع مصنع بيرة (كولونيل) في منطقة البترون، وهو يُعد فريداً من نوعه في العالم العربي حيث يضم المصنع حانةً ومطعماً، ويُتيح للزوار التعرف على عملية صناعة البيرة ضمن المصنع، بالإضافة إلى تذوق أصناف البيرة العديدة المتنوعة، فبينما اعتاد اللبنانيون على البيرة من صنف Lager –أي البيرة ذات اللون الخفيف التي يتم تخميرها في ظروفٍ باردة–، يُقدم مصنع بيرة (كولونيل) أصنافاً متنوعة من البيرة مختلفة عما اعتاد سكان المنطقة تذوقه، مما يُعد تجربةً مميزة في الوطن العربي.

3. بيرة (بردى) وبيرة الشرق السوريتان

بيرة (بردى)

اشتهرت سوريا بمعملين للبيرة تابعين للدولة السورية، بيرة (بردى) التي يتم تصنيعها في دمشق وسُميت نسبةً إلى نهر (بردى)، وبيرة الشرق في حلب، ولمدة سنوات كان هذان النوعان يمدان السوق المحلية بكمياتٍ كبيرة من البيرة، وقد جعلهما سعرهما الرخيص نسبياً وطعمهما المميز ينافسان البيرة اللبنانية وحتى البيرة الأجنبية، لكن بعد أن تعرض معمل (بردى) إلى التدمير وبعد الأحداث التي شهدتها مدينة حلب تم إغلاق المعملين ومازالا مغلقين حتى يومنا هذا.

لكن في عام 2017 بدأ تصنيع نوعين جديدين من البيرة السورية، بيرة (أفاميا) التي سُميت نسبةً إلى مدينة (أفاميا) الأثرية، والتي يتم إنتاجها في ريف دمشق، وبيرة (أرادوس) التي يتم تصنيعها في مدينة صافيتا التي تقع بريف طرطوس وقد سُميت نسبةً إلى جزيرة أرواد السورية، بالطبع يجد صاحب المعملين الكثير من الصعوبات في ظل الظروف الحالية، لكن في حديثٍ لصحيفة العرب يقول صاحب معمل بيرة (أرادوس): ”البيرة ليست موضوع استثمار وربح فقط، بل هي فكرة تؤكد علمانية سوريا.. بعيداً عن التطرف“.

4. بيرة (سلتيا) التونسية

بيرة (سلتيا)

تعود بداية تصنيع بيرة (سلتيا) إلى عام 1951، وتُعد البيرة الأكثر رواجاً في البلاد وقد تمكنت من الصمود أمام الأصناف الأجنبية المتوفرة في السوق التونسية، لكن ظهر مؤخراً صنفٌ جديد من البيرة تمكن من منافسة بيرة (سلتيا) وهو بيرة (بربر)، وهذا الصنف من إنتاج الشركة العالمية (هاينيكن) التي فشلت في منافسة بيرة (سلتيا) بمنتجاتها التقليدية فاضطرت إلى الإبداع.

لم تكن تسمية (بربر) اعتباطية، فهو الاسم الشعبي الفكاهي الذي يُطلقه التونسيون على البيرة، ويعود أصل هذه التسمية إلى الكوميدي التونسي الراحل نصر الدين بن مختار الذي اخترعه في إحدى أسطواناته منذ 25 عام، وعن طريق اختيار اسمٍ شعبي وتزيين العلبة برموزٍ تونسية تاريخية كالسفينة القرطاجية وحرف ياز الأمازيغي، تمكنت من دخول السوق التونسية بقوة، لكن ما زلت بيرة (سلتيا) الأكثر رواجاً حتى الآن في تونس.

5. بيرة فريدة العراقية

بيرة فريدة

بدأ تصنيع بيرة فريدة عام 1956 من قبل شركة البيرة الشرقية التي كانت تُنتج أيضاً بيرة سنابل، وتُعد فريدة أشهر أنواع البيرة العراقية ومن أكثرها رواجاً منذ بدء تصنيعها حتى توقفه حين بدأ الاجتياح الأمريكي للعراق في عام 2003، أما اليوم فمعظم البيرة الموجودة في العراق أجنبية.

6. بيرة (كازابلانكا) المغربية

بيرة كازابلانكا

أدخل الفرنسيون صناعة البيرة إلى المغرب في القرن العشرين، وتصنع شركة (براسري المغرب) عدة أصناف من البيرة مثل بيرة (سبيسيال فلاغ) و(ستورك)، لكن أشهرها وأفخمها هي بيرة (كازابلانكا) التي تُعد الأكثر مبيعاً في البلاد، كما تُعد رائجةً جداً في الخارج وخاصةً في الولايات المتحدة الأمريكية.

تُقدم بيرة (كازابلانكا) ضمن الجناح المغربي الموجود في مركز (إبكوت) Epcot في فلوريدا، وهو مدينةٌ ترفيهية تتبع عالم ديزني ويطلق عليها البعض اسم معرض العالم، حيث أنّها مكرسةٌ للاحتفال بالإنجازات البشرية.

7. بيرة (تانغو) الجزائرية

بيرة (تانغو) الجزائرية

يقع مصنع بيرة (تانغو) بالقرب من العاصمة الجزائرية، وتُعد (تانغو) البيرة الأكثر رواجاً في الجزائر، وقد قامت شركة (هاينيكن) العالمية بشراء مصنع بيرة (تانغو) في عام 2008.

8. بيرة (ستلا) المصرية

بيرة ستيلا المصرية

يتم إنتاج وتصدير العديد من أنواع البيرة في مصر، مثل بيرة (مايستر) وبيرة (ساكارا)، لكن أشهرها وأكثرها رواجاً هي بيرة (ستلا)، وقد بدأت صناعة البيرة محلياً في عام 1897 بعدما أسس رجال أعمال بلجيكيين معمل (كروان) في الإسكندرية ومعمل (بيراميدز) في القاهرة، وقد بدء كلا المعملان بإنتاج بيرة (ستلا) -التي تعني النجمة في اللغة الإيطالية- منذ عشرينيات القرن الماضي، وقد كان لكل معملٍ مذاقه المختلف، وقد تنقلت ملكية المعملين إلى رجال أعمالٍ سويسريين ثم رجال أعمال فرنسيين ثم انتقلت ملكيتهما بعد ذلك إلى شركة (هاينيكن) الهولندية قبل أن تقوم الحكومة المصرية بتأميم المعملين عام 1963 وتُوحدهما ليصبحا شركةً واحدة.

اشتهرت بيرة (ستلا) خاصةً عندما أصبحت (هاينيكن) الشركة المالكة عام 1937، حيث أصبحت البيرة الأكثر رواجاً في مصر، وقامت الشركة الهولندية حينها بتغيير اسم مصنع (بيراميدز) إلى ”الأهرام“، وقد انخفضت جودة (ستلا) في فترة الثمانينيات بعض الشيء لكنها استعادت مكانتها عندما قام رجل الأعمال المصري أحمد زيات بخصخصة الشركة ثم عادت (هاينيكن) واشترت الشركة من جديد.

قام العديد من الفنانين المصريين المشهورين مثل فريد الأطرش وأسمهان بالترويج لبيرة (ستلا)، ومن الحوادث المثيرة للاهتمام التي تُظهر أهمية البيرة في التاريخ المصري الحديث هي حادثة ”مسيرة ستلا“ التي حدثت في عام 2012 عندما قام مصريون بمسيرةٍ انطلقت من أمام البرلمان المصري وتوجهت لقصر الرئاسة رداً على تهديدات صرح بها المرشح الرئاسي حينها عبد المنعم أبو الفتوح توعد فيها بإغلاق مصانع البيرة حال جلوسه على الحكم.

من الأشياء الأخرى التي تُظهر أهمية البيرة في التاريخ المصري الحديث هي الأغنية الشعبية «آه يا لموني» التي اشتهرت بعد أن لحنها محمود الشريف وغنتها شادية في فيلم قلوب العذارى عام 1958، فقد أظهر تسجيلٌ قديم يعود لـ1906 تقوم به المطربة منيرة المهدية بأداء الأغنية الشعبية أنّ الأغنية كانت في الأصل عن البيرة.

9. بيرة بترا الأردنية

بيرة بترا الأردنية
صورة: Jan/Untappd

بدأ تصنيع البيرة في الأردن عام 1954 حين بدأ إنتاج بيرة (أمستل) بعد الحصول على ترخيصٍ من الشركة الهولندية الأم، وتُعد (أمستل) البيرة الأكثر رواجاً في الأردن، لكن من أنواع البيرة الرائجة أيضاً هي بيرة بترا التي يتم تصنيعها في عمان، وقد سميت نسبةً إلى المدينة الأثرية الأردنية الشهيرة البتراء.

ما يميز بيرة (بترا) بالإضافة للمذاق الطيب هو امتلاكها لنسبة 8٪ من الكحول، ما يجعلها من أقوى البيرة العربية.

10. بيرة طيبة الفلسطينية

بيرة طيبة في فلسطين

أسس نديم خوري مصنع بيرة طيبة في عام 1994 بعد عودته من أمريكا إلى قرية طيبة التي تقع في الضفة الغربية، وقد لاقت رواجاً كبيراً منذ بدأ إنتاجها، وقد لاقت رواجاً في الخارج أيضاً حيث بدأت تُصنع في ألمانيا منذ عام 1997 وتوزع من هناك إلى السوق الأوروبية.

في عام 2005 تم تأسيس مهرجان سنوي للبيرة في قرية طيبة مشابه لمهرجان (أكتوبر فيست) المخصص للبيرة الذي يقام سنوياً في ألمانيا، كما قامت في عام 2009 المخرجة الأسترالية (لارا فان راي) بتصوير فيلم وثائقي يُدعى Palestine, Beer and Oktoberfest Under Occupation «فلسطين والبيرة وأكتوبر فيست تحت الاحتلال».

يتم إنتاج 6 أنواع من بيرة طيبة، أحدها خالٍ من الكحول، كما يشهد العالم العربي أيضاً ازدياد شعبية البيرة الخالية من الكحول، حيث تلقى البيرة الخالية من الكحول (موسي) شعبيةً كبيرة في السعودية، كما انتشرت بيرة (باربيكان) الخالية من الكحول السعودية المنشأ أيضاً في العديد من الدول العربية.

وفي تقريرٍ نشرته CNN قامت بتصنيف البيرة التي يتم تصنيعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حلت بيرة (ألمازا) في المركز الأول تلتها بيرة طيبة في المركز الثاني وبيرة (ستلا) في المركز الثالث، واحتلت بيرة (كازابلانكا) وبيرة (بترا) المركز الرابع والخامس على الترتيب.

بالطبع اعتمد هذا المقال على رأي كاتبه وتفضيله ولا يُعد مقياساً دقيقاً.

وأنتم ما هي أنواع البيرة العربية التي قمتم بتذوقها؟ ما هي أفضلها برأيكم؟

مقالات إعلانية