أدى الانفجار الذي وقع في مصنع للبيرة إلى تدفق أكثر من 380,000 غالون -أي ما يعادل مليون ونصف مليون ليتر- من معمل البيرة بسرعة كبيرة.
في شهر أكتوبر من عام 1814، وفي دائرة (سانت جايلز) في لندن في إنكلترا حصل فيضان لقي فيه 8 أشخاص مصرعهم، وأُصيب عدد كبير أيضاً، وذلك عندما غرقت الشوارع في أكثر من مليون ونصف مليون ليتر من البيرة.
بدأ (فيضان بيرة لندن)، كما تم الاتفاق على تسميته لاحقاً، في مصنع (ميوكس) للبيرة الموجود على طريق محكمة (توتنهام)، حيث كان يمتلك مصنع البيرة هذا أكبر خزان تخمير في مدينة لندن بكاملها، بارتفاع 6,8 أمتار تقريباً وعرض 227 متر أيضاً، وبسعة تخزين قُدرت بـ511,000 ليتراً، تم ربط الخزان بـ29 حزاماً معدنياً ملفوفاً حول وسطه مما ساعد على الحفاظ على شكل الخزانات الدائري.
وفي الـ17 من نفس الشهر قُطع أحد الأحزمة مما جعل الخزان غير متزن وبدأ بالاهتزاز، وبعدها تقطعت الأحزمة الـ28 الأخرى من تلقاء نفسها مما سبب تحرر الجزء الأوسط من الخزان مطلقا بذلك ما قيمته أكثر من 500 ألف ليتر من البيرة منه لوحده.
أدت قوة تدفق الفيضان الناتج عن الخزان الكبير إلى انهيار بقية براميل التخزين الموجودة في المصنع، مما أدى لتدفق أكثر من مليون ونصف مليون ليتر من البيرة من المصنع بسرعة كبيرة للغاية.
على الرغم من كون هذا المصنع معزولاً نسبياً، فإن المساحة الواقعة في محيطه هي منطقة سكنية مكتظة بالسكان، فتدفقت مياه هذا الفيضان بشكل مباشر إلى وسط المنطقة، وتحديداً لمنطقة معروفة باسم (سانت جايلز) مما تسبب بفوضى كبيرة جداً.
دُمرت بعض المباني من أساساتها كما جرّ هذا الطوفان الناس معه في الشوارع، رافعاً إياهم مع سيل البيرة الجارف الذي تسبب في وفاة ثمانية أشخاص.
سُحق موظف في فندق Tavistock Arms وهو أحد الأبنية المتضررة كذلك من الطوفان بعد انهياره، حيث سقط سقفه عليه مرديا إياه في عين المكان، كما قتلت كذلك فتاة صغيرة وصديقتها اللتان كانتا تتناولان الشاي خارج المنزل عندما جرهما الطوفان مع كاسات الشاي إلى حتفهما، وقُتل 5 آخرون عندما انهار المبنى الذي كانوا يرتادونه للقيام بأعمالهم.
اختفى هذا الطوفان بعد ذلك بنفس السرعة التي ظهر بها.
خرج بعدها عشاق البيرة في تلك المنطقة من كل حدب وصوب مسرعين يحملون بالأواني والمقالي والغلايات والكؤوس وكلهم يحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من البيرة التي ملأت الشوارع، وأولئك الذين لم يتمكنوا من الحصول على أي أداة مجوفة ليعبؤوا بها البيرة استخدموا أيديهم لنقل المشروب من الشوارع لبيوتهم، وأدت أعداد هؤلاء الكبيرة إلى حصول مصيبة أخرى وهي صعوبة وصول فرق الإنقاذ إلى الأشخاص الذين جرهم الطوفان معه، مما أدى لوفاة بعضهم الذين كان من الممكن إنقاذهم.
بعد عدة ساعات تمت الإحاطة بالأشخاص الناجين ونقلوا إلى المستشفى.
استمر تنظيف الشوارع لفترة طويلة جداً، وتبعاً للتقارير فإن رائحة البيرة بقيت في الشوارع لعدّة أسابيع، وتمت كذلك إزالة الأنقاض بسرعة، ولكن الأمر الذي استغرق وقتا طويلاً هو إعادة الإعمار.
تشير التقديرات إلى أن قيمة خسائر مصنع البيرة جرّاء هذا الحادث هي حوالي 23,000 جنية إسترليني في ذلك الوقت، وفي نهاية المطاف تمت تبرئة صاحب المصنع في كل القضايا التي رُفعت ضده، حيث رأى القاضي بأن تلك الفيضانات لم تكن سوى ”مشيئة الله“، ولم يكن بالإمكان منعها.