in

أطعمة غريبة وعجيبة كان الإنجليز يتناولونها في العصر الفيكتوري

في عصرنا الحالي، نشير إلى الفترة التي حكمت فيها الملكة فيكتوريا بالعصر الفيكتوري، وتمتد تلك الفترة من سنة 1837 إلى سنة 1901. إذا ما قارنا تلك الفترة بتاريخ البشري، سنلاحظ أنها ليست بعيدة جداً عن عصرنا الحالي، لكن بالنسبة لتاريخ الطعام، تبدو تلك الفترة وكأنها مضت منذ ملايين السنوات.

الكثير من تلك الأطعمة التي تناولها سكان المملكة المتحدة لا تزال موجودة حتى اليوم، لكن بعضها اندثر تماماً، بل إن وُجد اليوم، فلن يلقى أي ترحيب في معظم أنحاء العالم. تعالوا لنتعرف سوية على أطباق وأطعمة من العصر الفيكتوري، غريبة جداً لدرجة أن بعضها مقزز ولا يمكننا تخيل أنفسنا نتناوله.

1. لحم بروكسي

صورة: Henry Arden/Getty Images

اللحم هو أحد المأكولات التي ستجدها على أي مائدة وفي مختلف الأزمنة، أما الفيكتوريون، فيبدو أنهم أحبوا تناول كافة أنواع اللحوم، من لحم السمك إلى الدجاج إلى العجل والخنزير والضأن، وغيرها الكثير طبعاً. ومثلما هو الحال اليوم، لم يكن اللحم رخيص الثمن. ففي ذلك العصر، وإن أردت تذوق شريحة لحم مقددة، فربما عليك اللجوء إلى بديل أرخص وأقل جودة، وهو لحم البروكسي.

لم يكن باستطاعة معظم عامة الناس شراء أنواع اللحم الجيدة، لذا كان اللحام يبيع نوعاً من اللحم أقل ثمناً عُرف باسم لحم البروكسي، وهو لحم الخروف أو لحم أي حيوان توفي جراء إصابته بمرض ما، ما يعني أن من يتناول هذا اللحم يقامر بحياته في كل مرة!

بالطبع، لا تنتقل جميع الأمراض من الحيوانات إلى الإنسان بسهولة، لكن قد تُصاب الخواريف بالكزاز أو القوباء الحلقية والعديد من أنواع البكتيريا والطفيليات الأخرى، والتي قد تقتلك أو تجعلك تتمنى الموت.

2. حساء براون وينسدور

يبدو هذا الطبق من اسمه طبقاً بريطانياً أصيلاً، حتى لو لم تملك أدنى فكرة عن مكوناته، وهو بالفعل واحدٌ من الأطباق البريطانية التقليدية المحببة لدى سكان تلك الجزيرة، وقد تجده اليوم أيضاً لكن بوصفة مختلفة تطورت على مر الزمن عما كانت عليه في العصر الفيكتوري. يُحضر هذا الحساء اليوم من الخضروات الجذرية والقليل من نبيذ ماديرا –نبيذ من جزر ماديرا البرتغالية. لكن في الماضي، لم يكن الطبق فاخراً كما اليوم.

تشمل الوصفة القديمة لحساء براون ويندسور المرق البني وخل الشعير وبعض قرون الفلفل والقليل من الفواكه المجففة كالتين أو التمر. بإمكانك أيضاً إضافة نبيذ ماديرا إلى الحساء.

3. كوارع الخروف

صورة: shaziya’s recipes/YouTube

بإمكانك اليوم العثور على باعة الهوت دوغ في معظم المدن الكبيرة وفي جميع أنحاء العالم تقريباً، وفي العصر الفيكتوري، ينطبق الأمر ذاته على باعة كوارع الخروف. كانت تلك الكوارع إحدى الأطعمة المفضلة لدى البريطانيين والتي يمكن تذوقها من الباعة في الشوارع.

يُحضر هذا الطبق عبر سلق الكوارع وغليها، قم بإمكانك قضم تلك الأطراف الزائدة الغنية بالدهون والمقززة حتى تصل إلى العظم، وفي الحقيقية، لم تحوِ تلك الكوارع على الكثير من اللحم، وهناك خطر آخر يتمثل بتنظيفها، والذي قد لا يكون تنظيفاً مثالياً.

على الرغم من ذلك، كان الطبق رخيصاً ومن السهل تحضيره، لذا كان مئات الأشخاص يتناولونه في المدن الكبرى خلال تلك الفترة. وبينما اندثر هذا الطبق لدى الغرب، لا يزال موجوداً وذا شعبية لدى ثقافات الشرق.

4. سمك الرنجة المدخن

كان هذا الطبق شائعاً جداً وذا شعبية كبيرة، ومع أنه ليس طبقاً غريباً أو مقززاً، ولا يزال من الأطعمة الشائعة اليوم، لكن في العصر الفيكتوري، اختلف سمك الرنجة المدخن عما نأكله اليوم، لدرجة أنه اسمه كان مختلفاً أيضاً، فكان يُدعى Bloaters بدلاً من Smoked Herring –والأخيرة تعني سمك الرنجة المدخن.

المشكلة أن السمكة كانت تُحضر مثلما هي، أي بدون تقطيع أو تنظيف. وحصلت على اسمها Bloater –والتي تعني سمكة رنجة مملحة وكاملة– لأن السمكة تنتفخ عندما يجري تدخينها، وذلك لأن أحشائها ما زالت داخلها ولم تُنظف أو يجري التخلص منها، بالتالي تأخذ تلك الأعضاء الداخلية بالتوسع. وبالمناسبة، هذا أحد أهم الأسباب التي تدفعنا اليوم إلى تنظيف الحيوان قبل تحضيره، لأن الغازات والسوائل داخل معدته وأعضائه الأخرى قد تكون خطيرة أو مقززة وملخبطة بكل بساطة، تخيّل أنك تأكل سمكة ثم تشاهد أعضائها الداخلية المكونة لجهازها الهضمي!

كان هذا الطبق ذا شعبية كبيرة في يارموث الكبرى في نورفولك، وحُضّر عادة من الأسماك التي يتم صيدها في نهاية الموسم، أما الأسماك التي تُصطاد في البداية، فتكون صغيرة جداً ولا يمكن تحضيرها وفقاً للطريقة التقليدية، لذا يجري نقعها في الخل. أما الأسماك الأكبر والأدسم التي تأتي في نهاية الموسم، فيجري تدخينها وبيعها، وكانت تعتبر آمنة جداً بالمناسبة. حصل هذا الطبق على شعبية كبيرة لدرجة أن الناس في بريطانيا كانوا يشترون صناديقاً من سمك الرنجة المدخن ويرسلونها إلى أصدقائهم أو عائلاتهم كهدايا.

5. البط المضغوط أو المكبوس

صورة: Wikimedia Commons

إن اسم الطبق لوحده غير جذاب، فما بالك إذاً بطريقة تحضيره المتوحشة أيضاً! كان الطبق ذا شعبية واسعة، فاخترع أحد الطباخين طريقة لضغط البط كي يحسّن هذا الطبق. إليكم حقيقية تاريخية طريفة: كان هذا الطبق يُحضر بشكل خاص وحصري في مطعم «لا تور دارجان» –ويعني اسمه «البرج الفضي»– في باريس، وزاره نحو مليون شخصٍ كي يتذوقوا هذا الطبق الغريب.

قبل ضغط البط، يجري قتله بعدة طرق، لكن الطريق المفضلة لدى اللحام كانت خنق الحيوان حتى لا ينزف أي دماء. ثم تترك الجثة لمدة يوم، ثم تُنزع الأحشاء جميعها باستثناء القلب والكبد. توضع البطة في الفرن على أعلى درجة حرارة لنحو 20 دقيقة حتى يتفكك الكبد والقلب.

وهنا نأتي إلى الجزء الكريه من هذا الطبق –ناهيك عن كل ما سبق– حيث توضع البطة المطبوخة تلك على المائدة وتُضغط أمام الحاضرين، فيُنزع اللحم من الأقدام والصدر بحذر ثم تُضغط الجثة المطبوخة وتُسحق. أما الدماء ونخاع العظم، فيسيلان عبر أنبوب ويُجمعان في وعاء. ثم يُحضر سائل من العظام المنقوعة في الماء وما تبقى من الكبد لتشكل صلصة تُضاف إلى الطبق!

6. لحم الحيوانات التي لم تولد بعد

صورة: Wikimedia Commons

لربما سمعتم بجلد الحيوانات التي لم تولد بعد، حيث يُصنع عادة من جلد العجول غير المولودة. فتخيل أن تأكل لحم حيوانات لم تولد أو بعد وقت قصير من ولادتها!

كان هذا النوع من اللحم، إلى جانب لحم البروكسي الذي تحدثنا عنه سابقاً، أحد الخيارات المتاحة للفقراء والتي بإمكانهم إيجادها عن اللحام. كيف يُحضر هذا اللحم؟ إذا ذُبحت بقرة ما واكتُشف أنها كانت حبلى، يجري ذبح جنينها ويُباع للاستهلاك البشري. لا يقتصر الأمر على هذه الطريقة فحسب، بل كان الناس يبيعون لحوم الأبقاء التي أجهضت أو التي وُلدت قبل أوانها. بالطبع، بيع هكذا لحوم اليوم أصبح أمراً غير قانوني –وغير إنساني أيضاً– لكن في العصر الفيكتوري، كان بديلاً رخيصاً عن أنواع اللحم الأخرى.

7. الأنقليس الهلامي

صورة: Wikimedia Commons

الأنقليس أو الأنكليس هو أحد أنواع ثعابين الماء، وكما يوحي الاسم، فهذا الطبق عبارة عن ثعبان ماء هلامي! يجري تحضيره عبر تقطيع الأنقليس وغليه في الماء والخل وبعض أنواع التوابل. ثم عليك ترك الطبق يبرد قليلاً، فيجمد ويتحوّل إلى كتلة أو كرة من السمك الهلامي.

كان هذا الطبق أيضاً أحد الأطباق الشائعة والتي تُباع لدى الباعة في الشوارع، وغالباً ما يؤكل بارداً. مع تزايد أنواع الأطعمة والأطباق التي بدأت تُباع في الشوارع جاهزة، أصبح هذا الطبق غير مرغوب به. هناك سبب آخر أدى إلى اندثاره، وهو صعوبة إيجاد الأنقليس، حيث يُقال أن الأنقليس كان موجوداً بكثرة في نهر التيمز سابقاً لدرجة أن بإمكانك رمي صنّارة الصيد ثم سحبها لتجد مجموعة كبيرة جداً من سمك الأنقليس عالقة بها.

تزامناً مع حلول العصر الفيكتوري، كان نهر التيمز ملوثاً لدرجة أن التلوث أثر على حياة السكان، أما بالنسبة للأنقليس، فمعظم أطباق الأنقليس الهلامي كانت تُحضر من أسماك مستوردة من الخارج، تحديداً هولندا.

8. حساء السلاحف وكرات الدماغ

صورة: Taste of the South Magazine

إن فكرة حساء السلاحف من الأساس مزعجة، فنحن لا نأكل السلاحف ولا نعتبرها طعاماً. لكن الفيكتوريين لهم رأي آخر. فكان البشر في ذلك العصر يأكلون كل شيء بإمكانهم تحويله إلى طعام، وكل ما تريده لصنع هذا الحساء هو رأس بقرة!

وفقاً لوصفة نُشرت في تلك الأوقات، كان على المرء تسخين الرأس حتى الغليان كي يزول الشعر بشكل كامل، ثم غليه حتى تصبح القرون طرية. عندها تقوم بتقطيع الرأس إلى قطع تماثل حجم الإصبع.

تشمل باقي الوصفة أموراً أخرى، مثل المرق والتوابل والقليل من نبيذ ماديرا، وبالطبع دماغ البقرة المقطع. يتم تحويل قطع الدماغ تلك إلى كرات، ثم يُضاف إليها حساء السلاحف الحاوي على لحم السلحفاة.

9. مثلجات الفوا غرا

صورة: EAT LOVE SAVOR

قبل عدة سنوات، حققت البوظة –أو المثلجات– انتشاراً واسعاً خاصة مع إضافة نكهات غريبة إليها، فبدأ الأمر بمثلجات اللحم المقدد، ثم توسعت الحرفة لتشمل مثلجات بنكهة الخزامى وأخرى بنكهة الزعفران. وحتى اليوم، لا يزال بعض الطهاة يتفننون في ابتكار نكهات غريبة وعجيبة من المثلجات.

كان الفيكتوريون أول من أثبت أن بإمكانك صنع نكهات مختلفة من المثلجات عن طريق تحويل أي نوعٍ من الطعام إلى مثلجات. وهنا نأتي على ذكر طبق غريب من الأساس، وهو الفوا غرا، تمت إضافة المثلجات إليه. الفوا غرا هو طبق يُحضر من البط المسمن، ثم تُضاف إليه طبقة من الحساء الهلامي، ثم يُجمد الطبق بأكمله. لا نعرف تماماً إن اعتبر الفيكتوريون هذا الخليط حلوى أم طبق طعام.

10. بسكويتات الويفر بالزرنيخ

صورة: National Museum of American History

نعلم اليوم مخاطر الزرنيخ الكارثية، خاصة أنه أصبح يُستخدم كـ سمّ. لكن قبل قرون، كان الناس يستخدمون الزرنيخ كمستحضر تجميلي وصحي، فكانت النساء تستخدمنه لتحسين بشرتهن، وخلال العصر الفيكتوري، ابتُدع طعام غريب جداً هو بسكويتات الزرنيخ.

والمثير للسخرية أن مبتكري الطبق ادعوا أنه قادرٌ على إعطائك وجهاً أملساً وصافياً، وقادرٌ على تخليصك من البثرات والشامات. فما عليك حينها سوى شراء صندوق من بسكويتات الويفر الزرنيخية وابتلاع قدر ما تستطيع من تلك المادة السامة كي تحسّن مظهرك.

بالإضافة لما سبق، رُوّج لهذه البسكويتات على أنها تعالج عسر الهضم والإمساك والملاريا والعيون الباهتة. بالمناسبة، بتنا نعلم اليوم أن ثمن (1/8) ملعقة صغيرة من الزرنيخ قادرة على قتل إنسان بالغ لا يعاني من أمراض! فكيف لهؤلاء الناس أن يتذوقوه أو يضعوه على وجوههم!

ما رأيكم بتلك القائمة؟ وهل من أطعمة ترغبون بتجريبها، على الرغم من شناعتها؟ أخبرونا في التعليقات.

مقالات إعلانية