in

ما هو طبق فوا غرا الذي يُعد من أطايب الأطعمة، ولماذا أصبح من الأطباق المحظورة؟

طبق فوا غرا
صورة: Wikipedia

يعتبر طبق الكبد الدسم (فوا غرا) من أشهر الأطباق في المطبخ الفرنسي وأكثرها جدلاً، وهو عبارة عن كبدة البط أو الإوز المُسمن، حيث وصل سعر هذا الطبق إلى 125 دولار مقابل 2 رطل (0.9 كغ)، ولكن الثمن الباهظ ليس السبب وراء كون تلك الفطائر مثيرة للجدل.

يُصنع هذا الطبق عبر تغذية الطيور قسرياً لكي يصل حجم كبدها إلى 10 أضعاف حجمه الطبيعي، لذلك يصف العديد من الناشطين في حقوق الحيوان هذه العملية بأنها قاسية.

يوجد في مدينة نيويورك الأمريكية حالياً حوالي 1000 مطعم يقدم فطائر (فوا غرا). لكن في 30 أكتوبر عام 2019، صوت مجلس المدينة على منع تقديم هذا الطبق ابتداءً من عام 2022، وبهذه الطريقة تكون نيويورك قد انضمت إلى كاليفورنيا والهند وأستراليا وغيرها من الدول التي حظرت هذا الطبق لأسباب تتعلق بحقوق الحيوان. في عام 1997، قامت شركة «هول فودز» للبقالة بإزالة فطائر (فوا غرا) من رفوف متاجرها.

ما الذي يجعل من فطائر فوا غرا لذيذة؟

طبق الفوا غرا مع بذور الخردل والفاصولياء الخضراء. صورة: Wikipedia

فطائر (فوا غرا) عبارة عن كبد البط أو الإوز الذي يتم تسمينه عبر تغذيتها بشكل قسري، تُعرف هذه الطريقة باسم ”الإغراق“. تعود هذه العملية إلى العصور القديمة، عندما كان المصريون القدامى يجبرون الإوز المدجن على تناول الطعام، وذلك بعد اكتشافهم أن الطيور المائية تتناول كميات كبيرة استعداداً للهجرة، وبالتالي تتضخم أحجام أكبادها وتصبح مدهنة.

انتشرت هذه الطريقة عبر البحر المتوسط، ووصلت إلى فرنسا في أواخر القرن السادس عشر. يعود الفضل إلى الطباخ الفرنسي (جان جوزيف كلوز) في ابتكار أول طبق من فطائر الـ (فوا غرا) في عام 1779، حيث حصل على براءة اختراع للطبق في عام 1784، كما تلقى 20 مسدساً من الملك (لويس السادس عشر)، الذي كان معروفاً بحبه للطعام، كبادرة شكر له على عبقريته في الطهي.

يتميز هذا الطبق، الذي أصبح الآن عنصراً أساسياً في تراث فن الطهي الفرنسي، بقوام ناعم وطعم غني، وغالباً ما يتم تقديمه على شكل فطيرة مع شراب البراندي والتوابل والكمأ، أو يُقدم مهروس فوق الخبز المحمص.

يعود السبب في ثمنه الباهظ إلى الكمية الهائلة من الأعلاف التي تستهلكها هذه الطيور، ففي بعض الحالات، يأكل البط والإوز نحو 1.8 كغ من علف الذرة يومياً.

ما الذي يجعل من هذا الطبق مثيراً للجدل؟

يتم إطعام البط أو الإوز قسرياً غبر أنبوب مطاطي لتكبير حجم أكبادها.

يتركز الجدل على قساوة العملية المُتبعة لتسمين أكباد هذه الطيور، حيث يُجبر المزارعون البط والإوز على أكل علف الذرة الدهني عبر أنبوب يتم إدخاله في حلقها، فيتضاعف حجم كبد هذه الطيور إلى 10 أضعاف حجمها الأصلي. ومن هنا جاء اسم (فوا غرا)، والذي يعني بالفرنسية ”الكبد الدهني“.

قال (مات دومينغيز)، المستشار السياسي لمنظمة Voters for Animal Rights في مدينة نيويورك: ”أرسلت نيويورك رسالة إلى منتجي فطائر (فوا غرا)، تنص هذه الرسالة على أن إدخال أنبوب في حلق هذه الطيور وإطعامهم كميات كبيرة من الحبوب هو أمر قاسي وليس له مكان في مدينتنا الرحيمة“.

ووفقاً لموقع المنظمة الإلكتروني، يمكن أن تسبب هذه العملية صعوبة في التنفس لهذه الطيور وقد تسبب لها نزيفاً، وغالباً ما يتم تقييدها وقطع حناجرها أثناء الذبح. لهذا السبب شكلت هذه المنظمة تحالفاً يضم أكثر من 50 منظمة غير ربحية طالبت بتطبيق قانون 1378، الذي يحظر ”تخزين أو بيع أو عرض المنتجات التي يتم تغذيتها بالقوة أو المواد الغذائية التي تحتوي على منتج يتم إطعامه بالقوة“.

بمجرد حلول عام 2022، سيدخل قرار حظر بيع واستهلاك هذا الطبق حيز التنفيذ، وسيدفع المخالفون غرامة من 500 دولار إلى 2000 دولار في حال خالفوا هذا القانون.

كبد البط المستخدم في طبق فوا غرا. صورة: Gourmet Food Store

بينما احتفل (دومينغيز) ونشطاء آخرون في مجال حقوق الحيوان بحظر فطائر (فوا غرا)، عارضت مجموعة «Catskill Foie Gras Collective»، التي تضم المنتجين الرئيسيين لفطائر (فوا غرا) في مدينة نيويورك، قرار الحظر هذا، حيث ادعت أن مدينة نيويورك لا تملك ولاية قضائية على الإعمال الزراعية في ولاية نيويورك. ووفقاً لرئيس المجموعة (ماركوس هينلي)، فنشطاء حقوق الحيوان هم الوحيدون الذين يعتبرون إنتاج فطائر (فوا غرا) أمراً غير إنسانياً.

وقال (هينلي): ”يعتقد الكثيرون أن الأنبوب الصغير الذي يُستخدم لإطعام البط يتسبب بإزعاجها، ولكن هذه الفكرة خاطئة، فالبط ليس مثل الإنسان، حيث يختلف علم وظائف أعضاء البط عن علم وظائف أعضاء الإنسان، أي أن الأنبوب لا يسبب لهذه الطيور أي إزعاج“.

وقال (هينلي) أن طيور البط تخضع بشكل فردي لفحص من قبل مسؤولة سلامة الغذاء الحكومي، وأن الأنبوب المستخدم لتغذية هذه الطيور هو مطاطي وصغير وليس معدني. في حين كتب ناقد الطعام (آدم بلات) مقالةً نُشرت في مجلة Grub Street منذ فترة طويلة، قال فيها أن طبق كبد الإوز الذي كان رائجاً في يوم من الأيام في طريقه للاختفاء.

وقال: ”عندما تبدأ في التفكير في جميع الأطباق الشهية التي حُظرت على مر القرون، كحساء سلاحف المستنقعات، وألسنة الطاووس، ووجبة طائر الأورتولان الأسطوري، فمن المحتمل أنك ستدرك أن عصر طبق فوا جوا سينتهي قريباً“.

مقالات إعلانية