in

10 من معايير الجمال الغريبة والمقلقة جدا التي ظهرت خلال تاريخنا البشري

10 من معايير الجمال الغريبة والمقلقة جدا التي ظهرت خلال تاريخينا البشري

يبدو أن متطلبات الجمال الشائعة اليوم مثل الشعر الجميل وشكل الجسم المتناسق ووضع مساحيق التجميل وحتى الحصول على أسنان مثالية قد كانت بنفس الأهمية في الماضي، وعلى الرغم من أن الرغبة في الظهور بشكل جيد لم تتغير مع مرور الوقت إلا أن الموضة قد تغيرت بشكل كبير، وكذلك الطرق والوسائل التي يمكن بها تحقيق مظهر جميل مناسب.

يمكن للأذواق والموضة الحديثة أن ترتبط ببعض معايير الجمال السابقة، ومع ذلك يبقى بعضها غريبا أو مثيراً للدهشة، إن بعض الأساليب القديمة والمستخدمة لتغيير المظهر مثل الشعر والجلد وشكل الجسم يمكن اعتبارها صادمة وغريبة جدا اليوم. زد على ذلك أن بعض تلك الأساليب يمكن أن تتسبب لصاحبها باظطرابات في المعدة أما البعض الآخر فقد يكون مبالغ فيه بشكل مفرط لدرجة اعتباره قاتلا فعلا، وهذا مايدل على أن بعض الأشخاص في الماضي –تمامًا مثل اليوم– يمكنهم فعل أي شيء مقابل الحصول على ”مظهر مذهل“.

لتوضيح أوجه التشابه والاختلاف بين معايير الجمال اليوم وفي الماضي، إليك عينة من بعض الموضات الغريبة والرائعة والمقلقة من الماضي والطرق المستخدمة لتحقيقها.

نتف شعر الجبهة.

لوحة «إيزابيلا البرتغالية» من طرف الفنان (روجير فان دير وايدن).
لوحة «إيزابيلا البرتغالية» من طرف الفنان (روجير فان دير وايدن). صورة: The J. Paul Getty Museum

لم يكن الوجه هو الشيء الملفت عند السيدات في العصور الوسطى، فوفقًا لما قالته (فكتوريا شيرو) في كتابها «فور أبيرنسز سيك: الموسوعة التاريخية للمظهر الجيد»، فإن الأثداء كانت الميزة الأكثر رغبة في ذلك الوقت، وكانت الوجوه ذات ”المظهر العادي والفارغ“ مرغوبة لإقناع المعجبين بالتطلع إلى الأسفل باتجاه الصدر.

كان يتم تحقيق مظهر الوجه المفتوح والواسع جزئيًا عن طريق تجريف الشعر وإخفائه تحت غطاء رأس أو حجاب ما، وهو ما يتوافق أيضًا مع السياسة الأخلاقية للكنيسة. ومع ذلك فقد كان مظهر الجبهة العريضة العالية مطلوبا ويعتبر كمقياس جمالي كبير لدى السيدات، وبما أن العديد من النساء في ذلك الوقت لم يكن يتمتعن بتلك ”الميزة“ بشكل طبيعي، اظطرت السيدات في العصور الوسطى إلى تعريض جبهاتهن بواسطة حلق أو نتف الشعر من على الجبهة.

على الرغم من أن الكنيسة ربما أرادت من عضوات الأبرشية في ذلك العصر أن يقمن بتغطية شعرهن، إلا أنها لم ترغب بأن يقمن بإزالته طوعاً فقط من أجل الموضة، وقد قام بعض الكهنة الذين رصدوا علامات إزالة شعر الوجه بجمع هؤلاء السيدات ”اللاتي يظهرن اهتماماً علنياً بالجنس“ ومعاتبتهن في محاضرات عن الخطيئة المميتة التي تدعى بـ”الغرور والاهتمام الزائد بالمظهر“. ومع ذلك فقد قبل الكهنة هذه الممارسة في حال أن السيدة قامت بإزالة الشعر ”لعلاج التشوهات الشديدة أو حتى لا ينظر إليها زوجها باستحقار“، ولكن نتف الشعر لتعريض الجبهة لم يدخل تحت هذه الفئة.

على الرغم من ذلك الرفض الديني فإن الطريقة الأبسط والأكثر شيوعًا لإزالة الشعر غير المرغوب فيه هي نتفه، وكانت الملاقط المصنوعة من النحاس والبرونز والفضة جميعها أجزاءً مهمة للغاية من مجموعة أدوات التجميل في العصور الوسطى، ومع ذلك إذا أرادت المرأة إزالة الكثير من الشعر فقد يكون نتفه وحده عملية مؤلمة وشاقة خاصة إذا كان الشعر تابعاً لفروة الرأس. لذلك في أيامنا هذه تحولت السيدات إلى كريمات إزالة الشعر غير المؤلمة.

خياطة الرموش.

الممثلة (سينا أوين) في فيلم «إنتوليرنس».
الممثلة (سينا أوين) في فيلم «إنتوليرنس».

وللمساعدة في تحقيق مظهر ”الوجه العادي الفارغ“، كانت السيدات في العصور الوسطى وأوائل الفترة الحديثة تقوم بإزالة الحواجب وحتى الرموش من أجل الحصول على مظهر وجه خالٍ من الشعر تماماً، ومع ذلك وبحلول القرن التاسع عشر ذهبت الموضة في الاتجاه الآخر، وبدلاً من إزالة الرموش أصبحت النساء ترغبن في الحصول على رموش أكثف.

بدأت الكتب والمجلات في نشر تعليمات مفيدة لمساعدة متابعي الموضة في الحصول على الرموش الكثيفة، وتضمنت بعض تلك الاقتراحات أن تقوم السيدة بقص أطراف رموشها الأصلية لتشجيع نموها بشكل جيد، أما البعض الآخر فقد قدم وصفة لحمامات مخصصة للعين تتمثل في أوراق الجوز المنقوعة في الماء.

للأسف لم تقم هذه الأساليب بتزويد السيدات بالرموش الكثيفة والمغرية المرجوة، لذلك تم استخدام أساليب أكثر تطرفا. في عام 1882 ذكرت صحيفة باريسية كيف حاولت بعض السيدات في العاصمة الفرنسية زرع رموش إضافية، حيث شمل هذا الإجراء خياطة شعر بشري في جفون السيدات بواسطة إبرة، وعلى الرغم من الألم الناجم عن تلك الممارسات ومعدل النجاح المشكوك فيه، إلا أنها استمرت لعدة سنوات كما ورد في الصحف الاسكتلندية عام 1899.

حاولت بعض النساء لصق الرموش على جفون أعينهن دون نجاح، لكن في أوائل القرن العشرين جاء الحل الأقل ضرراً لمشكلة الرموش الخفيفة، فقد تم اختراع الرموش الصناعية في أواخر سنة 1902، حيث حصل (كارل نيسلر) على براءة اختراعها، وهو مصفف شعر ألماني المولد يقيم في لندن، وقد طور ”طريقة جديدة أو محسّنة لتصنيع الحواجب الصناعية والرموش وكل ما شابهها“. وكانت الرموش التي طورها (نيسلر) تحاك مع قاعدة مصنوعة من النسيج ثم تلصق بعدها بالجفن.

سرعان ما انتشرت تلك الفكرة خاصة في مجال السنيما، حيث استعملت الممثلات في ذلك الوقت الرموش المحاكة في القماش الخفيف لتبدو رموشهن أكثف، من بينهن الممثلة (سينا أوين) التي أمرها المخرج السينمائي (دي دابليو غريفيث) بوضع الرموش الصناعية خلال تمثيلها في فيلمه (إنتوليرنس)، وتم لصق الرموش على جفون (أوين) بواسطة صمغ (سبيريت) الذي يستخدم للصق الباروكات. كان لهذا الصمغ تأثيراً سيئا على عيني الممثلة ​​حيث تضخمتا بشدة لدرجة أنهما كانتا مغلقتان تقريبًا، ولحسن الحظ فقد حدث ذلك بعد أن اختتمت كل مشاهدها الملتقطة عن قرب!

موضة الحاجب.

سيدة من سلالة (تانغ) في الصين بحواجب قصيرة جداً وغليظة.
سيدة من سلالة (تانغ) في الصين بحواجب قصيرة جداً وغليظة.

تباينت موضة الحواجب عبر الزمن وفي جميع أنحاء العالم، فقد فضلت السيدات في اليونان القديمة على سبيل المثال الحواجب التي تلتقي أعلى الأنف والتي تعطي مظهر الحاجب الواحد واعتبرنها ذروة الجمال والأناقة، وإذا لم تكن إحداهن تملك المظهر المطلوب طبيعياً؛ كانت تقوم بتزييفه عن طريق لصق بعض شعر الماعز في المكان المرغوب. أما في أوروبا فقد كان مظهر الوجه الخالي تماماً من الحواجب رائجاً حتى القرن الثامن عشر، إلى أن تحولت الموضة فجأة مرة أخرى وبدأت الحواجب في العودة.

تميل الحواجب إلى أن تكون متحفظة للغاية فيما يتعلق بالألوان والأشكال حتى في السنوات الأخيرة في الغرب، ومع ذلك أصبح تظليل الحواجب بألوان زاهية شائعًا في الآونة الأخيرة، وكذلك ظهرت العديد من أنماطها المختلفة. قد تبدو هذه الموضة الخاصة بالحواجب الغليضة والملونة ابتكارًا حديثًا، لكنها في الحقيقة كانت تقليدًا سارياً في الصين القديمة.

تعود موضة الحواجب الملونة إلى الفترة ما بين 771 إلى 476 قبل الميلاد من التاريخ الصيني، وعلى عكس اليوم لم يتم صبغ الحواجب الفعلية، ولكن كان يتم حلقها أو اقتلاعها ثم إعادة رسمها باستعمال مجموعة متنوعة من الألوان. في البداية فضلت السيدات الصينيات الحواجب السوداء وحصلن عليها باستخدام حبر المحار باهظ الثمن، الذي كان يتم استيراده من بلاد فارس لرسم التصميم المرغوب به، وبمجرد أن اكتشف الصينيون أنهم يستطيعون استبدال حبر المحار بالحبر النحاسي، ابتكروا منتجًا أرخص أصبح وقتها متوفراً لجميع فئات المجتمع.

أما في القرن الثاني والثالث الميلادي؛ أصبحت الحواجب الخضراء والزرقاء عصرية –على الأقل في الأوساط الملكية– حيث طالب الإمبراطور (وو) حاكم دولة (وي) جميع ”نسائه“ بضرورة رسم حواجبهن باللون الأزرق، ويتكون هذا اللون المعروف باسم (كوينغداي) من قاعدة نيلية (صبغ أزرق قاتم) تم استيرادها إما من بلاد فارس أو ولاية (تساو) في شمال غرب سمرقند في وسط آسيا.

كان سعر الـ(كوينغداي) باهظ الثمن بغض النظر عن مصدره، ولهذا السبب أراد الإمبراطور (وو) أن تستخدمه ”نساؤه“ لعرض القدر الذي يملكه من الثروات. على كل حال، وضع قرار الإمبراطور (وو) خطاً جديداً في عالم موضة الحواجب التي بقيت شعبية لمدة طويلة، لم يكن لدى (وو) تفضيلات لألوان الحواجب فقط، بل كان يحب أن تكون حواجب ”سيداته“ مرسومة على شكل معين أيضًا.

كشفت الملفات التاريخية أن الإمبراطور كان قد وضع عشرة أنماط للحواجب على الأقل للاختيار من بينها، وتتراوح ما بين قصيرة وغليضة إلى طويلة وأنيقة. فضل الإمبراطور (وو) أيضا أن تكون حواجب ”نسائه“ الزرقاء طويلة ومستقيمة مع نهايات مستدقة، وهو أسلوب الحواجب الذي ظل شائعًا في عهد حكم أسرة (تانغ).

ثني الأقدام.

فتاة صينية صغيرة مع أقدام مضمدة.
فتاة صينية صغيرة مع أقدام مضمدة.

القدم المثنية هي أحد أجزاء الموضة الخاصة بالأزياء الصينية القديمة، والتي من غير المرجح أن تكون قد شاهدتها اليوم، حيث بدأت هذه الممارسة بين 618 و960 ميلادي، وهي فترة حكم أسرة (تانغ)، وازدادت شعبيتها بعدها حتى وصلت إلى ذروتها خلال عهد أسرة (سونغ) 960 و1297. ويعتقد أن هذه الممارسة بدأت مع راقصة من البلاط تدعى (ياو نيانغ)، والتي ربطت قدميها لجعلها تبدو صغيرة وأنيقة، لكن الأمر انتشر بسرعة حتى وصل إلى زوجات وبنات الطبقة الأرستقراطية، ومع مرور الوقت أصبح متداولاً بين الطبقات الوسطى وحتى الدنيا.

كانت الفترة الأمثل لربط الأرجل تمتد بين عمر الـ5 والـ7 سنوات، أي عندما تكون عظام الفتاة لا تزال قابلة لـ”القولبة“. كانت الأقدام توضع أولاً في الماء الساخن ودماء بعض الحيوانات لجعلها لينة أكثر، ثم يتم طي الأصابع الأربعة الصغار وربطهم باستخدام ضمادات من القطن، وفي نفس الوقت كان يتم ضغط عظم القدم الكروي والكعب معاً، وكانت النتيجة تشبه شكل القمر غير المكتمل. وكان على الفتياة أن يقمن بتلك الممارسة لبقية حياتهن.

لم يكن باستطاعة المرأة ”مثنية القدم“ التحرك بشكل صحيح، حيث كانت تسير بخطوات صغيرة ومتمايلة، هذا النقص في الحركة أعاق النساء في ذلك الوقت عن التحرك بحرية والقدرة على العمل. دفعت الطبيعة التقييدية لهذه الممارسة بعض المؤرخين الثقافيين مثل (دوروثي كو) إلى التكهن بأن ربط القدم لا يتعلق فقط بالجمال بل بقمع النساء أيضاً، حيث يعتقد (كو) أن الرجال الصينيين كانوا يرغبون في تعزيز رجولتهم عن طريق تقييد نسائهم. كان تقليص حجم أقدام النساء وبالتالي قدرتهن على العيش حياة عادية مجرد طريقة تساعد الرجال على التحكم فيهن أكثر، ولكن النساء آنذاك انجرفن في تيار تلك الموضة القاسية لأنهن يصبحن بها مطلوبات في ”سوق الزواج“.

كانت الأحذية التي ترتديها النساء ذوات الأقدام المربوطة تُعرف باسم أحذية (اللوتس)، حيث كان من المفترض أن تتخذ تلك الأحذية القماشية شكل زهرة (اللوتس)، وهي واحدة من المثل الجمالية العليا في الصين. تظهر أحذية (اللوتس) الباقية اليوم أن متوسط ​​حجم القدم بعد الربط كان يتراوح ما بين 13 و14 سنتيمتر –أكبر بقليل من الحجم الذي كان بعتبر مثاليا آنذاك–. كانت تلك الأحذية جميلة وأنيقة ولكنها لم تكن ذات فائدة كبيرة باستثناء قيامها بتغطية حقيقة القدم البشعة المحشوة داخلها.

إذا تركنا أمر شكل الأقدام البشع جانبا وتعدينا لنرى مدى صحيتها؛ نجد أن تلك الممارسة كانت لها عواقب صحية خطيرة على أقدام النساء، حيث يمكن لأظافر القدم غير المقطوعة أن تنمو باتجاه اللحم مسببة التهابات حادة، وفي بعض الحالات كانت أصابع القدم تنفصل بسبب نقص وصول تدفق الدم إليها. تسبب ممارسة تضميد القدمين أيضا مشاكل في الورك والعمود الفقري، ومع ذلك استمر الأمر حتى عام 1928 حيث أعلنت حكومة الصين الوطنية أن ربط القدم كان ضاراً بصحة الأنثى، ولكن لم يتم حظر هذه الممارسة مباشرة حتى عام 1949.

أظافر طويلة جداً.

الإمبراطورة الأرملة (تسيشي) بأظافر طويلة وحارسي أظافر في كل يد.
الإمبراطورة الأرملة (تسيشي) بأظافر طويلة وحارسي أظافر في كل يد.

إضافة إلى المصريين كان الصينيون من أوائل الثقافات التي أتقنت فن إطالة الأظافر والاعتناء بها، كان طلاء الأظافر الصيني ملونًا بأصباغ الخضار والزهور، وممزوجًا ببياض البيض وشمع النحل والعلكة العربية، مما ساعد على تثبيت اللون في مكانه. ومنذ حوالي عام 600 قبل الميلاد كان الذهبي والفضي من الألوان المفضلة لوضعها على الأظافر، ولكن بحلول عهد أسرة (مينغ) في القرن الخامس عشر، شملت الطلاء المفضلة اللون الأحمر والأسود، وهي نفس ألوان المنزل الإمبراطوري الحاكم الذي غالبًا ما كان يزين أيضاً بغبار الذهب.

كان لطلاء الأظافر الصيني ميزة أخرى وهي حماية الأظافر، حيث أثبتت خصائص المزيج المستخدم أنها مفيدة لتقويتها. فقد كانت الأظافر الطويلة بشكل مفرط رائجة بين الطبقات الأرستقراطية منذ بدء استخدام الطلاء من طرف أسرة (مينغ)، واستمرت الظاهرة حتى خلال عهد أسرة (تشينغ) التي دامت من القرن السابع عشر حتى القرن العشرين، وكان يمكن أن يصل طول هذه الأظافر إلى 25 سنتيمتر.

كانت موضة  إطالة الأظافر المفرط في المقام الأول بيانًا واضحاً للمكانة الراقية لصاحبها، حيث كان من المستحيل أن تنمو الأظافر لفترة طويلة بينما يؤدي صاحبها أي عمل يدوي. لسوء الحظ فإن هذه الأظافر التي تشبه المسامير الطويلة تعني أن مرتديها لا يمكن أن يفعل أي شيء على الإطلاق، ومما لا شك فيه أنه سيكون من الخطير بشكل واضح محاولته القيام بأي رعاية جسدية حميمة، لذلك فإن أي شخص يملك مثل تلك الأظافر الطويلة كان يعتمد على الخدم للقيام بأبسط المهام، مثل الاغتسال وتناول الطعام وارتداء الملابس، وذلك لمنعه من إصابة نفسه أو كسر أظافره.

لمواجهة الإزعاج الذي تتسبب به مجموعة كاملة من ”المخالب الطويلة“، أصبح من المألوف بالنسبة لنساء الـ(مانشو) من أسرة (تشينغ) أن يقمن بطلاء وإطالة واحد أو اثنين من الأظافر في اليد الواحدة فقط، وكانت تلك الأظافر منسقة ومقلمة بشكل أنيق، وفي القرن التاسع عشر أصبحت محمية بـ(حراس أظافر) تصنع في الغالب من الذهب أو الفضة ومرصعة بالمجوهرات.

الأسنان السوداء.

ما يسمى بـ(أوناغيرو)؛ الممارسة اليابانية القديمة لعملية تلوين الأسنان بالأسود. صورة: Robert and Betsy Feinberg
ما يسمى بـ(أوناغيرو)؛ الممارسة اليابانية القديمة لعملية تلوين الأسنان بالأسود. صورة: Robert and Betsy Feinberg

يبدو أن الموضات المتعلقة بالأسنان في بعض مناطق العالم قد تغيرت 180 درجة –حرفيًا! فنحن اليوم نفضل ابتسامة بيضاء ثلجية براقة، ولكن في الماضي كان من المقبول –أو حتى الجذّاب– امتلاك أسنان سوداء في بعض الثقافات.

بالنسبة للرومان كانت الابتسامة المشرقة هي الموضة، وإذا لم تكن أسنانك بيضاء بشكل طبيعي بما فيه الكفاية فيمكنك دائمًا تبييضها، حيث أدرك الرومان القدامى أن الأمونيا في البول كانت مفيدة في إزالة البقع، وبما أنها كانت تستخدم بالفعل لغسل الملابس من المفترض أن أولئك الذين كانوا يرغبون في الحصول على أسنان خالية من البقع قاموا باستخدام الأمونيا أيضاً.

بعد عدة قرون وفي جميع أنحاء العالم، كانت اليابان تتخذ وجهة نظر معاكسة تمامًا فيما يتعلق بموضة لون الأسنان، فقد كانت ممارسة (أوناغيرو) أو (تقليد الموت) الذي يجعل الأسنان سوداء، شائعة على نطاق واسع بين أفراد الطبقة الأرستقراطية اليابانية حتى القرن التاسع عشر، وكانت فتيات تلك الطبقة يقمن بطلاء أسنانهن بمسحوق يسمى (فوشيكو) عند بلوغهن سن الرشد، ويتم صنع هذا الأخير بخلط جوز الأرض وحمض الخليك والحديد، والناتج يكون عبارة عن ورنيش أسود لامع تطلى به أسنان اليابانيين الذين كانوا يعتبرون ذلك الأمر جذاباً للغاية.

إن جاذبية (أوناغيرو) لم تكمن فقط في مظهره بل كانت لديه أيضا الكثير من الفوائد الصحية، حيث كان يمنع تسوس الأسنان والتهاب اللثة من خلال توفير طبقة واقية على الأسنان واللثة. ومع ذلك تم حظر هذه الممارسة من قبل الحكومة اليابانية في سبعينيات القرن التاسع عشر كجزء من خطوة اتخذتها لتحديث اليابان في القرن التاسع عشر.

كانت الأسنان السوداء تلاقي رواجاً كبيراً في إنجلترا أيضاً ولكن ليس لأسباب صحية، فقد أدى التنوع المتزايد للمواد الغذائية المتاحة من خلال التجارة إلى إدخال السكر إلى المجتمع الإليزابيثي الراقي، وأصبحت مآدب السكر مفضلة لدى النخبة في الماضي، وكنتيجة ثانوية مؤسفة لهذا ”الحب الجديد“ زادت نسبة تسوس الأسنان، ونظرًا لكون الأثرياء وحدهم كانوا قادرين على تحمل تكلفة السكر، أصبحت الأسنان السوداء المسوسة وسيلة لإظهار مدى ثراء الشخص، حتى أن بعض الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بأسنان صحية تمامًا قاموا بطلائها باللون الأسود بشكل مصطنع لجعلها تبدو مسوسة وبالتالي يظهر للجميع أنه يمكنهم تناول الطعام الذي يحوي على السكر يوميًا.

بشرة شاحبة خالية من الدماء أو مطلية بالسموم.

(ماريا جونينج) كونتيسة (كوفنتري) للفنان (هيو دوجلاس هاميلتون) موضوعة في معهد كورتولد للفنون، لندن.
(ماريا جونينج) كونتيسة (كوفنتري) للفنان (هيو دوجلاس هاميلتون) موضوعة في معهد كورتولد للفنون، لندن.

كانت البشرة الفاتحة مرغوبة إلى حد كبير من قبل السيدات الأوربيات حتى أوائل القرن العشرين، وكان لون الجلد الأبيض رمزا للمكانة المرموقة، حيث أنه يدل على أن صاحبته لم تكن مضطرة إلى الخروج من المنزل مطلقاً، وبدلاً من ذلك كان يمكنها البقاء فيه والسماح للآخرين بالقيام بالعمل الشاق من أجلها.

إن مجرد الابتعاد عن الشمس لا يمنح البشرة دائمًا درجة مناسبة من الشفافية والبياض، فإذا لم يكن لون بشرة السيدة الطبيعي باهتاً، ستكون مضطرةً إلى البحث عن شيء آخر يساعد على زيادة درجة تفتيح البشرة، لذا لجأت بعض النساء الأوروبيات في الماضي إلى استعمال دودات ”العلق“ (التي تتغذى عن طريق امتصاص الدماء من الحيوانات الكبيرة)، لتقوم بامتصاص الدماء من وجوههن وتجفيفها من أجل الحصول على المظهر ”الشاحب والمثير للاهتمام“.

أدت خطورة تلك الممارسة إلى شعور العديد من السيدات بالوهن والدوار والصداع، لذلك توقفن عن استعمال العلق وتحولن إلى طلاء الوجه، حيث كانت السيدات المرموقات في ذلك الوقت يقمن بفرش الطلاء الأبيض وتوزيعه على المناطق الظاهرة من أجسامهم مثل الوجه والرقبة والصدر، وكان ذلك الطلاء يساعد على إخفاء عيوب البشرة كلها ويعطيها ملمساً رطباً. وجعلت خاصية اخفاء العيوب من الطلاء الأبيض أحد مواد التجميل المفضلة لدى الملكة (إليزابيث الأولى)، خاصة بعد إصابتها بالجدري في عام 1562 الذي كان يشوه بشرتها.

كان هذا الطلاء الأبيض المستعمل في ذلك الوقت يصنع من مسحوق الرصاص الأبيض المطحون ناعما والمخلوط بالخل، وكانت النتيجة عبارة عن طلاء أبيض أملس ومشرق. تطور ذلك ”المستحضر التجميلي“ منذ عصر النهضة فصاعدًا، وتمت إضافة الزئبق المشع إلى الخليط الأساسي مما أعطى لمعانًا فضيًا للبشرة وزاد من خاصية تغطية العيوب فيها.

على الرغم من ميزات ذلك المستحضر العديدة، إلا أن الخليط كان في غاية السمّية، حيث أن قاعدة الرصاص كانت تنخر في الجلد، مما تسبب في ظهور العديد من الحبوب والبقع في الوجه وبالتالي تحتم على السيدات استخدام المزيد من الطلاء لتغطية العيوب في كل مرة، وكانت النتيجة فضيعة وأدت في بعض الأحيان إلى الوفاة، حيث توفيت كونتيسة (كوفنتري) في إنجلترا (ماريا جونينغ) عن عمر يناهز 27 عامًا بسبب حبها لمستحضرات التجميل، فقد قررت الحفاظ على نظرة المجتمع الجورجي لها كأيقونة جمال واستمرت في استعمال طلاء البشرة السام رغم رفض زوجها وكلفها ذلك حياتها. توفيت في 30 سبتمبر 1760 بسبب التسمم الناجم عن استخدام الطلاء لفترة طويلة.

على الرغم من المخاطر الواضحة، ظل استخدام الطلاء الأبيض السام لعدة قرون، لكن ولحسن الحظ تلاشت موضة الجلد الشاحب في العشرينات من القرن العشرين (لفترة على الأقل)، عندما جعلت ماركة (كوكو شانيل) من سمرة البشرة موضة عصرية.

مشد الجسم.

مشد على شكل حرف S من الحقبة الإدواردية.
مشد على شكل حرف S من الحقبة الإدواردية.

قبل القرن السادس عشر لم تكن لدى النساء حاجة لتغيير شكل الجسم ليتناسب مع الموضة، وكان يتم صنع الملابس النسائية لتكون عملية وفقاً لأبعاد الجسم وليس العكس. ومع ذلك تغير ذلك الاتجاه وتم تصميم بعض الملابس التي تؤثر على شكل الجسم مثل المشدات أو (الكورسيهات) لمساعدة السيدات على الحصول على شكل جسم يشبه الحرف اللاتيني S والذي سرعان ما أصبح موضة رائجة.

كانت هذه الكورسيهات بتصميماتها الأولى تصنع من القماش وبعض الجبس لتحقيق الشكل المرغوب به. لم تكن مصممة في بادئ الأمر لتغيير شكل الجسم، بل كانت مجرد قطعة من الملابس الداخلية تحول بين الجسم واللباس وتركز على دفع الصدر وإبرازه، وبحلول القرنين السابع عشر والثامن عشر أصبحت مشدات الجسم تحوي على القصب والعظام، مما يجعلها قادرة على تغيير شكل الجسم، وبحلول هذا الوقت تم تصميم المشدات لتغير من مقاسات الجسم كي يتلاءم مع الثياب مسبقة الصنع، حيث كانت تنحت الجسم دون الضغط على الخصر بشكل كبير.

مع حلول القرن التاسع عشر اتخذت الكورسيهات منعطفا سيئا حيث تحولت الغاية منها من إبراز الصدر إلى شد الخصر بهدف جعله أصغر قدر الإمكان، وأصبحت بعدها المشدات ثقيلة إذ أنها كانت تتكون من ستين إلى مائة عظمة حوت، في حين أن تصميماتها السابقة أعطت قدرا معينا من الدعم للجسم، وساعدت على تعديل وضعية الوقوف لدى السيدات، إلا أن الكورسيهات الفيكتورية كانت عكس ذلك تماما، حيث أنها صعبت الحياة اليومية على النساء مثل تناول الطعام أو حتى التنفس بطريقة عادية، فقد كانت غير مريحة وخطرة في بعض الأحيان.

بحلول أواخر القرن التاسع عشر، قامت بعض الحركات النسائية بالانتفاض ضد هذا النوع من الملابس الخطرة، وحاولت حركة «اللباس العقلاني» الترويج لأنماط ملابس أكثر راحة لا تجعل الأزياء في مقام يسبق الصحة، وقد دعمت الآراء الطبية هذه الفكرة بشكل كبير، وفي عامي 1890 و1892، نشرت جريدة (ذا لانتسيت) مقالات تدين مخاطر الكورسيهات. حيث اتبعت العديد من الأدلة مثل الأشعة السينية (في عام 1908) التي أجريت على السيدات اللاتي كن يرتدين المشدات، والتي أضهرت تعرضهن لتداخل الأعضاء وتغير شكل القفص الصدري. وفي نهاية المطاف تلاشت موضة الكورسيهات بحلول عشرينات القرن العشرين.

مخاطر الشعر الضخم.

سيدة من الحقبة الجورجية.
سيدة من الحقبة الجورجية.

كانت الباروكات وخصلات الشعر المضافة سمة من سمات الموضة الأوروبية الغربية منذ عصر النهضة والتي بقيت حتى اليوم، ومع ذلك فقد كانت أكثر تطرفاً في الماضي، حيث كان الشعر المستعار أكثر تفصيلا بشكل غير سار، وخطير في بعض الأحيان بسبب كبر حجمه. ففي القرن الثامن عشر، كان على شعر السيدة الجورجية أن يكون ”كبيرًا“، وحتى عام 1760 كانت معظم السيدات راضيات بـ”قبة شعر متواضعة“ على شكل بيضة توضع فوق رؤوسهن، والتي كانت تصنع عن طريق تجعيد الشعر ثم تكديسه فوق منصات أو إطارات سلكية لإنشاء الطول والحجم المرغوب بهما. وإذا كان الشعر الطبيعي غير كافٍ فإن الشعر المستعار (الذي غالبًا ما يكون من الخيول) كان يستخدم كملحق.

نقلت (جورجيانا) دوقة (ديفونشاير) في أوروبا الباروكات إلى مستوى جديد تمامًا، إذ أنها لم تكن راضية عن مستوى ارتفاع الشعر المتواضع، وأصبحت الدوقة الشابة رائدة في مجال الباروكات الضخمة، حيث كان شعرها يصل إلى متر كامل فوق رأسها، ومزيناً بإكسسوارات مثل الطيور المحشوة والفواكه المشمعة وحتى السفن النموذجية! واتبعت سيدات أخريات في المجتمع الإنجليزي حذوها وولد جنون موضة الشعر الضخم الجديدة.

مع ذلك فإن مثل تسريحات الشعر الكبيرة تلك لم تكن تخلو من المشاكل، فقد كانت غير عملية بتاتا وتعيق حياة السيدات، ناهيك عن كونها تستغرق الكثير من الوقت لصنعها، حيث كانت بعض تسريحات الشعر تستغرق أسابيعاً لإتمامها، إضافة إلى تكاليفها الباهضة. تعني هذه التعقيدات أن على السيدات النوم بشكل مستقيم للحفاظ على تسريحاتهن، وحتى العمل البسيط المتمثل في السفر في عربة كان مزعجًا، حيث لم يكن باستطاعة معظم العربات استيعاب رؤوس السيدات الضخمة، ويعني هذا أن النساء المسافرات كان عليهن الجلوس على الأرض!

إضافة إلى المشاكل المذكورة سابقة، كان عامل النظافة يشكل عائقاً كبيراً لصاحبات الشعر الضخم، حيث كان من المستحيل تمشيطه ناهيك عن عدم غسله لأسابيع مما يعني أن حشرات القمل كانت تملأ المنطقة، لذلك كانت تسريحات الشعر هذه بحاجة إلى ملحق آخر وهو ”قضيب الخدش“، الذي تم استخدامه كأداة نكز تصل إلى أعماق الشعر وتمكن السيدة من حك فروة الرأس للحصول على بعض الراحة.

بغض النظر عن التهيج الذي ينتج عن تلك الباروكات؛ كانت تسريحات الشعر الضخمة هذه تشكل خطرا على الصحة، حيث أن العديد من السيدات كن عرضة للاحتراق في أي وقت بمجرد اقترابهم من مصدر نيران أو خروجهن في أجواء مناخية متقلبة، فعلى سبيل المثال تعرضت سيدة شابة في صيف عام 1778 لصعقة برق عند محاولتها الاحتماء من عاصفة رعدية في حديقة (سانت جيمس). ووفقًا للصحف فإن شعرها ”تم تشييده على ارتفاع كبير، وبالتالي كان مليئاً بالدبابيس السلكية الطويلة، ولسوء الحظ عملت تلك الأسلاك كموصلات للبرق الذي أضرم النار في رأس السيدة“.

مثبت الشعر الفرعوني.

شعر مثبت لإحدى المومياوات الفرعونية.
شعر مثبت لإحدى المومياوات الفرعونية.

إذا كنت تعتقد أن جل الشعر هو اختراع حديث فأنت مخطئ، حيث أثبت البحث الذي أجري مؤخرًا على المومياوات الذي قام به فريق من مركز KNH لعلم المصريات الطبية الحيوية بجامعة (مانشستر) في المملكة المتحدة أن المصريين القدماء كانوا يستخدمون مثبت شعر يحتوي على الدهون، وهذا قبل أكثر من ألفي عام.

تأتي المومياوات المذكورة من مقبرة يونانية رومانية في «واحة الداخلة» في الصحراء الغربية المصرية وتتراوح أعمارها ما بين 3500 و2300 عام. تم اختيار مجموعة كعينة من ثمانية عشر من الذكور والإناث الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و58، ولاحظ فريق البحث أنه تم تحنيط بعض من عينة المجموعة عمدا على الطريقة المصرية التقليدية، في حين أن البعض الآخر كان من المومياوات الطبيعية. كانت هذه الأخيرة من أفراد الطبقة الاجتماعية الدنيا في المجتمع المصري، الذين لم يكن بإمكانهم الحصول على التحنيط المناسب الذي كان يخص الطبقة الرفيعة، إلا أنها حضيت بنوع آخر من التحنيط الطبيعي الذي وفره الجفاف الناتج عن ظروف الصحراء القاحلة.

من بين المومياوات الثمانية عشر، تم العثور على تسعة احتوت شعورهم على مادة دهنية، وتشمل هذه المجوعة المومياوات الطبيعية وكذلك المحنطة. بناءً على ذلك خلص الفريق إلى أن المواد الموجودة على شعرهم لم تكن جزءًا من عملية التحنيط، وأظهر الطيف الكتلي للغاز اللوني أن المادة تحتوي على حامض بالميتيك وحمض دهني، وعلى الرغم من أن هذه المركبات موجودة أيضًا في النباتات، إلا أن فريق (مانشستر) يعتقد أنها جاءت من الحيوانات.

تم الحفاظ على تسريحات الشعر الخاصة بالمومياوات بشكل جيد للغاية، وكانت كل من المومياوات الطبيعية والمحنطة تملك شعرًا مجعدًا بعناية فائقة، حيث تم تجعيده إما بلفائف طويلة أو عبر لصقه على فروة الرأس إذا كان الشعر قصيراً، وفي كلتا الحالتين يبدو أن المادة الدهنية ساعدت على إبقاء خصلات الشعر في مكانها، واستنتج الفريق أن ”مثبت الشعر الفرعوني“ سواءً كان مستخرجاً من مواد حيوانية أو نباتية، لم يكن مقتصراً على النخبة، بل استخدمه المصريون من جميع الطبقات الاجتماعية.

مقالات إعلانية