in

دخلك بتعرف ممارسة ”تضميد الأقدام المشدود“ الغريبة المتبعة في الصين كمعيار لجمال المرأة

صورة أقدام مضمدة بجانب حذاء تضميد خاص

في القديم كان يٌنظر إلى التضميد المشدود لأقدام النساء في الصين كعلامة على الرقي الإجتماعي والتفرد، وعلى كون صاحبتها تنتمي إلى الطبقة الراقية من المجتمع، كما لم تحظ النساء ممن لم يخضعن لعملية تضميد الأقدام بفرص كبيرة في الزواج من أسر نبيلة.

لطالما كان للعديد من الثقافات حول العالم معاييرَ مختلفة ومتباينة عن الجمال، فقد كان شعب المايا يعمد إلى تشويه شكل جماجم أطفاله من أجل الحصول على شكل مخروطي، وكانت النساء في اليابان تقمن بتحويل لون أسنانهن إلى اللون الأسود بعد أن يتزوجن، وفي الإمبراطورية الصينية، لم يكن أي شيء تقريبا يعتبر أكثر جاذبية من امرأة تملك أقداما صغيرة.

لا أحد واثق حول متى وكيف أصبح الصينيون مهووسين بحجم قدم المرأة، وكيف قرنوها بالجمال وجعلوها معيارا له، لكن الأسطورة ترجع هذا الممارسة للذوق الفريد والغريب لأحد الأباطرة الذين حكموها.

مثلما ترويه القصة: كان أحد الأباطرة الصينين منجذبا بشكل كبير إلى الأقدام الصغيرة والجميلة لإحدى الراقصات في بلاطه، ومنه بدأت النساء من الطبقة الراقية، وعلى أمل منهن على استمالته والحظي باهتمامه كذلك، بتضميد أقدامهن بشكل مشدود من أجل جعلها صغيرة كذلك، ومن هنا بدأت هذه الممارسة في الانتشار إلى باقي أنحاء البلد.

فتاة صينية صغيرة مع أقدام مضمدة.
فتاة صينية صغيرة مع أقدام مضمدة.

لسوء حظ النساء، كان هذا الإجراء ”التجميلي“ ذا مصدر ألم فظيع، كما كان يتم البت في اعتماده عادة عندما تكون الفتاة في سن مبكرة جدا، بشكل أكثر دقة عندما يتراوح سنها بين أربعة سنوات وتسعة سنوات.

في بادئ العملية يتم نقع الأقدام في مزيج من دماء الحيوانات من أجل جعلها لينة ومرنة، ثم يتم تقليم أظافر أصابع الأقدام من أجل تجنب حدوث العدوى والالتهابات، وبعد ذلك يتم ثني ولف أصابع الأقدام نحو الأسفل باتجاه باطن القدم مما يتسبب في تحطم العظام.

يتم تضميد أصابع الأقدام المكسورة تلك بواسطة شرائط قطنية مما يمنعها من الشفاء والتعافي بشكل طبيعي.

صورة تحت الأشعة السينية لقدم مضمدة
صورة تحت الأشعة السينية لقدم مضمدة

خلال الأشهر أو السنوات القليلة التي تلي ذلك، يتم إعادة وكذا تكرار العملية كل بضعة أسابيع بهدف جعل الأقدام على أصغر حجم ممكن.

لو أن عائلة ما كانت قادرة على تحمل تكاليف ”مضمد أقدام محترف“ لاستأجرته واستعانت بخدماته، حيث تتمحور فكرة هذا المضمد المحترف في كونه يكون أقل احتمالا لأن يتأثر بألم وأنين الفتاة الصغيرة، أقل من أحد أفراد عائلتها، مما يخوله من تضميد وربط الأقدام بشكل مشدود أكثر.

كما كان الإجراء كذلك ذا خطر كبير على صحة الفتاة التي تخضع له، فغالبا ما تعاود أظافر أصابع الأقدام النمو إلى داخل نسيج القدم المتورم، مما يؤدي غالبا إلى حالات مقززة وفظيعة من الالتهابات والعدوى.

بالإضافة إلى ذلك، يتسبب نقص تدفق الدم على مستوى الأقدام غالبا في إصابة الفتاة الخاضعة للعملية بالـ(غانغارينا)، لكن هذا الأمر ينظر إليه في الواقع كفائدة وليس كداء، فقد تتسبب الغانغارينا في تعفن أصابع الأقدام ثم سقوطها عن القدم، مما يجعل القدم أصغر حجما بشكل أكبر.

أحيانا يقوم الضمادون بوضع شظايا من الزجاج المكسور على القماش المستعمل في التضميد حول الأصابع من أجل إحداث الالتهابات عمدا والتسبب في تعفن وسقوط أصبع القدم، وإن حدث وانتشرت هذه العدوى ووصلت إلى مجرى الدم، وهو الأمر الذي يحدث غالبا، فهنا تصبح الفتاة على شفير خطر الموت بسبب العفن، فحوالي عشرة بالمائة من الفتيات اللواتي يخضعن لعمليات تضميد الأقدام يلقين حتفهن جراء الإصابة بتعفن الدم.

امرأة مع أقدام مضمدة
امرأة مع أقدام مضمدة
أحذية تضميد وربط الأقدام.
أحذية مصنوعة خصيصا من أجل النساء اللواتي خضعن لعمليات تضميد الأقدام.

كان حجم الأقدام المثالية الخاصة بالمرأة في الصين قديما يقدر بأقل من 12 سنتمترا، فقد كانت النساء اللواتي تمتعن بأقدام بهذا الصغر يعتبرن مصدر جاذبية كبيرة للرجال، فقد كانت الخطوات الصغيرة المستميلة التي تخطوها النساء ذوات الأقدام المضمدة كذلك تعتبر مثيرة جنسية، ومغرية، حتى الأقدام المكسورة، والملتوية كانت تعتبر مثيرة جنسيا كذلك.

ساد معتقد قديما بأن تلك الطيات في القدم كانت تحفز نمو الطيات في المهبل، مما يشاع بأنه يجعل المتعة الجنسية مع النساء اللواتي خضعن لعمليات تضميد الأقدام أكبر وأعظم، حتى أن تلك الرائحة الرهيبة التي تسببها البكتيريا التي تنمو في تلك الطيات والثنيات في القدم المضمدة كانت تعتبر من الأمور المثيرة جنسيا.

امرأة صينية مسنة مع أقدام مضمدة.
امرأة صينية مسنة كانت قد خضعت لإجراء القدم المضمدة في الماضي تعرض ما تبقى من قدمها.

بالطبع لم يقتصر السبب الذي دفع بالآباء الصينيين قديما إلى جعل بناتهم يعانون الإجراء الرهيب الخاص بتضميد الأقدام على كونهم رغبوا في جعل بناتهم جذابات جنسيا، فقد كانت النساء آنذاك ممن امتلكن أقداما بالحجم المثالي مرغوبات جدا من طرف الرجال بغرض الزواج، وبما أن حظي المرأة بأقدام مضمدة جعلها تبدو مرموقة بين النساء، وتنتمي إلى الطبقة الراقية، فإن النساء بدون أقدام مضمدة كانت لديهن فرص قليلة جدا في الزواج من أحد النبلاء والعيش في أسر نبيلة.

لذا كان ربط الأقدام كذلك طريقة من الطرائق التي اتبعتها بعض العائلات من أجل تعزيز حظوظ بناتها في الزواج من عائلات نبيلة.

لكن بعض المؤرخين عزى انتشار هذه الممارسة إلى كون الفتيات اللواتي خضعن لعمليات تضميد الأقدام كن أكثر اتكالا وخضوعا لآبائهن وأزواجهن، ومنه كانت العملية مجرد طريقة هادفة إلى التحكم في النساء.

مهما كان السبب الكامن وراءها، فإن ممارسة تضميد الأقدام كانت تقليدا استمر لما يزيد عن عشرة قرون من الزمن، كما يبقى كذلك شاهدا ومذكرا على ما قد يعمد إليه المجتمع في جعل المرأة تعاني من أجل اعتبارها جميلة.

مقالات إعلانية