in

دخلك بتعرف الماعز متسلق الأشجار في المغرب، وما السبب في ذلك

ماعز يتسلق أشجار الأرغان في المغرب
صورة: Francis Naef/500px

لن يلومك أحد في جنوب غرب المغرب إن تساءلت بصوت مرتفع: ”هل ينمو الماعز على الأشجار؟“ لأنك سوف ترى بعينك العشرات من الماعز وهي تقف على أغصان الأشجار تمضغ طعامها، شاردةً غير مهتمة بك وكأنها طيور غراب عملاقة تعتلي هذه الأشجار.

يعرف الماعز بقدرته على التسلق وصعود المنحدرات الصخرية الوعرة والجبال بحثاً عن الطعام، تتسلق المعاز الموجودة في المغرب الأشجار لنفس السبب، وهو جمع الطعام النادر توفره في تلك المنطقة الشحيحة والجافة، فيتسلق الماعز شجرة الأرغان التي تنضج في شهر حزيران من كل عام.

تنمو شجرة الأرغان لطول 8 – 10 أمتار وتعيش لمدة تتراوح بين 150 – 200 سنة، وتحتاج لـ50 سنة لتصبح قادرةً على إنتاج الثمار، إنها شجرة صعبة التسلق مع جذوع وأغصان متشعبة وذات عقد، ولكن المعيز التي كانت تتسلق هذه الأشجار لعدة قرون تعلمت التكيف مع هذه المهمة الصعبة.

ماعز يتسلق أشجار الأرغان في المغرب
ماعز يتسلق أشجار الأرغان في المغرب – صورة: twin-loc.fr/Flickr

تملك المعاز الأصلية الموجودة في المنطقة أقداماً مشقوقة، فلكل حافر من حوافرها إصبعان يمكنهما الإبتعاد عن بعضهما البعض مما يؤمن لها القدرة على الوقوف باتزان وثبات على قمم تلك الأشجار، بينما تكون بواطن أقدام هذه الحيوانات طرية ومرنة لمساعدتها على التعلّق والتثبّت بلحاء الأشجار.

تمتلك هذه الحيوانات أيضاً إصبعين زائدين ”آثاريين من بقايا التطور“، في مستوى أعلى من حوافرها يُدعيان بـ”مخالب الندى“، توجد هذه الأصابع الزائدة عند العديد من الحيوانات الأخرى كالكلاب والقطط، ولكن مخالب ندى الماعز أكثر ثباتاً وثخانةً وهي تساعدها على رفع نفسها بتثبيتها على الأغصان، مما يعطيها قوة دفع أكبر ترفعها للأعلى بسهولة نسبياً، كما تساعدها أيضاً على النزول من أعلى الجروف الصخرية الوعرة والعالية.

ماهي أشجار الأرغان وكيف يستخرج منها الزيت؟

تستوطن أشجار الأرغان في وادي (سوس) شبه الصحراوي الذي يقع في جنوب غرب المغرب، كما توجد أيضاً هذه الأشجار في منطقة (تندوف) في أقصى غرب الجزائر.

تعد ثمار هذه الأشجار مصدراً قيماً للزيت، وإحدى أعمدة الاقتصاد التي يعتمد عليها الشعب المغربي.

تمتلك الثمرة التي يتراوح طولها بين 2 و4 سم نواة أو لباً قاسياً محاطاً بجزء دهني ضخم وهو الجزء الذي تأكله الماعز، داخل الجوزة هناك بذرة أو بذرتان صغيرتان مملوءتان بالزيت بنسبة 60% من وزنها، تستغرق الثمار حوالي سنة كاملة لتنضج، من شهر حزيران لشهر تموز من العام التالي، ويتم إبعاد الماعز عن منطقة أشجار الأرغان حتى حدوث هذا الأمر، لأنها غالباً ما تقوم بأكل هذه الثمار حتى قبل أن تنضج، كما أنها تخرب أوراق الأشجار مما يؤدي لإعاقة نموها بشكل كامل.

ماعز يتسلق أشجار الأرغان في المغرب
صورة: jjmusgrove/Flickr

عادةً ما كان يتم استخدام هذا الماعز في عملية استخراج الزيوت، حيث كان السكان المحليون يسمحون للماعز بأكل الثمار بأكملها وابتلاعها، وكان اللب القاسي أو النواة تمر عبر جهازها الهضمي من دون أن تُهضم أو تُحلل، فيتم بعدها جمعها من براز الماعز وتُغسل وتُطحن وتُضغط لكي يُستخرج الزيت منها، ويُضاف هذا الزيت للسلطات المغربية ويُستخدم في صناعة مستحضرات التجميل، وله أيضاً تأثيرات مضادة للأكسدة، ويستطيع إعادة نضارة البشرة، ويخفض الكوليسترول السيء (LDL) ويرفع الجيد منه (HDL).

كان لهذه الطريقة أثر سلبي وهو رائحة البراز التي قد تُشم أثناء تناول الطعام المعد بهذا الزيت أو شيء من هذا القبيل، على كل حال لم تعد هذه الطريقة مستعملة في عملية استخراج الزيوت بفضل تطور الأدوات الحديثة.

إرتفعت شعبية وسعر زيت الأرغان في العقدين الماضيين في كل العالم ليصبح سعر الليتر الواحد منه نحو 300 دولار أميركي، كما يُباع في أوروبا وأميركا الشمالية، ولقد أصبح منتجاً عصرياً للغاية، حيث أدى التوسع والانتشار التجاري لهذا المنتج إلى إقبال تجّار المنتجات الزراعية على إقامة غابات خاصة بالأرغان، توجد في الإمارات وإسرائيل مشاتل كبيرة لأنواع مهجنّة من هذه الأشجار بحيث يزيد هذا التهجين من قيمة وجودة هذا الزيت.

والأمر الذي يدعو للسخرية هو أن شعبية هذا الزيت وكثرة الطلب عليه تهدد بقاء تلك الأشجار، حيث أغرت العائدات التي كان يجنيها أصحاب الحقول البعض منهم إلى شراء المزيد من الماعز، مما أدى إلى تسلق المزيد من الماعز لتلك الأشجار، فتسبب ذلك في تلف الأوراق والأغصان، الأمر الذي أضر بنمو الأشجار وقاد لموت الكثير منها، كما كانت هذه الأشجار تقطع كذلك بغرض الحصول على خشبها، أو لإفساح المجال للمحاصيل الأخرى، فخلال سبعينيات وثمانينات القرن الماضي كُنّا نخسر حوالي 600 هيكتار من غابات الأرغان سنوياً.

إن ارتفاع قيمة هذا الزيت توفر فرصة جيدة لتحسين الوضع المعاشي للكثير من الفقراء الذين يعتمدون على هذه الأشجار اقتصادياً، كما يساعد هذا الأمر على مد الغطاء النباتي لأنه مرتبط بشكل وثيق بالربح المادي للناس أي المنفعة مشتركة، فغطاء غابي مفيد للبيئة من جهة، ومال من زيت هذه الأشجار من جهة ثانية.

لهذه الأشجار الفرصة الآن للقيام بما فعلته لقرون، ألا وهو الوقوف في وجه الزحف الصحراوي الذي يجتاح تلك المناطق الشمالية في أفريقيا.

ماعز يتسلق أشجار الأرغان في المغرب
صورة: Constantin Philippoff/Flickr
ماعز يتسلق أشجار الأرغان في المغرب
صورة: CarolineG2011/Flickr

ثمار أشجار الأرغان
ثمار أشجار الأرغان
مجموعة نسوة يقمن بجمع ثمار أشجار الأرغان، ثم يقمن بعصر البذور بداخلها بعد تجفيفها من أجل الحصول على زيت الأرغان الباهض الثمن
مجموعة نسوة يقمن بجمع ثمار أشجار الأرغان، ثم يقمن بعصر البذور بداخلها بعد تجفيفها من أجل الحصول على زيت الأرغان الباهض الثمن – صورة: Philipp Ammon Photography
ثمار أشجار الأرغان ناضجة وجاهزة للتجفيف والعصر
ثمار أشجار الأرغان ناضجة وجاهزة للتجفيف والعصر – صورة: Philipp Ammon Photography
نسوة يقمن بفرز البذور الأرغان قبل عصرها
نسوة يقمن بفرز البذور الأرغان قبل عصرها – صورة: richardslessor/Flickr
عصر زيت الأرغان بطريقة تقليدية
عصارة تقليدية يديوية وهي عبارة عن صخصرتين منحوتتين بشكل دائري، ثم يتم تدوير القرص العلوي يدويا ليحتك مع القرص السفلي وتتم عملية العصر – صورة: tomaszd/Flickr
زيت الأرغان
زيت الأرغان

مقالات إعلانية