إذا نظرت إلى قائمة الأطلس العالمية التي تضم المستوطنات في أقصى الشمال فستلاحظ أن أغلب المستوطنات التي تتصدر هذه القائمة تقع في (سفالبارد)، الذي هو أرخبيل نرويجي يقع في المحيط المتجمد الشمالي بين النرويج والقطب الشمالي. تتصدر مستوطنة (لونغييربين) هذه القائمة وتعتبر أكبر مستوطنة والمركز الإداري لـ(سفالبارد)، حيث يعيش ضمنها حوالي 2100 شخص، كما تضم المدارس والكنائس والمطاعم ودور السينما.
على الرغم من توفر سبل العيش في هذه المنطقة إلا أن نمط الحياة فيها يختلف عن أي مكان آخر على وجه الأرض، فأول معلومة عليك معرفتها عن هذه المنطقة هو أنها تغرق في الظلام لمدة 4 أشهر ثم تعود الشمس إليها لمدة 4 أشهر أخرى، كما أنه من الأفضل لسكانها أن يحملوا البنادق عند السفر خارج حدود المدينة، وذلك في حال اعترض طريقهم دب قطبي!
تم تأسيس مستوطنة (لونغييربين) في البداية على أنها مركز للتعدين حالها كحال المستوطنات الأخرى، ولكن أغلب عمليات التعدين قد تم إبعادها إلى خارج المنطقة، أما الآن فقد أصبحت هذه المستوطنة مركزاً للأبحاث العلمية ومكاناً سياحياً، كما أنها موطن لـ”قبو يوم القيامة“، وهو عبارة عن قبو يتم فيه تخزين عينات من جميع أنواع البذور الموجودة في العالم.
إن كنت تشعر بالفضول أكثر لمعرفة طبيعة الحياة في هذه المستوطنة، شاهد هذه الصور، ولكن للتحذير: من الممكن أن ترى بعض الصور التي قد تجدها مزعجة بعض الشيء:
مرحباً بك في مستوطنة (لونغييربين) التي هي أقرب مدينة من القطب الشمالي.

تقع (لونغييربين) في أرخبيل (سفالبارد) النرويجي الذي يبعد 3 ساعات عن العاصمة النرويجية (أوسلو) بالطائرة، وحوالي 1000 كلم من القطب الشمالي.

على الرغم من وجود مستوطنتين صغيرتين في الشمال إلا أن (لونغييربين) هي أكبرهم من ناحية الحجم، حيث يبلغ عدد سكانها 2100 نسمة.

بعد أن قام المستكشف الهولندي (ويليم بارنتس) باكتشاف هذه المنطقة في عام 1596، أصبحت (سفالبارد) قاعدة معروفة لصيد الحيوانات الكبيرة التي تعيش في الأرخبيل.

سببت قاعدة الصيد في (سفالبارد) صراعاً بين الشركات الإنجليزية والدنماركية والهولندية والفرنسية، وذلك بسبب احتوائها على أعداد كبيرة من حيوانات حصان البحر والحيتان القطبية، حيث تشير التقديرات إلى أن الهولنديين وحدهم قد قتلوا 60 ألف حوتاً.

في بداية القرن العشرين، تم تأسيس (لونغييربين) على أنها بلدة تختص باستخراج الفحم، ولكن ومع ذلك تم سحب جميع عمليات التعدين إلى خارج حدود المدينة.

أصبحت مستوطنة (لونغييربين) مقصداً سياحياً كبيراً يقصده المغامرون لعبور الكهوف الجليدية…

..وقيادة العربات الثلجية. (يظهر في هذه الصورة مجموعة من طلاب الجامعات الذين يتلقون دورات تدريبية)..

..أو قيادة زوارق الكاياك.

استخدمت (لونغييربين) أيضاً كقاعدة لاستقبال بعثات القطب الشمالي، كالبعثة التي قام بها الأمير (هاري) في عام 2011.

حيث انضم الأمير هاري إلى فريق ”المشي مع الجرحى“، وهو نوع من العمل التطوعي الذي يستمر 4 أيام لجمع التبرعات للجمعيات الخيرية التي تساعد المحاربين المصابين أثناء خدماتهم العسكرية للانتقال من الحياة العسكرية للحياة المدنية، يضم هذا الفريق 4 محاربين قدامى أصيبوا في أفغانستان.

(لونغييربين) هي موطن للعديد من الباحثين الذين يعملون في قبو يوم القيامة، والذي يعرف أيضاً باسم ”قبو سفالبارد العالمي للبذور“، والذي كما ذكرنا سابقاً يتم فيه تخزين عينات من جميع أنواع البذور في العالم.

يقع قبو (سفالبارد) العالمي تحت الأرض بعمق 121 متر داخل أحد الجبال التي تقع بالقرب من البلدة، وهو يضم أكثر من مليون نوع من البذور المختلفة.

يظهر في هذه الصورة سطح وواجهة هذا المبنى من تصميم (دايفك سان) حيث يمكنك رؤية التصميم الفني له، وذلك نظراً لقانون نرويجي يشترط بأن جميع المباني يجب أن تكون قطعة فنية.

يحتوي القبو على بذور من أكثر من 60 مؤسسة من أغلب دول العالم، والتي قد تم جمعها من أكثر من 1500 بنك عالمي للجينات التي تقوم بتخزين عينات من بذور المحاصيل المحلية.

هذا القبو سيبقى متجمداً لمدة 200 عام على الأقل حتى وإن انقطع التيار الكهربائي عنه.

يتطلب هذا المشروع مبالغ تمويلية ضخمة لحماية التربة الصقيعية من الذوبان بسبب ارتفاع في درجات الحرارة التي يشهدها القطب الشمالي.

وفقاً لصحيفة (الغارديان)، أصبح هذا النفق يشبه الأنهار الجليدية نتيجة لتجمد المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج.

يحتوي القبو على 5 أبواب مقفولة بأقفال مشفرة بحيث يتحتم على أي شخص يريد الدخول إلى القبو المرور عبرها.

يمكن للدببة القطبية أن تقدم نوعاً من الحراسة الإضافية للقبو وذلك وفقاً للمنظمة العالمية لحفظ المحاصيل الزراعية Crop Trust.

فاق عدد الدببة القطبية في الأرخبيل عدد سكان هذه المنطقة، حيث يبلغ عددهم 3 آلاف دب.

على الرغم من أن هذه الدببة تعيش في شمال (لونغييربين) إلا أنها تشكل تهديداً خطيراً للسكان، حيث أنها في بعض الأحيان قد تدخل إلى المدينة بحثاً عن الطعام.

في 28 يوليو عام 2018، قُتل أحد الدببة القطبية بعد أن هاجم حراس سفينة بحرية، أما في عام 2011 قُتل تلميذ يبلغ من العمر 17 عاماً من كلية (إيتون) في المملكة المتحدة على يد أحد الدببة القطبية في إحدى حفلات جمعية المدارس البريطانية للاستكشاف BSES.

على الرغم من ندرة هجمات هذه الدببة، إلا أنه من الأفضل أن يحمل جميع سكان وزوار المدينة أسلحة نارية في حال واجهوا أحدها.

تقدم حكومة (سفالبارد) تقريراً مكوناً من 6 صفحات تشرح فيه أفضل الأسلحة النارية لقتل الدببة القطبية، في هذه الصورة يمكنك رؤية مخزن أسلحة مخصصة لقتل الدببة.

يعاني سكان مستوطنة (لونغييربين) من كوارث طبيعية، ففي عام 2015 دمرت الانهيارات الثلجية الكثير من المباني السكنية ما أسفر عنه موت شخص واحد.

على الرغم من وجود مقبرة صغيرة في أقصى شمال المنطقة، إلا أنه في الخمسينيات من القرن الماضي تم منع دفع الموتى وذلك بعد أن بدأت الجثث بالظهور فوق الأرض بعد ذوبان التربة الصقيعية.

لا تمتلك هذه المنطقة المعدات والتسهيلات اللازمة لرعاية المصابين بأمراض خطيرة أو لتوليد الأطفال، لذلك إن شعر أحد السكان أنه على وشك الموت أو إن كانت إحدى النساء على وشك الولادة فهم يذهبون إلى البر الرئيسي، لذلك لا تسجل (سفالبارد) أية وفيات أو ولادات.

تدعو (لونغييربين) نفسها بالمركز الحضري صغير الحجم، فهي تضم 2100 نسمة قادمين من 50 دولة مختلفة.

في عام 2014، كانت (لونغييربين) تضم 120 مواطناً تايلاندياً الأمر الذي جعلهم ثاني أكبر مجموعة عرقية تعيش في هذه المدينة بعد النرويجيين، لذلك يمكنك رؤية المطاعم والمحلات التجارية التايلاندية بالإضافة للمهرجانات السنوية التي تعرّف سكان المدينة على العادات التايلاندية.

يمكن للمهاجرين في (سفالبارد) الدخول إلى الأرخبيل بدون تأشيرة أو تصريح عمل.

صرح رئيس الوحدة القانونية في إدارة الهجرة بالحكومة النرويجية (هانز هنريك هارتمان) لقناة الجزيرة عام 2006: ”إذا تم رفض طلب اللجوء السياسي في النرويج، يمكن للشخص الإقامة في (سفالبارد) طالما أنه يملك القدرة على الوصول إلى هناك وإعالة نفسه“.

تكاليف المعيشة في (لونغييربين) مرتفعة للغاية وذلك بسبب بعدها، ولكن يمكن للسكان الاستفادة من مؤسسات البلدة كالمدارس التي تضم حوالي 230 تلميذ تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاماً.

قال أحد المعلمين لصحيفة (الغارديان) في عام 2007 أن الطلاب في المدارس لا يتعلمون الرياضيات والفن فحسب، بل إنهم يتلقون دروساً تساعدهم على تعلم كيفية حماية أنفسهم إن واجهوا الدببة القطبية، وكيف يمكنهم النجاة في فصل الشتاء، وطريقة العثور على مكان آمن للتخييم، بالإضافة لكيفية التصرف في حال حدوث انهيارات جليدية.

تضم (لونغييربين) أيضاً مركزاً جامعياً يضم نحو 300 طالب ليس عليهم دفع أي رسوم دراسية، فكل ما عليهم القيام به هو دراسة بيولوجيا وجيولوجيا القطب الشمالي بالإضافة لتلقي دورات تعلمهم كيفية استخدام الأسلحة النارية.

تضم (لونغييربين) كنيسة تقع في أقصى شمال العالم، تفتح هذه الكنيسة أبوابها طوال أيام الأسبوع كما أنها تعتبر مكاناً للحفلات الموسيقية والأنشطة الثقافية الأخرى.

يمكن لسكان (لونغييربين) قضاء وقت فراغهم في المعارض الفنية والسينما والمتحف، كما توجد بعض الحانات والملاهي الليلية في أقصى شمال العالم هل يمكنك تصديق هذا!

يمكنك اللعب بالكرة مع أصدقائك فوق أكوام الثلوج، ولكن من الأفضل أن تصطحب معك حراساً مسلحين في حال ظهور أحد الدببة.

كما يمكنك أن تذهب في جولة تسلق..

كما يمكنك الاستلقاء على الشاطئ للاستمتاع بالشمس.

في كل عام يجتمع سكان (لونغييربين) على درجات سلالم المستشفى القديم للاحتفال بمهرجان يدعى Sun Festival Week، وذلك بمناسبة انتهاء موسم الظلام والاحتفال بعودة الشمس.

(لونغييربين) هي واحد من أفضل الأماكن في العالم الذي يمكنك فيه رؤية الشفق القطبي بوضوح.

كما أنها أيضاً واحد من أفضل الأماكن الذي يمكنك فيه مشاهدة ظاهرة ”القمر الأزرق الدموي“، كان آخر ظهور للقمر الأزرق الدموي في 31 يناير عام 2018.

معظم سكان (لونغييربين) يتجولون في المنطقة بواسطة عربات الثلج.

عدد عربات الثلج الموجودة في (لونغييربين) يزيد عدد الأشخاص (2137 عربة في 2017).

يعد الأرخبيل موطناً لأكثر من ألف كلب قطبي الذين يصنفون كأكثر الكلاب نشاطاً، حيث يمكنهم الجري لمسافة تزيد عن 100 كيلومتر يومياً ولمدة أسابيع.

يلجأ السكان لطرق مختلفة لشراء البقالة ونقلها لمنازلهم..

..ولكن عليهم الحذر من هجوم الرنة الجائعة التي تتجول في أنحاء المدينة بحثاً عن الطعام.

يمكن للسياح الإقامة في فندق (راديسون بلو بولار) بسعر 1190 كورون نرويجي أي ما يعادل 139 دولار لليلة الواحدة.

فقط يجب توخي الحذر من الحياة البرّية هنا.
