in

5 مصادفاتٍ ساعدت الشرطة في حلّ بعض قضاياها الغامضة والمستعصية

نعلم جميعاً أنّ حلّ القضايا والقبض على المجرمين هو عملٌ صعبٌ ينتج عن الكثير من العمل الشاق وتتبع الأدلة الجنائية والبحث عن البصمات، أو ربّما عن وجود شاهدٍ تمكّن من رؤية المجرم خلال ارتكابه لجريمته، ولكن بين الحين والآخر تحاول الحياة أن تكون كريمةً معنا ويكون حلّ القضايا ناتجاً عن صدفةٍ غير متوقعةٍ على الإطلاق.

في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف» سنسرد عليك خمس قصص ساهمت فيها الصدفة في حل بعض أكثر القضايا التي استعصت على الشرطة ورجال القانون.

بلّغ عن مشاهدته لضحية اختطاف فساهم في حلّ قضيةٍ اختطافٍ أخرى:

خلال يومٍ عاديٍ في عام 1990 في مدينة (بوينت روبيرتس) Point Roberts في ولاية واشنطن، وبينما كان أحدهم يشاهد برنامج «أكثر المطلوبين في أمريكا» ظهرت فقرةٌ تتحدّث عن فتاةٍ تعرّضت للاختطاف، بعد تدقيقه في صورة الفتاة؛ اعتقد هذا الرجل أنّ صورة الفتاة كانت مألوفةً لديه وأنّه شاهدها في الجوار، فتوجه إلى السلطات وبلّغهم بالأمر.

قررت السلطات التعامل مع التقرير بجديةٍ وتوجه أفرادها إلى الحي للتأكد منه ليتبيّن أنّ هذا البلاغ كان خاطئاً، وأنّ الفتاة التي شاهدها ذلك الرجل ليس لها أيّ علاقةٍ بالفتاة المذكورة على التلفاز، ولكنّ هذا البلاغ كشف أنّ هذه الفتاة كانت (مونيكا جوديث بونيلا) التي كانت نفسها ضحية اختطاف حدثت قبل عدّة سنوات، فعادت إلى حضن والدتها التي بحثت عنها دون جدوى طوال سنوات.

صورة عائلية لفتاة مع والديها
تلك هي صورة الفتاة في الوسط مع والديها.

بعكس والدتها التي عانت الأمرين وذرفت الكثير من الدموع، كانت الفتاة سعيدةً في حياتها ذلك أنّها لم تكن تُدرك سابقاً أنّها ضحية عملية خطف مما حماها من الضرر النفسي، وجعلها تتقبل حياتها الجديدة برفقة والدتها الحقيقية وشقيقها الصغير الذي أنجبته والدتها بعد زواجها الجديد.

قالت (مونيكا): ”لدي الآن شقيقٌ صغير وهو لطيفٌ جداً… لقد كنت سعيدةً في حياتي سابقاً ومازلت سعيدةً الآن“.

كشفت الشرطة جريمةً قتل لأنّ كلاً من الجاني والضحية كانا يُحبّان شخصاً يحمل اسمه الأحرف الأولى ذاتها:

في عام 1925 تغيّرت حياة (روث سيندر) كلياً بعد أن أحبّت شاباً يُدعى (جود غراي) Judd Gray على الرغم من أنها كانت متزوجة، وجعلتها علاقتها السرية به تمقت زوجها (ألبيرت) وحياتها معه كلياً، ولم تعد ترغب بوجوده في حياتها، ومن بين جميع الطرق الممكنة لحلّ هذا الموقف اختار العشيقان أسوأ حلٍّ على الإطلاق.

كانت الخطوة الأولى من خطتها محاولة إقناع زوجها بالتأمين على حياته ولكنّها فشلت في ذلك، فاتصّلت بأحد عملاء شركة التأمين وزوّرت توقيع زوجها على عقدٍ يمنحها مبلغ 48 ألف دولارٍ أمريكي –وهو ما يعادل اليوم مبلغ 690 ألف دولار بعد حساب معدّل التضخم– عند موته، كما أنّ المبلغ يمكن أن يتضاعف إذا فقد (ألبيرت) حياته نتيجة حادث غير متوقّع.

(روث سيندر) وعشيقها (جود غراي).
(روث سيندر) وعشيقها (جود غراي).

بعد الحصول على التأمين قام العشيقان بخنق (ألبيرت) حتى الموت ولفّا وجهه بمنديلٍ مبللٍ بالكلوروفورم وعدّلا مسرح جريمتهما ليبدو موت الرجل المسكين ناجماً عن مواجهته لبعض اللصوص الذين حاولوا سرقة منزله.

أثناء التحقيق عثر رجال الشرطة بين الممتلكات الشخصية للزوج على ما اعتقدوا أنّه قد يكون دليلاً يُرشدهم إلى القاتل، والذي كان ورقةً صغيرةً كُتب عليها الحرفان (J-G) اللذان تبيّن لاحقاً أنّهما يُشيران إلى Jessie Guishard (جيسي غيشارد)، وهي فتاةٌ أحبّها (ألبيرت) في السابق بما يكفي ليحتفظ بغرضٍ يذكّره بها، وبما أنّ (روث) لم تكن تعلم بوجود هذه الورقة فقد هُلعت عندما سألها رجال الشرطة بشكلٍ طبيعي: ”ما قصة ذلك الشخص المدعوّ  J.G؟“، إذ كان الشخص الوحيد الذي تعرفه ويحمل ذلك الاسم هو عشيقها الذي شاركها في ارتكاب الجريمة وكان ردّها على السؤال: ”ما الذي يربط (جود غراي) بهذا التحقيق“.

هلعها نبّه المحققين لوجود شيءٍ مريب، وردّها أعلمهم بوجود شخصٍ يُدعى (جود غراي) فبحثوا عنه وحققوا معها ليكشفوا الحقيقة وراء تلك الجريمة التي سببها الجشع، أما القاتلان فقد حكم عليهما بالإعدام على الكرسي الكهربائي.

اعتقال اثنين من مستغلي الحيوانات بفضل صورة سيلفي التقطتها المغنية (ريانا):

لسنواتٍ عديدةٍ كانت السلطات التايلندية تحاول محاربة ظاهرة استغلال بعض السكان الجشعين لأشكال الحياة البرية بشكلٍ لا أخلاقي، حيث يستخدم هؤلاء بعض أنواع الحيوانات البرية المحمية من قبل القانون كوسيلةٍ للحصول على المال من السياح، إذ يعرضون على السائح السماح له بالتقاط بعض الصور مع هذه الحيوانات مقابل مبلغٍ معيّنٍ من المال.

بالطبع لم تكن محاربة الظاهرة أمراً سهلاً، فليس من السهل على الشرطة أن تتعقبهم وتجدهم دوماً، ولكن في بعض الأحيان نجد أنّ الحظ يلعب دوره، ففي عام 2013 وجد رجلان يستغلّان حيوانات الـ(لوريس) البطيئة –وهي حيواناتٌ تشبه إلى حدٍّ بعيد سنجاباً رسمته ديزني مع أعينٍ كبيرة يحميها القانون مع كونها مهددةً بالانقراض– نفسيهما في قبضة الشرطة بعد أن استمرا في عملهما في الخفاء لوقتٍ طويل، وذلك بسبب صورةٍ التقطتها المغنية الشهيرة (ريانا).

صورة السيلفي التي التقطتها المغنية (ريانا) مع حيوان الـ(لوريس) المهدد بالانقراض.
صورة السيلفي التي التقطتها المغنية (ريانا) مع حيوان الـ(لوريس) المهدد بالانقراض.

في ذلك الوقت صدف أنّ المغنية الشهيرة كانت في تايلندا ومن المحتمل أنّها قابلت صدفةً أحد السكان الذين يعرضون على السياح التقاط الصور مع الحيوانات النادرة، فقامت بنشر الصورة على حسابها في إنستغرام مع ذلك الحيوان اللطيف.

شاهد أحد الأشخاص الذين يتمتعون بارتباطاتٍ مع الشرطة تلك الصورة وأدرك حالاً أنّ هذه الحيوانات في هذه الصورة ليست إلا حيوانات الـ(لوريس)، فبلّغ عن الأمر وتحرّكت الشرطة حالاً ليقع الجانيان في قبضتها.

بالطبع من الصعب علينا أن نصف هذا الاعتقال بأنّه أهمّ اعتقال حصل عبر التاريخ، إذ تبيّن أنّ أحد الجانيين كان شاباً في العشرين من عمره والآخر في السادسة عشر، إذ أنهما كانا يلهوان بهذه الحيوانات، ولكنّه على الأقل كان بمثابة إنذارٍ صريحٍ لما يمكن أن تؤول إليه الأمور إن حاول أحدٌ آخر استغلال أحد الحيوانات المهددة بالانقراض بهذا الشكل.

اكتشف صدفة أنّه كان طفلاً مفقوداً وحلّ قضية اختطافه بنفسه بعد أكثر من 30 عاماً:

عندما اختفت (شارلوت موريارتي) برفقة طفلها الصغير ذو الأشهر الستة في عام 1977 لم يشعر زوجها أنّ أمراً خطيراً قد وقع، فمع كونها فنانةً كان من عادتها أن تختفي بين الحين والآخر، لكن بعد مرور ثلاثة أسابيعٍ دون أن يعلم أيّ شيءٍ عنهما شعر (مارك بارنز) بالقلق وبلّغ الشرطة باختفائهما، على الرغم من أنّ رجال الشرطة لم يعثروا على أيّ أثرٍ يرشدهم إلى الطفل ووالدته إلا أنّ (مارك) استمرّ في قيادة سيارته وتمشيط الجزيرة التي كان يقطن بها علّه يجد دليلاً يقوده إلى إيجاد أفراد عائلته دون أن يحالفه الحظ، وعلى الرغم من توقفه عن البحث فإنه كان يؤمن دوماً أنّ عائلته ستعود إليه يوماً ما.

كان طفله الصغير الذي كبر ليحمل اسم (ستيف كارتر) يدرك دوماً أنّه طفلٌ مُتبنى وكان متصالحاً مع الأمر، إلا أنّ كونه رجلاً أبيض البشرة ذا عينين زرقاوين يحمل شهادة ميلاد تقول أنّه ذو أصولٍ من هاواي كان أمراً مقلقاً بالنسبة إليه، وهو ما جعله يقوم ببعض الأبحاث التي أوصلته مصادفةً إلى موقعٍ الكترونيٍ حكومي يعرض صوراً معدلةً عبر الحاسوب تُظهر صور الأطفال المفقودين بعد حساب التغييرات التي يسببها التقدم في العمر، ليجد صورةً طبق الأصل لوجهه بجانب صورته عندما كان عمره 6 أشهر.

صورة (ستيف كارتر) على الموقع الحكومي تظهر صورته المحاكية للحقيقة.

اكتشف (ستيف) أن اسمه الحقيقي كان (ماركس باناما) وصعق لواقع أن أمه البيولوجية قد اختطفته من والدته وهربت به، ولأنها كانت تعاني من بعض الاضطرابات النفسية التي تعقدت كثيرا لدرجة تعين وضعها في مصحة عقلية، ولأنها كان برفقتها طفل رضيع طلبت منها الشرطة معلومات عنه حتى ترسله إلى والده فقامت بمنحها معلومات مغلوطة عنه تماما، مما يفسر كون شهادة ميلاده بها معلومات متضاربة، وبعد أن انتابتها نوبة ثانية، قررت السلطات وضع الطفل في ميتم، وهنا جاءت عائلته التي ربته وقامت بتبنيه.

عندما أرسل (ستيف) الصورة إلى والدته بالتبني صُعقت وأكّدت له أنّ هذه الصورة له، فقام بالاتصال برجال الشرطة وأجرى فحصاً للحمض النووي حيث أكدّت النتيجة أنّه كان الطفل المفقود، فبدأ البحث عن والده ووجده أخيراً في بلدةٍ صغيرةٍ شمال ولاية كاليفورنيا، فاتصّل به هاتفياً وعرّفه بنفسه ليستمر حديثهما لساعاتٍ حاولا فيها تعويض الغياب الطويل.

أما بالنسبة لوالدته البيولوجية فقد غادرت المصح العقلي بعد عدة أيامٍ متجاهلةً نصائح الأطباء ليبقى مكانها مجهولاً حتى اليوم.

حلقةٌ من برنامجٍ تلفزيوني تحدّثت عن مقتل طاهٍ سابقٍ في أحد الكافيتيريات؛ أدّت إلى القبض على الطاهي الجديد الذي تبيّن أنّه متحرّشٌ بالأطفال:

في عام 1993 وفي بلدة (رولينوود) Rollingwood في مقاطعة تكساس؛ وقعت تلك الجريمة البشعة حيث قام شخصٌ بالاعتداء جنسياً على طفلٍ يبلغ من العمر 10 سنوات، وحقيقة الأمر أنّ تفاصيل تلك الجريمة أبشع من أن نذكرها في هذا المقال فيكفينا القول أنّ شناعة الجريمة جعلت القدر يتآمر بطريقةٍ سحريةٍ لإيقاع الرجل في قبضة العدالة.

كانت قصة هذا الاعتقال كغيرها من القصص المذكورة في هذا المقال نتيجةً للصدفة فقط، ففي أحد الأيام اجتمع الزبائن والعاملون في مقهىً يُدعى Green Parrot Cafe لمشاهدة حلقةٍ من برنامج «أكثر المجرمين المطلوبين في أمريكا» لكون هذه الحلقة كانت تتحدّث عن الطاهي السابق في المقهى وهو (ميريت ريوردان) الذي قُتل في السنة الفائتة خلال عملية سرقةٍ استهدفت المقهى.

بعد انتهاء الفقرة الخاصة بمقتل (ريوردان) عاد العاملون إلى أعمالهم وانتقل عددٌ من الزبائن لمشاهدة برامج أخرى، ولكن بقيت عدّة شاشاتٍ تعرض الفقرات الأخرى من الحلقة وهو ما يمكن اعتباره ضربة حظٍ، لأنّ الفقرة التالية كانت تتحدّث عن قضية Rollingwood وعندما ظهرت صورة المشتبه به في تلك الجريمة لاحظ بعض العاملين أنّ الصورة تشبه إلى حدٍّ كبير صورة الطاهي الجديد، ليدركوا بعدها أنّ الأمر لم يكن محض مصادفةٍ وأنّ طاهيهم الجديد كان ذلك الشخص المطلوب للعدالة.

بعد أن أمر مدير المقهى أحد العاملين بالاتصال بالشرطة دخل إلى المطبخ وطلب من الطاهي البقاء لإنهاء بعض الأعمال الورقية وعرض عليه أن يشتري له كأساً من البيرة في محاولةٍ منه لإبقائه في المقهى قدر الإمكان مستغلاً أنّ الطاهي كان في المطبخ ولم يتمكن من مشاهدة الحلقة، ليصل رجال الشرطة بعد قليل ويقوموا باعتقاله دون أيّ مقاومةٍ تُذكر.

مقالات إعلانية