in

هل تعتقد أن ما حققته من إنجازات شخصية محض صدفةٍ ومجرد حظٍ؟ قد تكون إذن تعاني من ”متلازمة المحتال“

متلازمة المحتال

قد يكون بعض من أكثر الأشخاص الذين تعرفهم كفاءةً وذكاءً يعانون من ظاهرة نفسية غريبة، وهي اضطراب على مستوى التفكير يجعلهم يعتقدون بأنهم في الواقع ليسوا بتلك الكفاءة ولا بذلك الذكاء بل أنهم مجرد أشخاص كسولين خاملين، كما يقتنعون كليا بأن إنجازاتهم التي حققوها كانت عبارة عن زيف خدعوا به الجميع، وفي يوم من الأيام سيتم كشف أمرهم وستظهر حقيقتهم لا محالة.

يطلق على هذا الاضطراب اسم ”متلازمة المحتال“، حيث أن كل من يعاني منها ”يعتقد اعتقادا تاماً بأنه ليس شخصا ذكيا؛ في الواقع يقتنعون بأنهم خدعوا كل من يعتقد بأنهم أذكياء“، مثلما ورد في وصفها أول مرة ضمن دراسة نشرت سنة 1978 من طرف خبيرتي علم النفس (بولين روز كلانس) و(سوزان آيمز) اللتان ركزتا في بحثهما على النساء ذوات الإنجازات الكبيرة.

ما هي أعراض متلازمة المحتال؟

خلال مدة أربعين سنة تقريبا منذ اكتشاف هذه المتلازمة أول مرة، كان وجودها قد استمر لدى الكثير من الأشخاص الناجحين في مختلف المجالات والميادين. على سبيل المثال تقول (مايا أنجيلو) وهي ممن يعانون من هذه المتلازمة: ”لقد ألفت 11 كتابا، لكنني في كل مرة أستوقف نفسي وأقول: ’آه سيكشفون أمري هذه المرة لا محالة، لقد كنت أحتال على الجميع منذ البداية، وسينكشف أمري الآن‘.“

يكون من بين أكثر أعراضها شيوعا محادثة الذات بصورة سلبية، والحاجة الدائمة والملحة للتحقق من جودة العمل المنجز مرارا وتكرار، والبقاء بعيدا عن دائرة الاهتمام في مقر العمل، بالإضافة إلى أشكال التعويض النفسي المفرط على غرار البقاء حتى وقت متأخر في مقر العمل.

من الناحية الداخلية، يختبر الأشخاص ممن يعانون من متلازمة المحتال مشاعر التشكيك في قدراتهم الذاتية، ومشاعر خوف من أن ينكشف أمرهم وتفضح حيلهم التي يعتقدون أنهم يمارسونها على الناس، كما يبالغون في كبت مشاعرهم ويلومون أنفسهم على كل فشل يصادف الأعمال التي يشاركون فيها، حتى عندما يكونون على علم بالعوامل التي تسببت في ذلك الفشل.

يقول (جوزيف سيلونا)، وهو خبير علم نفس في (مانهاتن) بـ(نيويورك): ”يميل كل من يعاني من متلازمة المحتال كذلك إلى إرجاع كل نجاح يحققه إلى الحظ بدل الاستحقاق والعمل الجاد، كما يميلون بشكل عام كذلك إلى اختزال النجاح الذي يحققونه ولا يمنحونه قيمته الفعلية“.

منذ البداية، كانت متلازمة المحتال مرتبطة بالنساء فقط. تقول (كاثرين شافلر)، وهي معالجة نفسية خاصة في مدينة (نيويورك): ”نحن مازلنا نعيش في ثقافة ماتزال تمارس مواقف كره تجاه النساء على درجات متفاوتة، هذه المواقف التي تكثر في أماكن العمل“، وتضيف: ”عندما تتقمص النساء هذه المواقف لاشعوريا تجدها تؤثر سلبا على تقديرهن لذواتهن، كما تقوم بتوسيع الهوة التي تتسلل من خلالها متلازمة المحتال“.

لكن المواقف المعادية للنساء ليست العامل الثقافي الوحيد الذي يلعب دورا في حدوث متلازمة المحتال، كما أن النساء ليسوا الفئة الوحيدة التي تتأثر بهذه المتلازمة؛ يتأثر بها الكثير من الرجال الناجحين كذلك، يقول (سيلونا): ”إن الهوس بتحقيق النجاح، والإنجازات، والثراء، والشهرة التي تسود الثقافات الحالية هي ما يحفز ظهور متلازمة المحتال“.

ما الذي نستطيع القيام به حيالها؟

أولا، يُنصح بالعلاج النفسي لكل شخص يجد نفسه يعاني من متلازمة المحتال ويخشى بأنها تعيقه عن تحقيق إمكانياته الكاملة، كما ينصح (سيلونا) بالعلاج السلوكي المعرفي Cognitive Behavior Therapy الذي يركز على تحديد مواطن التفكير والاعتقادات الخاطئة وتصحيحها، على غرار تحديد وتصحيح الأفكار السلبية.

كما تنصح الخبيرة (شافلر) كذلك بالتحدث حول الأمر مع من نثق فيهم من الأصدقاء أو الزملاء المهنيين، فتقول: ”قد يكون من الأفضل إيجاد مشرف في مجال اختصاصك الذي يفهم بشكل جيد متطلباتك الاستثنائية في العمل“.

وتنوه (شافلر) -التي تعمل مع الكثير من المحترفين من النخبة في مختلف المجالات الذين يعملون لدى أفضل وكبريات الشركات في العالم، والتي تعمل كذلك لدى شركة (غوغل) مرة في الأسبوع- إلى أن العثور على ثقافة العمل المناسبة يلعب دورا هاما في دحض والتخفيف من متلازمة المحتال، وتقول بأن: ”أي ثقافة لا تعتبر التوتر وتحديات الهوية التي تصاحب الانطلاق في مسيرة مهنية جديدة كليا أو تصاحب العمل في وظيفة تمارس ضغطا عاليا أمرا طبيعيا ستكون لا محالة أرضا خصبة لتتطور عليها متلازمة المحتال.“

مقالات إعلانية