خلف مقبرة القديس (روك) في مدينة (نيو أورلينز) في ولاية (لويزيانا) الأمريكية؛ يقبع ضريح هذا القديس الكاثوليكي الذي عاش في القرن الرابع عشر، وبني هذا الضريح تخليدا لذكراه بين مجتمع الكاثوليكيين.
شاع عن القديس (روك) قدراته الشفائية الإعجازية، فتخبر الأسطورة أن بوصول القديس (روك) إلى إيطاليا، كانت قارة أوروبا في تعاني الأمرين مع وباء طاعون من نوع آخر، وكان أثناء ذلك هذا القديس يزور المستشفيات المتوزعة في البلاد ويعتني بالمرضى، ويشاع أن الكثيرين نالوا الشفاء من خلال ”لمسته المباركة“.
يوجد ضريح القديس (روك) داخل بناء صغير يتكون من غرفتين، تحتوي الغرفة الرئيسية على ”مذبح“ مع تمثال للقديس (روك) بجانبه كلبه الصغير، ويوجد على جانب المذبح غرفة جانبية صغيرة ذات باب بشكل قوس، هذه الغرفة التي تخفي بين ثناياها سرا مميزا.


كان الناس يقصدون هذه الكنيسة الصغيرة من مختلف البقاع على مر القرون، ويقدمون القرابين وينذرون النذور لضريح القديس (روك) على شكل أطراف بشرية اصطناعية أملا منهم أن يؤدي هذا إلى شفائهم مما كانوا يعانون منه من أمراض.
تتدلى اليوم من جدران تلك الغرفة الجانبية أطراف اصطناعية على شاكلة السيقان البلاستيكية، والأعين الزجاجية، والطواقم الفموية، والقلوب الجصية، وخصلات الشعر والعديد من الأطراف الأخرى المصنوعة من السيراميك التي تقبع هناك حيث يتراكم فوقها الغبار.


منذ زمن بنائه في سنة 1876، تم ربط ضريح القديس (روك) في مدينة (نيو أرولينز) بشفاء وحماية الناس من زواره ومن ينذرون له النذور من جميع الأمراض والشرور، وتم بناء الضريح والكنيسة التي بجانبه من طرف قس ألماني شاب، وهو الأب (بيتر ليونارد تيفيس)، كتقدير منه وعرفان للقديس (روش) بعد أن نجت طائفته من داء الحمى الصفراء.
في تلك الأثناء، مثلت منطقة (نيو أورلينز) مهدا وأرضا خصبة لتكاثر الكوليرا والحمى الصفراء، وبعد أن كانت قد تسببت في مقتل آلاف الأشخاص، نذر الأب (تيفيس) نذرا بأن إن لم يسقط أي من أفراد طائفته ضحية لهذا المرض في تلك السنة بالتحديد، فسيقوم ببناء ضريح خاص لذكرى القديس (روك)، وفي تلك السنة، يُزعم أن لا أحد من أفراد طائفته أصيب سواء بالحمى الصفراء أو الكوليرا، ومنه وفّى الأب (تيفيس) بوعده وأخلص نذره.


تم تشييد هذا الضريح ليكون مثالا عن مقبرة وكنيسة (كامبو سانتو دي تيديتشي) بروما، وهو مركب ديني للألمانيين يقع في الجنوب الغربي لكاتدرائية القديس (بطرس).
وبمجرد افتتاح الضريح للزوار، تدفقت عليه أعداد هائلة من المسيحيين المؤمنين الذين يبحثون عن الشفاء من مختلف الأمراض التي كانوا يعانون منها، وكانوا يتركون لدى الضريح القرابين والنذور، وكذا الهدايا كشكر على النذور التي وفى بها هذا القديس.
بعد عقود لاحقة، ظهر تقليد آخر جديد كليا في (نيو أورلينز)، حيث أصبحت الفتيات اليافعات اللواتي يبحثن عن أزواج يقمن بأداء الحج إلى كل كنيسة من كنائس المدينة التسعة، فيصلين ويدفعن الصدقات، ومن مقومات نجاح هذا الحج واستجابة دعوات الفتيات أن تكون خاتمته زيارة كنيسة القديس (روك).

