in

فرصة ثانية

توفيت البارحة بحادث سير رهيب، لم أرحل بصمت كما كنت أتوقع، كان صوت الارتطام عالياً مع لون أحمر مرعب كلون أرض الحروب، لم أكن أنوي أن أموت باكراً ولكنّ صوت الموت ناداني بإغراء شديد: ”تعالي أحضنك وأزيل عنك تعبك الذي حفرتهُ اﻷيام في قلبك على شكل دوائر داخل دوائر داخل دوائر داخل دوائر..“، قلت في نفسي: ”هل ينادي الموتُ الناس دائماً هكذا؟ اﻵن عرفتُ لماذا يموتون بهذا الكمّ الهائل! حسناً لمَ لا أجرّب أنا أيضا؟“.

نعم أنا اﻵن ميتة وأراقب وجوه الناس حولي: أمي تبكيني، أستطيع أن أشعر بكل دمعة تلسعني كنار حارقة، هل هذا هو الجحيم الذي حدّثوني عنه؟ و أبي يجلس في الزاوية صامتاً وألمه تجسّد لي على شكل طائر محبوس يشعر باﻻختناق ولا يستطيع الغناء ليخفّف من وجعه، حتى أخي الذي كان يقول لي أنه يكرهني كان يكذب، أرى حبه اﻵن على شكل وردة رائعة الصنع اختارها لي صفراء كما أحبها، إذاً فهو يسمعني حين أحدّثه عن حبّي للورد اﻷصفر ولكنّه يدّعي اللامبالاة ذلك المحتال! أصدقائي كلهم حاضرون وفي عيونهم لومٌ وغضب يختلطان بحزن عميق يشبه حزن ذلك الطفل الذي دمّروا له منزله الدافئ ودفنوا كل ألعابه، اقتربت من الجميع وحاولت الاعتذار، حاولت إخبارهم أنّي أشعر بالندم ﻷني مُتّ، صرخت: ”أريد الرجوع أريد الرجوع أيها الموت المخادع“.

استيقظت على سريري، لم أميّز هل كنت أحلم أم لا، لم أفكر كثيراً، قبّلت أمي ضممت أبي وأخي، اتصلت بكل أصدقائي وأخبرتهم كم أني أحبهم، جئت بورقة وكتبت عليها: لا أريد الموت اﻵن، هناك من يحبني…

مقالات إعلانية