in

موقع (بورنهاب) يمول بحثاً علمياً بقيمة 25 ألف دولار بهدف اكتشاف أفضل الطرق الصحية لمشاهدة المواد الإباحية

أكثر المواقع الإباحية زيارةً يتخذ له مساراً أكاديمياً

دخل موقع (بورنهاب) Pornhub الإباحي رسميا المجال الأكاديمي العلمي في يوم الثلاثاء الفارط من خلال تمويل أعمال بحثية لعلماء في مجال آثار المواد الإباحية وأفضل طريقة صحية لمشاهدتها، ويعتبر (أومري غيلاث)، بروفيسور علم النفس في جامعة (كانساس)، والدكتور (أتيري جيويتز مايدان) والمترشحة لنيل شهادة الدكتوراه (كاتي آدامز)، أول باحثين علميين في التاريخ يتلقون تمويلاً من موقع إباحي لدراسة آثار المواد الإباحية على الإنسان، ولم يكن الأمر ليحدث في توقيت أفضل من هذا.

يقول البروفيسور (غيلاث)، الذي تركزت أعماله السابقة على العوامل المؤثرة في العلاقات الوطيدة: ”أصبحت المواد الإباحية جزءا من الحياة اليومية“، وأضاف: ”نحن نميل لإعارة انتباه أقل لآثاره“، وقد كان الآلاف من الباحثين قد تقدموا للحصول على تمويل «مركز الصحة الجنسية» لدى موقع (بورنهاب) في شهر مارس الفارط، الذي تم إصداره تحت المظلة الخيرية لدى الموقع التي حملت اسم «بورنهاب كيرز» Pornhub Cares، ومن بين جميع تلك الطلبات برزت تلك الخاصة بالبروفيسور (غيلاث) وزملاؤه، على حد تعبير أحد المسؤولين لدى الموقع.

يقول (كوري برايس)، نائب رئيس موقع (بورنهاب) في البروفيسور (غيلاث): ”إنه يبقى ملتزما باكتشاف أكثر المعلومات المفصّلة حول استهلاك المواد الإباحية وآثارها، ونحن سعداء لمساعدته في مسعاه هذا“.

صورة من نسخة إباحية عن فيلم (ديدبول 2) الذي صدر في هذه السنة.
صورة من نسخة إباحية عن فيلم «ديدبول 2» الذي صدر في هذه السنة.

لماذا ندرس المواد الإباحية؟

مع منحة 25 ألف دولار؛ سيقوم فريق البحث الآنف بإجراء ثلاثة دراسات خلال الأشهر الثمانية عشر القادمة، باحثا في الإشكالية الرئيسية التي مفادها أن المواد الإباحية صارت جزءا من الحياة اليومية للكثيرين –وفقا لـ(غيلاث) فإنها أصبحت أكثر من ذلك بالنسبة للبعض–، لكننا لا نعلم إلا القليل حول آثارها على المدى البعيد والقريب.

تعطي إحصائيات زوار موقع (بورنهاب) نوعاً من المنطق فيما يخص مدى انتشار استهلاك المواد الإباحية في العالم، حيث وفقاً لتقرير داخلي في الموقع تم إجراؤه سنة 2017، فقد تلقى الموقع 28.5 مليار زيارة خلال سنة واحدة فقط! وذلك يعني أن الكثير جدا من الناس يشاهدون المواد الإباحية، في نوع من الخصوصية على الأقل.

في سنة 2016، قامت (كاترينا فوريستر) في مجلة (ذا نيويوركر) بإجراء تقرير استنتجت فيه أنه: ”على الرغم من الانتشار الكبير للمواد الإباحية، فإن الإنترنيت جعلتها داخل قوقعة من الخصوصية المركّزة، ومنه أصبحت آثارها مجهولة هي الأخرى“.

بينما أظهرت أبحاث أخرى نوعاً من التحيز أكثر تجاه الآثار السلبية لمشاهدة واستهلاك المواد الإباحية، فإن (غيلاث) وزملاؤه يأملون في اكتشاف آثار زيادة مشاهدة المواد الإباحية بصفة عامة، سواء كانت سلبية أم إيجابية.

نحن لا نعلم ما إن كانت المواد الإباحية جيدة أم سيئة؛ علينا أن نعتمد على العلم والأبحاث

بالطبع، لا يقل حجم النقد اللاذع الذي تتعرض له صناعة المواد الإباحية —على الرغم من أن نفس الناقدين قد يكونون من جمهورها—، ومثال ذلك المنظمة المضادة للمواد الإباحية غير الدينية وغير الحكومية التي تحمل اسم «حاربوا المخدر الجديد» Fight The New Drug التي تلخص العديد من الحجج الموجودة مسبقا، مؤكدة على أن الإباحية تؤثر بشكل سلبي على السلوكات الشخصية والجنسية للأفراد، والتوقعات التي يكونونها عن هذا الجانب من الحياة، وكذا على العلاقات الجنسية بين الأشخاص، والأشخاص العاملين في صناعة المواد الإباحية بصفة عامة. غير أن فريق البحث بقيادة البروفيسور (غيلاث) يأمل في أن يحيط بهذه الإشكاليات بطريقة علمية أكثر، كاشفا الستار عن الآثار السلبية والإيجابية معاً للمواد الإباحية.

يقول (غيلاث): ”لعدة سنوات كان هناك تيار رائج“، واستطرد شارحاً: ”كان باحثون منحازون إلى سلبيات الإباحية يأتون إلى هذا الميدان ويفرضون تقريبا انحيازهم السلبي على أبحاثهم التي تتناول المواد الإباحية“.

هناك بعض التيارات والسلوكات الاجتماعية السلبية التي يمكن إلقاء اللوم فيها على الإباحية بسهولة، حيث أصبح الآن الناس أكثر وحدة، والكثيرون يتحججون في أن ”الإدمان على مشاهدة المواد الإباحية“ هو مشكلة حقيقية وخطر محدق يهدد الصحة العقلية للأفراد [”إدمان الأفلام الإباحية“ ليس مصطلحاً علمياً، وبعيداً عن البحوث والتشخيصات الرسمية، تسميات كهذه قد تسبب الكثير من المشاكل بطريقة أو بأخرى].

يقول الدكتور (جاستين ليميلر)، وهو مدير برنامج علم النفس الاجتماعي في جامعة (بال) الأمريكية: ”كمتخصص في علم الجنس؛ أظهرت الأبحاث الأخيرة أن التأثيرات الإيجابية للأفلام الإباحية تطغى على التأثيرات السلبية، وبشكل أدق، تظهر تلك المشاكل عند نسبة قليلة من مستخدميها“، وأضاف: ”إن كان معارضوا الأفلام الإباحية جادين في مساعدة تلك الفئة القليلة من الناس؛ عليهم التوقف عن تصويرها كفزاعة، والانتباه أكثر إلى الحالات المحدودة والأسباب الضئيلة التي تصبح فيها الأفلام الإباحية مضرة ومسببة للمشاكل“.

يقول (غيلاث): ”واحد من الادعاءات هو أن الناس يستهلكون المواد الإباحية بدلا من الانخراط في نشاطات جنسية مع شريك جنسي، وهذا قد يندرج ضمن الميل العام نحو ممارسة الجنس بشكل أقل والعزوف عن الزواج بشكل أكبر، وهكذا دواليك“، وفي هذا يجادل (غيلاث) على أننا لا يمكننا أن نتأكد من صحة هذه المعلومات إلا بعد أن نقوم بتمحيصها ودراستها بشكل مفصّل.

المواد الإباحية كمواد دراسية

بينما قد يبدو هناك تضارب في المصالح بين فريق البحث هذا والجهة التي تموّله، فإن (غيلاث) يأمل في أن ما سيكتشفه هو وزملاؤه سيستخدم في سبيل إعادة هيكلة الطريقة التي تتم وفقا لها صناعة المواد الإباحية وتوزيعها، يقول في ذلك: ”واحد من الأمور التي يحاول موقع (بورنهاب) الآن القيام بها هو السهر على أنه يتعامل بنوع من الجدية مع دوره في المجتمع“، وأضاف: ”إنه مصدر للمتعة بكل تأكيد، وهو مصدر للنشوة، لكنه مصدر للثقافة الجنسية في نفس الوقت، ونحن نريد أن نكون على نفس القدر من الجدية حيال هذا الجانب أيضاً“.

بالنسبة للعديد من الأشخاص، خاصة الشباب، فإن مواقع على شاكلة (بورنهاب) تمثل مصدرا للثقافة والتعليم الجنسي، فقد قامت دراسة في مجلة BMJ Open التي نشرت سنة 2014 باستظهار هذا الأمر من خلال تبيان أن التعرض للمواد الإباحية جعل المراهقين الذكور يكوِّنون توقعات مغلوطة حيال الجنس الشرجي مع الفتيات، يقول (غيلاث): ”ينال بعض الناس ثقافتهم وتعليمهم الجنسي منها [أي من المواقع الإباحية]، سواء كان ذلك جيدا أم سيئاً“، وأضاف: ”يتطلب الأمر بعض التعليم والشرح حتى نضمن أن الناس ما زالوا يكوّنون أفكارهم حول الجنس والحميمية بشكل صحيح، ويفهمون جيدا أن الإباحية ليست هي الحياة الواقعية“.

مستقبل الإباحية

يمتد تاريخ الإباحية إلى آلاف السنوات في الماضي، ولا يبدو أنه سيزول في أي وقت قريب في المستقبل، صحيح أنه أصبح كثير الانتاج والانتشار مع انتشار الإنترنيت، لكن بدلاً من كل تلك المحاولات العقيمة في كبح انتشاره، من النافع أكثر السهر على أننا نستهلكه بطريقة إيجابية وعقلانية.

(غيلاث) على دراية جيدة بأن الجنس والنشوة الجنسية هما سلوكات أساسية إنسانية لا تحتاج أي بحث أو دراسة لتأكيدها، في قوله: ”إن هذا أمر طبيعي، يعلم الناس كيف يحققونه“، لكننا في الواقع لسنا قادرين على الحكم على هذا الأمر بهذه الطريقة، ليس بعد الآن، حيث تغيرت كثيرا الآن أنماط الاتصال البشري، وعندما يتعلق الأمر بالجنس؛ يجد الكثير من الناس أنفسهم في جهالة تامة.

يقول (غيلاث): ”نحن لم نعد نعلم كيف نحصل على ذلك الكم من التعليم [الجنسي] للأسف، تعوض الإباحية بالنسبة لبعض الناس التعليم الحقيقي حول كل هذه الأمور، وهي تضيف نوعا من الكرب والكثير من التوتر وجميع أنواع عدم الاتساق عليه“.

يبقى غير واضح ما يحمله المستقبل للأفراد والعلاقات التي تنشأ بينهم، لكن إن كان لنا في التاريخ أية عبرة، فإن الإباحية باقية لا محالة، يقول (غيلاث): ”لدينا مسؤولية، ليس فقط على المستوى العلمي بل على المستوى الثقافي والاجتماعي، للانخراط في عمل مثل هذا“.

مقالات إعلانية