in

نظرا لعدم وجود عظام في القضيب الذكري البشري؛ هل يمكن أن ينكسر حقًا؟!

الجواب المختصر هو نعم، فلقد اتضح أن هناك إصابة مؤسفة تسمى «كسر القضيب».

متلازمة القضيب المكسور هي شكل حاد من أشكال إصابة القضيب، والتي تحدث عند تمزق غشاء يطلق عليه «الغلالة البيضاء» Tunica albuginea، وهو عبارة عن بنية ثنائية الطبقات دائرية داخلية وطولية خارجية مكونة من الكولاجين والإيلاستين، ويحيط هذا الغشاء بما يسمى «الجسم الكهفي للقضيب» corpora cavernosa، الذي يمتلئ بالدم أثناء حدوث الانتصاب.

تتمزق الغلالة البيضاء نتيجة انحناء القضيب المنتصب بشكل غير طبيعي، وذلك عند زيادة الضغط عن 1500 مم زئبقي، مما يؤدي إلى تهتك في طبقة الغلالة البيضاء، ومن ثم تمزقها مسببةً تسرباً في الدم الموجود في الجسم الكهفي إلى الأنسجة المحيطة مما يخلف كدمات وتورماً في القضيب، وغالباً ما تنتج هذه المتلازمة عن الممارسة الحميمية أو اصطدام القضيب بعظام الحوض، أو حتى استخدام الألعاب بشكل خاطئ.

توضح الصورة التالية مقطعا عرضيا تشريحياً للقضيب الذكري مع الطبقات الثلاث الأساسية المكونة له:

الجسم الكهفي، أو corpora cavernosa كما يظهر في هذا المقطع. صورة: William Haun

مَن مِن المحتمل أن يعاني منه؟

يواجه الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر احتمالاً اكبر للإصابة بكسر القضيب، وذلك لكونهم يميلون إلى المشاركة في نشاط جنساني بشكل أكبر من الفئات العمرية الأخرى، مما يشكل خطرًا كبيرًا على صحتهم أحياناً، كما أننا تجد أن الكسر أقل لدى الرجال في الأربعينيات والخمسينيات من العمر، لأن الرجال الأكبر سناً قد قللوا من تواتر نشاطهم، إضافة إلى أن النسيج الموجود في قضبانهم يميل إلى عدم التصلب وبالتالي يقلص فرص حدوث الكسر.

ماذا يمكن أن يفعل الأطباء عموماً لإصلاح المشكلة جراحياً؟

في البداية، يتم إخضاع المريض للتخدير العام، ومن ثم فتح الجلد من خلال شقٍ واحد أو أكثر في القضيب حتى يتم إيجاد موضع التمزق في الغلالة البيضاء و إغلاقها بالخيط. كما يلاحظ أنه وفي بعض الأحيان، تكون هذه التهتكات واسعة النطاق لتشمل نصف محيط القضيب، أو ربما متقاطعة، وعندها تتطلب حوالي 10 غرز لإصلاح المشكلة ليتم بعدها إغلاق كل شيء.

في حين قد تستغرق العملية وسطياً حوالي الساعة، لكن معظم الناس يعودون إلى منازلهم بعد ذلك مباشرة بدون أدنى مضاعفات، ويمكن أن يستأنف معظمهم نشاطهم الحميمي خلال شهر تقريبًا (بعد التئام الجرح).

ما الذي يمكن أن يحدث إذا لم تلتزم بهذه العملية؟

من المحتمل أن تكون هناك بعض الحالات الطبية والتي يمكن أن تنجو فيها بدون الخضوع للعمل الجراحي، ولكن بشكل عام، ستعاني على الأرجح من مضاعفات مستقبلية، إذ ربما يؤدي التمزق الجزئي أو الكامل للغلالة البيضاء إلى تندبٍ وورمٍ طويل الأمد، وقد يؤدي تراكم أنسجة الورم إلى خلل وظيفي في الانتصاب أو انحرافات في القضيب، مثل انحناء القضيب المزمن الذي يتمثل بحدوث انحناء جانبي في القضيب أحياناً وفق زاوية انحناء تبلغ 45 درجة في المتوسط.

ما مدى شيوع كسر القضيب في إيران؟ ولم إيران تحديداً؟

صورة: Getty Images

يعتبر كسر القضيب، أو penile fracture بالإنجليزية، حالة طبية طارئة في علم المسالك البولية حول العالم. لكن في إيران بالذات، تم الإبلاغ عن نسبة أعلى من حالات انكسار القضيب والتي شملت مجموعة واسعة من المناطق بالمقارنة مع غيرها من دول العالم، والتي قد تكون هذه الحالة غير مألوفة فيها على الإطلاق.

على الرغم من عدم وجود بيانات دقيقة حول حدوث هذه الحالات في جميع أنحاء إيران، إلا أنه وفي بحث تم إجراؤه مع مطلع العام 2000 في قسم المسالك البولية في جامعة كرمنشاه للعلوم الطبية في مدينة كرمنشاه الإيرانية، والذي قام بدراسة حوالي 172 حالة مسجلة من نيسان/أبريل في العام 1990 وحتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر في العام 1999. وفي جميع تلك الحالات، تم التشخيص سريريًا ولم تكن هناك حاجة لإجراء ما يعرف بـ«تصوير الجسم الكهفي» أو cavernosography في أي منها، في حين قد أشار المرضى إلى أن أكثر آليات الكسر شيوعًا ما وصفوه بالفارسية بـ”التاجاندان“، والذي يتضمن كلاً من الضغط ودفع القضيب المنتصب لأسفل بشكل فجائي لتحقيق أكبر قدر من النشوة.

ويذكر التقرير أن جميع تلك الحالات باستثناء حالتين تمت معالجتها جراحياً بالإضافة إلى حالتين أخرتين تضمنتا الإصابة بالتهاب المجاري البولية، بما فيها الإحليل، و اللتين تم تشخيصهما باستخدام تصوير الإحليل الانتقائي selective urethrography. في حين يتضمن العلاج الجراحي إجراء شق محيطي وصولاً إلى البطانة الكهفية لإصلاحها ومن ثم إغلاق الجرح بنجاح بعد الخياطة الداخلية للنسيج، في حين أن التأخر في إجراء العملية قد لا يزيد من خطورة الوضع على المدى القصير، إلا أنه قد يسبب مشاكل خطيرة مستقبلاً.

كما يذكر البحث أن استخدام المضادات الحيوية قبل الجراحة وبعدها لعب دوراً فعالاً في تقليص مخاطر العدوى، في حين لم تكن هناك أية مضاعفات في مرحلة ما بعد الجراحة أو خلال العملية الجراحية، وتم تخريج معظم المرضى إلى منازلهم بعد يوم واحد من إجراء العملية.

ويختم البحث بالإشارة إلى أن سوء فهم المريض، إضافة إلى المغالطات المجتمعية فيما يخص تركيب نسيج القضيب وخصائصه، هما التفسيران الأكثر احتمالاً لكون متلازمة القضيب المكسور أكثر شيوعاً في ايران وكرمنشاه دون غيرها.

وعلى الرغم من ذلك، ليست هناك حاجة ضرورية لتصوير الجسم الكهفي والمجاري البولية أو حتى وضع القسطرة البولية أثناء العملية، إذ يمكن الاكتفاء بالتشخيص سريرياً. كما يوصى القائمون على البحث باستخدام المضادات الحيوية في مرحلة ما قبل وبعد الجراحة، ووضع خطة جراحية موحدة بغض النظر عن التأخر في تشخيص الحالة والبدء بعلاجها.

وفي بحث آخر في الـ7 من أبريل/نيسان من العام 2017 لمجلة علوم أمراض الذكورة وجراحة المسالك البولية الأميركية؛ سجل من خلاله الباحثون مجموعة من النقاط من خلال دراستهم لأدبيات الطب الإيراني وبحثهم عن الكلمات الرئيسية لإصابات وانكسار القضيب في بعض المجلات الطبية مثل Medline وScopus وSID والمجلات الطبية الفارسية، واستعراضهم دراسات في علم الوبائيات والمسببات والتشخيص والإدارة والتعقيدات المصاحبة لانكسار القضيب في أجزاء مختلفة من إيران.

ولجمع بيانات أكثر دقة، أجرى القائمون على البحث دراسة قائمة على الاستبيان من خلال إرسال استبيانات عبر البريد الإلكتروني إلى 700 من أطباء المسالك البولية في جميع أنحاء إيران بمعدل استجابة يبلغ 14٪، ليفضي الاستبيان إلى اختلاف حالات الإصابة بمتلازمة القضيب المكسور بشكل كبير في أجزاء مختلفة من إيران، لتتصدر مقاطعة كرمانشاه الغربية أعلى القائمة مقارنة مع غيرها من المناطق داخل إيران. كما تم وضع دراسة إحصائية لخّصت أنه يمكن تقدير حدوث انكسار القضيب في إيران بين 1.14 إلى 10.48 لكل 100 ألف ذكرٍ من السكان.

وعلى الرغم من أن حدوث هذه الحالات يختلف اختلافًا كبيرًا عبر إيران، إلا أن أطباء المسالك البولية الممارسين في إيران قد يصادفون في المتوسط مريضاً كل 3.5 أشهر. وتختم الدراسة إلى أنه لتشخيص حالات انكسار القضيب؛ اعتمدت غالبية الدراسات التي تمت مراجعتها على الفحص السريري، ولم توصي بالتصوير المقطعي إلا في حالة المرضى الذين يعانون من إصابات محتملة في المجاري البولية، مؤكدةً أن التدخل الجراحي الفوري يمكن أن يحقق نتائج وظيفية أفضل ليقلص بذلك معدلات الإصابة بالمرض وفترة النقاهة في المشفى بعد العملية. وتشدد اللجنة إلى أن التدخلات الجراحية المتأخرة وخطط الإدارة تحتاج إلى دراسات سكانية كبيرة مع متابعة طويلة الأجل لها.

لذلك يوصي الأطباء بالخضوع لجلسات التوعية الجنسانية دورياً والانتباه لوضع القضيب أثناء العلاقات الحميمية، فإن كان قضيبك لا يزال منتصباً وبدء بالانزلاق من المهبل أو الشرج بسرعة فعليك التوقف حالا تجنباً لاحتمالية تعرضك للكسر.

مقالات إعلانية