in

دخلك بتعرف الكتاب الجديد الذي يقول بأن يسوع المسيح ربما لم يكن حسن المظهر وكان قبيحاً أو مُشوّهاً في الحقيقة

ادّعى أحد المُؤرّخين البريطانيين إنّه اكتشف دليلاً جديداً مفاده أنّ المسيح كان قبيح المظهر ولم يكن ذا جاذبية استثنائية، أو حتّى ربما كان مشوّه الخلق.

اليسوع مثلما تصوره أحد الكتب الحديثة بجانب صورته الشائعة

وفقاً لتصوّرات معظم الرسّامين الغربيين؛ رُسم المسيح بهيئة رجل ممشوق القوام، يحمل كلّ مُقوّمات الجمال، فقد كان طويل القامة، وشعره طويل ذو خصلات فاخرة، وعيونه حالمة، وتصوّره البعض بعيون زرقاء أيضاً!

ولأنّنا نعلم هيئة الأشخاص الذين عاشوا في زمن المسيح من خلال عمليات التنقيب عن الهياكل العظمية الباقية للرجال على عهده، نجد أنّ هذا التصوّر هو خاطئ في الحقيقة، لكنّنا ما زلنا نُفضّل تصوّره بشكلٍ ظاهريٍ بديع يطابق شخصيّته الجذّابة التي لا جدال فيها.

غير أن إصدار كتاب جديد من قبل المُؤرّخة البريطانية البروفيسورة (جون تايلور) بعنوان: «كيف يبدو المسيح في الحقيقة» أفسح المجال لنظرية مثيرة للجدل، مفادها أنّ هذا الرجل النصيري قد لا يكون مباركاً من ناحية الجمال، ولربما كان مُشوّهاً في الحقيقة.

تعمل البروفيسورة (تايلور) في جامعة لندن بكلية الملك، وتقوم بدراسة الملفات التاريخية القديمة التي تعود لعهد المسيح، حيث لاحظت قلّة التصوير والشرح بخصوص وجهه في الإنجيل بالمقارنة مع أنبياء آخرين كموسى وداوود، والذين عُرفوا بتصوير واحد متطابق في جميع المُجلّدات، ولدى كلّ العوام.

في الواقع، كان التفصيل الوحيد لشكل المسيح قبل صلبه من خلال سطر واحدٍ في سفر أشعياء الذي ينص على الآتي: ”لم يمتلك السيد المسيح الجمال أو العظمة التي تجذبنا إليه، بدون وجود أي شيء مميز في مظهره الخارجي يدفعنا إلى الانقياد نحوه“.

صورة المسيح ذو العيون الزرقاء والوجه الشاحب، هذه الصورة ذات شعبية جداً في الثقافة الغربية.
صورة المسيح ذو العيون الزرقاء والوجه الشاحب، هذه الصورة ذات شعبية جداً في الثقافة الغربية.

اعتقدت البروفيسورة أنّ طول المسيح قد بلغ 166 سم، وكان جسمه لائقاً ذي عضلات، وامتلك بشرة بلون بُنّي زيتوني، بالإضافة إلى شعر يتراوح بين البُنّي الغامق إلى الأسود مع عيونٍ بُنّية اللون، وهذا يتماشى مع نتائج أطباء الطب الشرعي الذين قدّروا طوله بين 155 و167 سم، ووزنه أيضاً بين 58 كغ و64 كغ.

استعانت البروفيسورة (تايلور) بكلٍ من بقايا عظام الرجال المدفونين في المنطقة، ومن قاطني منطقة ”يهودا“ ومن الأشخاص الذين عاشوا أيضاً في مصر حتى توصّلت إلى استنتاجاتها السابقة، وكتبت في الصحيفة الإيرلندية Irish Times ما يلي: ”فيما يتعلّق برسم لوحة جديدة تعكس صورة يسوع الحقيقية؛ يجب التفكير بشعر أسود بُنّي، وعيون بنية داكنة، بالإضافة إلى بشرة بلونٍ بُنّيٍ-زيتوني، فلا بُدّ أنّ السيد المسيح كان بمظهر شرق أوسطي، إذ كان سُكّان يهودا الأقرب بيولوجياً إلى يهود العراق في العالم المعاصر“.

صورة لـ(دييغو مورغادو) الذي لعب دور المسيح في مسلسل «الإنجيل» الذي صدر عام 2014، وكان المُمثّل وسيماً جداً لذا أطلق عليه المتابعون لقب ”اليسوع المثير“.
صورة لـ(ديوغو مورغادو) الذي لعب دور المسيح في مسلسل «الإنجيل» الذي صدر عام 2014، وكان المُمثّل وسيماً جداً لذا أطلق عليه المتابعون لقب ”اليسوع المثير“.

مع الإقرار بالأواصر التي تربط بين كلّ من: يهودا وأوروبا والسودان وإثيوبيا، إلا إنّ البروفيسورة (تايلور) أثبتت في كتابها أنّ سكان يهودا لم يتزوّجوا إلا من بعضهم، لذا سيكون التصوّر الشكليّ للمسيح أقرب إلى المصريّين وإلى الفن المصري من أولئك الذين ينتمون إلى أوروبا أو إثيوبيا.

قالت الكاتبة إنّه بسبب عمل المسيح كنجّار إلى غاية بلوغه سن الثلاثين، فمن المنطقي افتراض كونه ذا لياقة بدنية وذا عضلات، بدل افتراض أنّه كان نحيلاً رفيع القوام كما صوّره لنا الفن الغربي، ومن المحتمل أنّ وجهه كان مُجعّداً بسبب تعرّضه إلى عوامل الطقس وإلى طبيعة العمل، ما يجعل مظهره الحقيقي يظهره أكبر ممّا هو عليه سناً.

بغض النظر عن تحدّي البروفيسورة (تايلور) للعالم بفرضية عدم جاذبية مظهر المسيح، فإنّها قدّمت نظرية أخرى مثيرة للجدل بشكل أكبر، ألا وهي احتمالية كونه مُشوّهاً إلى حدٍ ما، وأومأت إلى إنّه ربما كان يمتلك ندبات وجروح بسبب عمله مع الخشب، وبسبب بدائية الحرف اليدوية في تلك الحقبة. لذلك كانت التشوّهات البدنية والإصابات شائعةً جداً آنذاك ومألوفةً إلى حد كبير، مثل: كسور الأذرع، وإصابات العيون، بالإضافة إلى احتمالية كونه أعرجاً.

اليسوع مثلما تصوره أحد الكتب
كتاب جديد يكشف نظرية مثيرة للجدل مفادها كون المسيح مُشوّهاً أو قبيح المظهر.

مراجعة لمقالة نشرت في مجلة Daily Beast في 11 مارس 2018 كان عنوانها «كيف كان يبدو المسيح؟» أشارت إلى ما يلي: ”تعتقد (تايلور) بحقٍّ أنّ التكتيم عن مظهر المسيح يكشف شيئاً عن شكله الحقيقي“.

واعتمدت على صحّة فرضيّتها هذه على وجود وصفٍ حقيقيٍ لبعض الأنبياء الذين حملوا رسالة التوراة: كالنبيّيْن موسى وداوود، بشكل دقيق في الأدب القديم فيما يخص الإشارة إلى جاذبيتهما ومظهرهما الجميل، لكن بالمقارنة مع الإنجيل، لم يُبيّن الأخير أيّ توصيف شكليّ ملموسٍ للمسيح.

مع قصة ظهور وجهه أبيضاً بشكلٍ مُتوهّج أثناء التجلّي (وهي اللحظة التي صعد بها السيد المسيح إلى الجبل وتحدّث مع موسى وداوود)، إلا أنّنا لا نملك أيّ معلومة أخرى حول ملامح وجهه الحقيقية، وادّعت (تايلور) أنّ السبب الكامن وراء الصمت حول مظهر المسيح كان لأنّه لم يكن جميل المظهر، على عكس التوقّعات والتصويرات السينمائية التي أبرزته.

في الحقيقة، لم تكن هذه المرة الأولى التي يقوم فيها باحث بتحدّي جمهرة الثقافة الأوروبية، ونسف تصوّر المسيح ذي الوجه الشاحب والعيون الزرقاء، ففي عام 2015 استخدم فنّان طبّي متقاعد من جامعة (مانشستر) يُدعى (ريتشادر نيفي) مختلف الأدلّة الأثرية والطبية الشرعية لإعادة قولبة وتشكيل وجه المسيح، وكانت النتيجة مذهلة وغير مُتوقّعة، إذ تصوّر (نيفي) يسوعاً بكونه رجلا شرقَ أوسطيٍّ، وداكن البشرة، واعترف الخبراء بأنّها أكثر صورة دقيقة لوجهه إلى حد الآن.

استخدم السيد (نيفي) وفريق البحث خاصته جماجم ”ساميّة“ تمّ جمعها من قبل علماء آثار إسرائيليين لإنشاء برنامج على الحاسوب يُقدّم تصاميم محتملة لملامح وجهه، وصفاته الشكلية، كما استنتج أيضاً وجود شبه بين المسيح وبين أيّ رجل على عهده، بسبب ورود ذلك في الإنجيل قبل صلبه تماماً، حيث توجّب على يهودا الإسخريوطي الإشارة إلى المسيح بين جنوده، لعدم إمكانية تفريقه عن باقي الرجال، فلم يمتلك أيّ ملامح مُميّزة: من شعر أشقر، أو عيونٍ زرقاء اللون، تميّزه عن باقي الجنود.

أخبر السيد (نيفي) شبكة BBC الإخبارية بالآتي: ”لقد قمت بصناعة جبيرة جبسية بشكل جمجمة لتعطيني شيئاً أقوم بالعمل عليه، إذ وضعت عليها بعض الصلصال، وقمت ببناء الوجه التشريحي للمسيح باستخدام بعض الأنسجة الرخوة، واضطررت بالطبع إلى التكهّن في بعض الأماكن، خصوصاً عند مُصادفتي لأماكن مفقودة في الجمجمة“

واستنتج السيد (نيفي)، مع طاقم العمل خاصّته، أنّ المسيح قد امتلك عيوناً وبشرةً وشعراً داكني اللون، وطوله حوالي 150 سم، وغطّى رأسه شعرٌ قصيرٌ مع لحيةٍ داكنةٍ، تأسيّا بالتقاليد المُتعارف عليها في الحضارة اليهودية القديمة.

مقالات إعلانية