in

حب وغزل بنات.. قصص من تحت الأرض

حب وغزل بنات

كان يُراقبها مِن بعيد، من بعيد جداً فيراها ولا تراه، أرادَ دوماً أن يطمئنَ أنها بخير، أراد أن يرى ابتسامتها إن بقيت ساحِرة كما قبلَ زواجها، كان ينتبهُ لكل شيء فيها ويفهمهُ ليدرك إن كانت في يومها سعيدةً أم حزينة.

عندما يشعرُ بسعادتها كان يَرقصُ ويشتري—غزل البنات والسَّكاكر—ويوزعها على الصِغار والصغيرات في الشارع، يُقبِّلهم ويَهمسُ في آذانهم: ”إنها بخير. وسنبقى نحبكم“. وعندما يكتشف حزنها كان يجلس على الأرض باكياً كطفلٍ أضاع يد أمه ولا يدري ماذا يفعلُ دونها.

في الحديقة. استغلَّ انشغالها عن طفلتها الصغيرة وهي تلعب وذهب ليرَاها، كانت صغيرة جداً، جميلة ومُضحكة كنسخةٍ مُصغرة عن أمها. سألها عن اسمها فأخبرتهُ بأنها ”كاتيا“. ابتسم لها ودمعت عينه عندما علم بأنها لم تنسَ وحققت حلماً مِن أحلامهم..

حب وغزل بنات

قال لها بأنها تشبه ابنته كثيراً، سألته: ”أين هيَ لألعب معها؟“ ..صمت قليلاً ثم أخبرها بأنَّها لا تستطيع رؤيتها فهي تسكن في السماء، وهي تشبهها وتحبُّها كثيراً لذلك أرسلت لها سكَّرة لذيذة معه. ابتسمت له ببراءة وقالت: ”وأنا أيضاً أحبّها. في السماء“.

لم يعلَم بمرضها وتعاستها إلا عندما ماتت! صُدم، بكى، ضرب رأسه، تاه في الشوارع.. وغاب عن وعيه كثيراً. بقيَ يزورُ قبرها كل يوم ومعهُ وردة وكتابٌ ليقرأ لها كما كان يفعلُ قبل زواجها، كان يغيب عن الجميعِ ليزورها ويكلِّمها في كلِّ يومٍ.. ويسمعها! كم رآه حارس المقبرة يتكلَّم ويرقص ويبكي ويغني وينام بجانبها.

بقيَ هكذا حتى مات، ودُفن سراً بجانبها دون شاهد ولا علامة. هذا الذي تعاقد من أجله مع الحارس مِن قبل. عندما سألهُ كيف سيفعلُ ذلك وأين أهلك؟.. قال له إنها كلُّ ما يملك في هذه الدنيا، إنها ناسه وهويّته ووَطنه المُتعب الذي تغرَّب عنه، وكل ما يريدهُ أن يجتمع بوطنهِ تحت هذه الأرض. وهذا ما حصل.

مقالات إعلانية