in

دخلك بتعرف تاريخ غزوات الرسول محمد والذي يخالف بشكل كبير وصاياه المنقولة؟

نسمع في كثير من الأحيان عن رحمة الإسلام حتى في أوقات الحرب، ولكن هل كنت على دراية بتاريخ غزوات الرسول محمد والذي يخالف بشكل سافر وصايا ”دين الرحمة“

يدعي المسلمون أن الإسلام دين محبة وسلام، لكن تاريخ غزوات الرسول يتعارض مع هذا الادعاء كلياً.

اعتدنا في بلادنا العربية على مقابلة خطابات الحكام بالتسفيه إلى حد كبير كون التجربة أخبرتنا بعدم جدية ما يقولونه، بعبارة أخرى ”أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك استعجب“، فبينما يمكن لرئيس في دولة ما إلقاء خطاب كامل عن الديمقراطية ومزاياها وسعي حكومته إلى وضعها محل التنفيذ طوال الوقت؛ يقبع الآلاف من سجناء الرأي بسبب إيمانهم بنفس تلك الديمقراطية.

لذا فبعد عدة عقود وقرون لن يكون منطقياً أن نصف أحد الحكام بناء على ما ورد إلينا من خطاباته، ولكن التدقيق أكثر في أفعاله هو فقط ما يعطينا صورة واضحة عن عهده، سنفعل ذلك في هذه المقالة. وبدلاً من انتظار أعوام مستقبلية لإبراز نموذجٍ لأقوال حاكم ما خالفها بأفعاله، فسوف نعود إلى الماضي، عبر أكثر من 1400 عام، لنسرد ما تيسر من وصايا نبي الإسلام محمد ونقارن تلك الوصايا بالأفعال التي أقدم عليها.

البداية من تلك الوصايا الحربية الكلاسيكية التي بالتأكيد قد سمعت عنها في درس ديني أو برنامج ديني على التلفاز، والتي تتلخص في: لا تقطع شجرة، لا تقتل امرأة، ولا طفلاً، ولا شيخاً كبير السن. وترجع تلك الوصايا إلى ذلك الحدث التاريخي الذي ذُكر في كتب السيرة أن نبي الإسلام قد أرسل الحارث بن عمير الأزدي إلى هرقل يدعوه للإسلام، فقتله شرحبيل بن عمرو في الطريق ثم أرسل وفداً إلى ذات الطلح –قرب دمشق– يدعو أهلها للإسلام، فقتلوا جميعاً إلا رئيسهم، غضب كثيراً فأرسل جيشاً قدره ثلاثة آلاف مقاتل إلى مؤتة جنوب الشام، وأوصاهم: ”ألا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً، أو امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا معتصماً بصومعة، ولا تقربوا نخلاً، ولا تقطعوا شجراً، ولا تهدموا بناءً“، إلى جانب وصايا عدم تعذيب الأسرى التي ذكرها في موضع آخر ناهياً أحد اتباعه عن الإتيان بذلك الفعل.

هذه الوصية كررها أبو بكر الصديق مع جيش أسامة بن زيد حين قال: ”لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً فانياً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه.. ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم إليه، وسوف تأتون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم منها شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها.. وسوف تلقون أقواماً قد فحصوا (كشفوا) أواسط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب، فاخفقوهم بالسيف خفقاً. اندفعوا باسم الله“.

والآن لنرى هل التزم ”محمد القائد المقاتل“ بوصايا ”محمد النبي“ أم أنه لم يستطع ذلك فأخذ في تبرير هذا الخلاف بطريقة أو بأخرى.

1. لا تقطع شجرة.. ربما نخلة

على الرغم من الوصية الواضحة بعدم قطع الشجر في الغزوات، إلا أن نبي الإسلام أمر بحرق نخل يهود بني النضير بغرض تكبيدهم خسائر مادية جسيمة، إذ يقول ابن عمر في صحيح البخاري: ”حرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير“.

إذاً فقد خالف القائد الحربي محمد وصاياه السابقة، وقد برر البعض ذلك الفعل بأن يهود بني النضير قد خانوا العهد وأذوا المسلمين، ولكن من المنطقي أن تلك هي حال جميع الحروب التي سيخوضها جيش الإسلام، بالتالي فلن تُصبح وصية عدم الضرر بالشجر –كناية عن النباتات– ذات جدوى أبداً، خاصة وأن حرق النخيل لم يكن ذا مغزى حربي كتسهيل الاقتحام مثلاً، فقد حدث هذا بعد قرار المسلمين تهجير اليهود من المدينة. —المصدر

2. لا تقتل امرأة.. بل العديد منهن

جريمة قتل امرأة في كابول
حشد من المسلمين يقتلون امرأة مريضة عقلياً في كابول يُقال أنها أحرقت القرآن. صورة: Hedayatullah Amid/EPA/Landov

خلافاً لما عُرف عن نهي نبي الإسلام الدائم لأتباعه عن تقتيل النساء، فالسيرة النبوية تعج بالضحايا الإناث لأسباب عدة، فبينما برر البعض حادثة أم قرفة بأنها كانت على وشك الهجوم على محمد كما تقول عائشة: ”وكانت أم قرفة جهزت أربعين راكباً من ولدها وولد ولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقاتلوه، فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فقتلهم وأم قرفة وأرسل بدرعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبه بالمدينة بين رمحين“، فسوف تجد ضحية أخرى كان هلاكها فقط بسبب هجاء قيل يقصد به رسول الإسلام، ما يُذكرنا مباشرة بما يُفعل بالمعارضين اليوم من طرف الحكام بسبب مقال أو عدة كتابات معادية للأسرة الحاكمة مع اختلاف مكان تنفيذ الجريمة، حيث حدث ذلك قبل اختراع القنصليات. —المصدر

وبالرغم من تكذيب بعض الشيوخ لقصة مقتل العصماء بنت مروان التي قيل أن نبي الإسلام بعث رجلاً ليقتلها بسبب أبيات شعر قيلت في حقه، ما جعل الكثيرون يرددون أن محمد لا يمتلك مثل تلك القسوة ولا يقبل بإنهاء حياة إنسان لمجرد التلفظ ببعض الكلمات المعادية، إلا أن رواية أخرى صحيحة في أكثر من موضع، مثل مسلم والنسائي والألباني، تضع من رَفض نسب هذا التصرف الوحشي إلى رسول الإسلام في مأزق، والرواية تقول بأن رجلاً أعمى كانت له زوجة تسب النبي فينهاها فلا تنتهي فأخذ المغول –سيف قصير– فوضعه في بطنها، فلما علم محمد جمع الناس فقال: ”أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حد إلا قام، فقام الأعمى يتخطى رقاب الناس وهو يتزلزل، حتى قعد بين يدي النبي فقال: يا رسول الله أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المغول، فوضعته في بطنها، واتكأت عليها حتى قتلتها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا اشهدوا أن دمها هدر“. وكذلك وضع قانون يسمح بهدر دم أي أحد يسب نبي الإسلام أو يعيب فيه ولو كانت امرأة. —المصدر

3. لا تقتلوا صبياً.. عدا سيء الحظ الذي نبت شعره

طفل بلباس ديني يهودي
بصرف النظر عن الأسباب، حارب الرسول اليهود في شبه الجزيرة العربية وأباد قبائل عن بكرة أبيها. صورة: Yehoshua Halevi

في تلك الفاجعة، رفض القائد محمد تنفيذ أمر النبي محمد بعدم المساس بالأطفال، ربما لغيظه الشديد من خداع يهود بني قريظة له وتحالفهم مع قريش ضده.

سبب الخلاف كان غدر بني قريظة ونقض عهودهم مع المسلمين في معركة الخندق –وفقاً للرواية الإسلامية– إذ حاولوا فتح ثغرة لتمرّ الأحزاب المعادية لأمة محمد إلى داخل المدينة وتسهل عملية الانقضاض على المسلمين هناك.

وما أن فرغ محمد من رد هجوم الأحزاب حتى قرر، وفقاً لطلب من الملاك جبريل، قتال يهود بني قريظة حتى لا يبقى فيهم رجل على قيد الحياة، وحينما لم يتمكن من الحكم على أحدهم إن كان طفلاً أو رجلاً، رأى محمد أن شعر العانة إن نبت فهو مبرر كافٍ للتخلص من صاحبه، والجميع يعلم أن هذا المعيار سيجعل من الأطفال أيضاً قتلى بكل تأكيد خلافاً لما يروج له البعض أن إنبات شعر العانة يعني تحول الطفل إلى رجل بالمفهوم العلمي أو حتى الأُسري.

بما أن الإنبات يبدأ من عمر التسعة أعوام وأحياناً ثمانية أعوام فقط، ولنا في منازلنا الدلائل التي تنقض على هذا القول المُجحف، لك أن تتخيل طفلاً عمره 9 أعوام يموت بأمر من نفس الشخص الذي دعى إلى ”حفظ حياة الأطفال“ أثناء المعارك والحروب. —المصدر الأول، —المصدر الثاني

4. لا تُعذّب الأسرى.. إلا بحثاً عن كنز

قال ابن إسحاق: ”وأتى رسول الله بكنانة بن الربيع، وكان عنده كنز بني النضير، فسأله عنه فجحد أن يكون يعلم مكانه. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من اليهود فقال لرسول الله صلى الله عليه و سلم: إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة: أرأيت إن وجدناه عندك أقتلك؟ قال: نعم. فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخربة فحُفرت فأخرج منها بعض كنزهم، ثم سأله عما بقي فأبى أن يؤديه فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام فقال: (عذبه حتى تستأصل ما عنده). و كان الزبير يقدح بزنده في صدره حتى أشرف على نفسه، ثم دفعه رسول الله إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه“.

إذا تم تعذيب أحد الأسرى بحثًا عن معلومات تؤدي إلى كنز ما، والأمر أشبه كثيراً بتعذيب المعتقلين في عصرنا بحثاً عن معلومات أيضاً، ومن الغريب أن تجد أحدهم يبرر تعذيب شخص ما من أجل الحصول على كنز بينما ينتفض ضد التعذيب الذي يهدف إلى الحصول على معلومة عن مخبئ أسلحة أو مكان زراعة قنبلة ستودي بحياة العديد من الأشخاص مثلاً.

ومرة أخرى، اختلف العلماء حول قبول أو رفض الرواية تلك بحجة الانقطاع بين الراوي الأول ونبي الإسلام، ولكن بالعودة إلى ما حدث مع يهود بني قريظة وقتل كل رجالهم بمن فيهم من نبت شعر عانته من الأطفال، وسبي باقي أطفالهم ونسائهم بعد استسلامهم، فلا عجب في أن تكون الرواية الأولى منطقية أيضاً.

على كل حال، مرة أخرى لم يستطع المقاتل محمد الحفاظ على وصايا النبي محمد في عدم المساس بالأسرى كونهم لا حول لهم ولا قوة ولا عدوان مرتقب منهم. —المصدر

5. لا تهدموا معبداً.. إلا معابد غير المسلمين

كنائيس مدمرة في سريلانكا
كانت الجماعات الإسلامية في سريلانكا هذه السنة مسؤولة عن تفجيرات راح ضحيتها 300 مسيحي. صورة: New York Times.

عندما استقر نبي الإسلام إلى ثبات حكمه لمكة بعد الفتح، قرر هدم ما اعتبره أصنام دون النظر إلى قدسيتها لدى أتباعها، حتى أنه وقت تنفيذ عملية الهدم قُتلت سيدتان كانتا تدافعان عما اعتبرنه موضع عبادتهم، وحسب السيرة الإسلامية: ”فقد هَدْمَ الْعُزّى لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، هَدَمَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ثُمّ هَدْمَ سُوَاعَ، هَدَمَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَكَانَ فِي رَمَضَانَ، ثُمّ هَدْمَ مَنَاةَ، هَدَمَهَا سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَشْهَلِيّ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، ثُمّ هَدْمُ ذِي الْكَفّيْنِ صَنَم عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ الدّوْسِيّ سَنَةَ تِسْعٍ“.

حشود غاضبة من المسلمين في لاهور
قامت حشود من المسلمين بتدمير أكثر من 180 منزل لعائلات مسيحية في لاهور، باكستان بسبب خلافات دينية. صورة: christianresponse

ربما سيقول البعض أن المعابد التي لا تُمس يجب أن تُتلى الصلوات فيها لله فقط وليس لآلهة أخرى، وإذا كان هذا هو المقصود بتفاخر المسلمين بالنهي عن هدم المعابد، فلن تبق إلا معابدهم هم فقط في هذه الحالة، فالصلوات في الكنائس تُتلى باسم يسوع إلى جانب الإله ذاته مثلاً، وبالطبع لا يُمكن القول بأن هذا هو الله الذي يُسمح بالصلاة له. وحتى المعابد اليهودية، فوفقاً للإسلام، فيالهود يتلون صلواتهم لإله مزيف وليس الإله الحقيقي كونهم قاموا بتحريف قصته كاملة من صفاته وعهوده إليهم والتوراة الملفقة التي بين أيديهم حسبما يدعي المسلمون أنفسهم، لذا فكل المعابد هي معابد إما كفر أو شِرك إلا المساجد فقط. —المصدر

6. لا للتمثيل بالقتلى.. أو نعم

نتحدث هنا عن أشخاص من قبيلة عرينة ”العرنيون“، وتقول قصتهم من المصادر الإسلامية –وهي ثابتة في الصحيحين –أنهم أتوا المدينة فأسلموا وكان بهم داء فعالجهم نبي الإسلام. وعندما عادت إليهم صحتهم، ارتدوا عن الإسلام وقتلوا راعي النبي وهربوا، فأرسل خلفهم جنده الذين قتلوهم ثم قطعوا أيديهم وأرجلهم وسملوا أعينهم (أي فقأوها) كما فعلوا هم بالراعي المقتول.
أليس ذلك تمثيلاً بالجثث؟ لماذا رفض نبي الإسلام قتلهم قصاصاً وحسب؟

قد يذهب البعض بالقول أنهم قد فقأوا عين الراعي لذا وجب التعامل بالمثل، ولكن بالعودة إلى قصة مقتل حمزة بن عبد المطلب في غزوة أحد، ستجد أنه قد أنزلت آية (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ) لكي تنهى محمد عن تنفيذ وعيده للذين مثلوا بجثة حمزة بأن يمثل بجثث 70 رجلاً منهم، ولذلك فقد نهى هو شخصياً عن التمثيل بالجثث بعد هذا الموقف واعتبر التمثيل بالقتلى من أفعال الجاهلية فقط. —المصدر

بالطبع توجد تبريرات لكل فعل من ذلك، الغضب من الغدر والتخوف من الفتنة أبرزها، وكأنك تستطيع خوض أي حرب دون وجود تلك المشاعر، الأمر الذي يضع الوصايا من البداية في موضع عدم الأهمية إلا إذا كنت تنتوي الدخول في حرب نزيهة تماماً مع تقنية الـ Var المستخدمة في كرة القدم مثلاً، ولكن على كل حال، فربما نجح بعض قادة الجيوش في تنفيذ جزء من تلك الوصايا عكس النبي نفسه الذي لم يطيق معظمها.

ويتوجب على من يشرع في دفع الحجج أو البحث عن الردود على تلك الشبهات عبر المواقع الإسلامية المختلفة أن يستفيد من نهج بعض الإعلاميين العرب في تبرير أفعال حكامهم التي تخالف أقوالهم، أو إنكار كل تلك السيرة عن أفعال الحرب النبوية والعودة إلى حياتهم برفقة وصايا الحرب النبوية فقط. وهكذا فحتى ولو خالف المقاتل محمد وصايا النبي محمد، فسوف يصلي الله عليهما ويسلم.

مقالات إعلانية