حرية التعبير حق أساسي من حقوق الإنسان على النحو المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء بدون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت بلا تقيّد بالحدود الجغرافية.
حرية التعبير هي الحق في التعبير عن الآراء والأفكار بحرية تامّة من خلال الحديث أو الكتابة أو القيام بعمل فني أو من خلال وسائل الإعلام، علماً أن حرية التعبير ليست حقاً مطلقاً فهي لا تحمي خطاب الكراهية والتحريض على العنف أو القتل أو الأذية.
في ما يلي سنذكر عدّة أسباب لأهمية حرية التعبير، إن كان تأثيرها الإيجابي على العلوم والفنون والصحافة المجتمع ككل:
1. اكتشاف الحقيقة

تسمح حريّة التعبير باكتشاف الحقائق، وبالتالي اكتشاف علوم جديدة وتطويرها. مثال على ذلك هو (غاليليو) الذي اعتبر أن الأرض ليست مركز الكون، وليست ثابتة تدور حول الشمس باستمرار، لكن بسبب غياب حرية التعبير حينها، حُكم عليه بتهمة ”الهرطقة“ على الرغم من حقيقة كلامه.
يؤكد ذلك على ضرورة حماية حرية التعبير، حتى وإن كانت مخالفة لرأي الغالبية العظمى، لأنها قد تكون السبيل لفتح آفاق جديدة لعلوم كانت مغيبة عن الجميع.
2. الاستماع إلى قضايا المهمشين والأقليات

عادة ما تكون أصوات الأقليات عرضة للتجاهل، وفي بعض الأحيان، قد يسبب غياب حرية التعبير تعريض حياة هؤلاء إلى الخطر والرجم المجتمعي، وأبرز مثال على ذلك هو مجتمع الميم، من بينهم المثليين جنسياً كما المتحولين. ومثال على ذلك سارة حجازي، الفتاة المثلية التي اعتُقلت وتعذيبها لمدة ثلاثة أشهر في مصر فقط لأنها رفعت علم قوس قزح (علم مجتمع الميم).
لذلك، يجب أن تضمن حرية التعبير للأفراد والمجتمعات الحقّ في سرد قصصهم بدون رقابة أو خوف من التعرض للاعتداء والسجن والتعذيب، حتى إذا كانت آراؤهم لا تحظى بشعبية كبيرة أو تتعارض مع المجتمع أو الدين أو العادات.
3. محاسبة السلطة

تعمل حرية التعبير، وخاصة الصحافة الحرة، على القاء الضوء على الموضوعات المخفية بما يتعلق بقضايا الفساد وانتهاكات حقوق الانسان، فيمكن للحقائق التي تكشف عنها الصحافة الاستقصائية أن تطيح بالحكومات وتغيّر السياسات الداخلية، كما يمكنها تحسين معايير حقوق الإنسان على الصعيد الدولي.
تضمن وسائل الاعلام القوية والمستقلة الشفافية والحد من سوء الإدارة، وإيصال صوت المعارضة وتعزيز دورها في محاكمة السلطة.
4. الإبداع في الفن

تبدأ حرية التعبير بالصحافة، وتمتد لتشمل الدراسة الأكاديمية إلى السخرية السياسية إلى الفنون الجميلة، تدعم حرية التعبير الحق في المشاركة التحليلية والنقدية والفنية مع العالم من حولنا.
القدرة على التفكير بحرية ومناقشة الأفكار ووجهات النظر جزءٌ لا يتجزأ من الدراسة الأكاديمية، من الفنون إلى العلوم. يساعدنا التفكير الحر على فهم ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بشكل أفضل، فمن الضروري أن يتمكن الأفراد والجماعات والمؤسسات من طرح الآراء والمفاهيم والنظريات بدون خوف من التداعيات، وبكل موضوعية بعيدًا عن التحيّز.
من الكوميديا الناقدة والرسوم المتحركة الساخرة إلى الأدب والمسرح والفنون المرئية: حرية التعبير هي حجر الزاوية لخلق ثقافة فنية صحية ونابضة بالحياة.
يقول الفيلسوف الإنجليزي (جون ستيوارت ميل): ”الأفكار مثل البيوت، لا يظهر مدى تماسكها وصحّتها إلا بتعرضها للنقد والصمود أمامه“.
ما الذي يحدث عندما تغيب حرية التعبير ويتم غلق الصحف وسجن الناس بسبب آرائهم؟

غياب حرية الرأي في أي مجتمع يعني غياب الحوار الذي يطوّر الأفكار والقناعات والسياسات فيه، وتنتشر في هذه المجتمعات عادات اجتماعية أو سياسات قد يعلم الجميع أنها مضرّة، ولكنها لا تتوقف لأن الناس لا تناقشها بصراحة، إما بسبب الخوف أو بسبب نظرة المجتمع، فترى الناس مثلاً يمجدون الحاكم باستمرار بغض النظر عن جدوى تمجيده الدائم.

وقد ينتج عن ذلك ظواهر سيئة جداً، كالعنف الأسري والاغتصاب الزوجي وزواج القاصرات، وهي أمور لا تزال منتشرة جدّاً في الكثير من المجتمعات العربية بسبب غياب الحريات. وعند ظهور جمعيات أو أفراد ينددون بهذه التصرفات، يتعرضون لالرّفض والنقد، ويُحاربون من قِبل المجتمع وباقي الأفراد لأنهم يخالفون الثقافة والفكر السائدين فقط، وبدون أي نقاش أو حوار مُجديين.
هل يمكن أن تتحول حرية التعبير إلى اعتداء على حقوق الآخرين؟

تستثني حرية التعبير الخطاب المحرّض على العنف، فهو جريمة وليس حريةً في التعبير، فلو دعا شخص ما إلى ممارسة العنف ضد جماعة معيّنة بسبب دينها أو لونها أو عِرقها أو ميولها الجنسية، فقط لأن معتقدات هؤلاء مختلفة عن معتقدات الأغلبية، يتحول الأمر إلى جريمة كراهية.
نشر الشائعات والأخبار المزيّفة لا يندرج تحت بند حريّة التعبير، لأن هكذا شائعات قد تتسبب في كوارث وخاصة في فترات الأزمات، تماماً كالذي حصل أثناء جائحة كورونا حيث انتشرت العديد من الشائعات التي سببت في أذية البعض كتناول أدوية مضرّة أو شرب كميات من الكحول مسببة التسمم والمرض.
وأنت عزيزي القارئ، برأيك ما هي أهمية حرية التعبير؟ وما الذي يخسره المجتمع في غياب هذه الحرية؟