تستيقظين صباحاً لكنّكِ لا تقْوين على مغادرة السرير. الجلوس متعبٌ والسير متعبٌ. فرشاة أسنانكِ ثقيلة على غير عادة. لا ترغبين بِتمشيط شعرِكِ، ولا تأبهين للكحل تحت عينيك. أنظري في المرآة، أنظري كم أنتِ بشعة. أنا أجعلكِ تعتقدين أنك بشعة غير أنك جميلة جدّاً. لا، لستِ جميلة. لا تبتسمي، لا يحقّ للبشعين الإبتسام.
أنا الوحش الذي يختبئ تحت السّرير، ذلك الوحش الذي يهابه الصّغار. لا تخبري أحداً عنّي، وحدك قادرة على رؤيتي، لن يُصدّق أحد أنّي موجود.
محاضرتُكِ تبدأ بعد ساعة لكنّك عدتِ إلى السرير، فأنتِ لا ترغبين برؤية أحد. إنّهم يخيفونكِ، الرفاق والغرباء على حدّ السّواء. لا ترغبين بسماع قصصهم السّعيدة. أنا سرقتُ كلّ قصصك السعيدة.
إنّك في قاعة المحاضرات، تجلسين في الخلف، لا تقوين على التركيز، تغادرين القاعة وتعودين إلى السرير.
أنظري في المرآة. أنظري في عينيك. لا تتعرّفين على نفسكِ. أصبحت غريبة نفسكِ. أنتِ تتألّمين من الداخل، أنا في الداخل، ومعي سكّين حادّ. إبكي، أصرخي، لن أغادر. تمدّدي على أرض غرفتك الوسخة، وأضربي نفسك، توجّعي، أنت تستحقّين الألم.
لا تتوقّفي عن الضرب. لا، توقّفي، خذي، هذا سكّين، إجرحي يدكِ. الدّم يسيل على الأرض الوسخة.
أنا قويّ كثيراً. أجعلك تعتقدين أنّك تستحقّين الألم، لأنّك شخص سيّء، بشع.
لا، الألم لا يكفي. عليك أن تموتي، أنتِ لا تستحقّين الحياة. أنتِ تؤلمين من حولك، هم أفضل حال دونك.
ترتدين فستانك الأبيض، تريدين أن تموتي جميلة. اللّيلة؟ أو غداً عند الفجر؟ تبحثين عن ورقة لتكتبي رسالتك الأخيرة. لكّنك لا تريدين الموت.
***
أنا لا أريد الموت. أنا أعاني من مرض الإكتئاب، ولكنّي لستُ مرض الإكتئاب. أتّصل بقسم الطوارئ، ويطلبون منّي أن آتي إلى المستشفى حالاً.
25 أكتوبر 2016 عند الساعة 11 صباحاً
أنا في وحدة الطبّ النفسي الداخلية. أتمدّد على سرير ذي شراشف بيضاء. إنّه لا يشبه سرير غرفتي، لا يبدو أنّ وحشاً يسكنه. أختي وأبي هنا، يبتسمان، لكنّي أعلم أنّهما ليسا بخير. بالطبع، كنت سأقتل نفسي.
27 أكتوبر 2016 عند الساعة 3 عصراً
أنا أغادر وحدة الطبّ النفسي الداخلية. يسألني الدكاترة عمّا إذا كنت مستعدّة للرحيل. أنا مستعدّة للرحيل. لا أشعر برغبة في الموت بعد الآن. أشعر أنّ الأمل موجود، أنّ هناك علاج لمرض الإكتئاب. سأشتاق لهذا المكان الآمن.
8 نوفمبر 2016 عند الساعة 4 عصراً
أنا في وحدة الطبّ النفسي الداخلية. لِمَ؟ انهارت أعصابي خلال جلسة علاجي النفسية. لم أقوَ على مواجهة مشاعري. وجدت نفسي أخطّط للإنتحار مرّة أخرى. أأرمي بنفسي من السطح؟ أو أخلط أدوية أعصاب سويّة؟
10 نوفمبر 2016 عند الساعة 11 صباحاً
أنا مستعدّة لمغادرة الوحدة. إضافة إلى الإكتئاب، تمّ تشخيصي بمرض الوسواس القهري. لا أستطيع التمييز بين رغبتي في الإنتحار، أو أنّ فكرة الإنتحار هي فقط عالقة في ذهني. يصعب التمييز في حالتي.
***
أنا لا أزال على قيد الحياة رغم مرضي النفسي الذي لا يراه إلّا أنا. أو على الأقلّ هذا ما أعتقده. البارحة، أهدتني أختي عقداً وقالت لي: أنظري إلى هيئة الملاك الذي يحمله. هذا لأنك ملاكي. أنتِ ملاكي.