in

هروب

هروب

يشحذ القاتل سكينه بينما تداري الشاةُ عنقها بجزع، يخفيها عن أعين الذبيحة وتنتبه للمعان النصل، وحين تغدو الرياح مرساةً للجريمة يرسل سكّينه بعمق.

مضت أعوامُ الهجرة بهدوء، انتقلت النوارس البيضاء نحو أماكن بعيدة أكثر دفئاً، بينما ناص الفقراء بأرواحهم هرباً من الحرب والموت، وسط شارعٍ من حي سكنيٍّ تحولت أبنيته إلى بودرة بفعل القصف، سقطت طفلةٌ صغيرة في محاولتها للهرب هي أيضاً وقد شجّت قدمها اليمنى إحدى صواريخ الطائرات الحربيّة، كانت تنام بتؤدةٍ وقد عانقت لعبتها القطنيّة الملوّنة، الموت أحاط الخلاء كُلّه، الدماء أغرقت الشوارع، أمّا اللعبة.. فما زالت تبتسم وقد فقدت إحدى عينيها الشمعيتين واكتست كاملاً بالغبار .

أبعدُ بحيّين، تربو ساقٌ لنبتة خبّيزٍ ضئيلة، تتشربُ دماء أمٍّ أنقذت طفلها الجائع من قذيفة موتٍ محقّقة، إنّ أكبر حيرة غزت فؤاد الطفل أن يشرع بدفن الأشلاء المّمزقة أو يُسارع بأكل النبتة.

على الجانب الآخر من هذا العالم البائس، يحتفل كهلٌ بعيد ميلاده التسعين وحيداً، ووحيداً يمضي إلى الموت دون وصيّةٍ يرجؤها لأحد.

في خبرٍ عاجل يثيرُ رعباً في تاريخنا الأسود، رجلان مريضان يغتصبان كلبةً صغيرة، لم يتوقفا معها حدّ النشوة بفعل الوطئ، تابعا الجريمة بإقحام عصاً خشبيّة في عنق جوفها السفليّ، سرعان ماعادت الصغيرة للّعب بعد أن فقدت رحمها في عمليّةٍ جراحيّة أعادت لها الحياة، أو ما تبقى من كرامةٍ كلبيّة.

مقالات إعلانية