in

هل تآمرهم سبب فشلنا؟

المؤامرة على العرب

هل وصلنا لمرحلة من التقدم سبقت مثيلاتها أم أننا متميزون باستخدام عنصر المؤامرة كشمّاعةٍ نعلق عليها فشلنا؟ لا يمكن لعاقلٍ أن ينكر أن الوطن العربي من أسوأ الأماكن للعيش والسكن، جميع العوامل تجبر الشباب على السفر في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية، عدا عن الحروب الطائفية وسيطرة الديكتاتوريات أو الفاشيات الدينية، وقمع الحريات.

ما زلنا في الشهر الثاني من عام 2017، وبرغم التشديد لحماية الحدود البرية الأوروبية والوضع المزري للمخيمات في اليونان؛ ما يزال اللجوء والمخاطرة بالحياة خياراً للشباب والعائلات العربية خاصة في سوريا والعراق، بدلاً من الذهاب للعيش في إحدى دول الجوار التي تحمل العادات والتقاليد نفسها.

لابد وأن التفكير بعنصر المؤامرة أمرٌ قد كبرنا ونحن نسمعه حتى تشرّبناه، سواء في كتب القومية والتاريخ أو شيخ الجامع أو حتى خالك المهتم بالأفلام، والذي قام بمشاهدة فيلم ”القادمون“ وبدأ يفسر سبب تخلف مجتمعه في جلسات العائلة معتمداً عمّا شاهده به.

نظرية المؤامرة

وصلنا لمرحلة نصف فيها أنفسنا بالكمال لولا وجود الغرب المتآمر، مبعدين المسؤولية عن عاداتنا وتقاليدنا، والآن ومع موجة الثورات العلمية والاجتماعية والحروب الميدانية باتت كلمة ”متآمر“ وسيلةً لشتم الآخر الذي يحمل آراء مختلفة، فأصبحت شائعة ومتداولة بين المؤيدين والمعارضين، فبين عميلٍ لاسرائيل وعميلٍ لإيران، أو عميلٍ لأميركا. حتى بين صفوف المعارضين إن اختلفوا يصفون بعضهم بعملاء للنظام، وفي أسوأ الأحوال عندما تتبنى ثقافة الحرية ستتردد على مسامعك جملة ”عميل للماسونية!“

ومنهم من يختلط عليه الأمر فلا يعلم إن كان الآخر ضد دينه أو ضد عاداته وتقاليده وتاج رأسه، وبالرغم من معرفته الضحلة بما يسمى بالمتنورين أو الماسونية أو الصهيونية؛ قد يعطيك مقعداً مهماً في الكنيست الإسرائيلي ببساطة لأنك تطرح أفكاراً جديدة عليه تخالف الأعراف الحالية، والتي تحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في فشلنا الحالي.

هل المؤامرة حقاً موجودة؟

سأستخدم مثالاً لشرح ذلك؛ جميع الشركات الكبرى تنتظر وقوع منافساتها، تحاول استغلال نقاط الضعف الموجودة وهذا أمر بديهي وطبيعي، لكن هل يسعنا القول أنها هي سبب إفلاس تلك الشركة؟ كلا، إذ قد يكون سبب الإفلاس عدم التزام موظفيها أو انتشار الفساد وعدم التجديد أو رفضهم مواكبة الطرق الجديدة التي أثبتت فعاليتها.

لا بد وأن الحروب والانتداب الغربي على البلاد العربية في القرن الماضي قد دفعت العديد لعدم الثقة بالبلدان المتقدمة وربطها بأسباب فشلنا وحروبنا الداخلية الحالية، حيث ما يزال العربي يفكر بطريقة تفكير أجداده نفسها الذين عانوا من وجود البريطانيين أو الفرنسيين أو الحرب مع إسرائيل، ويفتخر بامتداد وطنه العربي على رقعةٍ مميزة من المحيط إلى الخليج، ويظن نفسه متميزاً بسبب وجود النفط والغاز و الثروات الباطنية التي لا يكاد يشتم رائحتها. وما يزال يعتقد أنه الوحيد الذي عانى في القرن الماضي وأن ما يعانيه اليوم يعود للأسباب نفسها.

دعونا نرجع بالزمن قليلاً ونستذكر الحروب والكوارث في القرن الماضي:

  • الحرب العالمية الأولى عام 1914 – 1918 (7 ملايين من المدنيين قتلوا).
  • الحرب الإيرلندية 1919 – 1921 ومجزرة الأحد الدموي.
  • الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945 والمحرقة (The Holocaust) أسفرتا عن مقتل أكثر من 11 مليون مدني.
  • هيروشيما وناغازاكي 1945 حيث قتل أكثر من 129 ألف مدني.

حروب، قتلى من المدنيين، تفشي الأمراض والمجاعات.. كل ذلك لم يوقف تلك البلدان عن التقدم، عن التفوق العلمي والاقتصادي أو عن تأمين العيش الكريم لمواطنيها مع احترام قيم حرية التعبير والحرية الشخصية. اليابان، ألمانيا، فرنسا، آيرلندا وأغلب هذه الدول تعافت من ويلات الحرب، نعم لم نكن الوحيدين الذين ذاقوا صعوباتٍ في القرن الماضي لكننا الوحيدون الذين نصرّ على عدم الخروج منها.

مقالات إعلانية