in

ماليزيا تُعلن عن تسليم الداعية الإسلامي ذاكر نايك للهند.. وعقوبته هي السجن 20 عاماً بإضافة تهمة التبشير إلى قائمة التهم

ذاكر نايك

تنويه: هذا المقال يعالج قضية اجتماعية بطريقة تهكمية ساخرة، لهذا يجب قراءة المقال كاملا لتصلك الفكرة.

أعلنت السلطات الهندية صباح أمس عن تطورات جديدة بشأن الداعية الإسلامي ذاكر نايك، وقضايا اتهامه باختلاس التبرعات وغسيل الأموال مستغلًا نشاطه الدعوي داخل البلاد، إذ وافقت ماليزيا على تسليم ذاكر إلى الهند لإتمام إجراءات محاكمته خلال يومين.

أكدت الهند بأن ذاكر نايك سيواجه عدة عقوبات لاتهامه بالقيام باختلاس التبرعات وغسيل الأموال بمجموع 15 سنة من الحبس كحد أدنى، إضافة إلى خمس سنوات بتهمة ازدراء الدين الهندوسي، أي أن ذاكر نايك سيقضي قرابة الـ20 عام داخل السجون الهندية.

فيما قرر النائب العام الهندي منع أي فعاليات أخرى تدعو علانية أو سرية لأي ديانة عدا الهندوسية، وتجريم تداول كتب أحمد ديدات الداعية الإسلامي الشهير وكذلك ذاكر نايك، باعتبارها مسيئة لمقدسات الغالبية الدينية في الهند، وتم تفعيل القرار بدءًا من صباح يوم أمس أيضًا.

عذرًا، يبدو أنني أخطأت في كتابة بعض التفاصيل في هذا المقال، ربما لأنني لم أمتلك المعلومات الكافية عن الحريات الدينية في الهند، ففضلت توقع الأحداث وفقًا لما يتم من إجراءات داخل البلاد الإسلامية وتعميمها، ولكن لنبدأ في تدارك هذا الخطأ.

ماذا لو كان ذاكر نايك عربيًا هندوسيًا؟

بعد أنباء مطالبة الهند لماليزيا بتسليم ذاكر نايك إليها ليواجه أحكامه المالية، ظللت أبحث عن تلك التهمة التي من المفترض أن يواجهها ذاكر وهي ”ازدراء الدين الهندوسي“ مثلما يحدث في بلادنا في حال قرر أحد غير المسلمين تكرار نفس فعلة ذاكر أو حتى أحمد ديدات، ولكن لم أجد تلك التهمة في قائمة اتهامات الداعية الإسلامي.

على الرغم من أن الهندوس كغيرهم من الطوائف الدينية يحملون هذا التعصب الأعمى تجاه مقدساتهم، إلا أنهم رحبوا كثيرًا –دون منع أو تهديد–، بإجراء الدعاة المسلمين تلك المناظرات الشهيرة والتي تهدف لنشر الدين الإسلامي، وعرض مساوئ باقي الأديان المسيحية واليهودية والهندوسية والبوذية.. إلخ على مدار سنوات عديدة، لكن حينما واجه ذاكر نايك تهم اختلاس الأموال وجدت المسلمين العرب يسارعون في توجيه اللوم على السلطات الهندية واتهامها بتلفيق تلك التهم له كعقوبة على نشاطه الدعوي داخل أراضيها، وأن مثل تلك الممارسات هي دليل واضح على عدم قدرة أحد على مواجهة ذاكر نايك، وكذلك ضعف عقيدة الهندوس لدرجة تحتاج إلى القضاء لحمايتها.. حقًا؟

حسنًا، لنتخيل أن ذاكر نايك هو داعية هندوسي يعيش في مصر ويقرر عقد جلسات للهندوس وجلب بعض المسلمين لتلقي أسئلتهم والرد عليها بالتشكيك في عقيدة الإسلام، ولنكمل التخيل بأن أحد هؤلاء اقتنع بإجابات ذاكر (الهندوسي) وقرر اعتناق الهندوسية في تلك اللحظة..

أولًا، لا يهم إذا كان ذاكر نايك هندوسيًا أو بوذيًا أو مسيحيًا أو ملحدًا، فطالما هو غير مسلم فمن المستحيل عقد تلك المحاضرة من الأساس، ثانيًا، سوف يواجه كل من يتم تصوير مقطع فيديو له وهو يرتد عن الإسلام ليعتنق دين آخر خطر المحاكمة، وهو خطر أقل بكثير من حد الردة أو الاعتداء بالضرب من المتدينيين. ثالثًا، لو تم عقد هذه النوعية من المحاضرات فسوف يكون مصير ذاكر الحبس بتهمة ازدراء الدين الإسلامي دون الحاجة إلى تهم أخرى.

ولا أعتقد أنني بحاجة إلى إقناع مناصري ذاكر نايك بأن تلك الإجراءات ستتخذ ضده بالفعل في حال كان غير مسلم؛ يسعى لنشر دينه داخل البلاد الإسلامية، وفي الحقيقة، اخترت مصر كمثال لأن في دول أخر كالسعودية مثلًا، لن يتمكن داعية هندوسي حتى من ارتداء قميص يحمل إشارات دينية هندوسية علانية.

وفقًا لمنطق المسلمين؛ العقيدة الهندوسية تنتصر

وهكذا.. لا أجد حرجا في أن أصف اعتراض فئة كبيرة من المسلمين على الاتهامات الهندية لذاكر نايك إلا أنها ”بجاحة“، ففي الوقت الذي يُمنع التبشير بالمسيحية وبناء المعابد الهندوسية والبوذية ووجود تأمين استثنائي لليهود في مصر أثناء احتفالاتهم بالمعبد اليهودي القديم؛ تجد أحدهم يقرر بأن ما يعاني منه ذاكر نايك مجرد تخوف ”هندوسي“ من قوة العقيدة الإسلامية، وأظن بأن أي عاقل سوف يضع الهند والدول الإسلامية في مقارنة من ناحية مساحة حوار الأديان وحرية معتنقيها على قول ما يريدون في أي مكان دون تدقيق أو شروط، سوف يجزم بلا شك أن عقيدة الهندوس أقوى بكثير من عقيدة المسلمين، والتي تخشى أن يصيبها العطب ما إذا سُمح لدعاة غير مسلمين في بلاد ينتسب معظم سكانها للإسلام، بمثل ما سُمح للدعاة المسلمين في بلاد يسيطر عليها الدين الهندوسي، الهندوس لا يخافون الفتنة في الدين لأن إلههم على ما يبدو قادرًا على تثبيت الإيمان داخل القلوب التي تستحق ذلك، فيما يعجز الإله الإسلامي عن تقديم نفس الخدمة، الأمر الذي يحتاج لتدخل القضاء بنفسه، وأنا لا أؤمن بذلك في كل الأحوال ولكن تلك بضاعة المسلمين ردت إليهم بنفس منطقهم في إعلان ذاكر وديدات زعماء المناقشات الدينية والقادرين على جلب زبائن جدد للدين الإسلامي.

الأمر لا يقتصر على غير المسلمين

حتى ولو كنت مسلمًا ولكنك تنتقد أحد مقدسات المسلمين كالبخاري مثلًا، فإن هذا غير مسموح في البلاد الإسلامية والجميع يعلم تجربة الباحث الإسلامي إسلام البحيري في مواجهة الحبس سنة كاملة لهذا السبب، وكذلك الشيخ عبد الله نصر الذي أمضى فترة عقوبة داخل السجون المصرية لنقد الموروث الإسلامي فقط، ولست هنا أحدد ما إذا كان أي منهما على حق في انتقاداته ولكن إذا كان من حق ذاكر نايك إلقاء محاضرة كاملة عن فساد عقائد غير المسلمين، فمنع المسلمين من التشكيك في بعض الفساد داخل العقيدة الإسلامية يعد خوفًا صريحًا من الحكومات، أما في حال كنت لادينيًا فمجرد الإعلان عن ذلك سوف يجعلك تضع قدمك داخل ساحات المحاكم بتهمة ازدراء الأديان بالطبع، ومن الممكن سؤال شريف جابر عن ذلك.

إنفصام إسلامي حاد

كل هذا يجعلنا نُشخص حالة غالبية المسلمين الذي يرون في محاضرات ذاكر نايك وديدات في البلاد الهندوسية انتصارا للإسلام على باقي العقائد، وفي نفس الوقت يؤيدون قمع المُبشرين بالأديان الأخرى والملحدين في البلاد الإسلامية سواء بالحبس أو بالقتل أحيانًا، بأنها حالة إنفصام إسلامي حاد، ولتتعرف على مدى تأثرك بهذا المرض ربما عليك الإجابة عن سؤالين فقط: ”هل من حق ذاكر نايك إلقاء محاضرات لدعوة الهندوس للإسلام علانية مع ضمان الأمان والحرية له وللمرتدين عن الدين الهندوسي؟ وهل من حق رجل دين هندوسي إلقاء محاضرات لدعوة المسلمين للهندوسية علانية مع ضمان الأمان والحرية له وللمرتدين عن الدين الإسلامي؟“

في النهاية، لا أستطيع إلا أن أتخيل مصيري لو كان ذاكر نايك شيخ عربي مثلًا، وقمت بكتابة هذا المقال، سوف أكون أول شخص يتم حبسه بتهمة ”ازدراء الذاكر نايك“ بالتأكيد.

مقالات إعلانية