in

عن أية ديمقراطية نتحدث

في وطني تغتصب طفلة الثانية عشر؛ في وطني تغتصب رضيعة؛ في وطني تحمل ريحانة جنين عمها بين أحشائها… في وطني نتحدث عن كونية حقوق الإنسان والحرية والمساواة؛ نتحدث عن مواطنة ونحن لا نلتزم حتى باحترام فصل قانون؛ نتحدث عن هيبة وسيادة الدولة ونحن نتغلغل محيطاً من العبودية…

في وطني يتحول اشتراكيو الماضي إلى بورجوازية اليوم؛ في وطني نقود حملة انتخابية باسم الاشتراكية الماركسية اللينينية ونحن لا ندرك حتى مقاصدها..

في وطني يسافر المثقف رحلة انطولوجية ليسرق لسانه ويستأجر قلمه فتسلب كينونته ليعانق غربة ثلاثية الأبعاد: هي غربة الزمان والمكان والوجود؛ هي العبثية اللانهائية والرحم المنغلق.

في وطني لا نتساءل عن جذور الكوارث بل عن نتائجها… أليس من الغباء أن نعالج المشكل من ثناياه.

في وطني أريد أن أصرخ: إن معنى أن أعيش هو معنى أن أسلب واعتدي وأتمرد؛ إن معنى أن أعيش هو معنى أن احتفل بكل جسدي وبكامل جسدي؛ بكل قواي وعواطفي وبكل ما أوتيت من أنوثة!

آه نسيت لتوي أني أكره أنوثتي، أكره أنوثتي، انزعج من طول سبلات شعري؛ من انتفاخ صدري؛ من نبرة صوتي؛ من دموع قلبي التي تتساقط حين أسمع من شخص ما ”أنا الراجل أنا نعمل لنحب عليه“.

نعم أنت الرجل وأنا الفتاة المسكينة التي تقهر وتغتصب ويتحرش بها ولا يسمع لها صوت، أنا المسكينة التي تحبك وتجعل منك المسيح القديس؛ أنا جومانة عزيز..

لكني الفتاة التي تشمئز منك؛ التي تشمئز من شرقية تستبدل ”فائض كبت“ بكبت جذري لانهائي؛ يسقط عليك كقرآن منزل: ”سيب متمسش“ ”لا عيب“ ”لا… حرام“ ”رد بالك يسمع بيكبوك ولا خوك“ ”أي تو يجي لغول يقصهولك“… شرقية تستنكر للجنس وهي أكثر من يقدسه حتى في ألفاظها اليومية الأكثر بذاءة: ”سيب ز*ي“؛ ”فكني *ب“ ”كرزت“… والأكثر غرابة أننا لا زلنا نتساءل عن جذور موجة الاعتداءات الجنسية التي تفتك طريق الصحافة اليومية.

انزعوا انفصام شخصياتكم، ابتهجوا بأجسادكم، ثوروا على أعرافكم، ارقصوا على ألحان أوتاري اللغوية، أدرسوا، تثقفوا.. خوضوا الصراع الهيغلي واقتلعوا اعترافكم؛ اعتراف ينحت أنينكم على جدران التاريخ فالتاريخ يا صديقي لا ينحت سيارتك ولا بيتك ولا ممتلكاتك… بل كينونتك وشخصيتك ومقاومتك.

تمردك على اللاعقلاني وانسحابك عن القطيع… اخطف نفسك من الأبقار التي ترعى؛ كن ما يحلو لك أن تكون؛ مارس الجنس؛ أدرس الفن أو الطب؛ كن مع الفتاة التي تخطفك بغض النظر عن من تكون أو مع الرجل الذي يلون وجودك مهما كانت وضعية أسرته وانتماءاته الأكثر حميمية فنحن لا نستشر لا عن اختيار أسرتنا ولا ديننا ولا اسمنا؛ لم نستشر حتى إن كنا نرغب أن ننزل الحياة و لم نستشر لحظة مغادرتها، نحن مرادون ولسنا مختارين، نحن لنقدس منذ اليوم إلهكم المرهوب ودينكم المحرف وأخلاقكم المطلقة بل رغباتنا وتمردنا.

مقالات إعلانية