in

نص قديم عن الفرق بيننا وبينهنّ، عاد ليصنع الحدث مجددا، هل توافقه الرأي أم لا؟

يحب الكثيرون الكاتب والصحفي السابق (دايف باري)، ويعشقونه للطريقة التي يستخدم فيها حس الفكاهة من أجل منح قرائه إطلالة جديدة على المشاكل اليومية التي يعيشها الناس على الصعيد الاجتماعي. في الماضي، وفي سنة 1995 بالتحديد، ألّف (باري) كتاباً بعنوان: «الدليل الكامل للرجال»، الذي ما زالت فقرة منه تحمل الكثيرين على الكلام والجدال حوله، حتى بعد 23 سنة من صدوره.

تعتبر هذه الرواية القصيرة من إبداع الكاتب نظرة مسلية داخل النمطية الجندرية بين النساء والرجال، حيث أنه قام من خلالها بدغدغة الفروقات بين الرجال والنساء على حد رأيه وتعبيره، وهو ما يتفق عليه معه الكثيرون، كما اختلف عليه معه الكثيرون أيضاً.

إن مواقفنا تجاه المساواة بين الجنسين قد تغيرت كثيراً في السنوات الأخيرة بدون شك، وهو ما يجعل هذه القطعة الأدبية تبدو وكأن الزمن قد أكل عليها وشرب، وأنها لم تعد تناسب زماننا ووقتنا الحاضر، فقد صار العالم أجمع يعلم أنه بين بياض المرأة وسواد الرجل –أو العكس– تقع الكثير من أطياف اللون الرمادي، ومنه توحي لنا هذه القصة الطريفة أنها كانت قد كتبت في أزمنة أكثر بساطة من الآن.

وتبقى هذه الرواية القصيرة قطعة أدبية ممتعة ومسلية استمرت شعبيتها وتجاوزت اختبار الزمن لسنوات طوال. تابع معنا عزيزي القارئ قراءة هذه القصة الطريفة لتحكم بنفسك ما إن كانت الفروقات بين الرجل والمرأة فيها حقيقية أم أنك تخالف المؤلف الرأي، ودعنا نعرف رأيك في التعليقات:

تقول القصة:

لنفترض أن رجلا اسمه (روجر) وجد نفسه منجذباً نحو امرأة اسمها (إيلاين)، فيدعوها للخروج معه لمشاهدة فيلم معاً فتقبل دعوته. يخرجان معا ويستمتعان بوقتهما، وبعد عدة ليالٍ أخرى لاحقا يدعوها مجددا للخروج معه، وهذه المرة لتناول وجبة العشاء، ومجددا يستمتعان بوقتهما معاً.

يستمران في المواعدة ورؤية بعضهما البعض بصورة معتدلة، وبعد مدة يتوقف كلاهما عن الخروج مع أشخاص آخرين، ثم في إحدى الأمسيات أثناء طريق عودتهما لمنزليهما ليلاً، تخطر فكرة على بال (إيلاين)، وبدون أن تمحص التفكير فيها تنطق بها بصوت مرتفع: ”هل تدرك أن باعتبار الليلة مرت على علاقتنا ستة أشهر بالتمام والكمال؟“، ثم عم نوع من الصمت داخل السيارة.

رجل وصديقته داخل السيارة
صورة: videoblocks

بالنسبة لـ(إيلاين) بدا الأمر مثل صمت صاخب ومخيف، فراحت تحدّث نفسها: ”أتساءل إن كنت أزعجته بقولي هذا. لربما كان يحس نفسه محدوداً بعلاقتنا، ربما هو الآن يظن أنني أحاول دفعه نحو نوع ما من الالتزام الذي لا يرغب فيه بعد، أو ليس متأكدا منه“.

أما (روجر) فكان يفكر: ”يا إلهي ستة أشهر!“، و(إيلاين) تخاطب نفسها: ”لكن، أنا عن نفسي لست متأكدة إذا كنت أرغب في هذا النوع من العلاقات أيضاً. أحيانا أتمنى لو كنت أتمتع بحرية أكثر، حتى يتسنى لي متسع من الوقت للتفكير فيما إذا كنت حقا أرغب في الاستمرار في علاقتنا هذه على هذا المنوال أم لا، الاستمرار والتقدم بثبات نحو، أعني..، أين نحن ذاهبون في علاقتنا؟ هل سنبقى نتواعد على هذا المستوى من الحميمية فقط؟ هل نحن متجهون نحو الزواج؟ نحو الإنجاب؟ نحو عمر كامل مع بعضنا البعض؟ هل أنا مستعدة لهذا النوع من الالتزام؟ هل أعرف حقا هذا الشخص حق المعرفة؟“

و(روجر) راح يفكر: ”..هذا يعني أننا بدأنا نرى بعضنا البعض في… لنرى.. شهر فبراير، وهو ما كان مباشرة بعد أن اقتنيت سيارتي، مما يعني.. دعني أتفقد عداد السيارة.. آها! لقد تجاوزت موعد تغيير زيت المحرك كثيراً“.

و(إيلاين) راحت تحدّث نفسها: ”إنه منزعج بدون شك. بإمكاني رؤية ذلك على تعابير وجهه. ربما كانت قراءتي لهذا الأمر برمته خاطئة. ربما كان يرغب في المزيد من وراء علاقتنا هذه، المزيد من الحميمية، المزيد من الالتزام، ربما شعر بأنني كنت أشعر بنوع من التحفظ حتى قبل أن أشعر به أنا نفسي. أجل أراهن أن هذه هي المشكلة. لهذا هو متردد حيال قول أي شيء عن مشاعره أو البوح بها بصراحة. إنه يخشى أن أصدّه“.

و(روجر) يقول في نفسه: ”ثم سأجعلهم يتفقدون علبة التروس مجددا. لا أكترث لما يقوله هؤلاء الحمقى، مازال هناك خطب ما لدى تغيير السرعات. ومن الأفضل لهم أن لا يلقوا اللوم على الطقس البارد هذه المرة. عن أي طقس بارد أتحدث؟ درجة الحرارة 87 فهرنهايت، والسيارة تصدر ضجيجا كما لو كانت شاحنة القمامة، لقد دفعت لهؤلاء اللصوص عديمي الكفاءة 600 دولار“.

و(إيلاين) تفكر: ”إنه غاضب، وأنا لا ألومه على ذلك، لكنت لأغضب أيضا لو كنت مكانه. أشعر بذنب كبير لوضعه في أمر مثل هذا، لكنني لا أستطيع كبح مشاعري. أنا فقط لست متأكدة“.

و(روجر) يفكر: ”قد يقولون أن مدة صلاحية التأمين هي تسعون يوماً فقط… محتالون“.

و(إيلاين) تفكر: ”ربما كنت مثالية أكثر من اللازم، ربما كنت أنتظر ذلك الفارس على حصانه الأبيض الجميل، بينما أنا جالسة تماما بالقرب من رجل جيد إلى أبعد الحدود، شخص أستمتع برفقته، شخص أهتم له حقا، شخص يبدو مهتما لأمري بصدق، شخص يتألم بسبب تخيلاتي الرومنسية المتمحورة حول نفسي التي تجعلني أبدو مثل فتاة مراهقة“.

و(روجر) يفكر: ”وثيقة الضمان؟ يريدون أن أريهم وثيقة الضمان؟ سأعطيهم الضمان. سأحمل وثيقة الضمان خاصتهم وأحشرها مباشرة في…“.

وهنا صاحت (إيلاين) قائلة: ”(روجر)“، فقال على الفور: ”ماذا هناك؟“ وهو متفاجئ، فردت (إيلاين): ”أرجوك لا تعذب نفسك على هذا الشكل“، ثم بدأت عيناها تغرقان في الدموع، واستطردت مضيفة: ”ربما لم يكن علي أبدا أن.. آه يا إلهي، أشعر بـ…“، ثم انهارت باكية.

فقال لها (روجر) المحتار من أمره: ”ماذا هناك؟“

فأجابت (إيلاين): ”أنا حمقاء حقا“، واستطردت: ”أعني، أعرف أنه لا يوجد هناك فارس، أنا أعي هذا حقا، إنه أمر أحمق. لا يوجد هناك فارس، ولا يوجد هناك حصان“.

فرد (روجر) مستغرباً: ”لا يوجد هناك حصان؟“، ثم قالت (إيلاين): ”أنت تظن أنني حمقاء الآن أليس كذلك؟“، فأجابها (روجر): ”لا“، وكان سعيدا لأنه تمكن أخيرا من الإتيان بجواب صحيح.

فقالت: ”الأمر وما فيه أنني أحتاج لبعض الوقت“، ثم مرت 15 ثانية من الصمت التام بينما راح (روجر) يفكر بأسرع ما أمكنه محاولا الإتيان بجواب آمن، وأخيراً خطر بباله جواب ظنه سيفي بالغرض: ”أجل“، فشعرت (إيلاين) براحة عميقة ومالت ناحيته وأمسكت بيده، وقالت: ”آه يا (روجر)، هل تشعر حقا بما أشعر به؟“، فرد (روجر): ”أي شعور؟“، فردت: ”ذلك الشعور حول الزمن“، فرد (روجر): ”أوه.. أجل“، فاستدارت (إيلاين) ناحيته وحدقت مطولا في عينيه مما جعله يتوتر كثيرا مما ستقوله، خاصة إن كان الأمر يتعلق بالأحصنة، فقالت: ”شكرا لك يا (روجر)“، فقال (روجر): ”شكرا لك“.

اصطحبها بعدها إلى منزلها، فاستلقت على سريرها وهي تشعر بعذاب نفسي داخلي وراحت تنتحب حتى الفجر، بينما عاد (روجر) إلى منزله، وفتح كيس رقائق البطاطس، وشغل التلفاز وراح يشاهد مباراة كرة السلة بين فريقي جامعتين في ولاية (داكوتا) لم يكن قد سمع بهما من قبل، وفي خضم ذلك كان صوت خافت جدا في ذهنه يخبره بأن شيئا كبيراً كان يحدث هناك في السيارة، لكنه كان متأكد جدا أنه لم تكن هناك أية طريقة قد يفهم من خلالها الموضوع، لذا قال في نفسه أنه من الأفضل عدم التفكير في ذلك على الإطلاق.

في صباح اليوم التالي، اتصلت (إيلاين) بصديقتها المقربة، أو ربما صديقتيها المقربتين، ثم رحن يتحدثن حول تلك الوضعية التي وجدت فيها نفسها في الليلة الماضية لمدة ستة ساعات متوالية بالتفاصيل المملة، وقمن بتحليل كل شيء قيل في تلك الأمسية وكل شيء قاله (روجر)، ورحن يعدن بالأحداث إلى الوراء مرارا وتكراراً، مستكشفات كل كلمة، وتعبير، وجملة، وحركة من أجل استسقاء أدنى معنى منها.

واستمرين يناقشن الموضوع مرارا وتكرارا لمدة أسابيع كاملة، ربما أشهر، ولم يصلن إلى أي خلاصات فاصلة، لكنهن لم يسأمن منه كذلك.

في تلك الأثناء، وبينما كان يلعب كرة السلة مع صديق مشترك بينه وبين (إيلاين)، توقف (روجر) لبرهة، وقال: ”(نورم)، هل كانت (إيلاين) تملك حصاناً في السابق؟“

وذلك هو الفرق بين الرجال والنساء.

من إبداع (دايف باري).

الآن أخبرنا عما إذا كنت توافقه الرأي أم لا في التعليقات عزيزي القارئ.

مقالات إعلانية