بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، قررت الحكومة الروسية تقليل اعتمادها على محطة الإطلاق الفضائية في كازاخستان، وتحولت بدلاً من ذلك إلى محطة (بليسيتسك) على بعد 800 كيلومتر شمال موسكو.
أما في الوقت الحالي، عندما تطلق روسيا أقماراً صناعية من (بليسيتسك) فإن معظم صواريخ الدفع المعززة تسقط في بحر (بارنتس)، معظمها وليس كلها، ففي الكثير من الأحيان يسمع القرويون على بعد 400 كيلومترا إلى الشمال من المحطة الفضائية صوت الصواريخ، ويرون الغيوم البرتقالية السامة في أعقابها، ويعرفون أن مخلفات الفضاء ليست بعيدة.
*تم التقاط جميع الصور من قبل المصور Raffaele Petralla
سافر المصور (رافايل بيترالا) من روما إلى هذه المجتمعات النائية مرتين خلال الـ15 شهراً الماضية، وأراد أن يستكشف ما يحدث عندما تسقط صواريخ الفضاء على مجموعة من المناطق السكانية التي تقع تحت مسارات الطائرات والصواريخ والتي يتسم كثيرٌ منها كذلك بالفقر. ما وجده (بيترالا) هو اقتصاد غريب قائمٌ على أساس استكشاف وإعادة تدوير هذه القمامة الصاروخية من قبل من يجدها أولاً، وبالتحديد السكان المحليون، ذلك لأن الحكومة لا ترغب في استعادتها على أية حال.
يحول هؤلاء السكان هذه القمامة إلى أشكال أخرى من المقتنيات، فمن الممكن أن تصبح الطبقة الخارجية لقذيفة صاروخية ما عبارة عن زلاجةٍ أو قارب، ويمكن بيع أجزاء أخرى إلى التجار المارين بالمنطقة تماماً مثل مشهد من فيلم الخيال العلمي «حرب النجوم»، حيث يقوم هؤلاء التجار باستخراج الذهب والتيتانيوم من داخل البقايا لبيعه في مدينة (أركانجيلسك) المجاورة.
من أجل التقاط الصور، اضطر (بيترالا) إلى التسلل إلى داخل منطقة أمنية محظورة في ضواحي مدينة (ميزين) -التي يبلغ عدد سكانها 3500 نسمة- والخروج منها، وتميزت هذه المنطقة بكل هذه الحماية بسبب موقعها على الحدود الشمالية لروسيا، ويُعد فصل الشتاء أسهل وقت للوصول إلى القرى المحيطة التي يحتوي بعضها على عدد صغيرٍ جداً من السكان، وذلك لأن الأنهار المتجمدة تُستخدم كطرق للتنقل.
علم المصور لأول مرة بظاهرة الحطام المتناثر الغريبة عن طريق صديق له عالم أنثروبولوجيا روسي، والذي كان قد وصل إلى هذه المنطقة لأول مرة خلال رحلة إلى أحد المعتقلات من العهد الستاليني، يقول (بيترالا): ”رأى صديقي السكان وهم يستعيدون الصواريخ ويضعونها في حدائق منازلهم، وقالها كما لو كان الأمر مضحكاً، وهي طريقة الروس في التعامل بشكل طبيعي مع الأشياء الغريبة. شعرت بالفضول، فقد كان شيئا لم أسمع به من قبل“.
وافق (بيترالا) على عدم إدراج ألقاب الأشخاص الذين ظهروا في الصور، كما سمح له القرويون بالبقاء في منازلهم بالرغم من عدم امتلاكه تصريحاً بالإقامة.