مه
تبلغُ البنت سنّ التاسعة من عُمرها وتتفاجأ بتهليلٍ من المدرسة والعائلة والأصدقاء ببلوغها سن النضوج، نعم لقد حان وقت الحجاب. فالمدارس تقوم بمراسِمِ تحجيب الإناث والعائلة تستقبل المهنئين، ولا يخلو الأمرُ من جوائز وهدايا وحلويات، فالفتاةُ بعمر التاسعة تحب الهدايا طبعاً، فيعجبها الأمر وتتقبّل فكرة الحجاب ”عن قناعة“.
وهل لها رأي غيرَ ذلك؟ هل هنالكَ مجال لتقول لا بعد كل هذا التهليل؟ وهل تستطيع أن تقول لا للحجاب لوالدها الذي يعتبر الحجاب جزء لا يتجزأ من شرف العائلة؟
هنا تقعُ الفتاة أسيرة الحجاب عن قناعة، القناعة بالتلقين والضغط من المحيط حول ضرورة تغطية رأسَها، لكن لماذا تتحجّب بنتُ التاسعة؟ هل الأهل أو المدرسة يعرفون الإجابة؟ هل الفتاة التي تم تحجيبها تعرف الإجابة؟، بالطبع لا لأنه مجرد شيء يجب فعله لأسباب دينية وغالبا اجتماعية.
قناعة من؟
نِعمَ قناعةٍ بتطبيق شيءٍ لمجرد التطبيق فقط، نَعَم إنه بالفعل حجاب عن قناعة ولكن قناعة مَن؟
رغم انتقادنا الشديد والمتكرر للحجاب على أنه سلطة ذكورية، هو أيضاً انتقاص لحقوق المرأة وحريتها. تبقى تلك النساء التي ترتدي الحجاب وحتى النقاب عن قناعة تامة وأقصد هنا القناعة من قِبَل راشدة وليست فتاة التِّسع سنوات، أمّها سافِرة ولكنها محجبة، ووالدها يسمح لها بارتداء ما تريد لكنها اختارت النِّقاب بكاملِ إرادتها وعن اقتناع نابع من ذاتها دون إملاءٍ من أحَد. ويبقى السؤال هل الاقتناع يعني السعادة بالحجاب وهل هذا اقتناع حقيقي؟
الحجاب والحياة اليومية:
مَنْ منا لم تشتكي أمّه المحجبة من الحر داخل حابس الحرارة الذي تلبسه على رأسها، أو لم تضطر أخته المحجبة أَن تنحصر في المطبخ عند زيارة أحد رفاق الأب للبيت؟
مَن منّا لم تشتكي أمّه المنقّبة عدم قدرتِها على الأكل خارج حدود البيت؟
من مِنا لم تشتكي أمهُ المحجبة من ألم العظام بعد ان أخبرها الطبيب أن الحجاب هو السبب في عدم إفراز الجسم لفيتامين (د) بسبب عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس؟
من منا لم تتذمر أخته المقتنعة بالحجاب من عدم تمكنها القيام ببعض النشاطات مع رفاقها بسبب الحجاب خاصة الرياضية منها؟
من منا أمه لم تخلع الحجاب مع صوت ”خيييي“ فور وصولها للمنزل للتعبير عن الراحة بعد التعب الذي أحدثه الغطاء على الرأس طوال النهار؟
من منّا صديقته المحجبة لم تشتكي من مشكلة تساقط الشعر بسبب حصر الهواء و الشمس عن الشعر؟
فالمحجّبة مقتنعة بالجنة والتقاليد وليس بالحجاب.. الاقتناع بالحجاب هو مجرد وهم.
