in

سبع أمثلة قد تغير رأيك حول حرّية الاختيار

حرية الاختيار

لعبة الدول:

اختر اسم دولة، أي دولة تريد، وقُلها بصوتٍ عالٍ. طبعاً أنت اخترت هذه الدولة بكامل ارادتك، نعم؟ بكم دولة فكرت قبل أن تختار هذه الدولة؟ هل أنت من عرض هذه الدول برأسك ثم اخترت منها؟ أم أن دماغك أعطاك عدة دول وحدد اختيارك بهم؟

خريطة العالم
Lifehack

انت بالطبع تعرف دولة زامبيا، فلماذا لم تخطر على بالك؟ أنت بالطبع تعرف دولة ساحل العاج، ولكن لماذا لم تخطر على بالك؟ واللائحة تطول..

كيف يمكنك أن تختار دولة لم يعطك دماغك الخيار باختيارها؟ كيف تختار دولة لم تعجب دماغك كفاية ليعيطك اياها كَخيار؟

خدع تجارية:

في دراسة عن حرية الاختيار قام بعض الباحثين بوضع تخفيضات على احدى السلع دون تحديد الحد الاقصى للشراء لكل زبون، إجماليّ السلع المخفضة المباعة للشخص الواحد كانت 3 سلع.

تخفيضات
Walmart

لاحقاً قام الباحثون بوضع تنويه يقول ”حد أقصى عشر سلع للشخص الواحد“. اذا كنت تعتقد أن زيادة عدة كلمات لن تؤثر على حرية اختيارك فانت مخطئ، لأن عدد اجماليّ السلع المباعة للشخص الواحد ارتفعت الـ8! علما أن السعر لم يتغير، فقط تم اضافة جملة تحدد الكمية فتلاعبت الجملة بعقل المشتري وأصبح العرض مغري جداً.

بكتيريا:

بحسب دراسات إحدى جامعات سان فرانسيسكو للعلوم التطورية والسرطانية، أن هناك بكتيريا تعيش داخل الأمعاء لديها القدرة على التلاعب بدماغنا عبر ارسال اشارات لتحفيز الدماغ على طلب السكِّر وذلك لاشباع رغبات البكتيريا بالغذاء المفضل لها. في المرة المقبلة التي تشتهي فيها قطعة حلوى تذكر أنك مجرد عبد لدى بكتيريا تعيش داخلك، تنفذ طلباتها من دون أن يكون لك أي رأي بالموضوع.

بكتيريا
Wikiimage

البكتيريا تفوق خلايا الجسم، فتخيل كم من التلاعب الدماغي تقوم به هذه الخلايا بشكل يومي، على الرغم من أننا لا نعرف مدى تاثير هذه البكتيريا أو طريقة عملها بشكل دقيق، لكننا نعرف أنه أكثر من مجرد سجين، بل هي كالمستأجر الذي يطلب تغيير لون الحائط من فترة لاخرى.

الجوع:

من زاوية تطورية، عند الجوع يقوم الدماغ بالتركيز على الطعام أو طرق الوصول إليه، ويقوم بتضخيم أي كلمة أو شكل أو لون يدل على وجود طعام و يجعلها أولوية، لكن هذا ليس ما أريد أن أتكلم عنه، بل الجوع والحالة النفسية للفرد.

جوع
bc.how

لا يُخفى على أحد ان الجوع يؤثر نفسيا على الأشخاص، ويقلب المزاج والعصبية تزداد الخ.. لكن هل تعرف أن الجوع يؤثر على حرية الاختيار؟

في دراسة على لجنة قبول الطلبات لاحدى المنظمات لاحظ الباحثون أن قبول الطلبات يبدأ بالانخفاض تدريجيّا خلال النهار ليصل الى أدنى نقطة وهي قبيل وقت الغذاء، ليعود ويرتفع القبول بشكل دراماتيكي مباشرة بعد الاكل ومن ثم يعود وينخفض مجدداً بعد ذلك.

الأورام:

في الأول من آب سنة 1966 قرر المهندس تشارلز وايتمان أن يقتل امه وزوجته، ثم توجه لأعلى برج داخل حرم جامعة تكساس وهو مدجج بالسلاح، من قنابل وأسلحة يدوية وقناصة وبدأ بالقنص العشوائي وقتل 14 شخص وجرح العشرات إلى أن تم قتله على يد الشرطة بأكثر يوم دموي تشهده الجامعة.

About news
About news

وبعد مقتله تم ارسال جثته للتشريح ليتبين أن هناك ورم في دماغه يعرف بـastrocytoma، بالبداية أعلن الطاقم التشريحي أن لا علاقة للورم بالمجزرة لكن باليوم التالي وبعد الاستعانة باطباء تشريح واخصائيّي علم نفس واعصاب، توصلوا إلى نتيجة أن الورم يضغط على الـamygdala وهي منطقة تختص بتحديد النزعة الهجومية للفرد، والتقرير النهائي ألقى اللوم على الورم.

ورم دماغي
nibib

في البداية كنت تعتقد أنه مجرم على نطاق عالي وعلى الأغلب احتقرته، ولكن بعد معرفة قصة الورم تغيرت نظرتك، ربما شعرت بالتعاطف معه ومع قضيته، غريب صحيح؟ لكن النقطة التي أحاول ايصالها ان تشارلز لم يملك أي حرية اختيار، كيف يختار شيء يخالف دماغه؟ أليس هو دماغه؟ هل يستطيع أن يقرر أن لا يقتل علما أن إشارات دماغه امرته بالقتل؟ لا اعتقد.

كم من مجرم وقاتل لم يكن لهم أي حرية قرار، أورام وأمراض وجينات دفنت تحت التراب مع كل تلك الفظائع التي ارتكبوها باسمها.

الجينات:

جينات
bc.how

كل انسان يولد بجينات مختلفة، الجينات التي تحدد من أنت، تحدد طولك ولون شعرك وحجم أنفك. و لكن هل المظهر الخارجي هو كل شيء؟ الجينات تشكل عقلك، تشكل مدى تفاعلك ومدى تقبلك للاخرين وحسّ الفكاهة لديك وعصبيتك وأغلب انفعالاتك.

  • أي حرية اختيار لديك وأنت لا تستطيع أن لا تغضب اذا امتلكت دماغ يفور بسرعة؟
  • اي حرية اختيار لديك وأنت لا تستطيع أن لا تقتل اذا منطقة الشفقة عندك ضعيفة كما عند القاتلين serial killer حيث لا يملكون اي شفقة، كل ما يروه بالقتل هو المتعة، كيف تلومهم على انسانية لا يمتلكونها؟
  • اي حرية اختيار تمتلكها إذا لا تستطيع التفكير الا كرجل لانك تمتلك الـY كروموسوم.

سأعرفكم على متلازمة ويليامز، هذه المتلازمة نتيجة حذف بالصبغيات بالكرموسوم السابع، فبالاضافة للمشاكل العضوية يفقد المصاب أي شعور بانعدام الثقة، بل هو يثق بكل الاشخاص ثقة عمياء، ممكن أن يعطيك كل ما يملك وأن يصدقك بكل ما تقول! أي حرية خيار لديه اذ ان جيناته لم تعطه حتى فرصة. وهكذا الاشخاص الغير مصابين، فهم ليسوا متساويين، بل هذه الجينات تحدد مدى ثقتك بالاخرين، إنها لعبة جينات و هذا جين واحد فقط من أصل 25000 جين.

الرنين المغناطيسي ”MRI“:

رنين مغنطيسي
UMD

تشير دراسات الرنين المغناطيسي إلى أن الانسان يتّخذ القرار حتى قبل أن يعي نفسه بذلك. خلال وضع شخص بالجهاز وطرح بعض الاسئلة عليه، يستطيع الباحث أن يعرف الاجابة التي سيجيبها الشخص قبل مدة قد تصل لعدة ثواني. نعم! دماغك يتّخذ القرار قبل أن تعي أنك اتخذته، كيف يمكن أن يكون لك يد بأخذ القرار إذا لم تعرف حتى أن القرار قد اتخذ. كأنك شخص يتوقع نتيجة المبارة بعد انتهاء المباراة.

لعبة:

سأترككم مع هذه اللعبة لتجربوها على اصدقائكم..

اسأل احد اصدقائك هذا السؤال ”هل مات نابلوين بعمر الـ78 تحديدا؟“ إذا اجاب بـ”لا أعرف“ فاسأله: ”برأيك كم كان عمره؟“

ولصديق آخر اساله هذا السؤال ”هل مات نابلوين وعمره 31 سنة تحديدا؟“ اذا اجاب بـ”لا اعرف“ اسأله: ”برأيك كم كان عمره؟“

ستجد ان تقدير صديقك الاول قريب من الـ78 وجواب صديقك الثاني قريب من 31. نعم السؤال نفسه يؤثر على الجواب، وداعاً حرية الاختيار.

نابليون
BBC

اتمنى ان يكون هذا المقال قد غيّر رأيكم حول حرية الاختيار، والوهم الذي نعيشه. بالطبع أنت ليس لديك خيار بتصديق أو عدم تصديق المقال، بل دماغك هو من سوف يقرر ذلك و أنا اخاطب دماغك. بنفس مبدأ اعلانات الإقلاع عن التدخين، أنت قد ترى الاعلان ألف مرة ولا تهتم له، لكن بيوم من الأيام تشاهده وتقرر أن تقلع عن التدخين! لماذا هذه المرة تحديداً؟ بالطبع لا تعرف لكن هناك سلسلة احداث حصلت ودماغك قرر أن الوقت مناسب ليقرر ذلك.

بهذا المقال لا أطلب منك ان تتقبل كل الاعمال القبيحة، أو أن تطلق سراح كل السجناء من قتلة ومغتصبين وارهابيين. طبعا لا، فنحن نعيش بمجتمع و بعض الاشخاص يجب ان يوضعوا بأماكن بعيدة جدا من أجل المصلحة العامة. لكن أدعوك أن تتفهم أن الكثير من الأفعال هي خارجة عن سيطرة الفرد، والسجن يجب أن يكون مكان إصلاح وحماية لهؤلاء الأشخاص من أنفسهم لا عذابهم.

نعيش حياتنا كمشاهدين لأفعالنا لا أكثر. نعيش بوهم حرية الاختيار، كأن لدينا خيار ان لا نختار ما اخترناه. –سام هاريس.

كتب ينصح بها: Sam Harris – Free Will

One Comment

مقالات إعلانية