in

دخلك بتعرف ظاهرة ”البرونيز“ Bronies؟ كيف لبرنامج موجه للفتيات الصغيرات أن يستقطب كل هؤلاء الرجال؟

Bronies

في سنة 2010 ظهر مسلسل أنيمي موجه للفتيات الصغيرات بعنوان: ”مهري الصغير: الصداقة أمر ساحر – My Little Pony: Friendship is Magic“ على قنوات الكايبل، والتي تم مدحها كثيرا من طرف النقاد بسبب حس الفكاهة الذي كان يغمرها، والعبر والثقافة الأخلاقية التي كانت تنشرها، كما أنها جذبت جمهورا كبيرا من الفتيات الصغيرات، تماما مثلما توقعه المنتجون المشرفون عليها.

أما ما لم يتوقعه أحد، هو الجمهور الآخر الذي استقطبته هذه السلسلة، وهو مجموعة هائلة الأعداد من المعجبين والمتابعين يلقبون أنفسهم بـ”البرونيز – Bronies“ (بمزج كلمتي: bro+pony=brony)، التي تتكون بشكل كبير من الشباب الذكور.

إن ظاهرة البرونيز هذه أمر كبير بحق:

كم هو كبير؟ أولا يمكنك إلقاء نظرة على كل ما أنتجه المعجبون بهذه السلسلة من قصص خيالية تدور حولها من إبداعهم الخاص، إلا أنه يبقى أكبر من ذلك.

يوجد كذلك فن ”بروني“ وأفلام ”بروني“ كرتونية، إلا أنه مازال أكبر من ذلك.

توجد هناك موجة عظيمة من مقاطع الفيديو الموسيقية الخاصة بهذه ”المهور“، كما أن هناك الكثير من الأغاني على شاكلة Bohemian Rhapsody التي يتم غناؤها من طرف المهور كذلك على موقع اليوتوب، كما تم كذلك تعديل العديد من كلمات أغاني شهيرة لتتناسب مع المهور في هذه السلسلة الأنيمي، مثل الأغنية الإفتتاحية للبرنامج الكرتوني Freakazoid.

ثم هناك كذلك الأغاني من البرنامج نفسه والريمكس الخاصة بها، ومجموعات البرونيز التي تؤدي هذه الأغاني مع بعضها.

كما قام هؤلاء المعجبون كذلك بإنشاء ألبومات موسيقية كاملة حول هذا البرنامج. من بينها أغنية راب كاملة حول أن تكون واحدا من الـ”برونيز“.

إلا أن الأمر يتعدى مجرد الموسيقى، حيث اتجه البعض من المعجبين إلى دبلجة العروض المختصرة Trailers الخاصة بالأفلام، فأصبح Forrest Gump بـRainbow Gump، وأصبح فيلم Watchmen، يعرف بـ: WatchPonies.

كما أنه توجد حتى العديد من المسلسلات الموجزة، مما يعني أن المعجبين يقومون بإضافة أصواتهم الخاصة على شخصيات هذه السلسلة الشهيرة.

الأمر مازال أكبر من ذلك بكثير:

قام البرونيز بأخذ المهور في الخلفية وتخيلوا باقي التفاصيل في خلق العديد من الشخصيات الجديدة مثل Derpy والدكتور Doctor Whooves، كما قام المعجبون كذلك بجعل جمل وعبارات عشوائية في السلسلة شائعة وشعبية وصنعوا منها ميمات مثل ”20% Cooler“.

20% Cooler
20% Cooler

كما قام البرونيز كذلك بالبت في دبلجة البرنامج للغة الإسبانية، والألمانية والصينية. وتم كذلك إنشاء فيزياء المهور، وعلم تشريح المهور، وحتى سياسة اقتصاد المهور، كما أن ”ستيفن كولبرت“ كان قد أثنى على هذه الجهود من قبل ”البرونيز“ بنفسه.

قام البرونيز كذلك بإنشاء جمعية خيرية تحت اسم ”Bronies for Good – جماعة البرونيز لفعل الخير“. كما قام أحدهم بإعادة كتابة عبارة ”نحن العالم – We Are the World“ لتتناسب أكثر مع المهور من أجل أن يتم استعمالها في الحملات الخيرية.

Bronies for Good – جماعة البرونيز لفعل الخير
Bronies for Good – جماعة البرونيز لفعل الخير

قام البعض بإنشاء أوراق لعب خاصة بالمهور، والكثير من ألعاب الفيديو كذلك، مثل: لعبة My Little Investigations، ولعبة بوكيمون المهور، ولعبة سباق ثلاثية الأبعاد، ولعبة ثلاثية الأبعاد أخرى، وتطبيق مواعدة، ولعبة قتال ذات جودة عالية، ولعبة فلاش تحمل اسم The Fiends from Dream Valley التي تحتوي على الأصوات الأصلية للممثلين الأصليين في السلسلة.

هل ذكرت أنه قد تم حتى الآن إصدار موسم واحد فقط من هذا البرنامج، وأن الموسم القادم تفصلنا عنه شهور؟

أصبحت ظاهرة البرونيز كبيرة للغاية مما جعل المعجبين في حاجة إلى مواقع تجمّع مكرسة خصيصا لتعقب وتتبع كل ما يتعلق بها مثل موقع Equestria Daily. هذا دون أن ننسى نشاطات منتدى الـponychan، إنه لأمر عظيم حقا أمر هذا البرنامج، بالنظر إلى الجمهور المستهدف في بادئ الأمر.

مهري الصغير: الصداقة أمر ساحر - My Little Pony: Friendship is Magic

أما السؤال الذي أراهن أنه يتبادر إلى أذهان الجميع الآن فهو: لماذا؟ لم قد يستقطب برنامج موجه للفتيات الصغيرات هذا القدر العظيم من الجمهور (من غير الفتيات الصغيرات)؟ قد يجيب معظم البرونيز عن هذا السؤال بإجابة بسيطة: ”لأنه برنامج رائع“، إلا أن الأمر أعمق من ذلك.

من الواضح أنه برنامج جيد، مع شخصيات جيدة، وكتابة سيناريو جيدة كذلك. إلا أن هذا بالكاد يشرح التصعّد في ظاهرة البرونيز.

يعتبر العامل الأكبر في ذلك هو ”مجتمع البرونيز“ نفسه، الذي يساند ذاته ويوسعها، كما أن البرنامج أصبح ينوب عن الكثير من القيم والعلاقات الإنسانية التي تعتبر أكثر أهمية وضرورة من البرنامج نفسه.

دعوني أشرح لكم هذا الأمر:

على الرغم من أننا لا نلاحظ هذا دائما، إلا أن معظم الشبان الذين تنحصر أعمارهم بين 13 إلى 29 سنة يكون تفكيرهم محددا بالكثير من المعايير الإجتماعية، فنحن نميل إلى الإعجاب بالأمور القوية ورموزها كالأبطال الخارقين، والفنون القتالية، كما أننا نمضي الكثير منم الوقت في لعب لعبة Halo وModern Warfare نقتل فيها المخلوقات الفضائية والإرهابيين.

نحن نستمتع بالقيام بهذه الأمور، لكننا في معظم أوقات حياتنا كنا محرومين من الإستمتاع بأي شيء جميل، أو نقي أو بريء (حتى الكوميديا التي كنا نشاهدها كانت مشوهة). كان هذا المنع والتحريم قويا لدرجة جعلنا لا نعلم بوجوده أصلا، فنحن لا نفكر حتى في مختلف مواطن الترفيه في المجتمع التي يستحيل علينا التناسب معها مع معاييرنا الإجتماعية تلك.

قام هذا الأمر بخلق نوع من الجوع العاطفي لدينا، فلم نمنح أنفسنا حرية استهلاك كل ذلك القدر من الروعة والنقاوة والبراءة على وسائل الميديا خاصتنا، مثلما كنا لنرغب في استهلاكه.

مع قدوم مجتمع ”البرونيز“، قام العديد من الشباب بإعطاء بعضهم البعض حرية إعادة كتابة قواعدنا ومعاييرنا الإجتماعية الخاصة بنا، والتخفيف من الجوع العاطفي الذي كنا نعاني منه.

ظاهرة البرونيز

كما أن وجود هذا المجتمع في حد ذاته شجع الكثير من البرونيز الجدد على الخروج إلى العلن، وليس للإعتراف بأننا ”مثليون“، بل للإعتراف باستمتاعنا بهذه العناصر التي تعتبر ”أنثوية“ ومحرمة علينا نحن معشر الشباب، ومنه فإن هذا المجتمع يشجعنا على الإستمتاع بهذا البرنامج الرائع بدون عُقد، كما الإستمتاع بكوننا نقوم بتسطير معاييرنا الإجتماعية الخاصة بنا، والذي يعد واحدا من المشاعر الأساسية التي نتبادلها في مجتمعنا مجتمع البرونييز. (على الرغم من أن العديد من الناس لا يحللون الأمر بهذه الدقة والتفاصيل ويكتفون بهتاف أن هذا البرنامج ”ممتاز“ فقط).

ملاحظة:

يقوم العديد من الشباب باستعمال مصطلح ”مثلي“ كإهانة، إلا أن البرونيز قد قرروا أن يكون ”Rainbow Dash“ مثليا، وهو ما لم يقصدوه كإهانة، فقد تكون هذه الشخصية المثلية الأولى من نوعها التي سمح الشباب لأنفسهم الإستمتاع بها والإعجاب بها دون أحكام مسبقة، لذا نحن بصدد تغيير معاييرنا الإجتماعية بالفعل.

ويعتبر العامل الثاني في هذا المجتمع هو الطريقة التي يعامل بها أعضاء مجتمع البرونيز بعضهم. كان الكثير منا قد قدم من مواقع ومنتديات تعج بالقبح وسوء المعاملة والمشادات الكلامية وحتى تبادل الإهانات، فقام مجتمع البرونيز في الجهة المقابلة؛ مشجّعا من طرف كل من البرنامج نفسه ورغبتنا الشديدة في التغيير، بتقبل ”التسامح والحب“ كخصائص مميزة له، ربما ليس من العجيب أن تكون ظاهرة البرونيز قد بدأت على موقع ”4chan“ الذي يعرف بشكل خاص بالوقاحة والبذاءة، وبكون أعضائه كانوا في أمس الحاجة لمجتمع إلكتروني أكثر تسامحا.

ظاهرة البرونيز

مثلما قام أحد طلبة علم الإجتماع بالإشارة إليه مؤخرا، فتعطي العديد من المحادثات على مستوى مجتمع البرونيز مثالا لما يمكن أن يقوم به فرد البرونيز مع زميله الذي لا يستطيع القيام به مع أي فرد خارج هذا المجتمع.

لقد قمنا حقا بمنح بعضنا البعض القابلية في معاملة بعضنا معاملة حسنة لطيفة، ونحن نحب ذلك.

توصل منشور على موقع ”ponychan“ إلى نفس الإستنتاجات، وتضمن الإقتباس التالي:

”العار، هو كلمة مثيرة للإهتمام، أعتقد أن الصبيانية والروعة تراعي البراءة الداخلية الأصلية في كل واحد منا، والبراءة لا تعرف أي عار.

ليست المهور هي البداية، فمستعملوا منتدى ”4chan“؛ أين بدأت هذه الظاهرة، كان لديهم تاريخ طويل من تقبل الجمال والبراءة.

أعتقد أنه حتى تحصل على شخص بالغ بغيض ومنحرف، عليك أن تبدأ بتربية طفل صغير على مقت البراءة، وتضربه باستمرار، وتشبعه بالأكاذيب، ثم تسخر منه كونه صدقك، ثم تجلس وتشاهد كيف تقوم البراءة بمغادرة نفسه الصغيرة وهو ما يزال طفلا صغيرا، ثم تجف منه تماما وهو تلميذ مدرسة، إلى أن تخرج للمجتمع أسوء أفراد على الإطلاق يعانون من الإكتئاب، ويسخطون على العالم ويقومون بكل شيء قد يقوم به شخص محطم.

لكنه في مكان ما بداخلهم، فهم يتذكرون جيدا حقيقتهم التي ولدوا عليها، وربما يكون جزء منهم مازال بريئا. يشاهدون ”المهور“، يعشقون البرنامج ويواصلون مشاهدته لأنه يذكرهم بشيء جيد ونقي كانوا يحوزون عليه قبل أن يعبث العالم بهم، ويحرمهم منه.“

من الجلي والواضح جدا أن هذا ليس مجرد برنامج تلفزيوني بالنسبة إلينا.

أجل البرنامج جيد، لكن أكبر سبب لمشاهدته هو من أجل الإنضمام إلى مجتمعه، فنحن لا نستمتع فقط بمحتواه، بل المثل والمبادئ التي ينشرها، مبادئ تخطت مجرد ما أراده المنتجون.

لهذه الأسباب ”البرونيز“ رائعون.

مقالات إعلانية