in

كل الأشياء التي أتمنى لو أن أحدهم أطلعني عليها في أوانها قبل التحاقي بالجامعة

العودة إلى المدرسة
صورة: Noel Ransome/Shutterstock

كخطوة في الحقبة الحديثة من العالم الجديد لتصميم وبناء عالم أفضل، قامت الجمهورية الأولى الفرنسية بإنشاء رزنامة جديدة كليا تبدأ بشهر سبتمبر، وقد كان هذا الأمر دائما ما أثار فضولي منذ كنت أبلغ من العمر 12 سنة، مما جعل في ذهني أمرا يرسخ وهو أن بداية السنة الدراسية هي البداية الحقيقية للعام، وذلك مع مجيئ الخريف وتساقط أوراق الأشجار.

وبعد دخولي إلى الجامعة وتخرجي منها، اكتشفت أمورا على مر سنوات دراستي التي أتمنى لو أنني عرفتها قبل ذلك، لأنها كانت لتحدث تغييرات جذرية في طريقة تفكيري، وفي نمط حياتي، وكانت لتكون لها انعكاسات جد إيجابية على حياتي بصفة عامة، إلا أنني؛ على غرار جميع أقراني آنذاك؛ كنت أبلغ من العمر ثمانية عشر سنة وكنت أذكى شخص في العالم على حد ظني.

إليكم بعضا من تلك الأمور التي تمنيت لو أن أحدا أخبرني بها في أوانها عندما كنت طالبا في الجامعة:

1. من الطبيعي جدا أن لا تكون لديك أية فكرة عما تفعله:

يقوم الجميع بالترويج لفكرة أن الجامعة جيدة للغاية، وحيوية، وضرورية جدا لمستقبلك لدرجة تجعلك مرتبكا ومتحمسا في آن واحد، وتملؤك شعورا بأنه يجب عليك أن تكتشف وتبدأ في تحقيق أهدافك من الحياة مع نهاية الفصل الدراسي الأول، وإلا فأنت تعتبر فاشلا في حياتك.

هذا الأمر خاطئ تماما، وبينما من الجيد أن تكون من الأوائل الذين يبرعون في مواد معينة وأن تحصل على نتائج جيدة، إلا أنك إن لم تتريث وتأخذ كامل وقتك في التفكير فيما تريد القيام به ودراسته؛ ففي غالب الأحيان ستجد نفسك في نهاية المطاف تقوم بأمور تكرهها أو لا تجيدها لبقية أيام حياتك.

2. إنه من الطبيعي جدا أن تتوقف عما أنت بصدد دراسته وتغير ميدان التخصص في أي مرحلة من دراستك:

كثير منا قام بإختيار تخصصه بناء على نصائح من كانوا ”أكثر خبرة“ وقام بتجاهل حدسه وما يحب فعله في الحياة، فهناك حتى من أنفق المال والوقت والمجهود في تخصصات معينة ثم باءت كل محاولاته في إنجاح ذلك بالفشل الذريع، ذلك أن الإنسان وببساطة لا يبرع فيما يكره أو فيما لا يحب.

أنا من بين جميع من سبق الإشارة إليهم، أمضيت ثلاث سنوات من دراستي الجامعية في تخصص فقط لأكتشف لاحقا أنني ليس بإمكاني تضييع المزيد من وقتي عليه، فالحياة قصيرة والموارد شحيحة، لذا قم بما تريد القيام به وادرس ما تحب دراسته، لأن الأمر ليس بتلك الأهمية، كما أننا لسنا في سباق، أضف إلى ذلك أنه لا يوجد الكثير من مناصب العمل في نهاية الخط، لذا لا فائدة من الخروج مبكرا بشهادة لا تبرع فيها أو لا تحبها.

3. الدراسة لا تساوي الذكاء:

من الواضح أنه يوجد تناسب بين الإثنين إلا أنك لا يجب أن تخطئ أبدا في الإعتقاد بأن العلامات الدراسية هي خير ممثل عن مستوى ذكاء الفرد، فكثيرا ما يعاني الكثيرون من العقول الحادة الذكاء؛ لأسباب متنوعة، في تحقيق نتائج جيدة، بينما يبدو الكثيرون ممن تجوز تسميتهم بالأغبياء وكأنهم لا يجدون أي إشكال في تحقيق أعلى العلامات وبسهولة تامة.

كما أنه من المحتمل أن تكون من ”الأغبياء المتعلمين“ وهو الأمر الذي يحدث لك حتما إذا قمت بتعلم مجموعة من المعارف والمعلومات التي قد تكون حفظتها أساسا، دون أن تخوض في ماهيتك الشخصية وهويتك الفريدة وكل ما من شأنه أن يعزز من وعيك بكينونتك، والذي بدوره سينمي القدرات العقلية لديك، فـ”العقل ليس وعاء لملئه، بل إنه نار يتم إضرامها“.

كما أنه يوجد بالفعل فرق كبير بين كونك مفكرا ناقدا؛ ومعارضا مزعجا لكل ما تسمعه، يساعدك التعليم على تطوير قدرات التفكير الناقد البنّاء لديك، إلا أنه بمجرد حصولك على شهادة لا يعني بأنك أتقنت الأمر كذلك.

4. المداومة على حضور جميع الحصص أمر ضروري للغاية:

تمعن فيما يلي: هناك الكثير من التعلم الذي يتعدى مجرد حضور الحصص وتحقيق العلامات الجيدة، فهناك مملكة كاملة من سبر أغوار النفس أين يتعين عليك القيام ببعض الأمور حتى تكتشف الطرق المعينة التي تثبت بها لنفسك ما إذا كنت أنت بنفسك شخصا غبيا أو غريب الأطوار، وكيف عليك تقبل شخصيتك بعيوبها وإيجابياتها وأن تحتفل بكونك فريدا (حتى وإن كنت فريدا بغبائك).

قد يتضمن هذا الأمر الإنخراط في النوادي الجامعية على غرار النوادي الرياضية، أو الإنخراط في النشاطات السياسية الحقوقية أو الطلابية، أو حتى لعب كرة القدم مع أشخاص غرباء في الشارع ليلا، أو قيامك بفعل أي شيء جديد عليك تود تجريبه بصفة عامة، فكل هذه الأمور مهمة للغاية وضرورية لتطوير ذاتك، لكن عليك حقا أن تحضر حصص الدروس، اذهب إلى الأقسام على الأقل واحضر ثمانين بالمائة من الحصص.

5. حافظ على صحتك بتناول أطعمة صحية:

يبدو هذا جليا للغاية لكل شخص ولد بعد القرن السابع عشر، إلا أن الأمر دائما يستحق التكرار لأن البعض منا (أشخاص شباب يعيشون لمفردهم) غبي بطبعه.

تعلم كيفية الطهو بنفسك، لأن الأمر محرج للغاية عندما تقصد الطبيب وترى بأنه وصف لك عصير البرتقال لعلاج حالتك المرضية التي كان أصلها إعتقادك الغبي بأن وجبيتن من رقائق الشوفان بشكل يومي على مدى أسابيع أمر جيد للحفاظ على الرشاقة وتحقيق الوزن المثالي.

6. قم بأخذ رؤوس أقلام أو اكتب المعلومات المهمة إن كنت سريعا في الكتابة، لأن ذلك يجعلك تتعلم بصورة أفضل:

لقد أمضيت سبع سنوات في الجامعة، واحزر ماذا تعلمته: الحواسيب المحمولة تافهة ولا تجدي نفعا عندما يتعلق الأمر بكتابة الدروس، فقط اصطحب معك كناشا إلى القسم وابدأ بتدوين رؤوس أقلام وملاحظات بخط اليد، وارسم مخططات لأفكارك بيدك كذلك، فعقلك سيعمل بشكل أفضل في هذه الحالة، لن أدعي أنني أعرف كيف تعمل هذه الأمور بالتدقيق إلا أنني أعرف أن ذلك أفضل، عن تجربة شخصية.

7. قم بأشياء غبية بطريقة ذكية:

إن اقتراف الأخطاء والقيام بأمور في قمة الغباء هو أكثر الطرق أهمية في أن تصبح شخصا أقل مقتا، لذا فإن أول سنتان لديك في الجامعة هما أفضل توقيت ”آمن“ تستغله في تجريب كل ما من شأنه أن يدمر حياتك، وتكمن الحيلة أن تلتزم بقدر من الذكاء والمسؤولية خلال إقدامك على ذلك.

فإن باشرت في علاقة جنسية اختبر كل ما قد يمكنك اختباره لكن لا تنس إستعمال الواقي، وإذا أردت أن تجرب الحشيش مثلا (تنويه: نحن لا ننصحك بتجريب ذلك أو أي مادة أخرى تؤدي حيازتها أو إستهلاكها أو الإدمان عليها إلى عواقب وخيمة كالسجن) عليك أن تتحكم في الجرعة، وهكذا دواليك.

وفوق كل شيء، استمتع بحريتك الشخصية، لأنك لن تصادفها مجددا مرة أخرى بمجرد خروجك من الجامعة.

أخيرا:

عليك عزيزي القارئ المقبل على الجامعة أن تدرس بجدية في سبيل أن تبرع فيما تقوم به وأن تبدع في ذلك، صوب دائما نحو النجوم ولا ترضى بما دون ذلك، فالعالم بأمس الحاجة لأشخاص متعلمين مثقفين يقدسون الحياة.

كن دائما متواضعا، وكن أكثر الأشخاص اجتهادا أينما كنت.

مقالات إعلانية