in

طفلة في نظر مجتمعها

صورة: Brown Girl Magazine

عمرها ٢٦ عاماً، جسدها مكتمل النمو، بلغت منذ فترة طويلة.. ولكن مجتمعها يراها دائماً طفلة، طفلة ناقصة عقل، كائناً ضعيفاً بحاجة للرعاية والاهتمام والسيطرة والحماية كونه يدرك مصلحتها أكثر منها، طفلة يملون عليها ماذا ترتدي، كيف تتكلم ومع من، كيف تتصرف وتفكر.. طفلة حتى تتزوج، حينها تصبح بالغة وتُنقل المسؤولية إلى زوجها..

منذ ولادتها قرر مجتمعها عنها كل شيء، سمحوا لأنفسهم باتخاذ جسدها رهينة لأفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم الشرقية، تملّكوا جسدها وأفكارها، نصّبوا أنفسهم زوراً أولياء عليها.

وضعوا للفتاة الشرقية قوانين وشروط خاصة بها، لا تطبّق على الرجال من حولها وإنما عليها فقط، وإذا خالفتها وخرجت من القطيع فمصيرها رصاصة واحدة.

أوهموها أنّ وظيفتها في الحياة هي حماية شرفهم وخدمتهم، أنّ ما بين فخذيها هو لحماية عرضهم وشرفهم، أوهموها أنّ جسدها يثير غريزة الرجل، أنّ مفاتنها معيبة. أوهموها أنّها ليست سوى محرّك لغريزة الرجل وأنّ لحمها يجب أن يغطّى.

عذريتها وغشاء بكارتها هي من أهم ممتلكاتهم، وجب الحفاظ عليها وإلّا فمصيرها الموت. منذ صغرها وعبارات مثل ”عاهرة، جرائم شرف، بنتي بشرب من دما اذا عملت شي مع شاب، فلتانة، الشاب ما بيعيبو شي“… نسمعها دوماً.. ”فلان قتل اختو لإنو نامت مع شاب أو عم تبوس شاب..“ غير إنّي أرى حولي الكثير من الشباب يتفاخرون بعلاقاتهم العاطفية والجنسية، لا أحد يقتلهم، بل يهلّلون لهم ولرجوليتهم في جذب النساء وتعدّد علاقاتهم، وفي الوقت نفسه ”يصونون ويحافظون على أخواتهم البنات“.

قالوا لها إنّ الشاب لا يريد سوى شيئاً واحداً، لذلك عليها الابتعاد عنه إلّا حين تتزوج، فالعناق والتقبيل ومسك الأيدي أفعال تثير غرائزه وتصبح عندها بلا شرف ورخيصة..

لحظة بلوغها هي بداية مرحلة الخطر لديهم، بداية نمو جسدها وتطور مشاعرها وأحاسيسها، كل هذا يخيفهم فيحبسونها في تقاليدهم ويمنعون عنها الحياة.

قضيتي اليوم ليست قضية إسراء غريب فقط، ولا قضية أخت رفيقتي التي قتلها أخوها برصاصة واحدة في رأسها.. بل هي قضية كل فتاة ستصبح مكانهم اليوم وغداً، كل فتاة وامرأة ستُقتل وسيُغلق على القضية بلا محاسبة ”لانو حلال عليه، غسل شرفه“. ولأنّ عائلة الضحية تكتّمت على الجريمة خوفاً من الفضيحة ولأنها أمور عائلية، ونجلس نحن خائفات ننتظر من هي الضحية المقبلة منا.

لستِ طفلة ولستِ ناقصة عقل، لستِ عانس ولستِ عاهرة أو حتى فلتانة، أنتِ امرأة كاملة تمتلك مشاعر ورغبة جنسية عادية تماماً كالرجل، لا تسمحي لهم بمصادرتها منك، لا تكوني ضحية تقاليدهم، قاتلي وتكلّمي كي لا تصبحي ضحية جديدة.

مقالات إعلانية