in

11 حقيقة حول الزائدة الدودية لم تكن تعرفها من قبل

إن الزائدة الدودية على الأرجح هي واحدة من أكثر الأعضاء التي يحتويها الجسم البشري غموضا وذلك على الرغم من أنها ظلت محل دراسات معمقة على مر السنوات الـ500 الأخيرة على الأقل، وما زالت الكثير من الحقائق التي تدور حول هذا العضو الصغير مجهولة حتى في أوساط المجتمعات العلمية.

في مقالنا هذا على موقعنا ”دخلك بتعرف“، جمعنا لكم أعزاءنا القراء 11 حقيقة حول الزائدة الدودية لم تكونوا تعرفونها من قبل:

1. عرفها المصريون القدماء باسم ”دودة“ الأمعاء:

إن الزائدة الدودية عند البشر هي عبارة عن ذلك العضو الصغير الذي يتخذ شكل أنبوب مرن في نهاية المعي الغليظ، وكان شكلها وخاصيتها هذه اللذان جعلا المصريين القدماء، الذين تعرفوا عليه خلال عمليات التحنيط التي كانوا يجرونها على موتاهم، يعتقدون بأنها ”دودة“، وحتى في يومنا هذا ما زالت بعض النصوص الطبية تشير إليها باسم Vermiform اللاتيني الذي يعني بالعربية الـ”شبيه بالدودة“.

2. احتوت بعض مخطوطات (ليوناردو دافينشي) القديمة على رسومات للزائدة الدودية:

كُتبت أول أعمال وصفية تناولت الزائدة الدودية لدى البشر بشكل احترافي من طرف الطبيب والمشرح (جاكوبو بيرينغاريو) في عصر النهضة الأوروبية في مدينة (كابري) سنة 1521، لكن يعتقد أن أول من كتب أعمالا تناولت هذا العضو من قبل كان (ليوناردو دافينشي) وذلك في رسوماته التي أنجزها ضمن علم التشريح في سنة 1492، وكان (دافينشي) نفسه قد قال بأنه شرّح ما ينوف عن 30 جثة بشرية في مسعاه من أجل فهم الطريقة التي يعمل وفقا لها الجسم البشري.

3. لا يتعدى حجمها حجم أصبع الخنصر:

إن الزائدة الدودية عبارة كيس صغير موصول باللقولون الصاعد -بداية الأمعاء الغليظة على جهة اليد اليمنى من المنطقة السفلية للبطن-.

وفقا للدكتور الجراح محمد أبوزيد والبروفيسور المساعد في الطب لدى جامعة (لانغون هيلث) في نيويورك فإن وظيفة القولون الصاعد تتمحور حول استقبال الطعام الذي لم يتم هضمه من طرف الأمعاء الدقيقة، وامتصاص الأملاح والسوائل التي تبقى بعد أن يتم هضم الطعام ومزجها بالمخاط من أجل التخلص منها بطريقة أسهل، واستطرد شارحاً بأن للقولون الصاعد والزائدة الدودية نفس الهيكلة البنيوية.

4. اعتقد (تشارلز داروين) أنها عضو بلا وظيفة:

لطالما عرفت الزائدة الدودية بأنها ذلك العضو الذي لا وظيفة له في الجسم، مما يعني أنها تطورت دون أن تكون لها وظيفة عملية ومفيدة تؤديها ضمن الجسم، ومصدر هذه السمعة السيئة التي اشتهرت بها هو العالم الشهير (تشارلز داروين).

في منتصف القرن التاسع عشر لم يعثر على الزائدة الدودية سوى عند البشر والقردة العليا، ومنه اعتقد (داروين) بأن أسلافنا الأوائل كانوا يتغذون بشكل أكبر على النباتات، وعليه كانوا في حاجة إلى قولون صاعد أكبر حجما من أجل عمليات هضم وتفكيك الألياف الصلبة لتلك النباتات. وافترض (داروين) أنه مع مرور الوقت تطور كل من البشر والقردة ليتغذوا على غذاء أكثر تنوعٍ وأكثر سهولة للهضم، وبسبب هذا لم تعد هناك حاجة لقولون صاعد كبير الحجم مما جعله يتقلص مع مرور الوقت، ويعتقد (داروين) أن الزائدة الدودية نفسها ظهرت من خلال الطيات التي طرأت نتاجا لتقلص حجم القولون الصاعد وذبوله دون أن تكون لها فائدة معينة.

5. لكن دلائل أخرى تشير إلى أن الزائدة الدودية ربما تطورت لتساعد الوظيفة المناعية في الجسم:

يجعلنا التقارب والتشابه الكبير بين القولون الصاعد والزائدة الدودية نعتقد بأن لهذه الأخيرة دورا تلعبه في العملية الهضمية، لكن لدى الزائدة الدودية صفة تختلف بها عنه لا يمكن لحظها إلا تحت المجهر، يقول الدكتور أبو زيد: ”يوجد في جدرانها [أي الزائدة الدودية] تركيز عالٍ من الخلايا المناعية“.

اقترحت دراسات حديثة تناولت علاقة الزائدة الدودية بالجهاز المناعي بعضا من النظريات، ففي سنة 2015 اكتشفت دراسة تم نشرها في مجلة «المناعة الطبيعية» أجراها باحثون أستراليون بأن نوعا معينا من الخلايا المناعية يطلق عليه اسم «الخلايا اللمفاوية الأساسية» يتكاثر في الزائدة الدودية ويبدو أنه يشجع كذلك تكاثر البكتيريا التكافلية في الأمعاء، وهذه الوظيفة قد تساعد الأمعاء على التعافي بعد التعرض للالتهابات التي تتسبب في إزالة السوائل والمواد المغذية والبكتيريا النافعة.

أما دراسة أخرى أجريت في سنة 2013 من طرف باحثين في جامعة (ميدوسترن) ومعهد علوم الطب في جامعة (دوك) فقد اختصت بتفحص وتحليل المسار التطوري للزائدة الدودية لدى أنواع الثدييات، وخلصت إلى أنها تطورت على الأقل 32 مرة بين أنساب مختلفة، ولم يكن هذا التطور كنوع من الاستجابات تجاه تغير في الحميات الغذائية أو تغير العوامل المتعلقة بالوسط المعيشي.

وكان نفس الباحثين قد قاموا بتحليل حوالي 533 نوعا من الثدييات في دراسة أخرى أجروها سنة 2017 واكتشفوا بأن الأنواع التي كانت لديها زائدة دودية كانت تحتوي على نسيج مناعي بنسبة أكثر على مستوى القولون الصاعد، ويقترح هذا بأن الزائدة الدودية كانت بمثابة ”عضو مناعي ثانوي“ مثلما أورده الباحثون في تقريرهم حول الدراسة، وأضافوا: ”بإمكان النسيج اللمفاوي -المناعي- أن يحفز نمو بعض أنواع البكتيريا المعوية“، مما يعطي أدلة إضافية على أن الزائدة الدودية قد تكون بمثابة ”منزل آمن“ للبكتيريا المعوية النافعة.

6. يخضع تقريبا 7٪ من الأمريكيين لعملية جراحية لإزالة الزائدة الدودية في مرحلة ما من حياتهم:

تكون الزائدة الدودية معرضة بشكل كبير للالتهابات بسبب حجمها الصغير، وفقا للدكتور أبوزيد فإن عمليات استئصال الزائدة الدودية يتم اللجوء إليها عندما تصبح هذه الأخيرة ممتلئة بالفضلات الصلبة، والكثير من المخاط، أو تكدس الخلايا المناعية بعد تعرض الفرد لعدوى بكتيرية قوية.

في الولايات المتحدة الأمريكية يقدر الخطر الذي يواجه كل فرد في الخضوع لعملية جراحية من أجل استئصال الزائدة الدودية بـ1 في الـ15، وتعتبر هذه الحالة في تزايد في البلدان النامية، وهي أكثر شيوعا عند الراشدين اليافعين، وتعتبر خطيرة بشكل كبير لدى المسنين.

عندما تتعرض الزائدة الدودية للالتهاب، فإنها تنتفخ ويملأ القيح تجويفها الداخلي، وبإمكان حجمها هنا بأن يزيد عن حجمها الأصلي الذي يقدر بحوالي سبعة سنتمترات ونصف بأضعاف. في إحدى الحالات الطبية تم استئصال الزائدة الدودية لدى رجل بريطاني في سنة ليكتشف الجراحون بعد قياس حجمها أنه يقدر بحوالي عشرين سنتمترا، بينما في عينة أخرى تضمنها تقرير نشر سنة 2007 في مجلة «علم الأمراض الإكلينيكي»، زاد حجم الزائدة الدودية عن حجمها الطبيعي لدى أحد المرضى ليصل إلى 21.8 سنتمتر.

قد يشعر المصابون بالتهاب الزائدة الدودية بألم عام حول منطقة سرة البطن الذي يميل إلى التركز ناحية اليد اليمنى للمصاب، كما ينتابهم دوار وتقيؤ وحمى وآلام مختلفة في الجسم كله، ويصاب بعضهم أيضا بالإسهال.

7. بالإمكان معالجة التهاب الزائدة الدودية وفقا لطريقتين اثنتين:

أولا عملية الاستئصال الجراحي، وثانيا محاربة الالتهاب بمجموعة من مضادات الالتهاب القوية.

تعتبر عمليات استئصال الزائدة الدودية الجراحية فعالة بنسبة 99٪ ولا يصاب المريض بعدها بالالتهاب أبدا تقريبا، ذلك أن العضو الذي يتعرض للالتهاب تتم إزالته تماما -كانت هناك العديد من الحالات الطبية حيث لم يتم استئصال الزائدة الدودية بشكل كامل مما أدى إلى حدوث الالتهابات في نفس المكان من جديد-.

أظهرت بعض الدراسات أن نسبة نجاح المضادات الحيوية في القضاء على الالتهابات ومعالجة مشاكل الزائدة الدودية تقدر بحوالي 77٪، يقول أبوزيد: ”إلا أنك في حالة تتبعت الحالات الطبية لهؤلاء المرضى [الذين يتخذون العلاج بالمضادات الحيوية] بعد العلاج فإنهم غالبا ما يصابون بالتهاب الزائدة الدودية مجددا“.

تتبعت إحدى الدراسات التي نشرت في «المجلة العالمية للجراحة» في سنة 2017 حوالي 170 شخصا من مرضى التهاب الزائدة الدودية لمدة سنة خضعوا خلالها للعلاج بواسطة المضادات الحيوية، واكتشفت بأن 26.5٪ من الحالات تكررت لديهم الالتهابات بعد تعافيهم في المرة الأولى.

8. لا تنفجر الزائدة الدودية المصابة بالالتهاب عادة:

يرى الدكتور أبوزيد أن الزائدة الدودية لا تنفجر عند تعرضها للالتهاب على الرغم من أن الوضع قد يكون خطيرا، فعندما تتعرض للانسداد فإن ذلك الضغط الذي يتولد داخلها يزداد مع مرور الوقت ويتعاظم داخل تجويفها مما يعيق وصول الدم إلى بعض الأنسجة داخل الجسم، يقول أبوزيد: ”يموت ذلك النسيج وينهار ويصاب الشخص بانثقاب في الزائدة الدودية“، لكن بدلا من الانفجار الذي يتخيله الجميع، تتسرب بعض السوائل من الزائدة الدودية إلى الخارج مما من شأنه نقل الالتهابات إلى أنسجة أخرى في الجسم.

إن انفجار الزائدة الدودية يعتبر حالة طبية استعجالية، يتمكن الجسم أحيانا من احتواء العدوى في شكل خراج يكون بالإمكان الكشف عنه من خلال الأشعة السينية أو المسح بالأشعة المقطعية، كما يمكن علاجه أيضا بالمضادات الحيوية التي تحقن مباشرة في الأوردة. لكن إن ترك الالتهاب بدون علاج فهو قد ينتشر داخل الجسم ويصل إلى أجزاء أخرى من التجويف البطني، وهي حالة خطيرة تعرف باسم «التهاب الصفاق»، وفي هذه النقطة تصبح الالتهابات خطيرة جدا وتهدد حياة صاحبها.

9. أصبح بإمكان الأطباء استئصال الزائدة الدودية من خلال شق صغير في البطن:

في سنة 1894، اخترع الجراح الأمريكي (تشارلز مكبورني) في مستشفى (روزفلت) بمدينة نيويورك تقنية فتح التجويف البطني وفصل العضلات من أجل إزالة الزائدة الدودية الملتهبة، التقنية التي يطلق عليها اليوم اسم «العملية المفتوحة».

استمر الجراحون في استعمال طريقة (مكبورني) إلى غاية تطور ”الجراحة بالمنظار“ التي تعتبر طريقة أقل ضررا يعمد فيها الجراح إلى إحداث شقوق صغيرة في بطن المريض وإدخال أنبوب رفيع مجهز بكاميرا ومعدات جراحية داخلها، ثم تتم عملية إزالتها عبر واحدة من تلك الشقوق الصغيرة التي لا يتجاوز طولها في معظم الأحيان ثلاثة سنتيمترات.

تم إجراء أول عمليات استئصال الزائدة الدودية الملتهبة بطريقة التنظير من طرف الطبيب الألماني (كيرت سيم) في أوائل ثمانينات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا النوع من العمليات الجراحية العلاج المعياري المعمول به لعلاج حالات التهاب الزائدة الدودية غير المعقدة، حيث ماتزال الجراحات المفتوحة قيد الاستعمال في الحالات الخطيرة والمستعصية.

10. تسببت الزائدة الدودية في إحدى المرات بتأجيل مراسيم تنصيب ملك بريطانيا:

عندما أصيب الملك المستقبلي آنذاك لبريطانيا العظمى (إدوارد السابع) بالتهاب الزائدة الدودية في يونيو سنة 1902، كانت وتيرة الوفيات التي تتسبب فيها هذه الحالة الطبية تقدر بـ26٪، وقد أصيب بها الملك المستقبلي قبل حوالي أسبوعين من موعد مراسيم تنصيبه ملكا للعرش البريطاني في السادس والعشرين من شهر يونيو سنة 1902، وكان (إدوارد السابع) قد رفض فكرة الخضوع لعملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية التي كانت آنذاك عملية علاجية حديثة.

لكن الجراح وخبير التهابات الزائدة الدودية (فريدريك تريفس) جعل الجميع يقتنع بأن الملك المستقبلي سيموت لا محالة إذا لم يخضع للعملية الجراحية. وافق (إدوارد) في نهاية المطاف على الخضوع للجراحة وقام على إثر ذلك (فريدريك تريفس) بتنظيف الصفاق الملتهب في تجويفه البطني من الالتهابات دون استئصال العضو تماما في قصر (بيكينغهام). تعافى بعدها (إدوارد السابع) وتم تنصيبه ملكا للعرش البريطاني في الموعد المحدد بالضبط.

11. بلغ حجم أطول زائدة دودية في العالم 25.4 سنتمترا:

في 26 أغسطس سنة 2006، وخلال عملية تشريح في مشفى (زغرب) في كرواتيا، قام الجراحون باستصال زائدة دودية بلغ طولها 24.5 سنتمترا من مواطن يدعى (سافرانكو أوغيست) الذي كان يبلغ من العمر 72 سنة لدى وفاته، وبقي هذا الرجل المتوفي يحمل الرقم القياسي في العالم بالنسبة لأطول زائدة دودية تمت إزالتها في التاريخ إلى يومنا هذا.

مقالات إعلانية