in

دخلك بتعرف هذه الحقائق التسعة المذهلة عن قناة السويس؟

صورة: Wikimedia Commons

تصل قناة السويس بين البحرين الأحمر والمتوسط، وكما يعلم الجميع، هي ممر اصطناعي يوفر طريقاً قصيراً لحركة السفن بين أوروبا والمحيط الهندي. تعرف معنا في هذه المقالة على مجموعة من المعلومات والحقائق المشيقة حول قناة السويس، بدءًا من تأسيسها على يد المصريين القدامى.

1. شقّ المصريون القدماء قناة لنفس الغرض

تمثال (سنوسرت الثالث). صورة: Wikimedia Commons

قناة السويس الحالية هي النسخة الحديثة من عدة قنوات مائية شُقت على يد سكان مصر القدماء، ففي مصر القديمة، يعتقد أن في عهد الفرعون المصري (سنوسرت الثالث) شُقت أول قناة تربط البحر الأحمر ونهر النيل وذلك في حوالي 1850 قبل الميلاد.

وحسب مصادر تاريخية، فإن الفرعون (نخاو الثاني) الذي حكم من عام 664 إلى 595 ق.م، امتلك فكرة مشابهة شاركه فيها الملك الفارسي (داريوس الأول)، لكنهما ما لبثا أن أحجما عن إكمال مشروعهما هذا.

ولاحقاً، يُعتقد أن شق هذه القناة اكتمل في القرن الثالث قبل الميلاد خلال عهد الأسرة البلطمية، ويُعتقد أيضًا أن العديد من الشخصيات التاريخية، مثل (كليوباترا)، سافرت عبر تلك القناة.

وعلى عكس قناة السويس الحالية التي تربط بشكل مباشر بين البحرين المتوسط والأحمر، فإن ”القناة الفرعونية“ وصلت بين البحر الأحمر ونهر النيل عبر الصحراء، ثم استُخدم مجرى نهر النيل للوصول إلى البحر المتوسط.

2. فكر (نابليون بونابرت) في حفر قناة تصل بشكل مباشر بين البحرين المتوسط والأحمر

صورة: Wikimedia Commons

بعد احتلاله مصر عام 1798، أرسل القائد العسكري الفرنسي (نابليون بونابرت) فريقاً من الماسحين لبحث جدوى شق قناة مائية عبر برزخ السويس لربط البحرين المتوسط والأحمر.

ولكن بعد 4 رحلات منفصلة، بان لفريق الماسحين أن البحر الأحمر يعلو المتوسط بحوالي 30 قدماً، وكانت نتائجهم هذه خاطئة وغير صحيحة. بناء على ما وجدوه، فقد حذروا من فيضانات كارثية ستصيب دلتا النيل إن تم شق هذه القناة. وقد تسببت هذه المعلومات الخاطئة التي أتى بها هؤلاء في جعل نابليون يحجم عن فكرته هذه فعلاً. لكن في عام 1847 أكد فريق من الباحثين أنه لا يوجد فرق كبير بين البحرين وأنه لا ضير في شق قناة تصل بينهما.

3. عارضت الحكومة البريطانية مساعي شق قناة السويس

فرديناند دي لسبس. صورة: Wikimedia Commons

جاء مخطط شق قناة السويس بشكل رسمي عام 1854، عندما بدأ الدبلوماسي الفرنسي والمهندس (فرديناند دي لسبس) التفاوض مع نائب الملك المصري آنذاك لتأسيس شركة قناة السويس. ونظراً ﻷن فكرة القناة التي اقترحها المهندس (لسبس) لاقت دعم الإمبراطور الفرنسي (نابليون الثالث)، فقد اعتبر العديد من رجالات الدولة البريطانية أن فكرة هذه القناة جاءت بهدف تقويض هيمنة بريطانيا على عمليات الشحن حول العالم.

وصف السفير البريطانيا في فرنسا دعم فكرة شق القناة بـ ”العمل الانتحاري“، وعندما شرع المهندس (لسبس) في بيع أسهمٍ من شركة القناة، عنونت الصحف البريطانية واصفة المشروع بـ ”محاولة لسلب البسطاء“، ووجد (لسبس) نفسه في حرب كلامية تناقلتها وسائل الإعلام كان الطرف الثاني فيها رئيس الوزراء البريطاني لورد (بالمرستون)، كما تحدى مهندساً في السكك الحديدية يُدعى (روبرت ستيفنسون) للدخول في مناظرة بينهما بعد أن أدان البرلمان فكرة القناة. وظلت الحكومة البريطانيا تنتقد شق القناة حتى بعد الشروع بأعمال الحفر. لاحقًا، اشترت الحكومة البريطانية حصة من الممر المائي بلغت نسبتها 44%، وذلك بعد أن باعت الحكومة المصرية  حصتها في مزاد عام 1875 عندما كانت تعاني من ضائقة مالية.

4. اعتُمد في شق القناة على التقنيات الحديثة والفلاحين الذين عملوا بالسخرة

صورة من الإسماعيلية، المدينة الواقعة على الضفة الغربية لقناة السويس. صورة: Wikimedia Commons

تطلب شق القناة عمالة ضخمة، وقد وفرت الحكومة المصرية معظم تلك العمالة عن طريق تسخير الفقراء بأجور رمزية. وبدءاً من أواخر عام 1861، استخدم عشرات الآلاف من الفلاحين المجارف والمعاول لحفر الأجزاء الأولى من القناة يدوياً! كان التقدم في شق القناة حينها بطيئاً ومؤلماً على هؤلاء. وفي عام 1863 واجه المشروع عقبة تمثلت بمنع الحاكم المصري، بشكل مفاجئ، استخدام السخرة في أعمال القناة.

ولمواجهة النقص الحاد في العمالة، غيرت شركة قناة السويس و(لسبس) من استراتجيتهما، واعتُمد على جرافات تعمل بالبخار والفحم، والتي صُممت خصيصاً من أجل أشغال قناة السويس. ساعدت التكنولوجيا الحديثة التي تم استخدامها في إتمام أعمال الحفر في إعطاء المشروع الدفعة التي يحتاجها، وواصلت الشركة في إحراز تقدم ملحوظ في العامين الأخيرين من أعمال الحفر. وتم التعامل مع ثلاثة أرباع الـ 75 مليون متراً مكعباً من الرمال التي استُخرجت من عمليات الحفر، عن طريق الآليات الثقيلة.

5. كانت فكرة إنشاء تمثال الحرية في الأساس من أجل قناة السويس

صورة عن تمثال الحرية الأصلي، الذي كان من المقرر أن يُهدى إلى مصر، فكان التمثال عبارة عن امرأة بزي مصري تقليدي. صورة: Wikimedia Commons

مع اقتراب أعمال حفر قناة السويس من الانتهاء، حاول النحات الفرنسي (فريديريك أوغست بارتولدي) اقناع (لسبس) والحكومة المصرية بالسماح له ببناء تمثال اسمه ”مصر تجلب النور إلى آسيا“ ووضعه عند مدخل القناة في البحر المتوسط. وفكرة التمثال مستوحاة من تمثال العملاق رودوس، فقد تخيل (بارتولدي) تمثالاً بارتفاع 90 متراً لامرأة ترتدي زياً ريفياً وتحمل شعلة ضخمة، والذي من شأنه أيضاً أن يكون منارة لإرشاد السفن التي ستقصد القناة.

أجزاء من تمثال الحرية معروضة في باريس عام 1884 قبل شحنها إلى الولايات المتحدة. صورة: AP

لم يتحقق المشروع أبداً. لكن لم يتخلى (بارتولدي) عن فكرة تمثاله هذا. وفعلاً في عام 1886، تم الكشف عن نسخة مكتملة من تمثاله بالقرب من ميناء نيويورك والذي حمل اسم ”الحرية تنير العالم“، والذي عرف لاحقا بـ ”تمثال الحرية“.

6. حاول منشئ قناة السويس لاحقاً شق قناة بنما، لكن مُنيت محاولته بالفشل

صورة من عام 1913 لحشد من الناس يشاهد تجربة عبور سفينة في قناة بنما. صورة: Roscoe G. Searle/National Geographic

بعد أن أسكت (فرديناند دي لسبس) منتقديه عند إتمامه أعمال شق قناة السويس، وجه (لسبس) أنظاره لاحقاً نحو برزخ بنما في أمريكا الوسطى، لشق قناة هناك.

توقع (لسيس) أن ”حفر قناة هناك سيكون أسهل، وإن إنهاءها سيكون أسهل، كما أن الحفاظ على وتيرة عمل مرتفعة سيكون أسهل أيضًا“. لكن كل هذه التوقعات ذهبت في مهب الرياح، فقد انزلق المشروع في حالة من الفوضى، ولقي الآلاف مصرعهم في تلك الغابات ذات الحرارة القاتلة والمليئة بالأمراض، كما أهدر الفريق القائم على أعمال الحفر ما يقارب 260 مليون دولاراً أمريكياً دون إكمال المشروع.

أخيراً، وفي عام 1889، مني الفريق القائم على حفر قناة بنما بفشل ذريع، وهذا ما أدى إلى اتهام (لسبس) وغيره «منهم مصمم برج إيفل (غوستاف إيفل) الذي حصل على عقد لبناء سدود فوق القناة» بالتآمر والاحتيال.

بعد 25 عاماً من كل تلك الفوضى، تم الانتهاء من شق قناة في بنما أخيراً في مشروع قادته الولايات المتحدة على مدى عقد من الزمن.

7. كان لقناة السويس دورٌ بارز في الحرب الباردة

مركبات مصرية مدمرة عام 1956 خلال العدوان الثلاثي على مصر. صورة: Wikimedia Commons

في عام 1956، كانت السويس مسرحاً لحرب قصيرة شنتها القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية على مصر. وتعود جذور الصراع للاحتلال العسكري البريطانية لمنطقة قناة السويس، والذي استمر حتى بعد حصول مصر على استقلالها عام 1922. وأثار هذا النفوذ الاستعماري حفيظة العديد من المصريين، وتفاقمت التوترات هناك حتى تم أخيراً، في تموز من عام 1956، تأميم القناة من قبل الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر.

وخلال ما يعرف بـ ”العدوان الثلاثي“ مصرياً وعربياً و”حرب السويس“ غربياً، شنت قوات بريطانية وفرنسية وإسرائيلية مشتركة عدواناً على مصر في آب من نفس العام. نجح القائمون على العدوان في التقدم نحو القناة، لكنهم ما لبثوا وانسحبوا من نقاط تقدمهم، بعد إدانة الولايات المتحدة لهذا العدوان، وتهديد الاتحاد السوفييتي بشن هجمات نووية.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني عن استقالته عقب تلك الأزمة، وتركت القناة تحت سيطرة القوات المصرية.

8. امتدت أكبر أزمة سفن عالقة في قناة السويس لمدة 8 سنوات

خلال العدوان الثلاثي على مصر، علقت مجموعة سفن تجارية في القناة ريثما تنتهي الحرب.

عند اندلاع حرب ”الأيام الستة“ والتي تعرف أيضا بـ ”نكسة حزيران“ عام 1967 بين مصر وإسرائيل، قامت الحكومة المصرية بإغلاق مدخلي القناة بالألغام وحطام السفن.

في ذلك الوقت، كانت هناك 14 سفينة شحن تعبر القناة، رست بعدها في أوسع جزءٍ من القناة يعرف بالبحيرات المرة الكبرى، وبقيت السفن عالقة بعد ذلك في القناة لثماني سنوات، وأُطلِق عليها لقب ”الأسطول الأصفر“ بسبب الرمال التي غطت أسطح السفن.

وفي عام 1975 سمح للسفن بمغادرة القناة بعد أن باتت اثنتان منها فقط صالحة للأبحار بالاعتماد على محركاتها.

9. في عام 2015 خضعت القناة لإصلاح شامل

سفينة إيفرغيفن الجانحة في قناة السويس. صورة: Getty Images

كان عرض القناة الضيق وعمقها الضحل يحول دون استيعاب القناة لحركة الملاحة بالاتجاهين للسفن الصهريجية العملاقة.

في عام 2014 أعلنت هيئة قناة السويس عن خطة طموحة لتعميق مجرى القناة وإنشاء مسار جديد بطول 35 كيلومتر تقريبًا، يتفرع عن المسار القديم، وتم الانتهاء من أعمال تفريعة قناة السويس في عام 2015.

ومع ذلك لم تكن هذه التحسينات التي طرأت على مجرى القناة والتفريعة الجديدة كافية للحيلولة دون أن تسد السفينة العملاقة (إيفر غيفن)، وهي سفينة حاويات بطول مبنى (إمباير ستيت) تقريباً انحرفت في آذار عام 2021 أثناء عبورها القناة قادمة من الصين. تسببت أزمة السويس الجديدة في تعطيل 100 سفينة على الأقل على جانبي هذا الممر الحيوي، مكلفةً الاقتصاد العالمي أضراراً هائلة.

مقالات إعلانية