in

من دعاكم لتسكنوا معنا يا خنازير؟!

فلم The Angry Birds

لا أعلم إن كان الآتي ذكره يُحَمل فلما كرتونياً بريئاً أكثر مما يحتمل. وقد أستطاع هذا الشعور أن يجعلني أتردد كثيراً في مواصلة كتابة هذه القراءة. فالقادم ليس سوى إنطباع شخصي حول فلم The Angry Birds. فهذه الطيور الغاضبة التي أسعدتني وأسعدت الجميع بقصتها أسرت لي بقصة أخرى لا أعلم إن باحت بها لغيري.

لابد في البدء من تعرفيكم بالشخصيات المحورية في هذا العمل وما ترمز إليه. كما من المهم أن نعطيكم وصفاً مبسطاً للبيئة والحيز المكاني الذي تم إستخادمه لهذا العمل. فأما الشخصيات فهي: طيور في الغالب (وهم سكان الجزيرة الأصليين)، وخنازير غريبة (تقوم بغزو الجزيرة). وأما المكان فهو جزيرة الطيور الوديعة المسالمة، تتنوع الطيور في هذه الجزيرة وأغلبها شديدة اللطف ومبالغة في الطيبة، إلا أن هناك أحد الطيور الذي يعاني من سرعة الغضب وهو نتيجة لذلك دائم العزلة لا يجيد تكوين الصداقات، هناك أيضاً طائر النسر بطل الجزيرة الغائب والذي يمجدونه بالتماثيل وغناء الأناشيد. لا يوجد حاكم للجزيرة وهو أمر مهم في هذه القصة، فنرى شخصية طائرة البومة — في دور القاضي — والمتحدث العام عن الجزيرة وهو المكلف بإدارة شؤوونها.

قواب الخنازير تقترب من الجزيرة

تأتي الخنازير إلى الجزيرة في قوارب ولا يأتون دفعة واحدة، القوارب تتوالى. أعدادهم كبيرة ولكنهم يختبئون بداخلها. لا يظهر من الخنازير سوى الملك وقلة من المهرجين يدخلون الجزيرة ويرحب بهم. تحتفي جزيرة الطيور بضيوفها وتقيم لهم سهرات طويلة.

تستغل الخنازير أجواء الإحتفالات بالخروج من السفينة. تزيد أعداد الخنازير بين الطيور ولا يتنبه أحد. جميع الطيور سعيدة بالضيوف مرتاحه لإغاثتها هذه الخنازير المحتاجه. إلا أن الطائر الغضوب يشعر أن هؤلاء الغرباء قادمون لإحتلال الجزيرة، وأنهم يخفون الكثير من الخبث والنوايا السيئة بداخل هذه الوجوه المرحة.

يحاول الغضوب تحذير بقية الطيور، ولكن يبدو أن الجميع يهاجمه ولا يستغربون سوء نيته فهو دائم الغضب لا صديق له وليس من المستغرب أن يكره هؤلاء الوافدين. تتضح نية الخناير تدريجياً وتنكشف سوءاتهم. العالم كله مهدد والطيور تستنجد بالنسر لإنقاذ العالم المهدد بالخنازير التي تغزوه هاجرة موطنها الأصلي.

النسر في فيلم The Angry Birds

الخنازير لم تكن سوى مجموعة من اللصوص تسرق خيرات الغير. أتت الخنازير الجزيرة وعاشت من خيراتها وهي تنوي سرقة بيض الطيور، فهاهي تسرقها وتغادر الجزيرة مطلقة سهماً مشتعلاً على تمثال النسر رمز البطولة والحرية لجزيرة الطيور، الجميع بدأوا في البحث عن المخلص الذي هجرهم منذ زمن.. الجميع الآن يبحث عن النسر.

لقد تقاعدت ولن أنقذ أحداً

نعم، يبدو أن النسر رمز البطولة والشجاعة والحرية قرر أن يترك الشجاعة والبطولة ويتقاعد. أما الحرية؛ هذا الرمز الجميل، فقرر أن يطبقه على نفسه فقط ولا يأبه إن تحررت الطيور أم أستعبدت. هو الآن يعيش وحيداً في الأعالي يراقبهم بين الحين والآخر.

كانت صدمة الطائرة الغضوب كبيرة وهو يرى البطل الذي طالما تغنى به منذ الصغر وهو بهذه الحال، نسر متقاعد و سكير لا يصحو من سكرته.

الغضوب يقرر

يقرر الغضوب أن يقود الطيور لتحرير بيضها من قبضة الخنازير. فيذهب هو والطيور إلى جزيرة الخنازير.

وصف جزيرة الخنازير

جزيرة الخنازير
جزيرة الخنازير

بها قصر عالي للملك وتحتها مدينة عشوائية قذرة. شعبها من الخنازير يفتقدون التنظيم والسلوكيات المهذبة. الملك يعيش في بذخ واضح على عكس شعبه.

وصول الطائر الغضوب ورفاقه

تصل الطيور إلى جزيرة الخنازير لتحرر بيضها من قبضتهم، نلاحظ أن الخنازير غير مرحبة، تهاجم الطيور وتعتدي عليها، على عكس الطيور التي رحبت بالخنازير وأستضافتهم بمحبة، تنتهي المهمة بتحرير البيض وبعودة الطيور إلى وطنها، حيث لم يعد الطائر الغضوب المتوجس وحيداً ومعزولاً بل تم تكريمه من الجميع.

خاتمة:

الفلم الكرتوني الوديع لم يكن وديعاً بالنسبة إلي. أو ربما كل الأحداث الصعبة التي تحيط بنا ألقت بظلالها على الفلم. حقا لا أعلم كيف تخيلت أن الخنزير الملتحي هو رمز للمسلم، فمن يخطر له أن يرسم خنزيراً ملتحيا؟ دون أن تكون لديه فكرة عميقة حول الشخصية التي هو بصدد رسمها.

خنزير ملتحي

وأما تلك القوارب التي حملت الخنازير إلى جزيرة الطيور هي قوارب لاجئين. ولا أعلم كيف رأيت أن جزيرة الطيور التي يحكمها القاضي البومة ترمز لدولة لاصوت ولا سلطة فيها تعلو على سلطة القانون. الجزيرة المنظمة لا تبدو من العالم الثالث العشوائي حيث عشوائية السلوك والمظهر.

ذكرتني الجزيرة بالدول المتقدمة التي رحبت باللائجين وأستضافتهم بأعداد فاقت تلك التي أستقبلها أخوانهم من العرب أصحاب الدين الواحد والهم المشترك. أما ذلك النسر البعيد رأيته كالنسر الأمريكي حامي الحريات والأوطان. النسر الذي يعاتب حين يفشل في كبح جماح المتطرفين حول العالم. بالفلم رسائل تقرب الأفكار المعقدة إلى الأطفال حيث عليهم أن يحذروا، فليس كل الزوار ضيوف بل منهم لصوص يسرقون خيراتك ويحتقرون نظام عيشك. ولا يجدون غضاضة في تدمير حضارتك لأنهم سعداء بالعيش في العشوائيات معتمدين على خيرات الآخرين والسطو على منجزاتهم.

لا أعلم حقا كيف رأيت كل هذا وأنا التي تكره بشده نظرية المؤامرة، ولكن أنا أؤمن بذكاء الغرب في أستخدام السلاح الإعلامي الذي لم نجد حتى الآن إستخدامه، حيث لازالت الدول تستخدم الإعلام كما استخدم في الحروب العالمية الأولى بين البروباجاندا الرخيصة وتلميع بلاط القصور. مبهورين باللمعة الظاهرة لا نتسائل ماذا سنجد لو رفعنا تلك السجادة الفاخرة.

مقالات إعلانية