in

حقيقة ما يحدث في بورما

صورة حقيقية لمسلمي بورما

لطالما كانت الصراعات جزءاً من تاريخنا البشري الذي لا يخلو أي قرن مضى فيه من الصراعات العرقية والدينية والإقتصادية والسياسية. ومع تعدد الأسباب والدوافع، يبقى الصراع دوماً قائما بين مجموعتين مختلفتين، تتنمر إحداهما على الأخرى أو تفتعل أعمال شغب وعنف ضدها، فلا تكون ردة فعل الأخرى إلا من خلال الصراع والقتال.

وهذا ما حصل بين العديد من المجتمعات البشرية، التي يعتبر أحدثها هو الصراع القائم بين مسلمي بورما (مجموعات الروهينغا على وجه التحديد) والحكومة.

من هم الروهينجيا؟

نشأت شعوب الروهينجيا أو ”البنغالية“ كما يسمّون بالقرب من بنغلاديش في مناطق تعاني من ازدحام سكاني وفقر مدقع، وهم جماعة حملت على عاتقها مهمة ”الدفاع عن مسلمي“ بورما حسب مزاعمهم في كل من الهند وبورما، والذين يعتنقون ديانة الإسلام والمذهب السنّي. وقامت هذه الجماعة بتنفيذ الكثير من الأعمال الإرهابية ضد الحكومة في بورما في آخر سنتين، مما أودى بحياة الكثير من رجال الشرطة والمدنيين أيضا.

خريطة بورما
خريطة بورما

تعد الروهينغا في نظر ”جيرانهم“ مجموعات جالبة للدمار والفوضى لا تقوم سوى بأعمال شغب والتكاثر والإعتداء على المواطنين مما أدى إلى رفض الدول المستضيفة لهم كلاجئين ومنحهم الجنسية، أو السماح لهم بالحقوق الكاملة كالسفر بحرية وامتلاك الأراضي وما إلى ذلك.

نشأ في العام الفارط في ولاية ”راخين“ ما يعرف بـ”جيش الإنقاذ الروهينجيا“ وهي جماعات مسلحة كانت تعرف في السابق باسم ”حركة اليقين“، تنشط هذه الحركة الجهادية في منطقة راخين في شمال ميانمار بالدرجة الأولى، أين نفذت معظم عملياتها على القوات النظامية، التي كانت أكبرها حتى الآن تلك التي قتل فيها 12 عشر عون أمن وشرطي، الأمر الذي أدى بالقوات المحلية إلى الرد بعنف شديد على هذه الهجمات بمساعدة من ميليشيات بوذية، هذا الرد الذي أسفر عن ألف قتيل من شعب الروهينجيا، وثلاثمائة ألف نازح.

وهو الأمر الذي استهجنه بشدة رئيس مكتب حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة في تصريح له في الحادي عشر من شهر أيلول الفارط، واعتبر الأمر تعاملا متطرفا لا يمت للإنسانية بصلة تجاه فئة أقلية في دولتهم.

كيف بدأ صراع الروهينغا في بورما؟

في الفترة الأخيرة، تصاعد الكره العرقي والتعصب الديني بين الطرفين، وما زاد الطين بلة هو النظرة السيئة التي لدى الأغلبية تجاه شعوب الروهينغا وانتشار الحركات الجهادية في أنحاء العالم، مما جعل بغض سكان ”ميانمار“ يزداد تجاههم.

في عام 2012، اجتاحت موجات من العنف أجزاء من ولاية ”راخين“ الغربية، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الصراعات الدامية في وسط ميانمار.

بدأت الصراعات بعد حادث حزيران عام 2012، عندما اندلعت أعمال شغب واشتباكات بين سكان ”راخيين“ المسلمين والبوذيين، وأسفرت تلك المواجهات عن مقتل ما لا يقل عن 200 شخص من الطرفين وتشريد الآلاف، وما زاد الأمر سوءا هو تعرض امرأة بوذية للإغتصاب والقتل.

صورة حقيقية لمسلمي بورما
صورة حقيقية لمسلمي بورما

وفي آذار من عام 2013، حدثت أعمال عنف في متجر لبيع الذهب والمجوهرات في ميكتيلا وسط ميانمار بين البوذيين والمسلمين أسفرت عن مقتل أكثر من 40 شخصا. وفي آب من نفس العام أحرق المتظاهرون المنازل والمحلات التجارية التابعة للمسلمين في مدينة ”كانبالو“ بعد أن رفضت الشرطة تسليم رجل مسلم متهم باغتصاب امرأة بوذية.

في كانون الثاني من عام 2014، قالت الأمم المتحدة أن أكثر من 40 من الرجال والنساء والأطفال الروهينجا قتلوا في ولاية راخين في أعمال العنف التي اندلعت بعد ان اتهم الروهينجا بقتل شرطي راخين.

وفي حزيران 2014، قتل شخصان وأصيب خمسة آخرون في ”ماندالاي“، ثاني مدينة في ميانمار، بعد انتشار خبر على وسائل التواصل الإجتماعي يفيد بتعرض امرأة بوذية للإغتصاب من قبل رجل أو عدة رجال مسلمين.

كل هذه الأحداث التي تجري في الفترة الأخيرة أدت إلى اندلاع مواجهات وعمليات ممنهجة من قبل المجموعتين ضد بعضها البعض، فتارة يقتل المسلمين الكهنة البوذيين، وتارة يهجّر البوذيون المسلمين من منازلهم ويقتلونهم.

كيف تناقلت وسائل الإعلام العربية الخبر؟

بالطبع لا يمكن لشيء تبرير العنف الذي تتعرض له المجموعات الدينية أو العرقية في أنحاء العالم، ولا يمكن لأي مشكلة أن تحل بالقتل، ولكن ليس من المنطقي المبالغة المستمرة في إظهار جانب واحد من القصة أو نسب ماهو غير حقيقي لجذب الإنتباه واستثارة الشفقة.

تجاهلت القنوات العربية إعتراف ميانمار بالعديد من الإثنيات العرقية المنتمية للإسلام ومنحها الجنسية واعتبار أفرادها مواطنين في ميانمار.

الصراع القائم في بورما هو صراع بين قبائل الروهينغا والحكومة، وليس صراعا بين الحكومة والمسلمين مثلما تنشره القنوات العربية من أخبار زائفة وتزييف.

أحد أشكال التزييف المنتشرة على القنوات المواقع العربية هو تزييف العديد من الصور ونشرها على أنها صور لأقليات مسلمة من بورما تتعرض للإضطهاد، وهذا بالطبع لا يدعم أي قضية، قد يشعل بعض مشاعر التعاطف لكن حالما يكتشف المتعاطف حقيقة الصورة سوف يبغض القضية ويشعر بأنه خدع.

أمثلة على التزييف المنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي العربية:

صورة: تعذيب الأطفال في بورما.

طريقة لعقاب الأطفال في الهند

الحقيقة: طريقة لعقاب الأطفال في الهند. (المصدر)

صورة: الطفل الناجي الوحيد من عائلته في بورما.

طفل من كمبوديا في بحيرة

الحقيقة: طفل من كمبوديا في بحيرة، وتعتير هذه الطريقة وسيلة تنقل الأطفال في هذه البحيرة. (المصدر)

صورة: راهب بوذي يدعو مسلمين للبوذية أو القتل.

إنقاذ غرق مركب عليها لاجئين

الحقيقة: إنقاذ غرق مركب مهاجرين غير شرعيين كان عليه مسلمون من مينامار (بورما) أين كانوا يحاولون الوصول إلى أندونسيا وأسترليا، يظهر في الصورة عناصر من الشرطة (وليسوا رجال دين) سريلنكيين يتحدثون مع أحد الناجين. (المصدر)

صورة: اختباء مسلمين في بورما من البوذيين.

الصورة ملتقطة من قبل المصور الألماني ”Horst Faas“ خلال حرب الفيتنام

الحقيقة: الصورة ملتقطة من قبل المصور الألماني ”Horst Faas“ خلال حرب الفيتنام. (المصدر)

صورة: طفل يصرب في بورما، ليس لشيئ إلا لأنه مسلم!

الصورة من بنجلاديش وليست من بورما، وتظهر أحداث مظاهرات واحتجاجات للعمال بسبب انخفاض الأجور، ولكن الشرطة تعاملت معاهم بقسوة.

الحقيقة: الصورة من بنجلاديش وليست من بورما، وتظهر أحداث مظاهرات واحتجاجات للعمال بسبب انخفاض الأجور، ولكن الشرطة تعاملت معاهم بقسوة. (المصدر)

صورة: أطفال بورما يعذبون وسط حشد من المشاهدين البوذيين وهم يضحكون علي ما يشاهدون.

اختبار كاراتيه في الهند

الحقيقة: اختبار كاراتيه في الهند. (المصدر)

صورة: هاكذا يجمعون! وبهذه الطريقة يحرقون! عن مسلمون بورما أتحدث.

من بورما، ولكنها لمهاجرين غير شرعيين من بنغلادش

الحقيقة: الصورة فعلا من بورما، ولكنها لمهاجرين غير شرعيين من بنغلادش. (المصدر)

صورة: رمي أطفال المسلمين أحياء في النار من قبل البوذيين في بورما.

راهب في التبت يرمي جثة طفل في المحرقة بعد وقوع زلزال

الحقيقة: راهب في التبت يرمي جثة طفل في المحرقة بعد وقوع زلزال. (المصدر)

  • نشكر صفحة ”ده بجد؟“ على ايجاد حقيقة كل صورة. لم ننشر كل الصور لما تحويه من مشاهد قاسية ولكن أغلب الصور في المواقع العربية هي صور مضللة.

توجد هناك العديد من الصور الملفقة والأخبار المزيفة في ما يتعلق ببورما، وما ورد ما كان إلا مثالا بسيطا فقط. بالفعل يتعرض المسلمون لأعمال عنف وشغب في بورما ولكن لا تريد القنوات والمواقع العربية إظهار القصة كاملة كما هي.

في الختام نترحم على جميع ضحايا العنف العالم مهما اختلفت أديانهم وأعراقهم، فلا أحد يستحق أن يموت من أجل مجرد انتمائه لفئة معينة.

مقالات إعلانية