in

دخلك بتعرف تاريخ اختراع الهزّاز والسبب الحقيقي وراء ذلك؟

تاريخ اختراع الهزّاز

لطالما ارتبط ظهور الهزاز بعلاج ما كان يسمى قديما بـ”الهستيريا“ في إنجلترا في العصر الفيكتوري، لكن الفيكتوريين لم يكونوا أول من استعمل ”تدليك الحوض“ هذا كعلاج طبي، كما يبدو؛ فإن تاريخ الهزاز الجنسي أكثر قدماً من ذلك.

أصول الهزاز القديمة:

تعود أصول مصطلح ”هيستيريا“ —من المصطلح الإغريقي Hysteros الذي يشير إلى الرحم— إلى حوالي 2500 سنة في الماضي، وكان يستخدم لوصف مجموعة من الأعراض التي كانت النساء حصراً يختبرنها، منها: الإرهاق، والعصبية، والاكتئاب. كان (أبقراط) يعتقد أن هذه الأعراض مردّها إلى ”الرحم المتحرك“، وباعتبار مستوى العلم آنذاك، فقد كان ذلك مجرد افتراض ”منطقي“ كأي أمر آخر.

ومنه ظهرت الهزازات الجنسية كجواب وحل لهذه المشاكل، وقد عثر عليها في أماكن تعود جذورها إلى الماضي السحيق، ففي مصر القديمة على سبيل المثال، تفيد الأساطير أن الملكة كليوباترا كانت تملأ يقطينة بالنحل الحي وكانت تستعملها فيما بعد لتحفيز البظر لديها، لربما كان ذلك مجرد أسطورة مختلقة حديثاً لكنها قد تكون استعملت الهزازات فعلاً، تماما مثل أي امرأة أخرى في زمنها.

إعلان قديم لأحد أنواع الهزازات الأولى
إعلان قديم لأحد أنواع الهزازات الأولى.

ابتداء من العصور الوسطى وصولا إلى عصر النهضة، كان الأطباء ينظرون إلى الهستيريا على أنها من علامات الحرمان الجنسي، ومنه كانوا يشجعون النساء المتزوجات ممن كنّ يعانين منها على ممارسة علاقات جنسية قوية للشفاء منها. في الواقع، ولمدة طويلة، كان تحقيق الذروة الجنسية لدى النساء مطلباً أكثر أهمية مما كنا نعتقده: حتى خلال العصر الفيكتوري، كان المرشدون الجنسيون يروجون للذروة الجنسية عند النساء على أنها مهمة جدا من أجل حدوث الحمل، فإن كان أحدهم يرغب في الحصول على وريث، فما عليه إلا بإيصال زوجته إلى مرحلة الذروة الجنسية، دون إهمال المداعبة القبلية التي تسبق العملية الجنسية.

قام الفيكتوريون حتى باعتماد مصطلح للذروة الجنسية وهو Hystercal Paroxysm ”النوبة الهستيرية“ أو ”الذروة الهستيرية“، وقد أضافت هذه التسمية الإكلينيكية نوعا من الشرعية العلمية إلى هذه التجربة، لكنها كان لها منافس شرس ألا وهو المعتقد السائد بأن الاستمناء كان خطيئة وأنه مضر بالصحة أيضا (على الرغم من أن بعض الأطباء أقروا بأنه مسموح بالنسبة للنساء خلال دوراتهن الشهرية).

طبيب من العصر الفيكتوري يحاول مساعدة مريضته على ”الشفاء من الهستيريا“.
طبيب من العصر الفيكتوري يحاول مساعدة مريضته على ”الشفاء من الهستيريا“ – صورة: Wellcome Collection

أما إن كانت إحدى ”مريضات الهيستيريا“ غير متزوجة، أم لم تكن مهتمة بإقامة علاقة جنسية قوية، فما زال يتعين عليها الوصول إلى تلك ”الذروة الهيستيرية“ العلاجية بطريقة أو بأخرى.

في بادئ الأمر، كانت القابلات والأطباء —الذين كانوا رجالا في الغالب— يدلكون بطريقة يدوية فروج النساء ومناطق البظر لديهن من أجل إيصالهن إلى مرحلة ”الذروة الهيستيرية“، وقد كانت هذه الطريقة تأتي بثمارها بالفعل، حيث كانت كل امرأة تجربها تعود لاحقا لإعادة التجربة، وبعد مدة من ذلك، واجه الأطباء والمعالجين تحدٍّ جديد: أصبحت أيديهم ومعاصمهم تتعب كثيرا، وفي بعض الحالات، كان البعض منهم يصيب أوتاره إصابات بليغة جراء تكرار نفس الحركة لمدة طويلة.

كانت الضرورة إلى مدلّك آلي هي مهد واحد من أوائل الهزازات الجنسية في العالم، الذي كان بشكل أخص هزازا كبيرا للغاية يعمل بالطاقة البخارية وكان يشغل مساحة غرفة كاملة، عُرف باسم The Manipulator أو ”المناور“. كان أشهر هذه الهزازات على الإطلاق هو اختراع صممه الدكتور (جوزيف مورتيمي غرانفيل) في سنة 1880 وكان هزازا يعمل بالتيار الكهربائي.

لم تكن نية (غرانفيل) من وراء اختراعه هذا هي ”شفاء الهيستيريا“، بل أراد من ورائه علاج آلام العضلات والعظام عند الرجال، غير أنه لوحظ على هذه الأجهزة أنها ساعدت على خفض الزمن الذي كانت تستغرقه النساء في الوصول إلى ”الذروة الهيستيرية“، وسرعان ما أصبحت أصغر حجماً وقابلة للنقل، مما فتح الباب على مصراعيه أمام مخترعين جدد خارج ميدان الطب لتطويرها وتصنيعها.

مقال باللغة الفرنسية يتحدث عن ”وباء الهيستيريا“.
مقال باللغة الفرنسية يتحدث عن ”وباء الهيستيريا“ – صورة: fabienlouis من فليكر

في حوار لها مع صحيفة (ذا دايلي بيست) في سنة 2012، قالت المؤرخة المختصة في تاريخ الجنس أنه بحلول سنة 1899 بدأت أنواع من الهزازات التي تعمل بالبطاريات تظهر على كاتالوغات (سيرز) Sears Catalogs للأغراض المنزلية بسعر خمسة دولارات وكان يروج لها على أنها غرض يجب توفره في المنزل، وأضافت قائلة: ”بعد وهلة، أدركت المريضات أنهن إن كان بإمكانهن طلب واحد من هذه الهزازات مقابل خمسة دولارت، لم عساهن يذهبن في جلسة علاجية مع الطبيب مقابل دولارين أو ثلاثة دولارات للزيارة الواحدة؟“.

في أوائل القرن العشرين، أصبحت النساء قادرات على علاج ”الهسيتيريا“ التي تصيبهن باستقلالية تامة وفي منازلهن، مما أزال الحاجة إلى زيارات الطبيب المتكررة، الذي أعفي هو بدوره من عناء تعريض معصمه للإصابات والإرهاق، ووصفت إشهارات كاتالوج (سيرز) آنذاك الهزازات الجنسية على أنها: ”مساعِدات ستقدّرها كل امرأة“.

بمجرد أن أصبحت الهزازات متاحة بشكل واسع، اتسعت دائرة استعمالاتها بشكل كبير. في عشرينات القرن الماضي، بدأت الهزازات تظهر في بيوت الدعارة وفي الأفلام لاحقاً، وبحلول سنة 1952 قام ”المجتمع الطبي الأمريكي“ بإسقاط مصطلح ”هيستيريا“ من قائمة مصطلحاته التشخيصية.

قد يكون المصطلح توقف عن الاستخدام بعد ذلك، لكن المواقف تجاه صحة المرأة وقمع حاجاتها الجنسية استمرت: فبمجرد أن اتضح أنه كان للهزازات وظائف جنسية صريحة، اختفت من سوق المستهلك تماما بنفس السرعة التي ظهرت بها.

غير أن الثورة الجنسية التي ظهرت في سبعينات القرن الماضي فسحت المجال أمام ظهور مقاربات أكثر انفتاحا تجاه الهزازات، ومنه نجح مفهوم صناعة أغراض موجهة خصيصا للاستعمال الجنسي —للاستعمال الجنسي الأنثوي بشكل أخص— واستمر خلال تطور وضعية المرأة الاجتماعية والسياسية.

مما سبق نستشف أنه على الرغم من أن الألعاب الجنسية وجدت منذ قرون، غير أنها بقيت تستعمل سرًّا، إلا في وقت حديث جدا حيث أصبحت متوفرة بشكل علني وصريح في محلات مخصصة لها في العديد من أماكن العالم.

وهي اليوم متوفرة بشكل متنوع يفوق ما قد تتصوره، من ناحية الأحجام والأشكال والألوان والشدّة، كما أن استعمالها أصبح واسعاً جدا، حيث استنتجت دراسة نشرت نتائجها في «مجلة الطب الجنسي» أن نصف النساء اللواتي شملهن الاستبيان كنّ قد استعملن الهزازات من قبل في حياتهن أو مازلن يستعملنها.

مقالات إعلانية