in

هل تخاف من المهرجين؟ إليك السبب

مهرج
صورة لـGetty images

أنوف حمراء، وجوه ذات ألوان مبهرجة، تعابير مرسومة على الوجه يميزها ابتسامة ثابتة مع عبوس، وأزياء غريبة غير متناسقة مع الأحذية، حركات عشوائية مضحكة مع بعض الدعابات بأصوات غريبة، هذه الأشكال غريبة الأطوار، تجمعت مشكلة نمط من أنماط الفن الكوميدي يؤديها ما يمسى بـ”المهرج“.

تحولت الصورة المعتادة عن المهرجين بكون دورهم الأساسي إضحاك الناس خاصة الأطفال، في أعياد الميلاد وعروض السرك، والبرامج الطريفة على شاشات التلفاز، إلى شكل من أشكال الرهاب (الفوبيا) الممزوج بالكراهية، يعاني منه الكثير عند رؤية أحد المهرجين أو رؤية صورة لهم أو حتى مجرد التفكير فيهم، يسمى برهاب المهرجين Coulrophobia.

لو نظرت إلى ما يدور في العالم الآن فيما يتعلق بمسألة رهاب المهرجين، كثير من الأشخاص يخافون التعرض لهجوم أو اعتداء من قبل مهرج، ففي الآونة الأخيرة في الولايات المتحدة مثلاً، قام الكثير من الأشخاص باستخدام أزياء مهرجين لتنفيذ اعتداءات على أناس أبرياء، سواء بدافع الجريمة أو مجرد مقالب كما لحظنا في مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

مهرج شرير

أما في بلادنا العربية، بالرغم من أنه لم تسجل أي حالات اعتداء من قبل مهرجين، (مع وجود بعض حالات اعتداء وجرائم تحمل نفس فكرة ارتداء أقنعة مخيفة لإثارة الرعب أو تنفيذ جريمة)، لكن يبقى هناك فوبيا اتجاه المهرجين وكوابيس كثيرة أثناء النوم تلاحق البعض منا ويكون بطلها مهرج أو كائنات غريبة أقرب إلى ما تكون إلى مهرج، هذا الخوف يعود لأسباب سوف أوضحها تالياً. تراكمت هذه الأحداث وتعالت مخاوف العديد حول العالم لتجعل من المهرجين أحد أشهر الشخصيات الشريرة والمخيفة عالميا.

الأسباب

في الحقيقة إن هذا الخوف لا يولد بين عشية وضحاها، وليس بالخوف المقتصر على المهرجين فقط، بل هو خوف فطري من المجهول الذي يختبئ خلف أي قناع أو زي غريب، فطبيعة الذات البشرية تخشى ما هو متستر وغامض.

يولد هذا الخوف منذ مرحلة الطفولة، فعند سماع الطفل للقصص التي تحدثها له جدته أو والديه عن (أمنا الغولة) أو (أبو رجل مسلوخة) وغيرها من الشخصيات المرعبة والأساطير المتواجدة في قصص التراث، والتي عندما يسأل الطفل مُحدِثَه عن طبيعة شكل تلك الشخصية تُصف بأنها ذات شعر منكوش وعيون كبيرة، ولباس بشع ومخيف، ويصدر أصوات غريبة.

وبالإضافة لما تتناوله برامج التلفاز من تصوير المهرج لكائن شرير ومتعطش للدماء والقتل ومرعب، كالجوكر في فيلم (باتمان)، والكثير من مسلسلات كرتون الأطفال التي تجسد المهرج بدور الشرير، فضلاً عن بعض الأغاني التي تصف المهرج بصفات الغدر وكالذي يقتل ويحرق مثل (أغنية البلياتشو). كل هذه المواقف التي مرت على الطفل أدت إلى تشكل صورة، عند رؤيته لأحد المهرجين يرسل عقله الباطن إشارة بوجود تطابق لهذه الصورة نظيرها هو ذلك المهرج.

الجوكر

حيث أن المهرج يشترك مع هذه الشخصيات كما أوضح الطبيب النفسي (جون تسيليمباريس)، بالحركات السريعة والأصوات الغريبة التي يصدرونها، وأشكالهم المخيفة بالنسبة للبعض، فضلاً عن الألوان الفاقعة، وهذا ما يولد خوفاً اتجاه المهرج. ينمو هذا الخوف عند الشخص ليتحول إلى فوبيا تترجم على شكل نوبات هلع وخوف وكراهية تصيبه بمجرد رؤيته لمهرج.

يرجع الدكتور في علم النفس (رامي نادر) السبب في خوف الناس من المهرجين، إلى عدم الثقة بهم، فيقول:

”إن الأقنعة التي يرتديها المهرجون تظهر تعبيرات غريبة وغير مستقرة، فأنت لا تدرك إن كانت ضحكة أم تعبير شرير، كما أن المهرجين يقومون دائماً بخداع الناس بحيلهم الذكية، لهذا السبب لا يثق بهم الناس“.

وهذا ما سمعه معجبو الممثل الأمريكي (جوني ديب) عندما سئل عن سبب خوفه من المهرجين، فقال:

”لا يمكنك أن تثق بهم، كل شيء فيهم غريب، شكلهم ورائحتهم وابتسامتهم المخيفة، عند النظر إليهم لا تعرف إذا كان يبتسم لك أو أنه على شك أن يقلع رأسك من مكانه!“.

عدم الثقة بهم وعدم معرفة طبيعة أفعالهم أو فهم تعابير وجههم، هو من ميزهم عن باقي الشخصيات والأساطير المخيفة أو الشريرة الأخرى (كالغولة) مثلا، حيث قال أستاذ علم النفس (فرانك ماك-أندريو):

”يخاف الناس من المهرجين بسبب سلوكهم الغريب الذي لا يمكن التنبؤ به على عكس سلوك مصاصي الدماء أو الأشباح المعتاد“.

العلاج والحلول

كأي حالة فوبيا أخرى، يكمن العلاج في محاولة مواجهة المخاوف وبشكل تدريجي. وهذا ما أكده الدكتور رامي نادر، حيث تطرق لحل هذه المشكلة بقوله:

”إن طريقة التخلص من هذه المخاوف سهلة، حيث أنه عليك التفاعل بشكل أكبر مع المهرجين وتوطيد العلاقات معهم ورؤية حقيقة الشيء الذي وجدوا من أجله وهو المتعة“.

وفي مجتمعنا، المعرفة بحقيقة أنك لن تتعامل كثيرا مع المهرجين ولن تشاهدهم كثيرا، وبالتالي إخبار ذاتك حقيقة أن المهرجين لن يؤثروا على حياتك على الإطلاق، سيخفف هذا كله من حدة تأثير هذه المشكلة عليك.

وأما بالنسبة لبعض الحالات المتقدمة، كتعرض أحدهم لصدمة تتمثل في اعتداء من قبل أحد المهرجين ولم يستطع التعامل معها لحظياً، يوصي بعض الأطباء النفسيون المتعرضين لتلك الصدمات ببعض أدوية الاكتئاب أو التوتر لتسكين هذه الحالة، مع التأكيد على زوال حدتها مع مرور الوقت.

مقالات إعلانية