in

5 استخدامات مفيدة لبراز الحيوانات ومخلفاتها العضوية على الأرجح أنك لم تسمع بها

صورة: Shutterstock

طالما أن مملكة الحيوان موجودة، فهذا يحتم علينا التعامل مع كميات غير محدودة من مخلفات الجهاز الهضمي لتلك الحيوانات.

من روث وبراز الحيوانات في البرية والمزارع إلى مخلفات الصرف الصحي، كل هذا الكم من النفايات البيولوجية يجب الاستفادة منها بطريقة ما. إن استخدام كل ما سبق كأسمدة فقط ليس حلاً كافياً في الواقع، لذلك ابتكر البشر طرقاً أقل ما يقال عنها أنها ذكية للاستفادة من هذا الكم الهائل من المخلفات البيولوجية. لنطلع معاً في هذه المقالة على هذه الطرق.

1. صناعة الورق

ابتكر أحد المستثمرين الكينيين طريقة لصنع الورق من فضلات وروث الفيلة.

بينما ينصب اهتمام صائدي الفيلة غير الشرعيين على أنياب هذه الحيوانات المسكينة، فإن رجل الأعمال الكيني (جون ماتانو) يركز اهتمامه على روث هذه الفيلة. حيث تقوم شركته، بالإضافة إلى 17 شركة كينية أخرى، باستخدام روث الفيلة لتصنيع ورق عالي الجودة يضاهي بجودته الورق العادي.

من الناحية الاقتصادية وحسب (جون ماتانو)، يأكل الفيل 250 كيلو غرام من الطعام يومياً، وينتج 50 كيلو غرام من الفضلات الصلبة كل يوم. ويمكن إنتاج 125 ورقة قياس A4 من هذه الكمية من البراز.

وحسب تقرير أعدته الـ BBC، فإن الشركة التي يديرها جون توظف 42 شخصاً، وتعطي أرباح سنوية تقدر بـ 23 ألف دولار. أما من الناحية البيئية، فإن استخدام هذه الطريقة المبتكرة في صناعة الورق تساهم فعلياً في التقليل من استخدام الأشجار التي تعتبر المادة الأولية الأساسية في صناعة الورق بالطرق التقليدية.

2. روث الجمل كمعزز حيوي (بروبيوتيك)

العصوية الرقيقة الموجودة في براز الجمال في صورة تحت المجهر. صورة: Amazon

جسمنا مليء بالبكتيريا الجيدة منها والسيئة، والبروبيوتيك أو المعززات الحيوية هي خمائر وبكتيريا حية مفيدة لصحة الإنسان. لكن ما دخل روث الجمل بهذا؟ من خلال العودة بالزمن إلى الوراء، نكتشف أن الأمراض البكتيرية كانت خطيرة ومميتة، كمرض الزحار مثلاً.

ففي أواخر الثلاثينيات وبدايات الأربعينيات من القرن المنصرم، وأثناء الحرب العالمية الثانية، لاحظ العلماء معاناة الجنود العاملين في شمال أفريقيا من مرض الزحار، والذي تسبب في مقتل العديد منهم. على عكس السكان المحليين من البدو الذين لم يعانوا من هذا المرض.

وهذا ما قاد العلماء لاكتشاف السرّ، حيث تبين أن تناول السكان المحليين من البدو لروث الجمل ساعدهم في التعافي من الزحار أو تجنب الإصابة به.

وعلى عكس ما قد تتصوره، فإن البراز لا يتم تجفيفه ومعالجته بطريقة ما لجعله مستساغاً. فإذا لم يتم تناول البراز مباشرة بعد خروجه من مصدره، لن يكون له أي فائدة! وبان للعلماء بعدها أن السر في براز الجمل هي البكتيريا الجيدة، البروبيوتيك، التي يحتويها. حيث يحتوي براز الجمل على العصوية الرقيقة Bacillus Subtilis والتي على ما يبدو كانت مفيدة للبشر في حالة مرض الزحار.

لكن دعك مما تفكر به الآن! فالعلم تطور وبات يتم إنماء العصويات الرقيقة وغيرها من البكتيريا ضمن المختبرات، وبتنا نجدها ضمن كبسولات دوائية، ولم يعد هناك أحد مضطر لتناول براز الجمل لأي سبب كان.

3. صناعة القهوة

حبوب قهوة كوبي لواك.

حيوان سنور الزباد الآسيوي أو السيفيت الذي يشبه حيوان الراكون، هو حيوان من الثدييات ويعيش في الغابات الاستوائية الآسيوية. ويعتبر براز السيفيت سلعة باهظة الثمن، حيث ينتج منه أكثر أنواع القهوة جودةً وتكلفةً، فيتراوح ثمن الكيلو غرام الواحد من بن قهوة الـ (كوبي لواك) ما بين 300 إلى 500 دولار أميركي.

وعلى عكس صناعة الورق من روث الفيلة التي كانت ذات أثر إيجابي على الفيلة، فإن عملية صناعة القهوة هذه كانت ذات آثار وخيمة على هذا الحيوان. حيث يتم احتجاز الحيوانات في معظم الأحيان ضمن ظروف سيئة للغاية، مجبرة على العيش في أقفاص غير صحية وغير مريحة. كما لا يتم إطعام هذه الحيوانات سوى حبوب البن في أغلب الأحيان، وذلك لزيادة إنتاجها من قهوة الكوبي لواك. وهذه الظروف التي تعيشها قطط السيفيت تسبب لها التوتر الدائم والأمراض ويرفع من نسبة موتها.

4. السماد المعجزة الجوانو (Guano) الذي أدى إلى اندلاع أزمات وحروب بين الدول

عمال في البيرو يجمعون فضلات الجوانو ، والذي يُعتبر من أفضل الأسمدة العضوية للتربة.

في القرن الثامن عشر، وبعد قرون من الزراعة المستمرة، بدأت التربة تفقد موادها الغذائية وهذا ما انعكس بدوره على كفاءة المنتجات الزراعية. لكن اكتشاف الـ (جوانو) في دولة البيرو، وهو عبارة عن سماد من ذرق الطيور المتراكم، كان الحل المعجزة لهذه المشكلة، وذلك لاحتوائه على كم كبير من النيتروجين.

ففي خمسينيات القرن الماضي، كان هذا السماد يُباع في الولايات المتحدة مقابل 75 دولاراً لكل رطل (حسب سعر الدولار لعام 2017) وهو يساوي ثلث ثمن ذات الوزن من الفضة!

وفي الولايات المتحدة أيضاً، سنّ الكونغرس الأمريكي حينها قانوناً يسمح لأي مواطن أمريكي بالمطالبة بأي جزيرة غير مأهولة وضمها للولايات المتحدة، إذا ما تبين أنها تحتوي على الجوانو.

كان سماد الجوانو أحد الأسباب التي أججت النزاع الحدودي بين بوليفيا وتشيلي، ولم يكن هذا النزاع بين الجارتين هو الأول من نوعه في المنطقة ذات السواحل والجزر الغنية بهذا السماد. فبالعودة لدولة البيرو التي امتلأت خزائنها من عائدات الجوانو وصارت من أكبر مصدريه في تلك الفترة، بسبب شريطها الساحلي الغني بهذا السماد. ذكـّر هذا إسبانيا بمستعمرتها القديمة، فدفعت بأسطولها لاحتلال جزر تشينشا قبالة السواحل البيروية، لتنسحب منها في عام 1867 بعد حروب طاحنة.

5. إنتاج الطاقة

إن مدينة غراند جنكشن في ولاية كولورادو هي أول مدينة أمريكية تُسيّر مركباتها على الطاقة المنتجة من الفضلات البشرية. صورة: Rebecca Johnson/Inside Energy

بات بالإمكان الاستفادة من الكميات الكبيرة من مخلفات الصرف الصحي، أو حتى روث الحيوانات في الإسطبلات في الأرياف، لإنتاج غازات حيوية غنية بالميثان يمكن استخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية. وباتت فعلاً العديد من محطات معالجة مخلفات الصرف الصحي تستفيد من هذه الطاقة الهائلة.

وإن الأمثلة على ذلك كثيرة. ففي بريطانيا على سبيل المثال، تم تسيير حافلة لنقل الركاب بين مدينتي باث وبريستول تتسع لـ 40 شخصاً وتعمل بالكامل عن طريق غاز الميثان المستخلص من المخلفات العضوية، ويمكن للحافلة قطع مسافة 300 كلم باستخدام المخلفات العضوية لخمسة أشخاص فقط على مدى عام واحد.

كما تعتبر مدينة بورتلاند، أكبر مدن ولاية أوريغون الأمريكية، من المدن الرائدة في الاستفادة من مخلفات صرفها الصحي كمصدر للطاقة. وذلك من خلال مشروع Power to Poop الذي تعمل السلطات هناك على تنفيذه. حيث تسعى المدينة من خلال مشروعها هذا إلى التخلي عن الوقود الأحفوري تماماً، والاعتماد كلياً على الوقود الذي سينتج من معالجة مخلفات الصرف الصحي في المدينة.

ورغم أن فكرة الاستفادة من هذه المخلفات الحيوية في إنتاج الطاقة شهدت انتعاشاً وتطوراً ملحوظاً في العقود الأخيرة، إلا أنها، كفكرة، تعود إلى فجر التاريخ البشري.

مقالات إعلانية