in

طلبة جامعيون يكتشفون وجود نصوص مخفية تحت مخطوطات دينية من العصور الوسطى

استخدم طلبة باحثون في معهد (روتشيستر) للتكنولوجيا نظام تصوير بالأشعة فوق البنفسجية قاموا بتطويره بأنفسهم من أجل تقييم وثيقة دينية من القرن الخامس عشر.

قبل وصول العصر الذي أصبح فيه الورق متوفرًا ويتم إنتاجه على مستوى واسع، كان الكتاب آنذاك يعتمدون على أوراق البردي والبرشمان الباهضة الثمن من أجل وضع أفكارهم على صفحاتها. في أوروبا في العصور الوسطى، كان الكتّاب أحيانًا ”يعيدون تدوير“ أوراق البرشمان المستخدمة سابقًا من خلال محو الكلمات الموجودة عليها وكتابة كلمات جديدة فوقها.

تحمل هذه الأوراق الثخينة، التي يتم إنتاجها غالبا من جلود الحيوانات، آثارًا عن محتوياتها السابقة، فتخلق بذلك ما يطلق عليه اسم ”طرس“، وهو الصفحة من الكتاب التي محي ما كتب عليها ليكتب عليها غيره.

بفضل تكنولوجيا التصوير المتقدمة، أصبح بإمكان الباحثين حاليًا بسهولة تحديد الطروس من العصور الوسطى التي تكون غير مرئية للعين المجردة. مؤخرًا، استخدمت مجموعة من الطلبة الباحثين في معهد (روتشيستر) للتكنولوجيا نظام تصوير بالأشعة فوق البنفسجية قاموا بتطويره بأنفسهم من أجل اكتشاف كتابة قديمة مخفية تحت مخطوطة دينية من القرن الخامس عشر.

وفقًا لتصريح المعهد، قام ثلاثي الطلبة (زوي لالينا)، و(ليزا إينوكس)، و(مالكوم زالي) بتطوير نظام تصوير بالأشعة فوق البنفسجية في السنة الجامعية الفارطة كجزء من برنامج خاص بالطلبة غير المتخرجين، ثم تباطأ تقدم أبحاث الطلبة الباحثين عندما تحول المعهد للتدريس على الإنترنت بسبب فرض الحجر المنزلي الذي سببه انتشار وباء كورونا في شهر مارس الماضي، غير أن الطلبة تلقوا منحة ليواصلوا العمل خلال الصيف ونجحوا في إنهاء مشروعهم في الخريف الفارط.

استخدمت مجموعة من الطلبة الباحثين تقنية تصوير قاموا بتطويرها بأنفسهم خلال سنتهم الجامعية الثانية من أجل اكتشاف وجود نص مخفي تحت مخطوطة دينية من القرن الخامس عشر. صورة: Rochester Institute of Technology
استخدمت مجموعة من الطلبة الباحثين تقنية تصوير قاموا بتطويرها بأنفسهم خلال سنتهم الجامعية الثانية من أجل اكتشاف وجود نص مخفي تحت مخطوطة دينية من القرن الخامس عشر. صورة: Rochester Institute of Technology

قام هؤلاء الطلبة الباحثون ببناء نظام تصوير متعدد الأطياف يعمل على تعريض صفحات ورق البرشمان لأشعة فوق بنفسجية غير ضارة، مما يكشف عن وجود آثار كيميائية لحبر وبعض الخبايا الأخرى. ثم استخدموا أداتهم لتفحص أوراق البرشمان من مجموعة (كاري) للفنون التصويرية في مكتبة المعهد الذي يزاولون به دراستهم بحثًا عن تلميحات مخفية من العصور الوسطى.

تفاجأ الباحثون عندما اكتشفوا بقايا كتابة فرنسية أنيقة تحت صفحة من «كتاب الساعات»، وهو نص كان شائعًا بين المسيحيين المؤمنين خلال العصور الوسطى. بالنسبة لمكتبة معهد (روتشيستر) للتكنولوجيا، ربما تم محو هذه الصفحة ثم أعيد استخدامها من طرف الرهبان الأوروبيين حوالي سنة 1450 ميلادي.

تقول الطالبة الباحثة (لالينا): ”عندما وضعنا إحدى ورقات البرشمان تحت الضوء فوق البنفسجي، تبينت لنا هذه الكتابة الفرنسية القاتمة والمذهلة تحتها، وهو أمر مذهل لأن هذه الوثيقة ظلت في حيازة مجموعة (كاري) للفنون لمدة عقد من الزمن الآن، ولم يلاحظ أحد هذا الأمر فيها“.

وأضافت (لالينا) أن ورق البرشمان هذا مصدره مجموعة (أوتو إيجي) —بين سنتي 1888 و1951 ميلادي—، وهو بائع كتب أمريكي ومؤرخ مختص في الفنون اشتهر بكونه ”متلف كتب“ خلال القرن العشرين.

وفقًا للمؤرخة (فيونا تشين)، روج (إيجي) لممارسة مثيرة للجدل تقضي بتقطيع صفحات من مخطوطات من العصور الوسطى وبيعها فرادى. على الرغم من أن الانتقادات أشارت إلى أن هذه العملية قامت بتدمير المواد الأدبية القديمة، فإن (إيجي) تحجج بأنه كان بصدد نشر المعرفة وجعلها ديمقراطية ومتاحة للدراسة، ذلك أن الصفحات الفردية كانت أرخص ثمنًا وسهل الوصول إليها وامتلاكها من طرف المكتبات الصغيرة.

ولأن (إيجي) كان يبيع صفحات المخطوطات القديمة فردية، فإن 29 صفحة أخرى من «كتاب الساعات» انتشرت عبر مجموعات في مكاتب حول الولايات المتحدة الأمريكية.

قد تتضمن هذه الصفحات التسعة والعشرون الأخرى على الأرجح على طروس أخرى، ويأمل الطلبة الباحثون في دراسة أكبر قدر ممكن من أوراق البرشمان هذه على أمل اكتشاف المزيد من النصوص المخفية.

إلى يومنا هذا، تمكن هؤلاء الطلبة الباحثون من دراسة صفحتان اثنتان من مجموعة (إيجي) اللتان كانتا تتواجدان في حيازة مجموعة معهد (روتشيستر) للتكنولوجيا.

اكتشفوا خلال ذلك وجود آثار عن كتابات سابقة تحت كلا النصين في الصفحتين. تبين كذلك أن صفحة أخرى تمت دراستها من طرفهم، وهي ورقة برشمان ضمن مجموعة (إيجي) مصدرها مكتبة الحكومية في مقاطعة (إيري وبوفالو)، تتضمن على نص مخفي تحتها.

يقول (ستيفن غالبرايث)، وهو القيم على مجموعة (كاري) للفنون التصويرية في تصريح له: ”قام هؤلاء الطلبة بتوفير معلومات مهمة للغاية حول اثنين من مخطوطاتنا الأثرية هنا في مجموعتنا الفنية، وقد اكتشفوا نصين لم نكن نعلم بوجودهما في المجموعة“، واستطرد بالقول: ”الآن يتعين علينا معرفة ماهية هذه النصوص… من أجل فهم أشمل لمجموعتنا الخاصة، نحن في حاجة لمعرفة عمق مجموعاتنا الفنية، وعلوم التصوير تساعد على كشف كل هذا لنا“.

مقالات إعلانية