in

10 هزائم نكراء تعرض لها الجيش الأمريكي، تتمنى الحكومة أن لا يعرف الناس بشأنها

جنود أمريكيون

كان الجنرال (جورج باتون) يقول في عدة مناسبات في خطابات كان يدلي بها على مسامع الجنود الأمريكيين في سنة 1944: ”يحب الأمريكيون الناجحين، ولن يستسيغوا الفشلة“، وذكر (باتون) في نفس الخطابات بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تخسر أبداً، وأنها لن تخسر أية حرب.

ربما لم تخسر حرباً فعلية بعد آنذاك، لكن القوات الأمريكية كانت قد خسرت الكثير من المعارك في طريقها نحو الانتصار في الحروب التي خاضتها، كانت بعض هذه المعارك الخاسرة حاسمة جدا لدرجة تم اعتبار خسارتها كارثية.

الـ(يو إس إس كاليفورنيا) وهي تغرق ببطء وألسنة النيران تتآكلها يوم الهجوم الياباني على (بيرل هاربور).
الـ(يو إس إس كاليفورنيا) وهي تغرق ببطء وألسنة النيران تتآكلها يوم الهجوم الياباني على (بيرل هاربور).

في الحرب المكسيكية والحرب الإسبانية الأمريكية، تقريبا انتصر الجنود والبحارة الأمريكيون في جميع المعارك الرئيسية التي خاضوها، غير أن الأمر لم يكن على هذه الحال بالنسبة لحروب أخرى خاضها الجيش الأمريكي.

تكون الخسارة العسكرية غالبا نتاج سوء التخطيط والقيادة، وعدم توفر المعلومات العسكرية الدقيقة، وعنصر المفاجأة، ونقص التعداد بالمقارنة مع العدو، كما كان التدريب والتجهيز الممتاز من جانب المنتصر دائما عاملا حاسماً، وفيما يتعلق بجميع الهزائم العسكرية الأمريكية تقريباً، يمكننا القول أن الجيش الأمريكي كان في كل مرة يتعلم من أخطائه ويطبق ما تعلمه في أحداث لاحقة، مما كان يقوده إلى النجاح، غير أن هذا لم يخفف من وطأة الهزيمة والأثر السلبي الذي تخلفه على المعنويات وفعالية الجنود المرهقين.

لطالما تسببت الكوارث العسكرية في ميادين القتال في إنهاء مسيرات مهنية أو إطلاقها، وتغيير شكل الحدود الدولية، وخلق عداوات طويلة الأمد، وتمديد فترات الحروب لمدة اطول.

في مقالنا هذا جمعنا لكم أحداثا عانى فيها الجيش الأمريكي من خسارات كارثية أقعدته أثناء خوضه المعارك، والتي نعلم أن الحكومة كانت تتمنى أن لا يعرف الشعب بأمرها:

1. معركة (بلادينسبيرغ) في سنة 1814:

جايمس ماديسون
(جايمس ماديسون) قائدا للقوات خلال المعركة. صورة: National Gallery of Art/Wikimedia Commons

خلال سنوات حرب سنة 1812 بين الولايات المتحدة والإمبراطورية البريطانية، كانت استراتيجية هذه الأخيرة مركزة بشكل كبير على حماية كندا من الغزو الأمريكي، وكانت تشن غارات كر وفرّ على بعض المدن الساحلية الأمريكية. بحلول ربيع سنة 1814، كانت البحرية الملكية البريطانية قد أسست لعمليات عسكرية في منطقة (شيزابيك)، والتي دعمتها فيها قوات (نابليون) التي انتشرت في (إيلبا) وكانت مستعدة لتضرب بقوة ضد الأمريكيين.

بينما أرسلت معظم وحدات الجيش البريطاني إلى كندا من أجل التحضير لغزو نيويورك واجتياحها، تم إرسال فرقة لقدماء (ويلينغتون) الذين شاركوا في حرب شبه الجزيرة إلى (بيرمودا)، ومن هناك إلى جزيرة طنجة في منطقة (شيزابيك)، وكان هدف هذه الفرقة هو العاصمة الأمريكية واشنطن.

عندما نزلت وحدات الجنود البريطانيين مدعومة بالبحارة وجنود البحرية الملكية في (ماريلاند)، تحرك الجنرال الأمريكي (ويليام ويندر) لمواجهتها، وكان تحت تصرف (ويندر) قوات بلغ عددها 1000 جندي رسمي في صفوف الجيش الأمريكي وبين 5000 إلى 7000 من الميليشيات، والتي قام بوضعها خارج مدينة (بلاندينسبرغ) في (ماريلاند).

مكّن التحكم والسيطرة على هذه البلدة الصغيرة الأمريكيين من الدفاع عن الطرقات المؤدية إلى (أنابوليس)، و(بالتيمور)، وواشنطن، وكانت وحدات الجنود الأمريكيين مدعومة من طرف مدفعية البحرية الأمريكية التي كانت تحت قيادة (جوشوا بارني)، والتي تموقعت في مواقع محصّنة، لكن اختيارها كان سيئاً.

عندما وصلت القوات البريطانية أمام خطوط دفاع الأمريكيين في 24 أغسطس 1814، رصد قائدها الجنرال (روبيرت روس) على الفور نقاط الضعف في صوفف الدفاع الأمريكي وقام باستغلالها أحسن استغلال، وعلى الرغم من أن البحارة النظاميين الأمريكيين التزموا مواقعهم خلال المعركة، فإن الميليشيات قليلة الخبرة لم تقم بذلك.

بينما بدأ الجيش الأمريكي ينهار تحت هجوم القوات البريطانية، كان على رأس قيادته رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك (جايمس ماديسون)، الذي تم إجلائه من ساحة المعركة على عجالة إلى بر الأمان.

تعرض قائد القوات البحرية (بارني) لجروح خطيرة، وعلى الرغم من أن رجاله تمكنوا من صد هجوم البرطانيين لزمن معين فإن هؤلاء الأخيرين تغلبوا عليهم تماما عندما نفذت منهم الذخيرة، وبحلول ذلك الوقت، فرّت الميليشيا الأمريكية من المعركة بسرعة الريح.

لم يكن الجنرال (ويندر) قد وضع أية خطط مسبقة فيما يتعلق بالانسحاب أو التوجه نحو موقع معين من أجل إعادة تموقع الجيش وترتيب وحداته واستجماع قواه، وفي نهاية المطاف، لم يكن هذا الأمر ليحدث أي فارق بما أن القوات الأمريكية عانت نقصا فادحا مع فرار الميليشيات.

بحلول مساء ذلك اليوم، وصلت الميليشيات إلى شوارع العاصمة واشنطن وراح الرجال يفرون بين شوارعها مما زاد من الهلع الذي كان مخيما عليها مسبقاً، كما كانت الحكومة الفدرالية تبحث عن ملاذ آمن أيضاً. دخل الجيش البريطاني العاصمة واشنطن في تلك الليلة وأحرق عدة مبانٍ حكومية منها البيت الأبيض والكابيتول.

بعد الحرب، أشارت المصادر البريطانية إلى تلك المعركة على أنها ”سباق (بلادنسبيرغ)“، فقد ألحق الجيش البريطاني الأصغر حجما هزيمة نكراء بالأمريكيين الذين أطلق عليهم اسم ”أعظم عار التحق بالجيش الأمريكي على الإطلاق“، وعلى الرغم من النصر الساحق، فقد استهجنت عدة عواصم أوروبية حرق العاصمة واشنطن، بما في ذلك لندن.

قُتل الجنرال (روس) في معركة لاحقة في تلك الصائفة.

2. معركة (كامدن) سنة 1780:

معركة (كامدن).
معركة (كامدن). صورة: National Archives and Records Administration/Wikimedia Commons

بعد معركة (مونموث) في سنة 1778، انتقلت استراتيجية بريطانيا في إدارة الحرب في شمال أمريكا من الولايات المتواجدة على منتصف سواحل المحيط الأطلسي نحو ولايات الجنوب. كان البريطانيون يعتقدون بأن قسما كبيرا من الموالين للتاج البريطاني يتواجدون في الولايات الجنوبية والذين من شأنهم مساعدة جنودهم، كما كانوا من خلال حركتهم تلك ينشدون المساعدة من العبيد المتحررين حديثاً.

بعد سيطرتهم على (سافانا) و(تشارلستون)، كانت مهمة الجنود البريطانيين التالية هي تأمين (كارولاينا الجنوبية) قبل الانتقال في نهاية المطاف والزحف على (كارولاينا الشمالية) و(فيرجينيا).

قادت عدة معارك في (جنوب كارولاينا) القائد البريطاني السير (هينري كلينتون) إلى الاعتقاد بأن الولاية قد تم إخضاعها، فعاد إلى نيويورك تاركا وراءه (تشارلز) لورد (كورنواليس) لقيادة الجنود البريطانيين والأمريكيين الموالين لهم.

كان رد فعل الرئيس (واشنطن) إرسال كتيبتين من أفضل قواته والجنرال (هيراسيو غايتس) لقيادتها. كان (غايتس) مشهورا بكونه بطل واقعة (ساراتوغا)، وعندما وصل إلى الموقع وتولى قيادة بقية القوات التي كان يقودها سابقا المشهور (بارون ديكالب)، وجد نفسه غير ملمٍّ بالمنطقة ولا بجنودها الذين كانت الميليشيات تشكل ثلثيهم، كما تجاهل عروض مقاتلي العصابات في الإنضمام إلى جيشه.

عندما هاجم الجنرال (غايتس) المعسكر البريطاني في (كامدن) في 16 أغسطس 1780، كان الجناح الأيسر من جيشه يتكون من ميليشيات من (فيرجينيا) و(كارولاينا الشمالية). كان للبريطانيين هجوم مضاد بواسطة الحراب، ففرت ميليشيات (كارولاينا الشمالية) بسرعة كبيرة ولم يتوقفوا إلى أن وصلوا إلى (هيلسبوروغ) التي كانت تبعد عن أرض المعركة 280 كيلومتراً.

بقيت فرق ميليشيات (فيرجينيا) في المعركة غير أنها انسحبت في نهاية المطاف، ومع انسحاب أكثر من نصف الجيش الأمريكي، انسحبت قوات (غايتس) بشكل منظم، وأصيب خلال الواقعة (بارون ديكالب) إصابات بليغة.

فر الجنرال (غايتس) من الساحة مع مقاتليه من (كارولاينا الشمالية)، وقد سبق في ذلك معظم رجال الميليشيات لأنه كان على صهوة حصان سباق مميز، ووصل إلى (هيلسبوروغ) في 19 أغسطس، وهو بذلك قد قطع مسافة 280 كلم في يومين فقط.

تم تدمير الجيش الأمريكي في الجنوب تماما، وقد كان (غايتس) الذي استعان بروابطه السياسية ومعارفه من أجل تولي قيادة الجيش في الجنوب، قد استعان بها هذه المرّة إلى جانب سمعته كبطل (ساراتوغا) من أجل حماية نفسه من المتابعة القضائية بسبب تلك الهزيمة النكراء التي تعرض لها.

أرسلت العاصمة واشنطن (ناثانييل غرين) من أجل تولي القيادة في الجنوب وإعادة بناء الجيش. كلفت هزيمة (كامدن) الجيش الأمريكي 900 قتيل وجريح، وأكثر من 1000 سجين حرب أسرته القوات البريطانية، في المقابل صرح (لورد كورنواليس) قائد الجيش البريطاني بأن وحدات جيشه خسرت 68 جنديا سقطوا في المعركة إلى جانب 245 جريحاً.

على الرغم من أن (غايتس) انضم إلى طاقم الرئيس (جورج واشنطن) لاحقاً، فإن خدمته اقتصرت على المشورة فقط، ولم يتولى قيادة أي جيش آخر أبدا في حياته.

3. واقعة (واباش) في سنة 1791:

(آرثر ساينت كلير) الذي كان قائدا على الجيش الأمريكي الذي تعرض لأسوء هزيمة على يد الأمريكيين الأصليين. صورة: Arthur St. Clair/Wikimedia Commons
(آرثر ساينت كلير) الذي كان قائدا على الجيش الأمريكي الذي تعرض لأسوء هزيمة على يد الأمريكيين الأصليين. صورة: Arthur St. Clair/Wikimedia Commons

لم تكن أسوء هزيمة يتعرض لها الأمريكييون على يد الأمريكيين الأصليين في ما عرف بـ(القرن الكبير الصغير) في سنة 1876، بل كانت في ما عرف آنذاك بأنه ”المنطقة الشمالية الغربية“ للولايات المتحدة التي كانت دولة فتية آنذاك، وكانت هذه المنطقة قد تخلت عنها بريطانيا في ”معاهدة باريس“ التي حملت توقيعات كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

لم تكن منطقة الشمال الغربي واقعة تحت سيطرة أي من الدول السابقة، بل كانت تسيطر عليها قبائل الأمريكيين الأصليين، التي تضمنت كل من (الشاوني) و(ميامي) و(هورون) و(ديلاوير) والكثير غيرها.

شكلت هذه القبائل ما عرف بـ”الكونفيدرالية الغربية“ في سنة 1786، وقد قادت الغارات التي قامت بها هذه العشائر مجتمعة على المستعمرات الغربية الحكومة في واشنطن العاصمة إلى إرسال جنود فيدراليين، وبحلول ثمانينات القرن الثامن عشر، هلك أزيد من 1500 مستعمر ومستكشف في (أوهايو) و(وادي واباش) والأراضي المحيطة بها على يد الأمريكيين الأصليين.

بعد أن آلت بعثة عسكرية سابقة إلى الفشل الذريع، أرسل الرئيس الأمريكي (جورج واشنطن) الجنرال (آرثر ساينت كلير)، حاكم منطقة الشمال الغربي وأحد الجنرالات المرموقين في الجيش، في بعثة عسكرية من أجل تدمير الكونفيدرالية الغربية في صائفة سنة 1791.

جمع (ساينت كلير) جيشه وقام بتدريبه في حصن (واشنطن) —(سينسيناتي)— وزحف به شمالا إلى منطقة تعرف اليوم باسم (حصن واين) في (إنديانا)، ووصل هناك في أواخر شهر أكتوبر.

خلال الصائفة التي استغرقته في التنقل تقلصت أعداد بعثته كثيراً بسبب هروب الجنود، والأمراض، وبعض الهجومات الخاطفة بين الحين والآخر من طرف الأمريكيين الأصليين. في تلك الأثناء، جمعت «الكونفيدرالية الغربية» جيشا بلغ عدد أفراده أكثر من 1100 مقاتل، تحت قيادة (ليتل تورتيل) —السلحفاة الصغيرة— من قبيلة (ميامي)، و(بلو جاكيت) —السترة الزرقاء— من قبيلة (الشاوني)، ولم يتعدَّ عدد قوات (ساينت كلير) أكثر من 1500 رجل، مرافقين بـ250 امرأة وطفلا تقريباً.

في عشية الثالث من نوفمبر من نفس السنة، نفذ السكان الأصليون هجوما على الفصائل الأمريكية، فاستخدموا في ذلك تكتيكا جعل الأمريكيين يُستدرَجون إلى الغابة حيث كان العدو يحاصرهم بسرعة وسهولة ويقضي عليهم. بحلول الوقت الذي تمكن فيه ما تبقى من قوات (ساينت كلير) من الهروب، كان قد سقط 97 في المائة منهم ضحايا، وقد مثلت هذه النسبة أعلى نسبة ضحايا يسجلها الجيش الأمريكي على الإطلاق، حيث لقي أكثر من 900 جندي و39 ضابطا مصرعهم تلك الليلة، ويبقى عدد السجناء مجهولا لأنهم أُعدموا لاحقا على يد السكان الأصليين.

احتفل البريطانيون بنصر السكان الأصليين على الأمريكيين واستخدموا الأمر كذريعة من أجل دعم اقتراحهم في إنشاء «حاجز هندي» بين الولايات المتحدة وكندا البريطانية.

مارس الرئيس الأمريكي (جورج واشنطن) ضغوطه على الكونغرس من أجل تقوية وتدعيم الجيش الأمريكي —وهو ما وافق عليه الكونغرس— وأرسل الجنرال (أنثوني واين) مع جيش آخر من أجل وضع حد للتهديد الهندي. سحق جيش (واين) الكونفيدرالية الغربية في معركة (فولن تيمبرز) في سنة 1794.

4. الـ(يو إس إس تشيزابيك) سنة 1813:

الـ(يو إس إس تشيزابيك) يتم اصطحابها إلى بريطانيا بعد أن رفع العلم البريطاني فيها فوق العلم الأمريكي.
الـ(يو إس إس تشيزابيك) يتم اصطحابها إلى بريطانيا بعد أن رفع العلم البريطاني فيها فوق العلم الأمريكي.

كانت الـ(يو إس إس) واحدة من الفرقاطات الستة الأصلية التي رخص لها الكونغرس الأمريكي بأن تكون جزءا من القوات البحرية الأمريكية المؤسسة حديثا سنة 1794. خدمت السفينة في الحرب الوجيزة ضد فرنسا التي سميت بـ”شبه الحرب“، وفي الحرب البربرية الأولى في البحر الأبيض المتوسط.

في سنة 1807، تورطت السفينة في حادثة مع فرقاطة (ليوبارد) البريطانية، في هذه الحادثة قامت الـ(ليوبارد) بفتح نار مدافعها على (تشيزابيك) عندما لم ترضخ الثانية لمطالبها بأن يصعد الضباط البريطانيون على متنها بحثا عن جنود بريطانيين هاربين من الجندية، وساعد هذا الحدث على إشعال فتيل حرب سنة 1812.

في شهر ديسمبر من سنة 1812، بدأت (تشيزابيك) تخرج في دوريات في المحيط أسفرت عنها تسببها في خسارة بلغت 4.5 مليون دولار بأموال اليوم تكبدتها التجارة البريطانية، وذلك من خلال أسر وإتلاف الشحنات التجارية البريطانية. في مايو 1813 تولى (جايمس لاورنس) قيادة السفينة في (بوسطن)، حيث كانت تتم إعادة تهيئتها وترميمها. واجه (لاورنس) صعوبة في العثور على الرجال المناسبين على متن سفينته من أجل رحلته التالية، ولم يسعه إلا توظيف بعض البحارة القادمين من أمم مختلفة، والذين لم يكن معظمهم يملك الخبرة الكافية للعمل على سفينة حربية.

خارج (بوسطن)، كانت الـ(آيتش آم إس شانون) تجول البحار، وهي فرقاطة بريطانية كانت تحت قيادة (فيليب بروك) منذ سنة 1806. عندما سمع (لاورنس) بوجود (شانون) في المياه الأمريكية، أبحر على الفور من (بوسطن) عازماً على أسر السفينة الحربية البريطانية، ومما حفزه نوعا ما هو سلسلة الانتصارات الطويلة التي تمتعت بها البحرية الأمريكية وتفوقت بها على البحرية البريطانية خلال السنة الفارطة.

بدأت المعركة في عشية يوم 31 مايو سنة 1813، وسرعان ما بدى تفوق مدفعية (شانون) واضحا، وبعد أن دُمرت آليات توجيه الـ(تشيزابيك)، قاد (بروك) شخصيا معركة الصعود على متنها من أجل أسرها وإخضاع طاقمها. تعرض كل من (بروك) و(لاورنس) لجروح خطيرة خلال المعركة، مع كون (لاورنس) قد أعطى أوامره الأخيرة: ”لا تسلموا السفينة“، قبل أن يتعرض للأسر.

توفي (لاورنس) في الأسر بينما كان يتم اصطحاب سفينته إلى القاعدة البحرية البريطانية في (هاليفاكس). نجى (بروك) من جراحه الخطيرة وتم تقليده لقب الفارس نظيرا على نصره الكبير.

غيرت خسارة (تشيزابيك) مقاربة البحرية الأمريكية، التي كانت حتى تلك اللحظة تتمتع بأفضلية كبيرة على البحرية البريطانية مثلتها سلسلة طويلة من الانتصارات، فبقيت الفرقاطات الأمريكية معظم الوقت في الموانئ لبقية سنوات الحرب بدلا من إرسالها إلى أعالي البحار لتغير على السفن البريطانية.

بقيت السفينة الحربية (تشيزابيك) في خدمة البحرية البريطانية إلى غاية سنة 1819، حيث بيعت واستعمل خشبها من أجل بناء طاحونة (تشيزابيك) التي مازالت موجودة حتى يومنا هذا في (ويكهام) في إنجلترا.

5. معركة (تشارلستون) سنة 1780:

الجنرال (بنجامين لينكولن) الذي سلّم (تشارلستون) للبريطانيين، ثم استسلم له لاحقا السير (كورنواليس) في (يوركتاون).
الجنرال (بنجامين لينكولن) الذي سلّم (تشارلستون) للبريطانيين، ثم استسلم له لاحقا السير (كورنواليس) في (يوركتاون).

في ربيع سنة 1780 قرر الجيش البريطاني تحت قيادة السير (هينري كلينتون) أن الـ(سافانا)، التي كانت آنذاك تحت سيطرة البرطانيين، لم تكن مناسبة كميناء لدعم الغزو البريطاني المخطط له لـ(كارولاينا) الشمالية والجنوبية. تم على إثر ذلك اختيار مدينة (تشارلستون) لتكون مقر القوات البريطانية ومركز إدارة عملياتها نحو غزو المستعمرات الجنوبية، فقام (كلينتون) بإنزال جيش كبير جنوب (تشارلستون)، والذي بحلول نهاية شهر مارس كان قد أحاط تقريبا بالمدينة.

كان في دفاع مدينة (تشارلستون) أسطول بحري صغير من الفرقاطات وبعض السفن الأخرى الصغيرة تحت قيادة (آبراهام ويبل)، وكذا حوالي 3500 رجل بين جندي نظامي وفرد ميليشيا تحت قيادة الجنرال (بينجامين لنيكولن). بينما عزز البريطانيون تواجدهم في المناطق المحيطة بالمدينة، حاول (لينكولن) دعم تحصينات المدينة من الهجومات المباشرة، كما رأى (ويبل) أن السفن الصغيرة تحت قيادته لم تكن تملك أية فرصة ضد الأسطول البريطاني وقام بسحبها إلى أعلى نهر (آشلي).

بحلول شهر أبريل، تمكن الجنود البريطانيون تحت قيادة اللورد (كورنواليس) من تأمين منطقة نهر (كوبر) شرق المدينة، ومنه وجد (لينكولن) نفسه محاصراً تماماً. طلب (لينكولن) من البريطانيين أن يسمحوا له بالاستسلام مع وعد بمعاملته معاملة شريفة، غير أن (كلينتون) رفض هذا المطلب وضيق الخناق على المناطق المحيطة، بحلول شهر مايو، كانت المدفعية البريطانية تقصف المنازل داخل المدينة.

في السابع من مايو، استسلم حصن (مولتري) الذي يقع على جزيرة (سوليفان) خارج المدينة للبريطانيين، وبعد ذلك توسل المدنيون داخل (تشارلستون) من (لينكولن) أن يستسلم لتجنب تدمير المدينة على يد المدفعية البريطانية. في الثاني عشر من مايو، وافق (لينكولن) على الاستسلام بعد أن رُفض طلبه في المعاملة الكريمة مرة أخرى من طرف (كلينتون)، وكان هذا الاستسلام يعتبر أكبر استسلام للجيش الأمريكي خلال الحرب الثورية.

مثّلت خسارة مدينة (تشارلستون) وأكثر من 5000 مقاتل وبحار أمريكي ضربة موجعة في وجه القوميين الأمريكيين، مع كون الحرب في الشمال قد وصلت إلى خط مسدود. استحوذ البريطانيون على ميناء (تشارلستون)، وأكثر من 300 قطعة مدفعية، وتقريبا 50 سفينة، وأطنان من الذخيرة وبعض الأغراض العسكرية الأخرى.

عنت تلك الخسارة بالنسبة للأمريكيين أنه لم يعد يوجد هناك أي جيش أمريكي ينشط في الجنوب كله عدا بعض الميليشيات من أجل مقاومة الزحف البريطاني من (فيرجينيا) إلى (جورجيا).

6. معركة (تاسافارونغا) سنة 1942:

الـ(يو إس إس مينيابوليس) في (تولاجي)، يمكننا هنا رؤية الأضرار التي تعرضت لها خلال معركة (تاسافارونغا). صورة: U.S. Navy/Wikimedia Commons
الـ(يو إس إس مينيابوليس) في (تولاجي)، يمكننا هنا رؤية الأضرار التي تعرضت لها خلال معركة (تاسافارونغا). صورة: U.S. Navy/Wikimedia Commons

خلال معركة (غوادالكانال) في الحرب العالمية الثانية، كانت معظم عمليات البحرية اليابانية مركزة على دعم جنودها على الجزيرة والهجوم على الأمريكيين من خلال قصفهم ليلاً. ردت البحرية الأمريكية على هذا من خلال الهجوم على الوحدات اليابانية، فقادت المعارك الليلية بين السفن الحربية اليابانية والأمريكية إلى خسارة فادحة على كلا الجانبين: غرقت الكثير من السفن في المياه المحيطة بـ(غوادالكانال).

في ليلة الثلاثين من نوفمبر 1942، أرسلت مجموعة من المدمرات اليابانية إلى المنطقة، هذه القوة التي عرفت باسم (ذا سلوت) وكانت مهمتها نقل المؤونة والإمدادات للجنود اليابانيين على الجزيرة. كان اليابانيون آنذاك ينقلون الإمدادات لجنودهم داخل براميل يلقون بها من السفن ليجرفها المد إلى مواقعهم.

أرسلت الولايات المتحدة قوة بحرية تتكون من 5 بوارج حربية و4 مدمرات تحت قيادة الأميرال الأمريكي (كارلتون رايت) من أجل الهجوم على القوة اليابانية التي كانت تتكون من ثمانية مدمرات.

كان للأمريكيين أفضلية عنصر المفاجأة بفضل استخدام الرادار، ففتحوا نيران مدافعهم على السفن اليابانية التي بدا واضحا أنها لم تكن ندا لها. مع كون الجزيرة في أعقابهم والبحرية الأمريكية أمامهم تسد عليهم السبيل نحو الفرار إلى أعالي البحار، وجد اليابانيون أنفسهم في وضع يائس، فعمدوا إلى إطلاق طوربيدات بعيدة المدى على خط السفن الحربية الأمريكية.

أصيبت 4 من البوارج الأمريكية، وهي (يو إس إس مينيابوليس) و(يو إس إس بينساكولا) و(يو إس إس نيوأورلينز)، التي تعرضت لأضرار كبيرة، والـ(يو إس إس هونولولو) التي من المعركة سليمة، غير أن آخر بارجة حربية في خط سفن الأمريكية وهي (يو إس إس نورثامبتون) لم تكن محظوظة بما فيه الكفاية، حيث غرقت قبل أن يتمكن طاقمها من مغادرتها.

تمكنت البوارج الثلاثة الأخرى المتضررة بطريقة ما من الهروب والوصول إلى (تولاجي) القريبة من الموقع، وبقيت كلها خارج الخدمة لمدة ثلاثة أشهر، في تلك الأثناء، خسر اليابانيون مدمرة واحدة فقط.

بعد هجمات قاعدة (بيرل هاربور) ومعركة جزيرة (سافو) —التي خسرت فيها الولايات المتحدة أربعة بوارج حربية كبيرة—، كانت معركة (تاسافارونغا) أسوء خسارة تعاني منها البحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية.

قادت هذه المعركة إلى إحداث تغييرات جذرية في الطريقة التي يتم وفقا لها توزيع السفن الحربية الكبيرة الأمريكية، كما مثلت حافزا أكبر نحو تطوير المدفعية والطوربيدات الأمريكية.

على الرغم من الخسارة الفادحة التي عانى منها الأمريكيون في (تاسافارونغا)، فإنهم نجحوا في منع اليابانيين من تموين جنودهم، مما ساعد على إجبارهم على مغادرة (غوادالكانال) في نهاية تلك السنة.

7. معبر قصرين، سنة 1943:

الجنرال (إيروين رومل). صورة: German Federal Archive/Wikimedia Commons
الجنرال (إيروين رومل). صورة: German Federal Archive/Wikimedia Commons

بعد أن غزى الأمريكيون بنجاح شمال إفريقيا في «عملية المشعل» في سنة 1942، نظمت الجيوش الألمانية والإيطالية صفوفها سريعا من أجل تدمير الجيش الأمريكي قليل الخبرة. لم يكن الأمريكيون لوحدهم في تلك المنطقة في مواجهة قوات المحور، بل كانوا مدعومين من طرف جيش فرنسا الحرة والجيش البريطاني، غير أن السواد الأعظم للقوات المتمركزة في القصرين في تونس كان من طرف الفيلق الثاني في الجيش الأمريكي، الذي كان تحت قيادة الجنرال (لويد فريديندال).

كان غريم (فريديندال) هو الجنرال الألماني (إيروين رومل) الملقب بثعلب الصحراء، الذي قام بالهجوم على المواقع الأمريكية في جبال الأطلس. زحف (رومل) على الوحدات الأمريكية والبريطانية وظل يتقدم دافعا إياها للتراجع، غير أنها قاومت بضراوة على الرغم من المشاكل الجمّة التي أخلت بالتواصل السليم بين مختلف الوحدات.

ظل القائد الأمريكي، الذي لم تكن له أية خبرة بالأرض، بعيدا جدا خلف خطوط النار معظم الوقت.

فشلت الوحدات البريطانية التي كانت تتمتع بخبرة أكبر في توفير معلومات قيمة فيما يتعلق بالتكتيكات الحربية التي قامت بتطويرها، مما ترك الأمريكيين في مواقع مكشوفة ذات تحصين ضعيف.

لم يكن الجنود الأمريكيون قد أدركوا بعد الحاجة إلى الحفر بعمق وتجنب التعرض لنيران العدو مجتمعين، وعلى الرغم من انعدام الخبرة وبعض المشاكل الأخرى، فقد تمكنت وحدات الفيلق الثاني الأمريكية بطريقة ما من منع (رومل) من استغلال مكاسبه السابقة في المعارك، وفي نهاية المطاف تمكنت من وقف الهجومات الألمانية.

تراجع الأمريكيون بحوالي مائة كيلومتر إلى الخلف قبل أن يأتيهم الدعم من المدفعية والهجومات المضادة ليتمكن أخيرا من وقف الهجومات الشرسة الألمانية. سقط عدد كبير من الجنود الأمريكيين بين قتيل وجريح كما خسروا الكثير من المعدات، هذا على الرغم من تمكنهم من وقف الزحف الألماني عليهم.

أنهى الجنرال (آيزنهاور) مهام الجنرال (فريديندال) بعد معركة معبر قصرين وأرسله إلى الديار، وذلك راجع بشكل أكبر إلى فشله في فرض الانضباط اللازم بين صفوف الجنود تحت قيادته، كما كان (فريديندال) كذلك نادرا ما يزور جبهات القتال وجنوده المتموقعين فيها، ناهيك عن جهله بالكثير من المشاكل التي كانت تطرأ أثناء المعارك.

اتخذ (آيزنهاور) بعدها خطوات سريعة وآنية مع قيادات جيوش الحلفاء نحو تحسين الاتصالات بين البريطانيين والفرنسيين والأمريكيين على كل المستويات، وعين بشكل مؤقت الجنرال (جورج باتون) قائدا جديدا للفيلق الأمريكي الثاني.

8. واقعة (بلويستي) سنة 1943:

قاذفات القنابل الأمريكية وهي تستهدف معامل تكرير البترول في (بلويستي) تحت عملية «موجة المد والجزر». صورة: United States Army Center of Military History/Wikimedia Commons
قاذفات القنابل الأمريكية وهي تستهدف معامل تكرير البترول في (بلويستي) تحت عملية «موجة المد والجزر». صورة: United States Army Center of Military History/Wikimedia Commons

كجزء من استراتيجية سلاح الجو الأمريكي في حملات القصف، تم اعتبار معامل تكرير النفط في (بلويستي) في رومانيا أهدافا ذات أولوية. كان الجيش الأمريكي يرغب في حرمان الجيش الألماني والإنتاج الحربي النازي من النفط، فتم في سبيل ذلك استهداف 9 معامل تكرير النفط حول (بلويستي) في هجمة قصف واحدة تقرر تنفيذها في الأول من أغسطس 1943.

أطلق على هذه العملية اسم «عملية موجة المد والجزر»، أرسلت على إثرها القوات الجوية الأمريكية 177 قاذفة قنابل من طارز B-24 Liberator الثقيلة من قاعدتها الجوية في الصحراء الليبية بالقرب من بنغازي مستهدفة معامل تكرير البترول.

تقرر أن تحلق الطائرات من القاعدة إلى أهدافها على علو منخفض وبدون استعمال أجهزة الراديو حتى يكون لها عنصر المفاجأة، ساهمت هذه العوامل في حياد الطائرات عن مسارها خلال رحلتها الجوية، ومما زاد الوضع سوءا هو بعض أخطاء الملاحة التي ارتبكتها الطائرات في قيادة المهمة مما أدى إلى تفكك تشكيلة السرب كله ثم الحياد عن المسار المقرر تماما.

فُتحت نيران المدافع المضادة للطيران على قاذفات القنابل، تلتها هجومات قوية من طرف المقاتلات جواً، لقد كانت قاذفات القنابل تطير بدون دعم جوي مما أحدث ضررا كبيرا في المهمة. فشلت الكثير من قاذفات القنابل في العثور على أهدافها وتحديد مواقعها وخلصت إلى استهداف أي أمر تجده مناسباً، كما كانت بعض قاذفات القنابل هذه تطير على علو منخفض لدرجة أن رشاشاتها كان تصيب المدافع المضادة للطيران على الأرض.

من بين الطائرات الـ177 التي أُرسلت في هذه المهمة، لم تعد سوى 88 إلى قاعدتها في بنغازي، ومن بين هذه التي تمكنت من العودة، تعرضت أكثر من 50 منها لأضرار كبيرة. قتل في هذه المهمة 310 رجل وطيار، وأُسر 108 من طرف جنود المحور بعد استسلامهم أو تحطم طائراتهم على أرض العدو. أجبرت عدة طائرات من قاذفات القنابل هذه على الهبوط في تركيا المحايدة وتم احتجاز طواقمها من طرف السلطات هناك.

صرح مسؤولون لدى سلاح الجو الأمريكي أن 40 في المائة من طاقة التكرير في معامل (بلويستي) قد تم تدميرها بنجاح، غير أنهم كانوا مخطئين: تم تصليح معظم الضرر الحاصل خلال بضعة أسابيع لا أكثر، وبحلول شهر سبتمبر، لم يعد هناك أي نقص في إنتاج تلك المعامل، في الواقع، في نهاية شهر سبتمبر، ارتفعت طاقة الإنتاج في معامل (بلويستي) لتكرير البترول أكثر من ذي قبل.

9. واقعة (باولي) سنة 1777:

مجزرة (باولي). صورة: bantarleton/Tumblr
مجزرة (باولي). صورة: bantarleton/Tumblr

خلال حملة الدفاع عن ولاية (فيلاديلفيا) ضد الجيش البريطاني الذي كان ينوي السيطرة عليها، تم نشر جيش الرئيس (جورج واشنطن)، الذي تكبد هزيمة نكراء في معركة (برانديواين)، بالقرب من المدينة من أجل حمايتها من جنود الجيش البريطاني تحت قيادة (ويليام هاوي).

وضع (واشنطن) كتيبة تحت قيادة (ماد أنطوني واين) بالقرب من (تشيستر) في (بينسيلفانيا)، وذلك من أجل مضايقة الخطوط الأمامية لتقدم الجيش البريطاني، مع احتمال الاستيلاء على عربات التموين خاصته.

جعل (واين) معسكراً له في (باولي) بالقرب من معسكر الجنود البريطانيين، وكان تحت قيادته حوالي 1500 رجل. كان معسكره يبعد حوالي كيلومترا ونصف عن معسكر أكبر لقوات ميليشيا (ماريلاند) الذين كانت أعدادهم تقدر بحوالي 2000 رجل. كان (واين) يعتقد بأن موقعه سيظل مجهولا بالنسبة للبريطانيين الذين لم يتحركوا كثيرا منذ واقعة (برانديواين)، غير أن جسوس الأمريكيين الموالين للبريطانيين رصدوا جيشه ونقلوا المعلومة إلى (هاوي)، الذي قرر مهاجمته.

في العشرين من سبتمبر، تقدمت فرقة من الجنود البريطانيين تتكون من 1200 رجل ناحية معسكر (واين)، ولم يكن الجنود يحملون معهم من الأسلحة سوى الحراب وتقرر عدم استخدام البارود من أجل الإبقاء على عنصر المفاجأة. هاجم البريطانيون الجنود الأمريكيين في نومهم قبل منتصف الليل بقليل، وسرعان ما انهزم رجال (واين) الذين تفاجأوا بهجوم الحراب السريع هذا. طارد البريطانيون الأمريكيين خارج معسكرهم نحو معسكر ميليشيا (ماريلاند)، حيث بوغتوا هم الآخرون وهزموا شر هزيمة وفروا للنجاة بحياتهم.

جعلت مجموعة من الجنود لا تتعدى 1200 رجل مسلحين فقط بالحراب في هذه الواقعة قوة أكبر بكثير تقدر بـ3500 رجل تهرب للنجاة بحياتها، وتمثلت خسائر البريطانيين في مقتل 4 جنود وجرح سبعة آخرين بينما هزمت فيلقا كاملا.

في الجهة المقابلة، سقط حوالي 200 جندي أمريكي بين قتيل وجريح وأُسر 71 آخرون من طرف البريطانيين. أصبح الهجوم على (باولي) يعرف باسم «مجزرة (باولي)» وذلك بسبب استخدام البريطانيين للحراب فقط كسلاح، غير أنه لم تحدث هناك أية مجزرة فعلية في تلك الليلة.

تسببت خسارة (واين) في تثبيط عزيمة الأمريكيين الذين لم يمض عليهم وقت طويل قبل أن يهجروا (فيلاديلفيا) ويتركوها لصالح (هاوي).

10. عملية (تايغر) التدريبية سنة 1944:

قارب E-Boat ألماني سنة 1945.
قارب E-Boat ألماني سنة 1945. صورة: IWM

كان تمرين (تايغر) واحدا من عدة عمليات تدريبية يتم إجراؤها من طرف قوات الحلفاء كتحضير لعملية (أوفرلورد)، وقد تم تنظيم عملية (تايغر) من أجل تدريب الجنود الأمريكيين الذين كان من المقرر أن يتم إنزالهم في فرنسا في منطقة شاطئ (يوتاه) بالتحديد، وكانت العملية تجري في شاطئ (سلابتون ساندس) في بريطانيا.

في صباح يوم 28 أبريل 1944، كان أسطول يتكون من ثمانية سفن LST —هي قوارب معدة لحمل المدرعات والآليات الحربية والجنود خلال الحرب العالمية الثانية— تحمل جنودا، ومهندسين عسكريين، ومعدات حربية أمريكية، يقوم بمناورات في حوض (لايم) على القناة الإنجليزية عندما هوجم من طرف 9 قوارب E-Boat ألمانية المجهزة بمدافع وطوربيدات قوية.

كانت واحدة من السفن التي تم إيعازها مهمة حماية سفن الـLST قد تضررت في حادثة اصطدام مع سفينة أخرى لدى مغادرتها الميناء، ومنه كانت غائبة في ذلك اليوم.

هوجمت 4 من سفن LST من طرف القوارب الألمانية السريعة، وتعرضت واحدة منها لأضرار سببتها نيران صديقة بينما كان الأمريكيون يحاولون مهاجمة قوارب العدو. أُحرقت سفينة LST أخرى بفعل الهجوم الألماني عليها لكنها تمكنت من الوصول إلى الشاطئ على الرغم من أنها فقدت حوالي 100 ضابط وبحار كانوا على متنها.

خسر 202 ضابط وجندي بحرية أمريكي آخرون حياتهم على متن سفينة LST أخرى عندما غرقت. هلك الكثير من ضحايا هذه الحادثة بسبب انخفاض حرارة أجسامهم في المياه شبه المتجمدة لحوض (لايم)، وآخرون ماتوا غرقا بينما كانت معداتهم العسكرية الثقيلة تسحبهم إلى قاع البحر.

وُضع جميع من نجى من هذه الكارثة تحت حراسة مشددة من أجل الحرص على أن لا تنتشر أخبار الكارثة وتصل مسامع الجنود الآخرين قبل يوم الغزو الحقيقي.

لقي 749 جنديا أمريكيا مصرعه خلال تلك العملية التدريبية لغزو شاطئ (يوتاه) في فرنسا، بينما لم تسقط سوى 197 ضحية فعلية يوم الغزو الحقيقي.

مقالات إعلانية