in

دخلك بتعرف السبب الحقيقي لمنع تمرير عبوات المياه عبر نقاط أمن المطارات —خاصة في الولايات المتحدة

مسافرون يتخلصون من عبوات المياه في المطار
مسافرون يتخلصون من عبوات المياه في المطار.

غالباً ما يكون المسافرون متعبين ومرهقين من الرحلات الجوية الطويلة، وقبلها تلك الوقفات الطويلة والمضنية في طوابير الانتظار عند بوابة الإقلاع، وفوق ذلك يجدون أنفسهم مجبرين على بذل المزيد من الطاقة الثمينة في مثل هذه الحالات من أجل تحمل التدابير الأمنية الردعية لدى أمن المطارات، حيث يجب إلزاما خلع الأحذية والأحزمة في بعض الحالات، واستظهار الحواسيب المحمولة، والتخلص من عبوات مياه الشرب في حاويات القمامة.

بالحديث عن عبواة المياه، فإن عدم السماح بتمريرها عبر نقاط أمن المطارات هو أمر محير ومزعج في آن واحد، حيث أن الجفاف هو حالة متكررة لدى المسافرين. تم وضع هذه الأمرية وتنفيذها من قبل إدارة أمن النقل الأمريكية في سنة 2006، حيث أُمر عملاء ذات الإدارة وكذا المسافرين عبرها أن يتبعوا قاعدة تتعلق بالسوائل تدعى بقاعدة ”3-1-1“:

بإمكان المسافرين الذين يسافرون على متن الطائرات الأمريكية أو المتوجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية نقل ما لا يزيد عن 100 ميليلتر من السوائل في عبوة واحدة داخل حاوية بسعة لتر واحد، مع تمكين كل مسافر من نقل حقيبة واحدة فقط.

بينما تلقت هذه القاعدة بالتحديد الكثير من النقد والاستهجان وكذا بعض الاستهزاء والسخرية من طرف الكثير من المسافرين، فإن وكالات الاستخبارات وجمع المعلومات تؤمن بأنها كان لها —ولا يزال لها— سبب وجيه جدا في الاستمرار في السهر على تنفيذها.

عبواة مياه في القمامة
صورة: Tim Boyle/Getty Images

في السلسلة الجديدة من إنتاج شركة (نيتفليكس) بعنوان Terrorism Close Calls، ينقلنا عملاء سابقون لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عبر تفاصيل عدد من المحاولات الكارثية لاستهداف مدنيين، والتي نجحوا في إحباطها من خلال جملة من القواعد.

من بين هؤلاء العملاء السابقين الذين شاركوا في البرنامج كان (ستيف هيرسيم)، وهو النائب السابق لمدير قسم «مجتمع الاستخبارات الإنسانية» لدى وكالة الاستخبارات المركزية، والذي يقول بأن حظر السوائل على متن الطائرات لديه جذور ضاربة في مخططين إرهابيين سابقين منفصلين، يقول (هيرسيم): ”كان حظر كمية معينة من السوائل من طائرات الخطوط الجوية في سنة 2006 نتيجة المعلومات التي اكتشفت خلال عملية أوفيرت“.

يستعمل مصطلح «عملية أوفيرت» للإشارة إلى مجهودات حثيثة تم بذلها لاكتشاف ما كان يكيده (عبد الله أحمد علي)، وهو مواطن بريطاني كانت له ارتباطات وثيقة مع متطرفين إسلاميين قام بالتواصل معهم خلال رحلاته الكثيرة إلى باكستان.

يقول (هيرسيم): ”تم تفتيش حقائب علي سراً عند عودته إلى المملكة المتحدة وعثر على مشروب ذا لون برتقالي إلى جانب عدد من البطاريات داخل حقيبة يده“، ويضيف: ”بناء على ارتباطاته في باكستان والأغراض التي عثر عليها في أمتعته، وضعت الاستخبارات البريطانية برنامج مراقبة قيد التنفيذ على الفور، بمساعدة من شرطة لندن المحلية. تضمنت شبكة المراقبة هذه آلات كاميرا سرية ومخفية وكذا معدات تنصت داخل شقة علي، والتي أسفرت عن اكتشاف مختبر لإعداد القنابل، وكذا فضح هويات عدد من المتآمرين الآخرين“.

خلال مرحلة ما من مراقبتهم له، شهد المحققون (علي) وهو يحدث ثقبا في عبوة مشروب عصير حتى يتمكن من ملئها بسائل متفجر مع كونها تبقى تبدو وكأنها لم تفتح أبدا، ولو أن مخطط هذه الجماعة المتطرفة رأى النور؛ يقول (هيرسيم) أن النتائج كانت لتكون عدة هجمات على سبعة طائرات مقلعة من لندن ومتجهة إلى أمريكا الشمالية باستعمال سائل متفجر مكون من بيروكسيد الهيدروجين وبعض المواد الأخرى.

تمت إدانة (علي) وبعض من شركائه وحكم عليهم بالسجن مدى الحياة في سنة 2009.

لكن ذلك لم يكن التبرير الوحيد لسن قانون حظر السوائل السابق، يقول (هيرسيم): ”لقد ركّز تنظيم القاعدة أنظاره على استهداف مجال الطيران المدني منذ سنة 1994 عندما قام رمزي يوسف، وهو ابن شقيق خالد شيخ محمد العقل المدبر وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر، باختبار سوائل متفجرة على طائرة خلال مخطط (بوجينكا)“، ويعقب (هيرسيم) القول: ”استهدف مخطط (بوجينكا) في بعض من أجزائه طائرة تابعة للخطوط الجوية الفيليبينية رقم 434 المنطلقة من (مانيلا) متجهة إلى العاصمة اليابانية (طوكيو)، وهو ما أسفر عن مصرع مسافر وإحداث ثغرة كبيرة في بدن الطائرة“.

قد يكون حظر السوائل على متن الطائرات مصدره المباشر هو «عملية أوفيرت»، لكن قبل ذلك، كان هناك عقد كامل من الأعمال والنشاطات المخابراتية التي تناولت بالفحص والتحليل نشاطات القاعدة وطموحاتها، والتي أثبتت كونها تهديدا لا يهدأ له بال، يقول (هيرسيم): ”مازال هذا الحظر ساري المفعول لأن المخابرات مازالت تأتي بمعلومات للولايات المتحدة الأمريكية وبعض وكالات المخابرات الحليفة لها تفيد بأن القاعدة، وشركاؤها، والدولة الإسلامية في العراق والشام تستمر في استهداف الطيران المدني“.

لكن لماذا لا يسمح إلا بـ100 ميليلتر من السوائل فقط؟

شخص مسافر يشرب الماء من عبوة صغيرة
صورة: Chip Somodevilla/Getty Images

وفقا لإدارة أمن النقل الأمريكية، فإن حدّ حجم العبوات لما قد يتسع داخل حاوية ليتر واحد يمنع ما يطلق عليه خبراء الاستخبارات الأمريكية ”محيط الخطر“ لتفجير أي شيء، ذلك أن هذا الحجم بالذات يكون غير كاف بالنسبة لأي سائل متفجر لأن يتفعل ويحدث ضررا على متن الطائرة.

أما إذا كنت في حاجة ماسة إلى نقل عبوة المياه تلك معك على متن الطائرة، فهناك حل بديل: فقط قم بتجميدها قبل إحضارها إلى المطار، حيث تسمح إدارة أمن النقل الأمريكية بتمرير السوائل المتجمدة عبر نقاطها طالما كانت في حالة صلبة تامة. أما إذا كانت غير قاسية تماما أو بدأت في الذوبان حتى النصف فسيطلب منك التخلص منها. كما بإمكانك أن تحضر عبوة مياه فارغة تماما وأن تملأها بمجرد أن ينتهي العملاء من تفتيشك، وهو ما يعتبر أفضل حل لاتباعه.

مع كل ذلك، قد لا يبدو هذا الحظر عقلانيا ولا يفهمه الكثيرون، وهو ما يرد عليه (هيرسيم) بالقول: ”طالما هناك أشخاص ذو حوافز إديولوجية رجعية، الذين يتمثل شغلهم الشاغل في استهداف الطيران المدني، فإن أنماط الحظر على هذه الشاكلة مفيدة وتأتي بثمارها“.

مقالات إعلانية