in

إليك بعض الطرق كي تجهّز نفسك لأزمة مالية

أزمة مالية

تزامناً مع الأحداث التي يشهدها العالم اليوم، يبدو أن اقتصادات الدول، حتى الكبرى منها مثل الولايات المتحدة، ستمر بأزمة كبيرة.

ففي أميريكا مثلاً، أعلنت لجنة الدورة الاقتصادية في المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية أن الازدهار الاقتصادي للولايات المتحدة وصل ذروته في شهر فبراير الماضي، ما يعني أن الكساد سيبدأ بعد عقود من الازدهار.

تأكيداً على ما أعلنته اللجنة، ففي الولايات المتحدة وحدها، قدّم أكثر من 43 مليون شخص طلبات للحصول على إعانات البطالة منذ بدء تفشي وباء كورونا، حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى أعلى مراحلها منذ الكساد الكبير تزامناً مع الإغلاق وتسريح العاملين. وخلال أسابيع فقط، ازداد عدد الوفيات عالمياً بسبب فيروس كورونا إلى مستويات خطيرة، ما دفع بالولايات المتحدة إلى فرض قيود على الحركة، ما أدى أيضاً إلى تباطئ عجلة الاقتصاد، لدرجة أن الوضع بات يؤثر على صناعات لم تكن لتتأثر على الفور في الحالات العادية من الركود.

الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الدول التي ضربها فيروس كورونا بشدة، بل حتى في منطقتنا العربية، وتزامناً مع أزمة النفط السابقة، اضطرت المملكة العربية السعودية مثلاً إلى مضاعفة ضريبة القيمة المضافة وإلغاء أو تقليص نفقات الدعم الإضافي للعاملين في القطاع العسكري والموظفين.

السؤال الذي يدور في أذهان الكثير الآن هو ما مدى استمرار هذا الركود الاقتصادي؟ وكيف سيؤثر على الحياة العادية للمواطنين؟ سنحاول اليوم تقديم بعض الحلول التي قد تساعد المواطن العادي في حماية نفسه من أثر هذا الركود المفاجئ، من خلال بعض العادات التي تساعدك حقاً في تنظيم أمورك المالية، سواء مررت بأزمة أم لا.

1. دفع الديون

إن دفع الديون المترتبة على المرء من أهم الأمور التي يجب عليه مراعاتها في حياته، تحديداً تلك الديون الكبيرة. إذ أن تراكم الديون والأقساط سيقضي على مرتبك الشهري.

بما أن أزمة كورونا أدت إلى إغلاق الكثير من المعامل أو الشركات، ولو مؤقتاً، فذلك يؤدي إلى ارتفاع نسب البطالة وفقدان الناس أعمالهم –ولو لفترة مؤقتة. إذا كنت قلقاً حيال خسارة الوظيفة، فإن أهم شيء عليك فعله هو سداد الديون المترتبة عليك في أقصر فترة، كي لا تصبح مديوناً وعاطلاً عن العمل في آن واحد.

عليك في البداية الاهتمام بديون بطاقات الائتمان المصرفية، فعندما يتراكم المبلغ جراء الفوائد والغرامات، ستصبح في ورطة كبيرة. تشير الأبحاث إلى أن الأفراد الواقعين تحت وطأة ديون بطاقات الائتمان المصرفية غالباً ما يتجاهلون أو يتخلون عن العناية الطبية مقارنة بالآخرين (مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع تكاليف العلاج في بعض الدول). بإمكانك أيضاً الاقتراض من أجل سداد الديون العاجلة، إذا كان ذلك متاحاً على أي حال.

حتى لو لم تفقد وظيفتك، عليك سداد تلك الديون. حيث جاء في إحدى الإحصائيات من عام 2019 أن 13% من الأمريكيين لا يتمكنون من توفير المال بسبب مقدار الديون المتراكمة عليهم. لذا عليك دائماً إعطاء الأولوية للديون ذات الفائدة المرتفعة.

2. مدخرات حالات الطوارئ

إذا فقدت عملك، فمن الصعب جداً توفير المال تزامناً مع الإنفاق اليومي على حاجات أساسية. لذا كي تستعد لهكذا سيناريو، عليك توفير وادخار المال لظروف خطيرة كهذه.

وحتى لو كنت مضطراً إلى دفع أقساط أو ديون، لا تهمل ادخار كمية ولو صغيرة من المال. ابدأ مثلاً بتوفير مصاريف شهر كامل، ثم بإمكانك بعدها متابعة دفع الديون والأقساط، ثم ركز مثلاً على توفير المال لمدة تكفيك أكثر من شهر.

فإذا اضطررت إلى دفع المال لأمر طارئ مثلاً، بينما تقوم شهرياً بسداد الأقساط والديون، لن تجد خياراً أمامك سوى الاستدانة مجدداً لدفع المال اللازم لحل المشكلة الطارئة، وهنا تعود إلى نقطة البداية، أي الاستدانة.

3. حدد مصاريفك

صورة: Getty Images

ينصح الخبراء وسطياً بإنفاق ما لا يزيد عن 30% من صافي دخلك على الأمور الثانوية. يُعتبر تخصيص ميزانية شهرية لضمان عدم تجاوز قدرتك المالية والصرف الزائد أمراً جيداً.

على المرء تخصيص النفقات، حيث تأتي الضروريات في المقدمة، كإيجار المنزل أو نفقات الضمان، وأيضاً نفقات الطعام والشراب والإصلاحات. تلك مصاريف ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها. ما هي الأمور الثانوية إذاً؟ أي شيء يُعتبر رفاهية بالنسبة لدخلك الشهري، وهذا الأمر متعلق بمرتبك، فبالنسبة للبعض، قد يكون السفر والترحال من الرفاهيات، بينما يكون تناول طعام خارج المنزل رفاهية بالنسبة للآخرين.

بالمناسبة، هناك اليوم الكثير من التطبيقات التي تسمح لك بإيجاد ميزانية شهرية وتنسيقها بشكل يتناسب مع دخلك وأسلوب حياتك.

4. ركّز على المدى الطويل

تزامناً مع تفشي جائحة كورونا، انخفضت أسعار الأسهم بشكل حاد في شهر آذار الماضي مثلاً، حيث خشي المستثمرون من تأثير الجائحة على الاقتصاد العالمي. لكن الأمور لم تسرِ مثلما تخيّل المستثمرون، إذا أودع البنك الفيدرالي الاحتياطي في المصارف والشركات الكثير من الأموال لحماية الاقتصاد الأمريكي.

لذا دائماً ما يكون المستقبل في عالم المال والاستثمار مجهولاً، لكن تغيير استراتيجيتك طويلة الأمد وفقاً للتقلبات اليومية والأسبوعية هو أمر خاطئ.

في أوقات الركود، ينخفض سوق الأسهم بنحو 30 إلى 40%، لكن تلك فرصة رائعة للاستثمار، سواء كنت في العشرينيات من عمرك أو متقاعداً يبحث عن طريقة لتوفير بعض المال. الأهم هو ألا تغيّر من خطتك واستراتيجيتك طويلة الأمد بناءً على أحداثٍ راهنة، فالركود غالباً ما يستمر سنة فقط.

5. احصل على شهادة أو أكمل تعليمك وتعلم مهارات جديدة

في الحقيقة، وإذا أردت عدم الوقوع في شباك الركود، فأفضل طريقة هي الحصول على شهادة جامعية واستكمال تعليمك. فخلال الأزمات المالية، يرتفع معدل البطالة، لكن بالنسبة للحاصلين على شهادة بكالوريوس أو شهادة دراسات عليا، غالباً ما يكون معدل البطالة عندهم منخفضاً مقارنة بغيرهم الذين يملكون شهادة ثانوية مثلاً.

يؤكد الاقتصاديون دائماً على أهمية التعليم. فإذا لم تستطع جني الأرباح من خلال عملك الخاص، ستوفر لك أمور مثل التعليم والمعرفة والخبرة والمهارات الكثير من الميزات التي تساعدك في الحصول على وظيفة براتب جيد.

إن توقع الركود والأزمات أمر صعب

يوفر لنا فيروس كورونا المستجد فرصة لفهم صعوبة توقع حركة الأسواق المالية. ففي بدايات العام 2020، لم يتوقع أحد تفشي الفيروس بهذا الشكل، وبناء على أي خبر جديد، تتقلب الأسواق بسرعة. لا يمكن للاقتصاديين توقع ما سيجري بثقة، خاصة عندما تتغير الأمور بشكل دراماتيكي إثر النزاعات والحروب والأزمات والكوارث.

من الصعب توقع المستقبل إذا كنت تسير وفق الماضي، فالاقتصاد يتغير بشكل دراماتيكي، وهناك الكثير من العوامل المختلفة التي قد تؤدي إلى أزمات الركود. غالباً ما نبحث عن تلك العوامل التي تسبب الركود ونحاول تجنبها بدلاً من الاعتراف بوجود عوامل جديدة وأخذ الحذر منها، مثل فيروس كورونا.

من الصعب جداً توقع تلك العوامل، لكن إن حصّنت نفسك سابقاً وادخرت كمية لا بأس بها من المال، فربما لن تلحق الأزمات ضرراً كبيراً عليك مقارنة بالآخرين الذين يعيشون حياتهم اعتماداً على مرتبهم الشهري فقط. وللأسف نسبة هؤلاء كبيرة، لأسباب عديدة ومتنوعة، حيث وجدت إحدى الإحصائيات أن 2 من 5 أمريكيين (أي 40%) غير مستعدين أبداً لمواجهة أزمة ركود جديدة.

بصرف النظر، إذا شعرت أن أمورك المادية ليست على ما يرام، أو أنك لا تملك مالاً إضافياً في حال حصل أمر طارئ، فربما تلك إشارات واضحة تدفعك إلى تحسين وضعك المالي.

مقالات إعلانية