in

العنصرية جزء من الثقافة العربية

العنصرية اللبنانية السورية

حسب اعتقادي، شاهد معظم الوطن العربي فيديو (بغض النظر عن كمية التلاعب الذي به) لمجموعة من الفتيات اللبنانيات اللواتي تم توجيه سؤال بسيط لهن: هل تقبلين بحبيب سوري الجنسية والاجابة المتوقعة كانت لا أو تعليلات وإجابات أخرى. الأمر المحيير هو كمية الإستنكار الغير مبرر لهكذا اجابات.

فلو قررنا مثلاً توجيه نفس السؤال الى نفس الأشخاص أو غيرهم حول قبولهم لأشخاص من ديانة أو طائفة أخرى، هل كنا سنتوقع إجابة أخرى؟ لا أظن ذلك.

في كل الاحوال هذا منشور على صفحتنا بخصوص الفيديو المصور اعلاه:

مع هذا كله، هل نستطيع انكار العنصرية الموجودة في منطقة ومهد الديانات السماوية الثلاث والتي كانت تدعو المساواة الكاملة بين البشر طبعاً والحقيقة في الواقع هي غير ذلك تماماً.

هل نستطيع إنكار أن الوطن العربي مشبع بالعنصرية سواء عن طريق الدين مثل خير أمة أخرجت للناس والفرقة الناجية والفرقة الضالة والدين الحق الذي يدعو اليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف دياناتهم وأطيافهم. أو العنصرية القومية تجاه عرق أو دولة معينة، مثلاً اعتبار شعب لأنفسهم منفصلين تماماً عن باقي الوطن العربي، أمثلة يمكن أن تصادفها يومياً في التعليقات في كل مكان. ثالثاً العنصرية القبلية وتفوق بعض العائلات على غيرها.

وأنا سأدعم عنصرية الوطن العربي بما أعيشه من عنصرية حولي بمحيطي فمثلاُ كفلسطينية لو قمت بنفس التجربة وسألت فتيات هل تقبلين أن تتزوجي ابن مخيم ستكون اجابتها وبكل تأكيد لا.

واذا كانت فتاة من المدينة هل ستقبل بـ”ابن قرية (فلاح)“ وأنا متأكدة بأن الاجابة غالباً ستكون لا، إلا في حالات قليلة وهي الرفاهية والغنى الكبير لبعض العائلات في القرى. ومصطلحات أخرى مثل (عرب 48) ومسيمات أعتبرها بغيظة ويراها كل من حولي عادية جداً.

إذاً لماذا العنصرية وما هو الحل في هذه المواجهة الغير متكافئة لأولئك الذين يحاربونها؟

العنصرية هي أي تطرف فكري ينطلق من الاعتقاد بتفوق مجموعة بشرية على غيرها ثقافيًّا وحضاريًّا بناءً على الاختلاف الجسماني كاللون والشكل أو العرق، وينزع إلى تفسير الاختلافات الثقافية بين البشر من خلال إرجاعها إلى أسباب بيولوجية، موروثة وخارجة عن سيطرة الإنسان.

تزداد العنصرية في المجتمعات الأكثر انغلاقاً لكن ذلك لا يقلل أبداً من كونها موجودة وبشكل كبير في المجتمعات المنفتحة على الثقافات الأخرى، لكن الفرق هو عدم ظهورها بشكل مباشر وفي كثير من الأحيان المحاسبة القانونية بحق أي شخص يعبر عن آراء عنصرية تجاه أي شخص.

كان هناك العديد من الأنظمة العنصرية المتطرفة حول العالم منها كنظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا الذي لم يمضِ وقت طويل على انهياره، والعنصرية النازية تجاه الشعوب والقوميات المختلفة. ولكن يرجع تاريخ العنصرية بكامله الى خرافة العرق النقي التي انتشرت في اسبانيا والبرتغال في منتصف القرن الخامس عشر، والتي ساهمت مع ظهور اكتشاف الأوربيين للعالم الجديد وظهور جنسيات وألوان وأعراق مختلفة بزيادة شعور التفوق لدىهم.

والحق أنه تكاد ألا توجد جماعة أو ثقافة قديمة أو ديانة أو قومية إلا ورأت نفسها مركز الكون الذي لا بدَّ من أن يختلَّ بغير وجودها.
لماذا تعتبر العنصرية أحد أكبر عوائق المجتمعات المتحضرة في القرن الواحد والعشرين؟

في كتاب العِرْق والتاريخ، والعِرْق والثقافة لكلود ليفي ستروس يقدم الكاتب مجموعة من الأفكار المهمة والتي اعتبرت في حينها جديدة وثورية عن أهمية الانفتاح على الثقافات ورفض قاطع للعنصرية. ومما جاء فيه:

  1. التأكيدُ على أن الثقافات البشرية لا تتفاضل فيما بينها وإنما تتعادل.
  2. الازدهارَ الثقافي لا يتحقق إلا في ظروف انفتاح الثقافات البشرية على بعضها البعض.
  3. التَّواصُل والتعاون بين المجتمعات البشرية من خلال ثقافاتها، يُعَدُّ مصدرا للإثراء المتبادل.
  4. العزلَة والانكماشَ يُؤدِّيان حتماً إلى الجمُود والعُقًم الثقافي.
  5. أكبرَ مصيبة وأفظعَ عاهة يمكن أن تبتلي بها جماعة بشرية مَّا هي أن تعيش منعزلة.

الواجب الكبير المُلقى على عاتق البشرية يقوم في الابتعاد عن كل نزعة عنصرية تحصُر الامتياز والتفوُّق في سُلالة بشرية معيَّنة وفي ثقافة بشرية واحدة مُهيمنة؛ فمن المستحيل أن ينفردَ جُزءٌ من البشرية بامتلاك ِصيَغ وحلولِ عامَّة يمكِن أن تنطبق على جميع الشعوب.

اذن لا ازدهار، لا انفتاح، لا ثقافة وعاهة انكماش وخمول فكري تصيب المجتمعات.

مواجهة العنصرية مسألة جوهرية وحضارية:

كيف نستطيع مواجهة هذه الظاهرة في بيئة مجتمعية عادية وطبيعية؟ نستطيع الحديث مطولاً عن دور الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني بهذا الخصوص لكن الدور الأهم هو الجهد الذاتي.

على مستوى دور المعلمين في المدارس مثلاً يمكن أن يكون لرأي المعلم أثر كبير في توجهات طلابه المختلفة لذلك على كل معلم يؤمن بضرورة احترام الأخر أن ينشر هذه الرسالة فربما يكون هو سبب في التغيير ولو على مستوى بسيط.

الأهل والتربية: انفتاح الأب والأم على مختلف الثقافات وتقبل الأخر ممكن أن يشكل نقطة لتنشئة جيل يحترم الأخر ولا يفرق بين الناس بناء على أي أساس كان.

المناهج الدراسية والكتب الخارجية: عن طريق زيادة الوعي لدى الطلبة وأيضاً لمس الطلاب للوقائع عن طريق حورات ونقاشات مختلفة مع أشخاص من بيئات وديانات مختلفة وتعزيز المشاركة الفعالة لديهم في أنشطة تساهم في كسر الحواجز والنظريات المسبقة عن الأخر

اولا: الدور التشريعي

عن طريق وضع قوانين احترام حقوق الأخرين دون النظر الى دياناتهم أعراقهم والدور الأهم هو القضائي بتجريم كافة أشكال العنصرية ومحاسبة كل شخص يقف وراء أي عمل عنصري تجاه أي شخص في الدول

ثانياً: دور مؤسسات المجتمع المدني

التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص لرصد اوضاع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي والتواصل مع الجمهور والتوجه نحو التخصص في العمل الحقوقي.

ثالثاً: الدور الإعلامي:

يشكل الاعلام أداة الضغط الأولى عالمياً في أي قضية مثلاُ عن طريق الرصد والتوثيق ومراقبة انتهاكات حقوق الانسان والبدء بالبرامج التي تناقش كافة القضايا الجدلية والاتصال المباشر بين الصحفيين والاعلاميين ونشطاء حقوق الانسان

رابعا: الدور الأممي:

والحرص على مراقبة الاهتمام بحقوق الانسان على مستوى وطني واقليمي، ومراقبة الحكومات لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق الانسان وتقديم العون والمساعدة لضحايا انتهاكات حقوق الانسان بما فيها المساعدة القانونية.

وبالطبع نهاية العنصرية لن تكون بين ليلة وضحاها ولكن التغيير ممكن ولو على مستوى فردي.

مقالات إعلانية