in

”الرحمة فوبيا“.. 7 أسئلة يجب أن تُجيب عنها بعد هجوم نيوزلندا ”المسلح“

هجوم نيوزلندا

”ساعات قليلة بعد الهجوم المسلح الذي قاده يمينيان متطرفان على مسجدين ووقوع أكثر من 50 ضحية لتلك العملية“، ”ساعات قليلة بعد الهجوم الإرهابي الذي قاده إرهابيان على مسجدين وقتل أكثر من 50 شخص“.. نفس المضمون ولكن بمفردات مختلفة، ولكن ما علاقة ”الرحمة فوبيا“ باستخدامنا لفظ هجوم مسلح بدلًا من إرهابي؟.. لنرى.

استنكار شديد اللهجة من المسلمين لوسائل الإعلام التي لم تصف منفذي العملية بالإرهابيين إسوة بالوصف الذي التصق بمنفذي عمليات التفجير في حال كانوا مسلمين، وكذلك تساؤل مبرر عن الاختلاف في اللهجة بين وصف اعتداء المسلمين بالإرهاب وغير المسلمين بالهجوم المُسلح، لذا وقبل أن أقول الوصف الذي أعتقده في العملية ومنفذها دعنا نضع بضع أسئلة مبررة أيضًا على طاولة النقاش، والتي سأدعوها بطاولة ”الرحمة فوبيا“، لنرى هل يستحق المسلمون عناء مراعاة مشاعرهم بالفعل أم ليكتب الإعلام الغربي ما يشاء دون أن يتلفت إلى تلك الصيحات المستهجنة؟ هل يجب أن يكتب الإعلام المحتوى بشكل حيادي أصلًا أم يسير وفق أهواء الأغلبية؟

وحتى لا نستغرق في شرح آليات المهنية الإعلامية، لنعتبر أن الإعلام مثل حكومات الدول يستطيع طرح وجهة نظره وليس فقط عرض الحقائق مجردة فيما يخص القطاع الإخباري، ولنبدأ طرح الأسئلة عليكم مباشرة.

السؤال الأول: شهيد أم قتيل؟

بالطبع لا وجود للفظ ”شهيد“ في الاعتبارات المهنية الصحفية بما أنه أمر يتعدى حدود الطبيعة المجردة، تمامًا مثل عدم وجود كلمة ”روح“ في تقارير الطب الشرعي للقتلى، ولكن بما أننا اعتبرنا الإعلام فرضًا يتكلم بلغة الناس وكذلك بما أن الإعلام العربي اعتاد استخدام تلك المسميات، فالمقصود هنا إذا كانت الغالبية الدينية في نيوزلندا مسيحية فهل لزامًا على الإعلام الغربي وصف ضحايا الحادث بالشهداء؟

أستطيع أن أعدد مئات المرات التي ترك فيها المسلمون تفاصيل حوادث تفجير الكنائس في مصر مثلًا ليوبخوا كاتب الخبر الذي وصف الضحايا بالشهداء مع عبارات مثل: ”نعم نحزن على القتلى ولكنهم ليسوا شهداء.. احترموا ديننا“، إذا، لم كل تلك الضجة إذا لم يستخدم الإعلام المنتمي لدول مسيحية الأغلبية لفظ الشهداء في وصف ضحايا الهجوم على المساجد؟

منطقيًا لا يجب أن يغضب المسلمون فهذا منطقهم من الأساس، ولست هنا للدفاع عن أحد أو شرح مهنية الألفاظ إعلاميًا، ولكن فقط أضع معايير للرحمة فوبيا لكي يضع كل منا عقله قيد هذا المقياس، هل رحمته حقيقية بالفعل وهل الإنسانية التي يطالب بها يستحقها أم لا.

إذا كنت توافق على وصف غير المسلم بالشهيد فها هي نقطتك الأولى (+1) التي حصدتها في مقياس الرحمة فوبيا.

السؤال الثاني: هل تحلم بعودة الأندلس إسلامية؟

إذا كنت أحد هؤلاء المهووسين بالبكاء على أطلال حكم الأندلس؛ فأنت لم تختلف كثيرًا عن منفذ هجوم نيوزلندا، الذي كتب على سلاحه تواريخ تعود إلى الحملان الصليبية، ربما لم تستل سلاحًا وتبدأ في مهاجمة المتسببين في ما تسميه ”سقوط الأندلس“، ولكنك ستشجع بالتأكيد أي عملية من شأنها إعادة تلك البقعة إلى أحضان الإسلام تحت راية الخلافة مثلًا، أليس كذلك؟

إذا كانت إجابتك بلا فها هي نقطتك الثانية (+1) في مقياس الرحمة فوبيا، أما إذا كانت إجابتك بنعم فقد خسرت مبكرًا.

السؤال الثالث: مثلي أم شاذ.. إرهاب أم هجوم مسلح؟

لنتخيل أن هناك مجموعة من المثليين جنسيًا يقومون بعقد تجمع نفسي في بلد عربية ما لدعم أنفسهم بعضهم البعض، ثم تعرض التجمع لهجوم مسلح من مسلم قام بتصفية كل الحاضرين، وحينما نشر الإعلام العربي تفاصيل الحادث ذكر الضحايا بالمثليين وليس بالشواذ، هل سيضايقك ذلك؟ وهل ستتقبل أن يقول الإعلام عن منفذ العملية أنه إرهابي ووصف الحادث بالحادث الإرهابي؟ أم سترى أن قتل ”الشواذ“ واجب ديني كالرمي من شاهق لا يمت للإرهاب بصلة، وأنه إذا أخطأ أحدهم بتنفيذ هذا ”الحد“ بيده فهذا لا يعني أنه إرهابي ولكنه رجل ضاق ذرعًا بتقاعس الحكومة عن فرض شرع الله على المجتمع؟

إذا كانت إجابتك بأنك تقبل وصف القتلى بالمثليين وكذلك المنفذ بالإرهابي فأنت مستمر معنا لسؤال آخر وتلك نقطتك الثالثة (+1).

السؤال الرابع: هل هناك شهيد مثلي؟

إذا ما تقبلت في المثال السابق لفظ المثليين، فهل ستقبل أن يُطلق عليهم وصف ”الشهداء المثليين“؟ أم أنك ستبدأ في سب الإعلام الذي ألصق صفة مقدسة مثل شهيد بلفظ ترفضه حتى لو كنت ستتقبل ذكره إعلاميًا، وهو لفظ المثليين؟

وللإجابة عن سؤال قد يدور في مخيلتك حول وجود مثلي مُسلم فنعم، هناك العديد من المثليين الذين لم يتركوا الدين الإسلامي ولكنهم وضعوا تفسيرات مختلفة لآيات رفض واضطهاد المثليين في القرآن، لذا سوف يكون من الهام لمحيطهم أن يتم وصفهم بالشهداء لا القتلى.

هل تقبل بذلك؟.. الإجابة بنعم تضمن لك نقطة رابعة (+1) وإلا قم بتوديعنا الآن.

السؤال الخامس: شهيد مسيحي مثلي

ماذا لو كان بين هؤلاء المثليين مسيحيون، هل توافق على وصفهم بالشهداء إسوة بالمثليين المسلمين؟

هل أحرزت نقطة خامسة؟

السؤال السادس: ماذا عن الملحدين؟

ماذا تُطلق على عملية قتل ملحدين سواء كان تجمعهم لنقد الأديان أو مجرد تجمع اعتيادي في إطار الصداقة؟ أهي عملية إرهابية أم حادثة مسلحة، وقبل أن تُجيب عن ذلك يجب أن أحذرك لوجود عدد كبير من المسلمين السابقين في هذا التجمع، أي أن القاتل قام بتصفية بعض المرتدين عن الإسلام.

إذا كانت إجابتك أن ما حدث هي عملية إرهابية فقد وصلت معنا للسؤال الأخير.

السؤال السابع والأخير: هل توافق على كتابة هذا بنفسك؟

أي أنه من الممكن أن توافق على الصمت وعدم إبداء اعتراض على كاتب الخبر، ولكن ماذا لو كنت أنت من يكتب فهل ستقوم بوصف المثلي المسيحي المقتول بالشهيد المثلي جراء عملية إرهابية قام بها مسلم؟

قد لا تكون ممتهنا لمجال الإعلام ولكنك معرض لهذا في مجالات عديدة مثل التعليم أو كتابة بيانات حكومية تتحدث عن الحادث مثلًا، فهل ستوافق؟
هل أتممت النقاط السبعة على مقياس الرحمة فوبيا؟

والآن، لماذا قمت بتسمية المقياس بالرحمة فوبيا؟ ربما لأن خشية المسلمون من غضب الإله غالبًا ما جعلت ألسنتهم تتعقد عن الدعاء بالرحمة لغير المسلمين، والمبدأ معروف: ”الرحمة لا تجوز إلا على مسلم“، وهكذا فمن لا يتمنى مجرد أمنية تتحول إلى دعاء ومناجاة للإله بأن يرحم شخص آخر، فسوف يكون من ”البجاحة“ أن يطلب من هذا الآخر أن يصف قتلى المسلمين بالشهداء وقاتلهم بالإرهابي، أما أنا فلا شك أني أرى كل من يروع مسالمًا سواء بالقتل أو بالتهديد هو إرهابي، وهذا هو معنى اللفظ من الأساس فلا حاجة للجدال كثيرًا في تلك النقطة، وبالتأكيد عملية نيوزلندا هي عملية إرهابية نفذها رجل مؤمن بأحقية رد الاعتبار لقوميته على حروب مضت منذ قرون خاضها أجداده ضد أجداد المسلمين ويرفض استقبال أحفادهم اللاجئين في أراضي بلاده، تمامًا مثل حروب السنة والشيعة، والمسلمين واليهود، وحتى شغف المسلمين لقتل ”البرص“ انتقامًا من جده الأكبر الذي كان ينفخ النار في محرقة ابراهيم وفقًا لقصته الشهيرة، مجرد ”مهاويس“ يتقاتلون من أجل إله لم يتعلم بعد كيفية القتال والدفاع عنه نفسه وشرعه وبيوته، أو ربما فقد قدراته الأسطورية بإغراق الأرض وإرسال الجراد على الظالمين وتحويل المياه لبركة من الدم، فانتظر عباده أن يقدموا إليه بعضهم البعض قرابين من الوقت للآخر، وكلما زاد تعلق الرجل بتلك القصص كلما زاد شغفه للدفاع عنها وبذل قوته لاستعادة كلمة الرب ونشرها بنفس قوة الماضي، وهكذا حتى يُصبح مصاب بالرحمة فوبيا، أي اختيار الألفاظ والكلمات التي تتغير مع تغير الضحية خوفًا من لصق لفظ رحيم بكافر ما وحينها سيغضب الإله كثيرًا من عبده الذي يظن أن بإمكانه أن يكون رحيمًا أكثر منه.

لا تنسى أن تخبرنا كم أحرزت من السبع نقاط حتى نعلم إلى أي درجة يتوجب علينا مراعاة مشاعرك مستقبلًا.

مقالات إعلانية